لأول مرة منذ تشكيله أصدر تحالف الفتح الذي يمثل المظلة السياسية والبرلمانية لقوى الحشد الشعبي بياناً يرفض فيه استهداف البعثات الدبلوماسية في العراق، والمقصود هنا السفارة الأميركية لأنها الأكثر تعرضاً لهذه الهجمات، ومن فصائل شيعية مسلحة مقربة أو منضوية تحت مظلة الحشد الشعبي، ما اعتبر نقطة تحول في خطاب التحالف...
لأول مرة منذ تشكيله أصدر "تحالف الفتح" الذي يمثل المظلة السياسية والبرلمانية لقوى الحشد الشعبي بياناً يرفض فيه استهداف البعثات الدبلوماسية في العراق، والمقصود هنا السفارة الأميركية لأنها الأكثر تعرضاً لهذه الهجمات، ومن فصائل شيعية مسلحة مقربة أو منضوية تحت مظلة الحشد الشعبي، ما اعتبر نقطة تحول في خطاب التحالف الذي عرف بمواقفه المتشددة تجاه الولايات المتحدة الأميركية، لا سيما بعد تمريره قراراً برلمانياً يلزم الحكومة بوضع جدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية من البلاد.
البيان الرافض من "تحالف الفتح" اعتبر انقلاباً في المواقف، وبداية لمرحلة جديدة من الصراع في العراق، فالتحالف يميل دائماً لصالح المواقف الإيرانية، ومن بينها استهداف الوجود الأميركي، فتارة يؤيده بالتصريحات المنفردة لنواب الفتح عبر وسائل الاعلام، أو السكوت عن الاستهداف العسكري لتلك البعثات، حتى أن قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق إحدى أهم الكيانات داخل تحالف الفتح، وفالح الفياض رئيس هيأة الحشد وأبو مهدي المهندس نائب رئيس الهيأة الذي اغتيل فيما بعد، كانوا قد شاركوا في محاولة اقتحام السفارة الأميركية في بغداد، حيث تعرضت بوابتها للتكسير بالفؤوس، انهم يعتبرون استهداف المصالح الأميركية عمل من أعمال المقاومة الإسلامية والوطنية.
تحالف الفتح في البرلمان، وهيأة الحشد التي تمثل القوات العسكرية يتبادلان الأدوار، ولا نقصد أدوار الاستهداف المباشر للوجود الأميركي، لكنهما يؤيدان بشكل واضح العمليات التي تقوم بها جهات عسكرية مدعومة من إيران، وتعلن ولاءها المطلق لطهران، وهذا ما يجعل المراقبين يعتبرون بيان تحالف الفتح والحشد الشعبي بانه انقلاب كامل في طريقة التعاطي مع الولايات المتحدة الأميركية، ويعطي مؤشرات على وجود حركة من نوع جديد، تسببت بها ظروف ومواقف دولية ومحلية نوجزها في الآتي:
أولاً: الحركة بدأت من واشنطن حيث تشير التسريبات والتقارير الإعلامية إلى وجود تهديد شديد من قبل واشنطن بفرض عقوبات قاسية ضد قيادات الفتح والحشد، وهو ما يمثل اغتيالاً معنوياً واقتصادياً لهذه القيادات ويتسبب بخسائر كبيرة لها في المال والحضور السياسي المتبقي لديها بعد خسائر تشرين، وهي تعلم أن المعركة القادمة حاسمة وعليها تقديم بعض التنازلات، فالانتخابات القادمة بحاجة إلى هدنة غير معلنة مع الولايات المتحدة الأميركية، فلو أرادت هذه الأخيرة فرض عقوبات مشددة مع تشغيل الماكينة الإعلامية ضد الحشد سيتسبب ذلك بخسارة أكبر مما يحصل الآن حيث ضياع الكثير من الفرص والسمعة معاً.
ثانياً: إعلان الولايات المتحدة تقليص مدة اعفاء العراق من العقوبات التي تمّكنه من مواصلة استيراد إمدادات الطاقة من إيران، لمدة 60 يوماً بدلاً من 120 يوماً، ما يعد رسالة ضغط على العراق فيما يتعلق بالاعتماد على مصادر الطاقة الإيرانية.
ثالثاً: إعلان إيران عبر المتحدث باسم الخارجية، سعيد طيب خطيب زادة، عن إدانة بلاده أي هجمات على الوفود والبعثات الدبلوماسية، ما اعتبر إشارة لتخفيف الفصائل العراقية التي كثفت من هجماتها خلال الأسابيع الماضية.
رابعاً: إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رفضه للهجمات على البعثات الدبلوماسية في العراق، داعياً قادة الحشد إلى كشف من يتستر باسمهم ومعاقبته، ومحذراً من عواقب استمرار الهجمات لكونها تُدخل العراق في نفق مظلم.
خامساً: الرفض الشعبي الواسع للهجمات العسكرية ضد البعثات الدبلوماسية واعتبارها اضعافاً للعراق، لا سيما وأنه يمر بمرحلة صعبة ومعقدة في ظل انخفاض أسعار النفط وعدم وجود الموارد المالية وفرص للعمل، كما أن هناك أساليب متاحة وأكثر سهولة متمثلة بالعمل الدبلوماسي الذي يمكن من خلاله إخراج أي قوة عسكرية من العراق.
هذه المعطيات كانت على طاولة تحالف الفتح البرلماني وهيأة الحشد الشعبي، والتي تعني في مجملها أن الفتح والحشد يحاصران من كل الجهات، فلا يوجد دعم سياسي لتحركاته، والرأي العام منقسم حول دعمه، والاهم هو التهديدات الأميركية والرسائل الإيرانية بضرورة تخفيف التوتر خوفاً من الغضب الأميركي لا سيما وأن الحشد قد خسر مطلع العام الجاري أهم قادته وهو نائب رئيس هيأة الحشد أبو مهدي المهندس برفقه صديقه قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، فالحشديون والايرانيون يعرفون أن التهديدات الأميركية حقيقية ويمكن تنفيذها بنفس الطريقة التي استهدف فيها المهندس وسليماني.
اضف تعليق