احتفل العراقيون بالعام الميلادي الجديد 2019 كلاً بطريقته الخاصة، ويحدوهم الأمل عاماً بعد آخر في تحقيق تقدم يلامس مطالبهم اليومية الفردية والجماعية من الاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية، والتطور في ملفات الصحة، والتربية، وتوفير الخدمات العامة. وبعد كل الصخب السياسي الذي شهده العام المنصرم من تداعيات...
احتفل العراقيون بالعام الميلادي الجديد 2019 كلاً بطريقته الخاصة، ويحدوهم الأمل عاماً بعد آخر في تحقيق تقدم يلامس مطالبهم اليومية الفردية والجماعية من الاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية، والتطور في ملفات الصحة، والتربية، وتوفير الخدمات العامة.
وبعد كل الصخب السياسي الذي شهده العام المنصرم من تداعيات ما بعد الانتخابات العامة إلى مفاجئة وصول السيد عادل عبد المهدي إلى دفة السلطة التنفيذية في العراق، فإن العام الجديد 2019 لا يحمل مفاجئات كبيرة بحجم طموحات الشعب العراقي في بناء الدولة العادلة الخدومة.
والأسباب عديدة ولعل السيد عادل عبد المهدي يدرك قسماً كبيراً من هذه الأسباب ومنها، تعقيدات التركيبة السياسية والاجتماعية في العراق، إذ سيواجه صعوبة معالجة المشاكل المتعاقبة بحكم سياسة ترضي كل الأطراف خشيةً من مسألة سحب الثقة من قبل مجلس النواب، وهنا ستبرز شخصية رجل الدولة الحقيقي في هذا الاختبار إما بفرض فلسفته الذاتية الوطنية أو الخضوع للأجندات الحزبية وغير الحزبية.
لكن قد لا يبدو تحقيق هذا المطلب مهما بالنسبة لأغلب الشخصيات السياسية، لذا فنحن غير متفائلين بقدرة السيد عادل عبد المهدي بفرض فلسفته الذاتية بإدارة الدولة التي روج لها منذ إعلان استقالته من حزب المجلس الأعلى وتيار الحكمة عبر نشاطات عديدة وأهمها مقالاته وكتاباته في الصحف، والمواقع الالكترونية.
ومن التحديات المصيرية التي تواجهه محاربة الفساد، فمن طريقة تشكيل الحكومة الحالية يتضح عدم جدية معالجة الفساد المستشري من المؤسسات العليا إلى الدنيا، برغم من مساعيه الأولية بتشكيل مجلس أعلى لمحاربة الفساد، حيث أنه يدرك قبل غيره ان هناك نفوذا كبيرا للكتل المتورطة في الفساد في أغلب مؤسسات الدولة والتي عبر عنها عادل عبد المهدي نفسه بالدويلات ومنها الدولة العميقة في المنهاج الوزاري لحكومته الحالية.
أما فيما يخص ملف الخدمات، سيكون في العام 2019 تحسن على مستوى تقديم الخدمات ومعالجة المسائل الأخرى كالبطالة بحكم عوامل عديدة منها الضغط الشعبي الذي تصاعد إلى مستويات تنذر كل الكتل السياسية بالخطر رافقه تحذير ومساندة من القوى الروحية وبعض القوى السياسية، مثلما حذر ممثل المرجعية في خطبة الجمعة قبل أكثر من ثلاثة أشهر من أن عجز الحكومة عن تقديم الخدمات وتسويف القضايا الحياتية الهامة للمواطن العراقي سيجعل العملية السياسية برمتها أمام نقطة اللاعودة، كما أن التحسن في صعود أسعار النفط عظم من واردات الدولة العراقية، ويعطي للحكومة الإتحادية وبالتنسيق مع الحكومات المحلية تقديم أجزاء يسيرة من الخدمات، لكن ستبقى دون المستوى المطلوب لغياب إستراتيجية واضحة في إعادة إعمار المدن وتوفير الخدمات.
وأمام حجم هذه التحديات يأتي العام الجديد ومشروع الموازنة العامة لعام 2019 الذي قدمته حكومة عادل عبد المهدي للبرلمان العراقي وسط معارضة كبيرة من قبل كتل مختلفة أبرزها الكتل الكُردستانية وممثلي محافظات غرب وشمال بغداد مما قد يدخل البلد مرة أخرى في توقف لأي حركة خدمية مرتقبة في عموم العراق، إذ اعترض عدد من النواب على قلة الأموال المرصودة لما يعرف بإعادة إعمار المناطق المحررة في حين يعترض آخرون على تخفيض نسبة اقليم كُردستان في الموازنة من 17% إلى 13%.
كما قد تبرز إلى الواجهة في العام الجديد ملفات أخرى كالخلافات الحدودية بين المحافظات ومطالبة بعض الأقضية في داخل المحافظة الواحدة بتشكيل محافظة خاصة بالقضاء إذ أن هناك شكوى في أكثر من محافظة من قبل القوى العشائرية من هيمنة مركز المحافظة على القضاء وتجاهله في المرة مما يجعل هذا القضاء أو ذلك ينادي بالمطالبة بالإنفصال عن المحافظة هذه أو تلك.
كما سيكون لملف انتخابات مجلس المحافظات أهمية في العام الجديد، حيث سيتركز الخلاف حول أمرين: الأول يطالب بتقليص دور مجالس المحافظات وتحجيم أعداده إلى جانب وضع قانون انتخابي جديد، أما الأمر الثاني فيتمثل بحرص أغلب القوى في تمديد عمر مجالس المحافظات المنتهية أصلاً وفق قانون مجلس المحافظات النافذ منذ أكثر من عام في محاولة منها لتصدير نفسها للجمهور مرة أخرى بعد الإخفاقات والاتهامات التي طالت محافظيها بالفساد وسوء الإدارة.
اضف تعليق