فالحضارة هي ملامح الثقافة المادية، وظاهره الخارجي، فهي قشر ومظهر لا فكر وجوهر، فهي قد تُبهر الناظر إليها، ولكنها لا تخبر عن جوهرها للمتأمل فيها، فالدولة الحضارية هي تلك الدولة التي تكون ثقافتها نابعة من قيمها ودينها، ومدنيتها مبنية بأيدي أبناءها، فلها طابعها الحضاري الذي...
الحضارة والثقافة
الحضارة عرَّفها ول ديورانت في "قصة الحضارة": (هي نظام اجتماعي يُعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي، وتتألف من عناصر أربعة: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم).
ويُعرفها ابن خلدون بأنها: (نمط من الحياة المستقرة، يُنشئ القرى والأمصار، ويُضفي على حياة أصحابه فنونًا منتظمة من العيش، والعمل، والاجتماع، والعلم، والصناعة، وإدارة شؤون الحياة والحكم، وترتيب وسائل الراحة، وأسباب الرفاهية).
تلك الحياة المستقرة تجعل الحضارة عند ابن خلدون بمعنى: (معاناة فنون الملاذ والفتن في الترف واستجادة أحواله) وذلك بما يعيشه المترفون والأغنياء من مظاهر البذخ ويتفنون بكل ما يمكن لهم ذلك كما نرى في بعض نواحي الجزيرة العربية الذين انتقلوا من الصحراء والقطيع إلى امتلاك أرفه ما أنتجته الحضارة اليوم بسبب توفر السيولة بفضل النفط فتراهم كالجمال التائهة في صحراء الجزيرة العربية لا يهتدون إلى الحق سبيلاً، ويظنون أن كل شيء يُشترى بالمال، ففقدوا أهم ما كان عندهم من الفضيلة والقيم، لأن القيم والفضيلة ليس لها سوق بل لها ضمير وذوق..
ويبقى تعريف وتوصيف المؤرخ الألماني (شبنجلر) الذي يرى أن؛ (الثقافة هي مرحلة النمو، فإذا وصل الأمر إلى الحضارة فهي النهاية) أي بداية السقوط، لأن المجتمع يكون قد وصل إلى الذروة وليس بعد الذروة إلا التسافل والتدني لتصل إلى الهاوية..
والتأمل بكلا التعريفين نجد أن ويل ديورانت جعلها (نظام اجتماعي ينتج ثقافة)، وأما ابن خلدون فجعلها (نمط حياة مستقرة ينشئ قرى وأمصار)، فالحضارة والمدنية هي الوجه المادي للثقافة، التي يشكل الدِّين والعقيدة جوهرها الحقيقي في الفكر الإسلامي ولدى المصلحين المسلمين في هذا العصر الأغبر..
الدولة الحضارية حقاً
فالحضارة هي ملامح الثقافة المادية، وظاهره الخارجي، فهي قشر ومظهر لا فكر وجوهر، فهي قد تُبهر الناظر إليها، ولكنها لا تخبر عن جوهرها للمتأمل فيها، فالدولة الحضارية هي تلك الدولة التي تكون ثقافتها نابعة من قيمها ودينها، ومدنيتها مبنية بأيدي أبناءها، فلها طابعها الحضاري الذي يُميِّزها في دول العالم أجمع..
وذلك لأنّ الحضارة تولد من رحم الثقافة، لذا لا يمكن أن توجد الحضارة في غياب روح الثقافة، فالعلاقة بينهما وبشكل قاطع هي علاقة طردية، إذ أنّ ضعف الثقافة وتميعها، ينعكس على ضعف الحضارة وفاعليتها في المجتمع، وإذا أردنا إصلاح حضارة الشعوب، والمجتمعات الإسلامية، فلا بد أن نُصلح أولًا وقبل كل شيء الثقافة، لأن الثقافة هي التي تعيد الأمة إلى سابق عهدها، وسابقها صاغه الدِّين الإسلامي وبناه الرسول الأعظم (ص) بالعقيدة الصحيحة والإيمان الحق، ولذا ورد في الأثر عن الإمام مالك: (لن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمة إلا بما صَلَح به أولها؛ فما لم يكن يومئذٍ دينًا، لا يكون اليوم دينًا).
فوجود الدولة الحضارية مقترن بوجود الأمة، وثقافتها، ومدنيتها، ثم حضارتها التي لم تكن لتوجد لولا الدِّين الإسلامية بخماسيته الذهبية وهي:
1- القرآن الحكيم؛ كتاب دستور حياة الخالد..
2- الرسول الكريم (ص) وعترته، وهم قادتها وأئمتها في تطبيق التشريع والقرآن..
3- منظومة القيم الأخلاقية؛ (إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق)..
4- المنظومة الحقوقية العالمية؛ (رسالة الحقوق للإمام زين العابدين(ع).
5- المنظومة الروحية الراقية (العبادات والأدعية) التي لا يوجد مثيلاً لها في الشعوب.
الحكومة في الدولة الحضارية
لقد اشتغل الكثير من الباحثين والكتاب من هذا الشرق –مسلمين وغير مسلمين– طويلاً في البحث عن قيم الدولة الحضارية، والحكومة الحديثة، فلم يجدوا إلا ركاماً من المصطلحات التي لا تناسبنا لا في الفكر، ولا الثقافة، ولا الدين، ولا القيم والأخلاق عندنا، فراحوا يكتبون، ويمدحون بمحاولة يائسة لتبييض وجه الليبرالية القبيح، والدولة الحديثة التي أطلقوا عليها (ديمقراطية).
وذلك نابع من انبهارهم بما رأوه في الغرب من حرية شبه مطلقة، أو لجهلهم بما لديهم من تراث وربما كانوا يعكسون صورة الماضي على واقعنا البائس، ولكن لم يعكسوا الصورة في الغرب الذي كان يعدم بالمقصلة كل مَنْ يُفكر خارج السرب، فكيف إذا فكر بالخروج من القطيع فهو يُحرق بالنار وعائلته وربما قريته تُحرق أيضاً.
فالواقع نحن مَنْ يصنعه وعلينا أن نصنع واقعاً منطلقاً من ذاك التراث القيمي الإنساني الراقي جداً لا أن نتجاهل كل ما لدينا من فكر وثقافة وتاريخ ونرتمي في أحضان الغرب الداعر ونجتر كل مصطلحاته، الثقافية والفكرية والسياسية وكأننا ليس لدينا شيء يخصنا، فنحن آباء الحضارة الإنسانية، ولدينا مصطلحاتنا النابعة من تراثنا الغني جداً، والحضاري بكل معنى الكلمة، فلماذا نستخدم الديمقراطية، وهي كذبة عالمية يُسوقها الغرب لتكريس الهيمنة على الشعوب والأمم، ولا نستخدم الاستشارية، وهي حقيقة قرآنية، ويستخدمون القانون الوضعي الناقص، ولا نستخدم التشريع الإلهي الكامل، ويستخدمون المواطنة، وهي نظرة ضيقة لتكريس التجزئة، ولا نستخدم العيش المشترك، والتعارف، وهكذا كل المصطلحات الخاوية التي غزتنا في عقر دارنا، حتى القرآن الحكيم لا تستطيع أن تطرحه لأنهم سيقولون لك الدستور المنقول من فرنسا أو السويد.
وهنا سآخذ الفكرة وألخِّصُها في بعض الكلمات التي كتبها سلطان المؤلفين في القرن العشرين السيد المجدد، والمفكر الإسلامي العالمي السيد محمد الشيرازي في كتاب له بعنوان: (حكم الإسلام، مبادئ قيامه، أهدافه) الذي يُعطي فيه زبدة المخض في المسألة.
يقول في المقدمة: "من الضروري على كل أحد أن يهتم لإقامة حكم الإسلام في البلاد، وتطبيق القانون الإسلامي في مختلف شعب الحياة، حتى تكون السيادة لكلمة الله التي هي العليا، وتكون الدولة للمسلمين، ويكون المنهاج منهاج الدين، والطريقة طريقة الرسول الأعظم (ص) والأئمة الطاهرين(ع)". (ص: 7)
ثم يُفصِّل في مسألة الحاكمية، ويُقسمها إلى (حاكيمة تكوينية خَلقية، وحاكمية تشريعية)، وكلاهما لله سبحانه وتعالى أصالة، يقول سماحته: " الحاكمية التكوينية، بمعنى أن الله سبحانه هو الذي خلق الكون الوسيع، بما فيه من الذرَّة إلى المجرة، ولم يشاركه أحد في ذلك، وهو المسيّر للكون، وهو المصلح لما يطرأ عليه من الخلل، وهو المربّي، وهو المهيمن، وأخيراً هو الذي يفني الكون، فلا يبقى إلا وجهه الكريم، فالكون حدوثاً وبقاءً وفناءً منه تعالى دون غيره". (ص: 9)
ولا إشكال مع هذه الحاكمية إلا مع الملحدين، ولكن الحديث يكون في الجانب الآخر وهو الذي نؤكد عليه ونطالب الأعلام أن يُركزوا عليه في تسليط الضوء والفكر على خصوصياته الراقية.
الحاكمية التشريعية؛ بمعنى أن الله سبحانه الذي خلق الكون والإنسان، قرّر قوانين وأنظمة، ونهج سبيل الخير والصلاح، وجعل للبشر دساتيراً وأحكاماً، في مختلف شُعبِ الحياة، وجميع شؤون الإنسان من قبل ولادته إلى بعد مماته، بغرض أن يسعد الإنسان في الحياة، ولأجل أن يعيش في رفاه وأمن وسلام.. والتشريع لله سبحانه وتعالى دون غيره، قال عز وجل: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة: 44)
وقال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (المائدة: 45)
وقال سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة: 47)
آخر صيغة في القانون الإلهي
وهذا القانون الإلهي، كانت له صِيَغٌ مختلفة، متحدة في الجوهر، مختلفة في الشكل، ملائمة لكل زمان، جاءت بها الأنبياء(ع) إلى أممهم، حتى جاءت الصيغة الأخيرة، الملائمة للبشر في مختلف مراحل الحياة، المسايرة للزمن وتطوره إلى الأبد، في قالب (الإسلام) الذي جاء به سيدنا ونبينا محمّد بن عبد الله (ص)، قال تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85)
شمولية القانون الإسلامي
وقد اشتمل القانون الإسلامي على:
1- بيان الحقائق الكونية، من المبدأ والمعاد، والجبر والاختيار، والرسالة والرسل، والخلافة والإمامة، والجنة والنار، والسعادة والشقاء.
2- بيان الأخلاق والآداب، وصلاح الفرد والمجتمع، ومناهج الروح والجسد.
3- بيان العبادة والطاعة، والخضوع والامتثال، وعمل الإنسان أمام خالقه العظيم.
4- بيان ما يحتاجه الإنسان في علاقاته الاجتماعية، من مناهج السياسة، وشؤون الاقتصاد، ودساتير الاجتماع، وأنظمة التربية، وغيرها، بما فيها من الشعب المختلفة، كالجيش والأمن، والقضاء والإفتاء، والحدود والمواريث، والنكاح والطلاق، والمعاملة والمتاجرة، و...، وبيان المحلل منها والمحرّم، والمكروه والمستحب". (ص: 15)
الأنظمة الجوهرية والكلية
وقد اشتمل هذا القانون الإلهي، المرتبط بالعمل والنظام على نوعين من الأنظمة:
الأول: الأنظمة الجوهرية، (الثابتة) التي لا تتغير ولا تتبدل، ولا تتحول ولا تتطور، لأنها هي ـ دون سواها ـ صالحة للبشر، وموجبة للحياة السعيدة، مثل:
- (قانون العبادة).
- و(قانون حرمة الظلم والغصب والخيانة وما أشبه).
- و(قانون الحقوق المالية الذي ينعش الفقير ويقوّم المجتمع به).
- و(قانون الأخلاق الفاضلة، كالصدق والشهامة).
- و(قانون حرمة الأمور المضرة بالنفس أو الجسد كالخمر والقمار).
الثاني: الأنظمة الكلية؛ (المتغيرة والمتحركة)، التي تصلح للانطباق على متطلبات اليوم، وتواكب تطورات الزمن، مثل:
- (قانون الحرية) المنطبق في يوم ما على حرية السفر ـ مثلاً ـ براً وبحراً، والمنطبق في هذا اليوم على حرية السفر براً وبحراً وجواً.
- و(قانون مراعاة الحقوق) المنطبق في يوم ما على حق التحجير وحيازة المباحات، والمنطبق في هذا اليوم بالإضافة إلى ذلك، على حق الطبع والنشر، وحق التسجيل والاختراع.
- و(قانون إباحة الطيبات) المنطبق في يوم ما على اللحم والأرز والسمن والسكر، والمنطبق في هذا اليوم بالإضافة إلى ذلك، على البرتقال والطماطم والبطاطا.
- و(قانون حرمة المسكرات والقمار والمضرات) المنطبق في يوم ما على الخمر والأفيون والشطرنج، والمنطبق في هذا اليوم بالإضافة إلى ذلك، على (الكنياك)، و(الهروئين) و(الدومنة).
الحاكمية لله عز وجل
فالإسلام دين كامل، يتضمن أحكام جميع مراحل الحياة، ومختلف شؤون الفرد والمجتمع.
وحيث إن الحاكم هو الله سبحانه، لا غيره، لا بد وأن تكون حاكمية البشر مستمدة منه، دون سواه، لتكون شرعية، فليس لفرد، أو جماعة، أن يحكموا باسم أنفسهم، ولا باسم أسيادهم المستعمرين، ولا باسم الشعب؛ (أي من دون مراعاة الجانب الشرعي في ذلك، حيث يجوز للشعوب اختيار حكامها بشرط رعاية الموازين الشرعية التي عينها الباري عز وجل)، وإنما يجوز الحكم باسم الله، وبإذنه..
كما أنه ليس لفرد أو جماعة أن يقرروا أنظمة، أو يُشرِّعوا قوانين، بل إنما اللازم على الفرد أو الجماعة، الذين يحكمون بإذن الله، وباسم الله، أن يتبعوا قوانين الله وأحكامه، ويطبّقوه على الحياة ولا يحيدوا عنه قيد شعرة.
نعم للفرد الحاكم، أو الجماعة الحاكمة، بإذن الله وباسم الله، أن يجتهدوا حتى يعرفوا وجه انطباق كليات الشريعة، على المصاديق الخاصة، المتجددة في كل زمان ومكان، ويطبّقوا تلك الكليات والقواعد العامة على الموارد الخاصة وينفذوا أمر الله بالنسبة إلى تلك الموارد". (ص: 16)
أزمات عالمية وحكومات جاهلية
فلو بحثنا في كل مشاكل الكرة الرضية، وأزماتها المستعصية، فإنك ستجدها ضد هذه الخماسية الذهبية الإسلامية؛ وهي التي صنعت الثقافة والمجتمع الإسلامي في المدينة المنورة، وهي أمينة بإصلاح كل ما أفسده الدهر من حياتنا، فعلينا العودة إليها لتعود إلينا دولتنا الحضارية التي كانت تحكم ربع المعمورة في حينها، وسياتي اليوم الذي تحكم فيه العالم أجمع بإذن الله تعالى، ولكن علينا أن نقوم بتكليفنا ومهمتنا في الصلاح والإصلاح لا أن نكون كاليهود المفسدين في الأرض وحضارتهم الرقمية التي نعيش في أتونها، ورغم ذلك يُحاولون تدمير الحياة فيها.
مشكلة الحضارة الغربية الإسلام
وهذا ما يُصرِّح به الكاتب اليهودي (هنتنغتون) بنظريته المدمرة (صدام الحضارات)، يقول: (المشكلة الأساسية بالنسبة للغرب ليست الأصولية الإسلامية بل الإسلام، فهو حضارة مختلفة، أفرادها مقتنعون بسموِّ ثقافتهم، ومهووسون بضعف قوتهم) (صدام الحضارات: 219)
هكذا حاول أن يُبرر الحرب على المسلمين وهم ربع سكان العالم، وذلك ليس لعلة فيهم بل في دينهم العظيم، واقتناعهم به، لأنهم جرَّبوا كل الطرق والأساليب معه منذ كعب الأحبار وعبد الله بن سلام، وجوقة معاوية بن أبي سفيان في دولته الجاهلية التي عمل جهده طيلة أربعين سنة ليقضي على الدولة الحضارية، وجاء ولده الشرير الساقط ليُكمل خطته فقصمه الله تعالى، فلم يُفلح شيء مع هذا الدين العظيم، والعقيدة الراقية.
صناعة التوحش أو التحضر؟
ما نراه ونعيشه الآن على مستوى العالم أجمع من إنتاج الرأسمالية الغربية المتوحشة، فقد تحولت الدولة إلى شركة أمنية على غرار (بلاك ووتر)، لصناعة التوحش والجريمة ولكن بصورة حضارية حسب تصورها، فقدَّمت نفسها على أنها خلاصة نتاج الحركة البشرية على طول التاريخ، ولكن حقيقتها أنها حطت رحالها في أتون الهوس الذاتي، والنفعية المطلقة، فكرَّست كل نتاجها الفكري، والعملي في ذلك، وتُكمله بغرس العدائية للحضارات الأخرى الدينية وغيرها، وتُقدِّمه بعنوان الخطر الذي يُهدد البشرية جمعاء،(الشر المطلق)، أو(محور الشر) كما يُطلقون عليها، في حركة تجيش العداء وتوزيعه مع منتجاتها المختلفة على مستوى العالم.
ويقول أحد الأعلام: "هو يشكل خطورة على الوجودية عموماً، فالحضارة مهما تكن لا بد وأن تكون رسالتها الإنسان وحفظ هويته وصون كرامته، بغض النظر عن الانتماء العرقي، والطائفي، والاثني، فالإنسانية عنوان شامل تجمع فيه مختلف الأطياف والأطراف، إلا أن الرأسمالية الليبرالية تكشف حقيقتها من خلال تبنيها العدائية وفرضها على مختلف الشعوب والأمم.
وهذا يثير أهمية إعادة النظر في عموم نتاج هذه الحقبة من مؤسسات ومنظمات حقوقية لان الأسس التي تشكلت عليها لا تخدم الإنسان بشكل عام فحسب بل وتكرِّس العدائية، وتفتعل الاختلافات والحروب والكراهية وبثها من أجل تحقيق غايتها وهي الهيمنة المطلقة ولو بالقضاء على بقية الحضارات وإلغاء وجودها".
ففي الإسلام العظيم الدولة الحضارية الحقيقية، وما نراه من فرقعات عالمية فضحها اليوم هذا الفايروس الخبيث (كورونا) وأظهرها أنها خاوية على عروشها من كل قيمة وفضيلة، فأشعلوا حرباً على الكمامات، لأنهم في الحقيقة لا يُعيرون اهتماماً لأحد إلا لمصالحهم وما يُؤثِّر عليهم في السياسة والاقتصاد، فعاد المال معبودهم، وما هو إلا (العجل الذهبي) الذي صنعه لهم السامري فعبدوه وتركوا رب العالمين وموسى وهارون (ع)، لأنهم أبناء أولئك الأشقياء.
اضف تعليق