تحتاج الدول العربية الى تطبيع مع النظام المؤسساتي والى الحرية والكرامة، وهذه المطالب لا تحققها زيارة رئيس وزراء إسرائيلي، ولا يمكن لاي دولة ان تحل مشاكل العرب بدون ان يقوم نظام ديمقراطي مؤسساتي يؤمن بحق الفرد في التعبير عن رأيه، ويعطيه المساحة الكاملة للمشاركة في القرار السياسي...
رئيس الوزراء الإسرائيلي نيامين نتنياهو وزوجته سارة عادا من سلطنة عمان، بعد زيارة رسمية استمرت ليوم كامل، استقبلهما السطان قابوس بكل حفاوة، بينما وصف التلفزيون العماني نتنياهو بـ"فخامة الرئيس".
في الجارة دولة الامارات تجلس وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف مع فريق الجودو الاسرائيلي في أبوظبي، والنشيد الرسمي يعزف مع العلم الرسمي بموافقة إماراتية. كما قامت بزيارة مسجد الشيخ زايد، الذي يعتبر من أهم معالم أبوظبي الإسلامية السياحية، وأيقونة في الهندسة المعمارية الإسلامية.
وعلى ارض المعسكر المعارض للامارات وصل وفد رياضي إسرائيلي إلى قطر للمشاركة في بطولة العالم للجمباز، التي بدأت في 25 أكتوبر وتستمر حتى الـ3 من نوفمبر المقبل. ورفع علم إسرائيل في حفل افتتاح البطولة، كما عزف النشيد الإسرائيلي.
تساءل احدهم مغردا عبر موقع تويتر "ماذا يفعل نتنياهو في سلطنة عمان؟" فيغرد له اخر بالاتي: "حكام مستعدة لمهادنة الشيطان من اجل مصالح شعوبها .. اعتقد ان هناك مشروعا ستراتيجيا يلوح في الأفق وفق مصلحة مشتركة .. اما نحن فنكتفي بشعارات رنانة في العلن اما تحت الطاولة فنفعل العجب العجاب".
ربما يندرج رد هذا المغرد مع النغمة العربية التي كانت سائدة خلال فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي لكن بطريقة معكوسة، فالاحزاب والحركات الاسياسية التي جاءت في تلك المدة التاريخية كانت تستطيع ان تصعد للقمة لمجرد انها ترفع شعار العداء ضد إسرائيل، وتشن الحرب الإعلامية وتوظف كل خطابها لهذا الغرض، كان اعلان الحرب هو الحد الفاصل بين المخلص للقضايا العربية والحاكم المستغل للجمهور، لذلك شنت حرب عام 1967 وحرب عام 1973 التي لم تجن منها الدول العربية سوى خيبات الامل.
هزائم كبرى منيت بيها الجيوش العربية في كل الحروب ضد إسرائيل، كشفت ان الحكام كانوا يستغلون القضية الفلسطينية من اجل الاستيلاء على العرش والتمسك به أطول مدة ممكنة، قمعت الحريات وتمت مصادرة كل شيء من اجل الحرب ضد إسرائيل، وبعدها سجلت كل الحريات والحقوق المصادرة باسم الحاكم الذي اقفل عليها في عرشه ومنع الناس حتى من الحديث في السياسية.
وفي عصر السرعة لا بد من استبدال الثوب باخر جديد جريا على ما هو سائد، لم تعد إسرائيل عدوا ولم تعد فلسطين قضية عربية، واذا أراد المواطن ديمقراطية مع القبول بالعلاقة مع إسرائيل، فيمكن تنفذ المطلب الأخير وتاجيل الديمقراطية، فهذه يمكن ان تحسن من وضعه الاقتصادي، وان يرتفع اسم دولته في قاموس الدول الديمقراطية، ومن ثم يسمح له باستخدام لسانه الذي أصابه الصدأ.
ورغم نكسة الخمسينيات والستينات، حيث استغل جيل كامل بشعارات فارغة، يبدو ان الجيل الجديد سوف يصاب بنفس النكسة، ليس مع إسرائيل، بل مع وطنه الذي سيضيع مجددا بيد حكام يتبجحون بالسلام وهم قد حولوا الدول العربية الى اكبر منطقة لاستيراد السلاح، يشنون الحروب بينهم، ويقتلون شعب اليمن وسوريا والعراق ولبنان وليبيا من اجل تصفية حسابات عائلية او طائفية، ثم ياتون في الشاشات ليعلنوا ان التعاون مع إسرائيل سوف يجل السلام.
السلام لا يأتي من إسرائيل انما في إيقاف الحروب العربية العربية، والتطبيع يجب ان يكون مع المواطن نفسه الذي يلقى في السجون لانه كتب تغريدة ينتقد في قرارا سياسيا او يطالب بجزء من حقوقه المسلوبة منذ فجر التاريخ، ومتى ما سمح الحاكم بدخول صندوق انتخابي الى بلده يحق له ان يسمح بدخول ليس رئيس الوزراء الإسرائيلي، لان الشعب هو الذي يستطيع ان يقرر في حينها هل سيبقى الحاكم الى صباح اليوم التالي ام ستقيله المؤسسات الدستورية.
تحتاج الدول العربية الى تطبيع مع النظام المؤسساتي والى الحرية والكرامة، وهذه المطالب لا تحققها زيارة رئيس وزراء إسرائيلي، ولا يمكن لاي دولة ان تحل مشاكل العرب بدون ان يقوم نظام ديمقراطي مؤسساتي يؤمن بحق الفرد في التعبير عن رأيه، ويعطيه المساحة الكاملة للمشاركة في القرار السياسي.
اضف تعليق