الاستحقاق الانتخابي هو أحد عيوب التأسيس في الجمهورية الثالثة، الاولى هي فترة الضباط الثلاثة، الثانية الحكم البعثي، ويعني الاستحقاق الانتخابي بالتعريف العراقي الغريب، مشاركة جميع الفائزين بعدد معين من المقاعد البرلمانية في الحكومة كأن يكون لكل خمسة نواب حقيبة وزارية واحدة، ولكل ١٠ نواب وزارتان وهكذا...
الاستحقاق الانتخابي هو احد عيوب التأسيس في الجمهورية الثالثة، (الاولى هي فترة الضباط الثلاثة، الثانية الحكم البعثي)، ويعني الاستحقاق الانتخابي بالتعريف العراقي الغريب، مشاركة جميع الفائزين بعدد معين من المقاعد البرلمانية في الحكومة كأن يكون لكل خمسة نواب حقيبة وزارية واحدة، ولكل ١٠ نواب وزارتان وهكذا... وربما اختلف سعر الوزارات السيادية عن الوزارات الاخرى، فضلا عن السعر الخاص، لمنصب رئيس الوزراء.
اما الحزب الذي حصل على عدد اقل من المقاعد البرلمانية المقصودة، فلا يحق له الاشتراك في الحكومة، اما لماذا اعتبرتُ الاستحقاق الانتخابي من عيوب التأسيس، فلأنه يخالف مبادئ الديمقراطية السليمة.
في النظام الديمقراطي الحزبي التعددي (حزبان فاكثر)، يكون تشكيل الحكومة من حصة الحزب الذي يحقق اغلبية برلمانية مطلقة (نصف عدد النواب زائدا واحد)، فاذا تعذر ذلك يصار الى تشكيل حكومة ائتلافية من حزبين او اكثر لتحقيق الاغلبية المطلقة. اما الاحزاب الاخرى (حزب واحد او اكثر بقليل)، فتذهب الى المعارضة.
وعلى هذا يكون الاستحقاق الانتخابي عبارة عن حق الحزب الذي فاز باغلبية مقاعد البرلمان، وليس حق كل من فاز بمقاعد معينة في المشاركة في الحكومة. الحالة الاولى هي الديمقراطية السليمة، والحالة الثانية هي الديمقراطية المشوهة، او الهجينة او الاوليجارشية.
الخلل او العيب التأسيسي يبدأ عندنا من الدستور. فالمادة (76) من الدستور تقول: "اولاً :ـ يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية".
العيب في هذه المادة، انها لا تضع حدا ادنى لعدد نواب "الكتلة النيابية الاكثر عددا"، وهذا يعني ان الدستور يسمح بنشوء اي عدد من الاحزاب، حتى وان لم يحقق اي منها الاغلبية المطلقة لعدد النواب، ما دام ان احدها يملك عددا من النواب اكثر من بقية الاحزاب، بدون اشتراط ان يمثل هذا العدد، اغلبية مطلقة.
وفي ظل غياب حزب الاغلبية البرلمانية المطلقة اسفرت الانتخابات الاخيرة، عن ظهور عدد كبير من الاحزاب المتوسطة، والصغيرة، والصغيرة جدا، والمجهرية، والشخصية، والموسمية، بحيث بلغ عدد الاحزاب في البرلمان الحالي ٣٤ حزبا، تقاسمت مقاعد البرلمان بالطريقة التالية:
٢٨ حزبا لديها اقل من ١٠ نواب للحزب الواحد، منها ٢٦ حزبا يملك الحزب الواحد منها من ١ - ٥ نواب فقط.
٣ احزاب لدى الحزب الواحد، اقل من ٢٠ نائبا.
٣ احزاب بالعشرينات
حزبان بالاربعينات
حزب واحد خمسيني
والواضح ان كل حزب من هذه الاحزاب، لا يستطيع تشكيل الحكومة لوحده. ولما كانت الطائفية السياسية تنص على ان يكون منصب رئيس مجلس الوزراء من حصة الشيعة، رأينا الاحزاب الشيعية تسارع في الدورات السابقة الى تشكيل "كتلة برلمانية" شكلية، تقوم بترشيح شخص ما لتولي المنصب.
وفي الانتخابات الاخيرة تم تجاهل هذا الشرط الدستوري، واتفق زعماء بعض الاحزاب الشيعية على ترشيح رئيس الوزراء، مكرسين تحول النظام السياسي الى الاوليجارشية حيث يتحكم عدد قليل من الرجال بالمشهد السياسي. وبعد تشكيل التحالف الشيعي يتم اشراك بقية الكتل او الاحزاب السنية والكردية وغيرها بالحكومة وفقا لنظام المحاصصة الحزبية والعرقية والطائفية محسوبا على عدد نواب كل حزب. وبالتالي يتعين اشراك ما لا يقل عن ٩ احزاب موجودة في البرلمان، بناء على عدد نواب كل حزب.
والملاحظ ان الاحزاب الصغيرة جدا او المجهرية او الشخصية التي لم تشترك بالحكومة لا تشكل معارضة برلمانية فاعلة بسبب صغر حجمها وكثرة عددها، فتتحول الى كسور حسابية لا قيمة لها. وبديهي ان نظاما سياسيا لا توجد معارضة حقيقية فيه، لا يعتبر نظاما ديمقراطيا حقيقيا.
اضف تعليق