في عراق اليوم، تتجسد أبرز تجليات معضلة الحكم في ازمة الثقة، انتقلت من نموذجها السياسي الى نماذج إجرائية، تعاظمت الازمة حتى خرج نظام الحكم برأسه حاسرا، بلا حلول، ينتظر ان تأتيه من الخارج الإقليمي او الدولي!، مثل هذا النظام الذي يوصف بانه حديث العهد بمهنة الديمقراطية والعمل البرلماني...
في عراق اليوم، تتجسد أبرز تجليات معضلة الحكم في ازمة الثقة، انتقلت من نموذجها السياسي الى نماذج إجرائية، تعاظمت الازمة حتى خرج نظام الحكم برأسه حاسرا، بلا حلول، ينتظر ان تأتيه من الخارج الإقليمي او الدولي!، مثل هذا النظام الذي يوصف بانه حديث العهد بمهنة الديمقراطية والعمل البرلماني، ما زالت آثام اتفاق لندن بين أحزاب المعارضة والإدارة الامريكية عام 2002 برعاية زلماي خليل زاد، تظهر عليه يوما بعد يوم نتائج الاخلال بالتزامات البعض من تلك الأحزاب مع واشنطن.
هكذا يمكن متابعة خيط الهبوط النوعي في أخطاء التأسيس، ومسارات البرامج الحكومية التي انتهت الى اغراق العراق بالديون مرة أخرى، والإبقاء على كيان دولة هش، واقتصاد ريعي، وتصاعد الخط البياني لمفاسد السلطة، واغراق سوق العمل بأكثر من نصف مليون من خريجي الدراسات الأولية والجامعية، دون وجود فرص عمل، فالتجأ الجميع للتنافس على فرص العمل الحكومية، وحين انتفض الشعب في تظاهرات سلمية، ركب موجتها البعض، ووقف على التل البعض الاخر، لكن الجميع لم يقدم أي منهم مبادرة لدعم كيان الدولة الهش!.
كلما تقدم يطرح السؤال الأصعب في هذه المرحلة عن اغلبية الثقة، بين الشعب والسلطة، وبين الأحزاب المتصدية لهذه السلطة تحت قبة البرلمان؟؟ ابسط تأكيد على ذلك، وصف قرار مجلس النواب الأخير بإخراج القوات الامريكية من العراق بوصفه يمثل طائفة معينة، كونه رد فعل على استشهاد أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني، يؤشران الأغلبية البرلمانية وان تحققت لهذا المكون دون غيره.
فان الاحاديث عن فيدرالية الإقليم الغربي، ومناورة التصريحات الكردية بعدم القبول بهذا القرار ثم القبول به خلال زيارة السيد عبد المهدي لأربيل، يؤكد ان ازمة الثقة ليست في طور البحث عن جسور لردم هذه الفجوة، بل في اتساع كبير ، وصل الى فهم اخر للفارق بين الدولة وسياساتها، لاسيما في العلاقات الدولية، ومواقف بعض الأطراف من هذه الدولة او تلك، لفرض واقعا على الأرض يختلف عن هذه السياسة المعتمدة من قبل الدولة، وأيضا ابسط مثال على ذلك.
هذه المناوشات بصواريخ الكاتيوشا ضد اهداف فيها قوات اجنبية، دون أي موقف واضح وصريح لحصر السلاح بيد الدولة. كل ذلك، يؤشر ان الأيام الأولى من عام 2020 لم يستطع خلالها العراقيون البحث في الحلول المطلوبة لازمة الثقة، داخل البرلمان او بين القوى السياسية الرئيسية في السلطة، وهذا يؤكد ان طور الشرنقة للنموذج الصومالي سيطلق في وقت قريب، ونعود مرة أخرى، لعقوبات أمريكية، حين نريد السفر خارج العراق، ربما علينا السفر أولا الى أربيل، او حين نحاول ارسال حوالة مالية، لابد ان تمر ببنوك أمريكية، ما دامت بالدولار الأمريكي وتحصل الموافقة او لا تحصل!.
ويأتي من يتحدث عن الصفقة الصينية، لكنها لن تقدم حلولا عراقية، ولهم أقول، أي صفقة مع الخارج، وان واجهت تحديات مثل تلك التي يطرحها الرئيس الأمريكي ترامب عن فرض عقوبات على العراق، فان الحلول الأساسية تنطلق أولا من داخل البت العراقي الواحد، وطن الجميع، ولم تظهر في هذا الأفق الوطني، حتى اليوم اية حلول.. ولله في خلقه شؤون!.
اضف تعليق