بعد انهيار النظام الدكتاتوري الفردي المطلق في نيسان عام ٢٠٠٣ بدأت تظهر في المجتمع السياسي العراقي اقطاعيات سياسية بسبب بدائية الطبقة السياسية التي تولت زمام الامور، وانحرافها عن المسار الديمقراطي للعملية السياسية، وتفتت اللحمة الوطنية للمجتمع العراقي نتيجة لسياسات وممارسات النظام الدكتاتوري لأكثر من ثلاثة عقود...

بعد انهيار النظام الدكتاتوري الفردي المطلق في نيسان عام ٢٠٠٣ بدأت تظهر في المجتمع السياسي العراقي اقطاعيات سياسية بسبب بدائية الطبقة السياسية التي تولت زمام الامور، وانحرافها عن المسار الديمقراطي للعملية السياسية، وتفتت اللحمة الوطنية للمجتمع العراقي نتيجة لسياسات وممارسات النظام الدكتاتوري لاكثر من ثلاثة عقود.

ومن اجل تثبيت سلطتها وامتيازاتها عمدت هذه الاقطاعيات السياسية الى تطبيق نظام المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية، ومقايضة الاصوات الانتخابية بالمناصب والوظائف الحكومية من خلال ما اطلقت عليه عنوان "الاستحقاق الانتخابي"، واخيرا، وهذا اخطر ما في الموضوع، نظام الانتخاب بالقائمة وتقاسم الاصوات الانتخابية على اساس سانت ليغو بنسخته العراقية.

وادت هذه الصيغة السياسية، من بين امور اخرى كثيرة كالفساد وسوء الاداء، الى تكلس العملية السياسية وركودها وجمودها وافراغ الية التداول السلمي للسلطة من مضمونها الديمقراطي السليم. واضحت العملية السياسية اسيرة عدد من الرجال، واغلبهم غير منتخبين ولا يتولون مناصب رسمية في الدولة، الامر الذي جعل اهم مؤسسات الدولة الديمقراطية، وهو مجلس النواب، هيكلا فارغا، تعوزه الفعالية والقدرة عن التأثير، والمعارضة الحقيقية القادرة على المراقبة والمحاسبة، وتحول النظام السياسي باكمله الى الزبائنية، ليضيف الى مساويء الدولة الريعية احمالا اخرى ثقيلة.

ويوما بعد يوم تتضح مساويء الانتخاب بالقائمة، حيث يتم التصويت بالجملة على ارقام لا يعرف الناخب دلالاتها وشخوصها، وصعد الى البرلمان اشخاص لم يحصلوا على عدد من الاصوات يؤهلهم لتمثيل الشعب، وتعرضت بذلك شرعيتا التمثيل والانجاز الى التآكل الامر الذي افقد الشعبَ الثقةَ بالعملية الديمقراطية والالية الانتخابية، ما جعل الاغلبية الساحقة من الناخبين تعزف عن المشاركة في انتخابات عام ٢٠١٨ التي اتت على البقية الباقية من سلامة العملية السياسية، حيث لا توجد كتلة اكثر عددا تشكل الحكومة، ولا يوجد شخص منتخب يتولى رئاستها.

وفي وضع كهذا، كان لابد ان تنفجر جموع غفيرة من ابناء الشعب، واغلبهم من المحرومين، في تظاهرات تشرين مطالبين بالاصلاح السياسي والحقوق المشروعة التي تنص عليها لائحة الحقوق والحريات في الباب الثاني للدستور.

وللخروج من هذا المأزق، كان لابد من التفكير والعمل على تفكيك هذه الاقطاعيات السياسية التي اوصلت البلد الى ما وصل اليه. وقلنا في اكثر من مكان ان هذه العملية لا تتم دستوريا وقانونيا الا عبر امرين هما: الاول، تطبيق المادة ٦٤ من الدستور التي تقضي بحل مجلس النواب ذاتيا واجراء الانتخابات خلال ٦٠ يوما، والثاني، اجراء الانتخابات وفق #الانتخاب_الفردي وليس من خلال الانتخاب بالقائمة.

واعتبرنا ان النجاح في تحقيق هذين الامرين سوف يفتح الباب امام اجراء الاصلاحات والتغييرات الشاملة بما في ذلك اعادة هيكلة الدولة العراقية، ويقود لاحقا الى توفير مستلزمات ومتطلبات #الدولة_الحضارية_الحديثة.

يقوم الان بعض الاشخاص بالتشكيك بالية الانتخاب الفردي مثل عدم وجود احصاء سكاني عام، وعدم وجود ثقافة ديمقراطية عامة، وصعوبة تشكيل الحكومة بعد الانتخاب الفردي وغير ذلك من الحجج الواهية التي تنطبق على الانتخاب بالقائمة بالاحرى، اضافة الى كون بعضها عيوبا او مشاكل متعلقة بالمجتمع اكثر من تعلقها بالنظام الانتخابي نفسه.

اضافة الى ان هذه المناقشات تتجاهل او تتغافل او تتناسى عيوب الانتخاب بالجملة، او بالقائمة، وتتجاهل حسنات الانتخاب الفردي التي في مقدمتها اقامة العلاقة المباشرة القائمة على المعرفة الشخصية بين المرشح/النائب وبين المواطن/الناخب بسبب الترشيح الفردي وصغر الدائرة الانتخابية. وهذا ما يجعل النائب مسؤولا بصورة مباشرة امام الناخبين وليس امام "امراء" الاقطاعيات السياسية المسماة تجاوزا ومجازا "الكتل السياسية البرلمانية"!.

..........................................................................................................
* الآراء الواردة في المقال قد لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية.

اضف تعليق