عندما لا تعطيك الحياة ما تريد ربما أنت لم تسأل ما تريد أو لا تعرف كيف تحصل على ما تريد، فكل انسان يبحث عن السعادة ويرغب أن يعيش حياة هانئة، يتزوج من امرأة صالحة، ويبني علاقات ناجحة مع الآخرين، ويحظى باهتمام الناس ويكسب المال والشهرة ويكون في القمة...
دخل أحد الفلاسفة والكتاب المعاصرين الى أحد المطاعم، حيث كانت الضيافة على طريقة (بوفيه مفتوح)، ولسوء الحظ أن هذا الفيلسوف لم يتعرف على هذا النظام من قبل، وكانت هذه تجربته الأولى مع هذا النوع ن المطاعم، جلس الفيلسوف على كرسي في زاوية المطعم وانتظر من يقدم له الطعام، أو يأتي (الكارسون/ عامل المطعم) ليحضر له طلباته، جلس لمدة عشرين دقيقة ولم يحصل على أي شيء، فأدى الانتظار إلى ازدياد غضبه ومع مرور الوقت انزعج أكثر فأكثر، لاسيما حينما رأى الناس من حوله حيث دخلوا بعده وجميعهم جالسين وأمامهم طبق مملوء بالطعام والأكلات المختلفة، وكان ينزعج اكثر عندما يرى أن أحدا من عمال الخدمة في المطعم لا يهتم به، بل كل واحد مشغول بعمل ما.
لذلك شعر بالحزن وهو في هذا الموقف، ومما رأى وبعد أن شعر بعدم الاهتمام به، سأل الرجل الجالس الى جانبه في الطاولة المجاورة وأعتذر مقدما عن الإزعاج، وقال: مضى أكثر من عشرين دقيقة وأنا جالس هنا ولن يهتم بي أي أحد من عمال المطعم، ولكن الآن نظرت إليك ورغم أنك دخلت متأخرا من بعدي ولكنك تتمتع الآن بالطعام الشهي، ارجوك أخبرني ماذا يحدث هنا؟ ما هذا النظام؟.
قال الرجل وعلامات الإستغراب ظاهرة على ملامحه: ربما لا تعرف نظام البوفيه المفتوح؟!
ليس عليك سوى أن تدفع المال لصاحب المطعم وتذهب الى آخر الصالة وتأخذ من الطعام ما يعجبك، حيث يوج أمامك كل شيء من اصناف الطعام، فقط عليك أن تختار ما تحب وتخدم نفسك بنفسك ومن ثم تجلس وتأكل ما تشتهي، شعر الرجل بالغباء عندما سمع هذا الكلام من الرجل المجاور، كم جلس متعباً وجائعاً ينتظر من يخدمه وغضب عندما لم يهتم به أحد، ذهب إلى صاحب المطعم دفع المال وأحضر طبقاً من تلك الأكلات الشهية، وجلس يضيف نفسه ويهتم بنفسه، وأخذ يفكر أن هذا النظام ليس للمطعم فقط، بل يمكن أن يكون للحياة أيضا.
فهناك "نظام البوفيه مفتوح" حيث يوجد كل شيء، الفرح، الحزن، النجاح، الألم، الفرص، ولكن كثير منا يجلس على الكرسي دون حراك، ينظر إلى الآخرين فقط، ويطلق الـ آه من بين ثناياه ويتحسر على الذي دخل بعده إلى المطعم وجلس يستلذ بطعامه!.
يجلس على الكرسي دون أن يسأل عن سبب سعادة الآخرين، ويفكر إنه يجب أن تكون الأمور هكذا، أو أن قانون الدنيا هكذا، ولكن لا يعرف إنه جاهل تماماً بقوانين الحياة ويجب أن يسأل من الآخرين! حتى يفهم ما يدور حوله، كما حدق للفيلسوف في المطعم.
عندما لا تعطيك الحياة ما تريد ربما أنت لم تسأل ما تريد أو لا تعرف كيف تحصل على ما تريد، فكل انسان يبحث عن السعادة ويرغب أن يعيش حياة هانئة، يتزوج من امرأة صالحة، ويبني علاقات ناجحة مع الآخرين، ويحظى باهتمام الناس ويكسب المال والشهرة ويكون في القمة، بالتأكيد يرغب كل شخص أن ينبهر به الجميع ويكون محط اهتمامهم، ومن السهل جداً أن يحلم الانسان ويطمح بالأفضل دائما، فهذه سنة الحياة، ولكن من الأفضل إخراج هذه الطموح وانتقاله من عالم الطموح إلى معنى أهم بكثير، فربما يجلس الانسان بسكون على الكرسي بلا حراك ويطمح بالحصول على السعادة، ولكن عندما نسأل هكذا إنسان ما هي السعادة في رأيك؟.
لا تكون لديه الإجابة الدقيقة عن السؤال، وربما تكون الإجابة شاملة لدرجة أنها لا تعني أي شيء للآخرين، فما هو الشيء الذي تريد الكفاح من أجله؟ إن السعادة تتطلب أشياء مهمة حتى تتحقق ويمكن الحصول عليها، من هذه الأشياء الحركة والكفاح من أجل الوصل إلى الهدف، وإن لم يتحرك الشخص من كرسيه لن يستطيع الحصول على أي شيء يتمناه أو يرغب الوصول إليه، فيبقى جالسا في مكانه، ويغضب أكثر فأكثر، ويكره كل من يراه أمامه ممن يتنعمون بالسعادة والأطباق الشهية، كما حصل للفيلسوف في المطعم.
لذلك فإن ما يحدد النجاح في هذه الحياة ليس ما ترغب به وتطمح إليه، بل مدى حركتك وسعيك وتصميمك في السير نحوه والحصول عليه.
يقول مارك مانسون: الأشخاص الذين يستمتعون بالمعاناة داخل صالة الألعاب الرياضية هم الذين يمتلكون جسماً مثالياً، والأشخاص الذين يستمتعون بالعمل الطويل الشاق وسياسات التدرج الوظيفي بالشركات هم الذين يرتقون إلى أعلى المناصب، والأشخاص الذين يستمتعون بالضغوط ونمط الحياة الصعب هم في نهاية المطاف الذين يعيشون الحياة ويحققون أحلامهم.
هذه ليست دعوة للتحلي بقوة الإرادة أو “العزيمة”، وليست نسخة أخرى من المقولة الشهيرة “لا ربح بدون ألم”؛ العنصر البسيط والأساسي في هذه الحياة: إنَّ كفاحنا هو الذي يحدد نجاحاتنا؛ لذلك اختر الشيء الذي تكافح من أجله بحكمة ودراية وتأنٍ وليس اعتباطا، وفي الأول والآخر عليك أن تؤمن وتلتزم بقانون: اخدم نفسك بنفسك ....
اضف تعليق