الاحزاب كانت تركز على اثارات طائفية او قومية او حزبية او عشائرية في حملاتها الترويجية، فإنها تواجه اليوم تحديا من نوع آخر، تواجه ناخبا لا يبحث عن خلفية المرشح؛ طائفته او قوميته بل يبحث عمن يوفر له الخدمات الاساسية او يحقق جزءا يسيرا من إصلاح حاله...
منذ انطلاق الحملات الانتخابية في الرابع عشر من شهر نيسان، والجميع في سباق محموم للظفر بأصوات الناخبين حتى لم يبقى شبر من ارض العراق لم تطأه قدم مسؤول او مرشح او حتى بوستر انتخابي، والمراقب لهذه الحملات يمكن ان يؤشر مظهرين:
الاول - قوة الحملات الدعائية للمرشحين منذ اللحظة الاولى لانطلاق السباق الانتخابي.
الثاني - ضعف الترويج للبرامج الانتخابية او غيابها.
وان كان هذا الامر طبيعيا في الانتخابات السابقة لان الاحزاب السياسية كانت تركز آنذاك على اثارات طائفية او قومية او حزبية او عشائرية في حملاتها الترويجية، فإنها تواجه اليوم تحديا من نوع آخر، تواجه ناخبا لا يبحث عن خلفية المرشح؛ طائفته او قوميته بل يبحث عمن يوفر له الخدمات الاساسية او يحقق جزءا يسيرا من إصلاح حاله ومعاشه.
فكيف ستتعامل القوائم السياسية مع هذا الناخب؟ وكيف تستطيع استمالته ودفعه للتصويت لها في يوم الاقتراع؟ وهل سيصوت الناخب على عهده القديم لابن عشيرته او طائفته او قوميته ام انه سيبحث عن الافضل والانزه والاكفأ ليصوت له؟
أسئلة كثيرة وعلامات استفهام عديدة يحملها الناخب في جعبته ولن تستكشف الا بعد انتهاء العد والفرز وإعلان النتائج النهائية، لان القوائم الانتخابية لم تنجح لحد الان في استمالته الا اذا كانت هناك مفاجآت قبل يوم الاقتراع. ويقف خلف تراجع الأداء الانتخابي للأحزاب السياسية وعدم قدرتها على ارضاء الناخبين عدة اسباب منها:
1. لم تنجح الاحزاب السياسية في اختيار مرشحين من التكنوقراط المستقل، بل قامت بإعادة تدوير الشخصيات السياسية المخضرمة وطعمت قوائمها بشخصيات مستقلة اغلب ما يقال عنها انها لم تصل الى مستوى القبول والطموح لدى اغلب الناخبين.
2. فشل الأداء الانتخابي لأغلب المرشحين الجدد والمخضرمين من خلال الحملات الدعائية التي كانت قوية جداً في انطلاقتها وبعضها منظم، بينما يثار حولها سلبيات عديدة من قبيل:
ا. عشوائية توزيع الملصقات الدعائية واضرارها بالمصلحة العامة وبصورة شوهت معالم المدن من خلال نشرها على الأرصفة والجزرات الوسطية والأعمدة الكهربائية.
ب. تجاوز بعض الملصقات على صور الشهداء، مما اثار استهجان ورفض اغلب فئات المجتمع.
3. لم تنجح الاحزاب السياسية في تكوين تحالف انتخابي قوي بسبب تضارب المصالح فيما بينها اولا؛ واختلاف الرؤى ثانيا. وهو ما اضر بسمعتها اولا؛ وشتت الناخب بين خيارات اكثر من متعددة ثانيا؛ وسوف يعقد مشهد ما بعد الانتخابات ثالثا؛ بسبب صعوبات الاتفاق بين الفائزين.
وفي الوقت الذي كان يفترض ان تتنافس وتتزاحم البرامج الانتخابية والأفكار والطروحات والحلول المنطقية والعملية للمشاكل المطروحة على ارض الواقع جنبا الى جنب مع الحملات الدعائية وفي التجمعات الانتخابية والقنوات الفضائية، فانه وللأسف لم يلاحظ لحد الان برامج بل مجرد خطابات وتكرار لسيناريوهات سابقة في التنافس التقليدي الذي قد لا ينطلي على الناخب مرة اخرى..
ورغم ذلك ما زلنا نأمل بان ترتقي القوائم الانتخابية والأحزاب السياسية في اداءها سواء فيما تبقى من فترة الحملات الانتخابية او بعد اعلان النتائج والقبول بها والاتفاق بين الفائزين على اختيار شخص رئيس مجلس الوزراء ضمن المدد المحددة والتعاون في تشكيل حكومة قوية قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والإقليمية، تبعدنا مستقبلا عن شبح الأزمات الدستورية والسياسية.
اضف تعليق