التركيز العالمي على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي يجعل ايران تأخذ استراحة مجانية تخلصها من التوترات التي يثيرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الأشهر الماضية، حيث يقترب موعد المرحلة الثانية من العقوبات المشددة قد اقترب (في الرابع من تشرين الثاني المقبل)، هذه العقوبات التي تشارك فيها السعودية...
التركيز العالمي على مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي يجعل ايران تأخذ استراحة مجانية تخلصها من التوترات التي يثيرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال الأشهر الماضية، حيث يقترب موعد المرحلة الثانية من العقوبات المشددة قد اقترب (في الرابع من تشرين الثاني المقبل)، هذه العقوبات التي تشارك فيها السعودية بقوة عبر تعويض امدادات النفط الإيرانية.
طهران ابتعدت عن وسائل الاعلام وقادتها غطوا في نوم عميق، فالحادثة تجعلهم في مامن من المشاكل، انهم في زاوية ضيقة جدا، وعدوهم الأمريكي يتربص بهم، لا يريدهم ان يبيعوا برميل نفط واحد، بالإضافة الى ذلك، يريد ترامب من السعودية ان تعوض نقص الامدادات الإيرانية، وفي حال تمت هذه الخطة فان ايران ستنهار حتما، او تواجه اصعب فترة في تاريخها من انطلاق الثورة الإسلامية عام 1979.
الصمت الإيراني فيه إشارات كثيرة، فالاولى تعطي رسالة الى الرياض ان طهران لا تريد الانقضاض عليها في أي فرصة تتاح لها، انما هناك قواعد للاشتباك والاختلاف، ولا يمكن تجاوزها، وهي بذلك تعطي حافزا للرياض لمبادلتها نفس السلوك السياسي، وبالتاكيد اذا كانت هناك قيادة تفهم هذه الإشارات قد تخطو نحو تقليل حالة التوتر.
لم تكن هذه السياسة الإيرانية جديدة، فخلال المحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا عام 2016 كانت ايران اول من تواصلت مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وقام المسؤولون الإيرانيون بزيارات الى انقرة لبحث الازمة، كما تعهدت طهران في حينها بتقديم المساعدة اللازمة لحفظ الامن والاستقرار في تركيا، كان ذلك في اوج التوتر السياسي بين البلدين حيث تزامنت مع اشتداد المعارك في سوريا والتصريحات النارية التي اطلقها الرئيس التركي قبل ذلك متهما ايران بمحاولة بناء امبراطورية فارسية.
وفي الازمة الخليجية التي أدت الى حصار قطر من قبل السعودية والامارات، سارعت ايران الى مد يد المساعدة لقطر، وفتحت اجواءها وموانئها لتقديم كافة المساعدات لقطر، وربما تكون الحالة القطرية غير مفاجئة حيث العلاقات بين البلدين يسودها التوافق اكثر من الخصومة التي نشبت عن الازمة السورية.
الجانب الاخر الذي تريد ان تكسبه طهران من صمتها عن ازمة خاشقجي، هو محاولة منها لمنع السعودية من تحويل الازمة الى اتهامات متبادلة بين الرياض وطهران، فاي تصريح إيراني غير مدروس يمكن ان يدفع السعودية للرد، وما بين التصريح والرد عليه يمكن ان تنتقل المعركة الى الساحة الإيرانية مجددا بينما يوفر لها الصمت الوقوف في المدرجات للتفرج على القرارات الاوربية المتواصلة ضد الرياض. وهي في مجملها تسهم في اضعاف موقف النظام السعودي الحاكم وتجعله مشغولا باستعادة توازنه اكثر من اهتمامه بايران.
ايران اذ تسحب ورقة المشاحنات مع السعودية تعرف ان الأخيرة لا تبادلها السياسة نفسها، ولا يمكن ان تصل العلاقات معها الى مرحلة التوافق كما هي الحال مع تركيا او قطر الان، لكنها تريد ان تقلل من الاندفاعة القوية لولي العهد محمد بن سلمان، وان تؤكد له ان الحرب مع ايران ليست ضروية اطلاقا لانها لا تريد اسقاط حكومته، على الأقل هكذا يبدو الصمت الإيراني تجاه الازمة.
وبدون ان تطرح طهران المساعدة رفعت أصوات سعودية مؤثرة الراية الإيرانية بوجه الولايات المتحدة، فبعد الصين وروسيا يمكن التصالح مع حماس وحزب الله، وبعدهم ايران، هذا ما كتبه تركي الدخيل، مدير قناة العربية، الناطقة باسم السلطات السعودية، اذ قال إن "فرض عقوبات من أي نوع على السعودية من قبل الغرب، سيدفعها إلى خيارات أخرى قالها الرئيس ترامب بنفسه قبل أيام، إن روسيا والصين بديلتان جاهزتان لتلبية احتياجات الرياض العسكرية وغيرها، ولا يستبعد أحد أن تجد من آثار هذه العقوبات قاعدة عسكرية روسية في تبوك شمال غرب السعودية، في المنطقة الساخنة لمربع سوريا وإسرائيل ولبنان والعراق".
الدخيل قدم مقاربة مفاجئة وهو الذي يتحدث بلسان السلطة غير المباشر، فقد تتحول حماس وحزب الله من عدوين إلى صديقين، كما أن الاقتراب لهذا الحد من روسيا سيؤدي للاقتراب من إيران وربما التصالح معها.
هل ستخف الحرب الباردة السعودية الإيرانية؟ وهل تتصالح الرياض وطهران بعد ما رأت الأخيرة ما جرى لها مع الولايات المتحدة رغم كل ما قدمته من تنازلات؟ يتوقف هذا على قرارات سعودية جريئة، وربما تحتاج الى اخذ الاذن من واشنطن وتل ابيب قبل ان تتقدم الرياض باي خطوة نحو طهران.
اضف تعليق