القانون المقترح في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي مؤخرا، بشأن التعامل مع الكرد والسنّة في العراق كـ”دولتين”، ومن ثم أزالت، بعد ذلك، لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي إحدى فقرات القانون التي تعتبر قوات البيشمركة الكردية والعشائر السنية دولا وأبقت على مواد القانون المتعلقة بتقديم المساعدات العسكرية بشكل مباشر دون الرجوع الى الحكومة العراقية.
يجيء هذا القانون المشبوه المرقم (1223) ضمن (التوقيتات) والحسابات والاستراتيجيات المعدة سلفا، والتي بدأت باحتلال العراق في 2003 م، ونشر الفوضى وتدمير البنية التحتية للبلد ومن ثم السماح للإرهاب أن يدمر الحياة والأمان والاستقرار، وإبادة البشر فيه تدريجيا، مع نهب الثروات والخيرات، كل ذلك من أجل إضعاف قدراتنا من مستويات عدة، العسكرية والاقتصادية والبشرية، ومن ثم تنفيذ المخطط الصهيوني المرسوم بتقسيم البلد على أسس طائفية وعرقية وقومية، وحين عجزت أمريكا في محاولاتها تلك، حتى لحظة خروج قواتها من العراق عام 2011 م، بدأت بمهمة جديدة وخطة أكثر خطورة على البلد والمنطقة بأسرها، حين جلبت إلينا جراثيمها الداعشية ودعمتها بالخطط والأسلحة والمال لكي تعمل على تدمير واحتلال البلد ثانية، ومن ثم بقاء التهديد الخطر على الأمن والاستقرار بطرق وأساليب إرهابية مختلفة، وما زال قائما حتى اللحظة، كل هذا السيناريو الدموي الطويل العريض كان معدا من أجل هدف خبيث أكبر وهو التقسيم..
هذا المشروع الجديد المقترح في لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي مؤخرا، ليس وليد الصدفة كما يظن بعضهم، إنما هو مطبوخ في المطابخ الصهيونية منذ سنين وكان ينتظر الفرصة المواتية لطرحه، وجس نبض الحكومة والشارع العراقي في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهد مواجهات حقيقية ضد داعش المجرم -الأداة الأمريكية والصهيونية بامتياز- وهو يمثل تهديدا عمليا مضافا ومكملا إلى التهديد الذي يمثله داعش على حاضر العراق ومستقبله، بل حتى ماضي البلد الحضاري والثقافي والتراثي لم يسلم من شر هذا الإرهاب الأمريكي الداعشي المتناغم في كل شيء، في الفوضى والخراب والقتل والنهب والتهجير والتقتيل.. وأخيرا التقسيم: الحلم الأخطر والأكبر الذي يتوجون به أحلامهم في العراق.
ومثلما أعلنت المرجعية العليا رفضها لهذا القرار بشكل واضح وقوي، الشارع العراقي في أول ردة فعل له كان رافضا أيضا وسيبقى كذلك، حتى إسقاط هذا المشروع الخبيث وينتهي في مهده، وإلى الأبد.
الحكومة العراقية بدورها أعلنت عن رفضها لمشروع القانون المقترح في الكونغرس الأميركي بشأن التعامل مع الكرد والسنّة في العراق كـ”دولتين”، وفيما اعتبرت أنه سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات في المنطقة، دعت إلى عدم المضي به. وهذا يعني الرفض الشعبي والرسمي معا، ونحن مطالبين كإعلاميين وصوت حر أن نعبر عن احتجاجنا واستنكارنا بشكل قوي وواضح لهذه المهزلة الأمريكية والمؤامرة المستمرة بحق بلدنا، ويكفي الصمت على مشاريع تهديد بعناوين مختلفة من هذا النوع، تصنعها إسرائيل وتصدرها أمريكا بواسطة أدواتها في المنطقة، ومن بينها تنظيمات داعش المجرمة.
اضف تعليق