ليس من الغريب ان تتزامن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الى دمشق، مع ذكرى سيطرة الجيش السوري على مدينة حلب، في معركة كبرى مثلت نقطة تحول غيرت مسار الازمة برمتها، حيث بدأ قطار العودة السورية يسير بحركة بطيئة لكنها واثقة وثابتة...
ليس من الغريب ان تتزامن زيارة الرئيس السوداني عمر البشير الى دمشق، مع ذكرى سيطرة الجيش السوري على مدينة حلب، في معركة كبرى مثلت نقطة تحول غيرت مسار الازمة برمتها، حيث بدأ قطار العودة السورية يسير بحركة بطيئة لكنها واثقة وثابتة.
البشير التقى الرئيس السوري بشار الأسد، بشكل مفاجئ، ضمن زيارة سرية لم يعلَن عنها مسبقاً، وهي أول زيارة لرئيس عربي منذ بدء الازمة السورية في 2011. وأجرى البشير لقاء مع الأسد في العاصمة دمشق، وفق ما قال وزير الدولة بالخارجية السودانية، أسامة فيصل، في تصريحات للصحفيين بمطار الخرطوم يوم الاحد.
وعقد البشير جلسة مباحثات مع الأسد، وأكدا أن الأزمات التي تمر بها الدول العربية تستلزم إيجاد مقاربات جديدة، تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وقبل ساعات من إعلان زيارة البشير إلى دمشق، صرح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، خلال "منتدى الدوحة"، أن بلاده ستدرس العمل مع الرئيس السوري بشار الأسد إذا فاز بانتخابات ديمقراطية ونزيهة. ونقلت وكالة الأناضول عنه، خلال كلمته على هامش المنتدى رداً على سؤال فيما إذا كان يستسيغ "وجود دور للأسد في مستقبل سوريا"، أن "الأولوية الآن في هذه الفترة هي لإنشاء دستور للبلاد، وأن عليهم (السوريون) بأنفسهم إعداد مسودة الدستور".
الدول العربية والإقليمية في سباق نحو إعادة ترتيب تحالفاتها التي مزقتها الحروب والأزمات، والسودان التي تتمتع هذه الأيام بعلاقات مميزة مع المحور السعودي الاماراتي لا يمكن ان تقوم بهذه الخطوة، دون استشارة اصدقائها، او بشكل ادق، قد تكون خطوة قام بها رئيس السودان بتوجيه من العرب، ليفتح بذلك باب التطبيع مع الجمهورية السورية، ولم لا تكون هذه الخطوة وبعض الدول الخليجية تستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
هناك الكثير من الممهدات للتطبيع العلني وعلى المستويات العليا، فقد تحدثت الصحف اللبنانية المقربة من حزب الله، منذ اكثر من عام عن زيارات لأجهزة المخابرات المصرية والاردنية لسوريا، واجراء لقاءات موسعة للبدء بمرحلة جديدة من التعاون الأمني مع الحكومة السورية.
وتلك الزيارات ذاتها التي مهدت للقاء جمع وزير الخارجية البحريني، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ليقوم بمصافحة حارة مع نظيره السوري وليد المعلم.
لم يكتفي الوزير البحريني بهذه المصافحة "الأممية"، انما عاد في اليوم التالي وصرح عبر قناة "العربية" السعودية ليؤكد انه قام بهذا السلوك الدبلوماسي مع الوزير السوري وليد المعلم على اعتبار ان الأخير يمثل الحكومة الرسمية في دمشق، "الحكومة السورية هي الحكم في سوريا، ونحن نعمل مع الدول وإن اختلفنا معها، وليس مع من يُسقط هذه الدول". هكذا علق خالد بن حمد ال خليفة على اللقاء الذي اثار جدلا واسعا.
والسعودية التي طالما عزفت على سمفونية رحيل بشار الأسد لا تجد مشكلة في التعامل معه، مع شرط لا يخلو من صعوبة، وهو ذات الشرط الذي وضع على طاولة الحكومة العراقية واللبنانية، انه "متلازمة النفوذ الإيراني"، فكل الحكومات يجب ان تقطع علاقاتها مع طهران، قال محمد بن سلمان حول هذه القضية: "أعتقد أن بشار باقٍ في الوقت الحالي، وأن سوريا تُمثل جزءاً من النفوذ الروسي بالشرق الأوسط لمدة طويلة جداً، ولكنني أعتقد أن مصلحة سوريا لا تتمحور حول ترك الإيرانيين يفعلون ما يشاؤون في سوريا على المدى المتوسط والبعيد، وذلك لأنه إن غيرت سوريا أيديولوجيتها حينها بشار سيكون دُميةً لإيران".
وفي المنطقة العربية تتشابه البدايات مع نهاياتها كثيرا، حركة كبيرة من الاستعداء ضد طرف معين، تحشد كل الطاقات للقضاء عليه، بعد فترة يفشل الجميع فيعودون ليقبلوا اليد التي لم يقدروا على كسرها، من إسرائيل الى أمريكا وروسيا وليس انتهاء باخوانهم العرب.
اذا كان الرئيس السوري بشار الأسد يحمل كل هذه الطيبة والوداعة، فقد يسال المواطن العربي في البلدان الخليجية عن جدوى الحرب التي استمرت لسبع سنوات وهو يحمل راية شتم الحكومة السورية ورئيسها، والسؤال الأبرز والأكثر حرقة يطرحه المواطن السوري الذي تحول الى شتات في البلدان المجاورة والبعيدة عن مدى فائدة هذه الحرب؟ وهل ستصلح هذه الموجة التطبيعية حال سوريا، ام انها تاتي في اطارة إعادة التحالفات الإقليمية من اجل حماية عروش تكاد تسقط؟
اضف تعليق