في أواسط القرن السابع عشر، أعلن توماس هوبز ان الحياة في دولة الطبيعة كانت موحشة وفقيرة ومقرفة وبهيمية الحل لتلك المشكلة في رأيه يكمن في العقد الاجتماعي حيث، القوي يجب ان يحمي الضعيف. لكي نقوم بهذا، نحتاج لنكون برجماتيين نتخلى عن حرياتنا للدولة مقابل ان تقوم بحمايتنا...
في أواسط القرن السابع عشر، أعلن توماس هوبز ان الحياة في دولة الطبيعة كانت "موحشة وفقيرة ومقرفة وبهيمية". الحل لتلك المشكلة في رأيه يكمن في العقد الاجتماعي: حيث، القوي يجب ان يحمي الضعيف. لكي نقوم بهذا، نحتاج لنكون برجماتيين: نتخلى عن حرياتنا للدولة مقابل ان تقوم بحمايتنا.
وبعد 100 سنة لاحقة، نظر جان جاك روسو الى الدولة الطبيعية بشكل مختلف. هو أكّد بان : "الانسان وُلد حرا، لكنه في كل مكان مقيّد بالأغلال".
هو رأى نوعا مختلفا من العقد الاجتماعي، وظيفة الدولة هي فقط في ضمان حرية الناس. ان الفرق بين هاتين الرؤيتين يأتي من تفسيرين أساسيين مختلفين للحالة الطبيعية. هل الطفل الصغير الذي يُترك لشأنه في العالم الطبيعي سيموت بسرعة أكبر (رؤية هوبز) ام انه سيعيش في سعادة دائمة (رؤية روسو)؟
بعض الناس حين كانوا شبابا، كانوا مناصرين لرؤية روسو. حيث كل شيء سيكون سلاما وحبا لو ان الدولة تتركهم لوحدهم يعملون ما يشاؤون. ولكن بعد ان تقدّموا بالسن واصبح لديهم اطفالا، ادركوا ان هذا ضرب من الخيال. هناك العديد من الناس يعتقدون بالسلام والحب، ولكن هناك ايضا منْ لا يعتقد بذلك، حيث ان الكثير من الناس سوف يهاجمون ويسحقون البسطاء، الذين يسميهم لينين وتروتسكي بـ "الأغبياء النافعون".
بقدر ما نحب ان يكون العالم مكانا باعثا للسعادة، فان الواقع يشير الى انه أقسى بكثير: القوي سينجو، بينما الضعيف سيهلك، كما علّمنا دارون.
لذا، لو كنا لانريد عالما كهذا، سنحتاج لإيجاد طريقة لحماية الضعيف من الناس المفترسين. تلك رؤية هوبز في العقد الاجتماعي. نحن لا نبدأ بعالم فنتازي، بل اننا نبدأ بحقيقة مؤلمة وغير سارة. لذلك يقول الكاتب جورج اورويل: "لكي ننام بسلام على فراشنا في الليل، يقف الرجال الأقوياء على أهبة الاستعداد للقيام بالعنف نيابة عنا"، تلك هي الحقيقة.
الآن لنضع كلا الرؤيتين العالميتين مع بعضهما عندما نريد الإعلان عن شيء او سلعة. من جهة، نحن لدينا منفعة من السلعة: لماذا يجب ان اشتري هذه السلعة؟ هل هي أرخص ثمناً، أكثر قوة، أطول عمراً، أسرع عملاً، ذات مذاق أفضل، هل يحبها الاطفال، هل تجعلني أشعر بشكل أفضل؟ ماذا توفر لي؟ تلك هي رؤية هوبز البرجماتية في سبب شراء المرء لشيء ما.
اما رؤية روسو الفنتازية هي في كيفية عمل السلعة وما هو الغرض منها. "هل هي تعبّر عن اهتمامات ومخاوف الآخرين، هل تعتني بالمستهلكين، هل تحب مساعدة الآخر، هل تقول الشيء الصحيح، هل تجعل الناس يبتسمون، هل هي جميلة؟
اذا كان العالم فيه كل شيء تام سلفا، بالطبع تكون طريقة روسو أفضل. نحن لا نحتاج للاهتمامات المادية البسيطة، ولا التفكير في الاشياء التافهة مثل أي سلعة تعمل أفضل، او أي واحدة تستمر اطول، او أي منها تستحق النقود او التي نحتاجها حقا؟
المشكلة هي، في الاختيار الواضح بين الحرية والمادية. في الحقيقة، لايوجد هناك خيار: هناك اما شيء خيالي او شيء واقعي، والناس يدركون ذلك. من المدهش ان روسو ذكر ان العقوبة لعدم المطيعين لعقده الاجتماعي ستكون الموت. هو لم يكن مهتما جدا بمناقشة البدائل، وكذلك مناصريه. صيغة روسو للعقد الاجتماعي ادّت الى الثورة الفرنسية (بعد وفاته بـ 11 عام) وحكم المقصلة.
لذا حتى لو ان الناس اعتقدوا ان "الانسان ولد حرا"، لكن انصار روسو وأتباعه وجدوا فورا ان الواقع كان "مقرفا وقصيرا وأشد قسوة". باختصار، نظرية هوبز في العقد الاجتماعي تدعم السيادة المطلقة للدولة، بينما روسو يدعم الفرد بدلا منها.
اضف تعليق