يبرز موضوع الدعاية الإنتخابية في المدة التي تسبق موعد الإنتخابات، بناءا على ذلك يتقدم المرشحون ضمن كياناتهم السياسية بعرض برامجهم وسياساتهم على الناخبين، وتعد الحملات الإنتخابية التي تقوم بإعدادها وتنفيذها الأحزاب والجماعات السياسية، لحث الناخبين وإقناعهم بتأييد مرشحيهم، أوضح وأقوى وسائل الإتصال السياسي وأكثرها فعالية...
يبرز موضوع الدعاية الإنتخابية في المدة التي تسبق موعد الإنتخابات، بناءا على ذلك يتقدم المرشحون ضمن كياناتهم السياسية بعرض برامجهم وسياساتهم على الناخبين، وتعد الحملات الإنتخابية التي تقوم بإعدادها وتنفيذها الأحزاب والجماعات السياسية، لحث الناخبين وإقناعهم بتأييد مرشحيهم، أوضح وأقوى وسائل الإتصال السياسي وأكثرها فعالية وكثافة في الأنظمة الديمقراطية، لأنها تقوم بثلاث مؤثرات رئيسة في الإنتخابات:
1- التنشيط: إذ تؤدي الدعاية الإنتخابية إلى تعزيز وتنشيط اهتمامات المواطن بالسياسة وإقحامه في هذا المسار أكثر من الأوقات الأخرى، وتنشط تداوله لمفردات الإنتخابات والسياسة والدستور وغيرها، مما يعزز الثقافة السياسية والإنتخابية، ويعزز وعي الناخب في المفاضلة والتمييز والتدقيق بين البرامج الإنتخابية وتحديد توجهات الكيانات والمرشحين في الإنتخابات، وبالنتيجة يعد هذا إجراءا معززا لدفع الناخبين للمشاركة السياسية الواسعة في الفعل الإنتخابي.
2- التدعيم والإختيار: لا يقتصر تأثير الحملات الإنتخابية على الجانب التنشيطي بقدر ما يؤدي إلى تعزيز قناعات الناخبين بسلامة وصحة الإختيار والتفضيل بين المرشحين، وهذا ما يحصل من خلال التعارض في الحملات والبرامج الإنتخابية وحماية المرشح والكيان من الحملات الإنتخابية والإتجاهات المضادة والمعارضة، والتي تؤثر بدرجة كبيرة على الناخبين المترددين في تأييد أحد المرشحين أو الكيانات عموما.
3- التحويل: يتم استثمار إتجاهات وأحداث ومواقف سياسية جديدة، أو متابعة بعض التغييرات الطارئة التي يمكن الإستفادة منها من قبل الكيانات والمرشحين وتطويرها في الحملة الإنتخابية، إلى احتمال تحويل بعض إتجاهات وقناعات بعض الناخبين من حزب أو كيان سياسي إلى آخر أو من مرشح سياسي إلى آخر...
في حالة العراق، نرى أن هذه المؤثرات شبه غائبة، فهي وأن تجرى بقوة إلاّ أنها ترتبط وتعتمد على الحزب أو الكيان السياسي، حيث يدير المرشح الحملة الدعائية على أسس ومعايير حزبية، بمعنى التركيز والتأكيد على إنتماء المرشح الحزبي، وعلى الصورة الذهنية الإيجابية التي يتمتع بها الحزب السياسي، وتعاظم شعبيته من جماهيره ومؤيديه.
ويعتمد المرشح في هذه الحالة على برامج وأفكار الحزب السياسي وسياساته ومواقفه السابقة ومرجعياته وشخصياته الكاريزمية، المحددة في القضايا السياسية، ومن النادر أن تدار الحملة الإنتخابية اعتمادا على المرشح نفسه وصفاته وسماته الشخصية ومميزاته وإنجازاته السابقة ومواقفه السالفة من بعض القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية المهمة.
إلا أن الحملات الإنتخابية في العراق تقوم على أساس التنشيط فعلا وتغرق الناخب بالكلام عن السياسة والإنتخابات لكنها من النادر أن تعمل على مسألة التدعيم والتحويل، ولكنها تقوم على ابراز الجانب النقدي عند الناخب إزاء البذخ على الدعاية الإنتخابية بشكل يفوق قدرة المرشح أو ما سيجنيه من رواتب لا تغطي أصلا نفقات الحملة، ويكون في دائرة الشك حول من يمول حملته، أو المبالغة في تسويق الكيانات والمرشحين سواء برسالتهم الإنتخابية التي عرضتهم للسخرية أو من خلال الإفراط بالألقاب أو تجميل الصورة أو تجيير منجزات لم يكن لهم دور حقيقي فيها..
إن الحملات الإنتخابية الحاصلة في العراق وقضية الاهتمام بمؤثراتها تعطينا إنطباع أن الإنتخابات بالنسبة للأحزاب هي أكبر عملية لوجستية وقد تفوق الحرب، لإعتقاد تلك الأحزاب أن فاعليتها تؤمن فوزا في الإنتخابات عند إتباعهم حملة إنتخابية نشطة ومكثفة وباذخة.
في حين أن خيارات الناخب العراقي في الإنتخابات لا تستقطبها تلك الحملات إلا بشكل ضئيل، في حين أن ميولاته الإنتخابية لازال جزءا كبيرا منها تحدده الثقافة التقليدية القائمة على أساس الطائفية والقبلية والعرقية والمناطقية أو المصلحية الخاصة، ولازالت المحددات الوطنية في الإنتخابات العراقية كخيار في قيد التشكل الجنيني.
اضف تعليق