هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال اجتماع مع أعضاء في الكونغرس بالبيت الأبيض دولا بعينها وقال أن بلاده لا تحتاج مهاجرين من "حثالة الدول". وأفادت صحيفة " Politico" بأن ترامب قال أثناء اجتماع مع مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ قدمت إلى البيت الأبيض لتعرض على الرئيس حلا وسطا بشأن المهاجرين من هايتي والسلفادور والدول الإفريقية: "ما حاجتنا لهؤلاء القادمين من حثالة الدول".
ورد الرئيس الأمريكي على مقترح أعضاء مجلس الشيوخ بالقول إنه يجب على الولايات المتحدة أن تقبل مهاجرين من دول مثل النرويج التي كان ترامب اجتمع في العاشر من كانون الثاني الجاري برئيسة وزرائها إرنا سولبرغ.
ولم ينكر البيت الأبيض صدور مثل هذا التعليق من الرئيس الأمريكي، بل رأى المتحدث باسم الإدارة الأمريكية راج شاه أن "بعض الساسة في واشنطن يفضلون الدفاع عن مصالح الدول الأخرى، لكن الرئيس ترامب يدافع دائما عن مصالح الشعب الأمريكي".
تقارير الإعلام
صحيفة واشنطن بوست كانت أول من نشر تقريرا عن الموضوع مستخدمة التعبير الذي استخدمه ترامب في عنوان التقرير وفي رسالة نصية أرسلت للمشتركين عبر الهواتف.
في تقرير لموقع "بي ي سي" قال انه في بعض محطات التلفزيون الأمريكية نبه المذيعون المشاهدين إلى فجاجة التعبير أو تجنبوا استخدامه. وفي بقية أنحاء العالم، وقع الصحفيون في حيرة حول كيفية ترجمة التعبير الفج، ففي اللغة الفرنسية استخدموا تعبير "بلاد الغائط"، وفي الصحافة الإسبانية استخدموا "بلاد القمامة"، أما في ألمانيا فاستخدموا عبارة "ثقب القاذورات"، وفي هولندا استخدموا تعبير "البلدان المتخلفة"، وفي اليابان عبارة "المراحيض العمومية".
موضوع الاجتماع
كان الاجتماع يناقش منح من يتمتعون بالإقامة المؤقتة حق المكوث في الولايات المتحدة بشكل دائم بمن فيهم الافارقة، وفي المقابل عرض مبلغ 1.5 مليار دولار لتمويل الجدار الذي يرغب ترامب ببنائه على الحدود مع المكسيك.
وكانت إدارة ترامب قد أعلنت سحب الإقامات المؤقتة من 200 ألف من مواطني السلفادور. ويعطي القرار مهلة سنة لمواطني السلفادور المقيمين في الولايات المتحدة منذ ثلاثة عقود للمغادرة أو تسوية أوضاعهم بشكل قانوني.
وحصل اللاجئون سابقا على حق الإقامة المؤقتة عقب وقوع هزة أرضية في بلادهم عام 2001، لكن وزارة الخارجية الأمريكية تقول إن جزءا كبيرا من البنية التحتية التي تضررت بفعل الهزة الأرضية قد أصلحت الآن. وقد سحبت الإقامات المؤقتة من مواطني نيكاراغوا وهايتي، ويواجه مئات آلاف اللاجئين مصيرا مشابها.
ماذا رد الاتحاد الافريقي؟
الاتحاد الأفريقي رد على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطالبه بتقديم اعتذار رسمي عن تصريحاته التي وصف فيها الدول الأفريقية بأنها "حثالة". وأعربت بعثة الاتحاد الافريقي في العاصمة الأمريكية واشنطن عن "صدمتها ورفضها وغضبها" من تصريحات ترامب مؤكدة أن الإدارة الأمريكية لا تفهم الأفارقة.
لكن اثنان من النواب الجمهوريين دافعا عن ترامب مؤيدين روايته التي تنفي الاقوال المنسوبة له الا ان السيناتور الديمقراطي ديك ديربن قال إن ترامب وصف الدول الافريقية بـ"الحثالة أكثر من مرة واستخدم لغة عنصرية".
وقال ترامب في تغريدة على تويتر إن الألفاظ التي استخدمها في مناقشة قضية المهاجرين كانت "صارمة"، نافيا استخدام الكلمات الفجة التي نسبت إليه.
وقالت بعثة الاتحاد الافريقي إن تلك التصريحات "تهين العقيدة الأمريكية واحترام التنوع وكرامة الإنسان".
هل الافارقة "حثالة"؟
في مقال لها بصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" قالت آن سيمونز: "إنه لا يُذكر اسم أفريقيا إلا مقترنًا بالحرب أو المجاعة أو الفقر أو الاضطرابات السياسية؛ لذا فمن الطبيعي أن يعتقد الكثير من الأمريكيين أن معظم الأفارقة الذين يهاجرون إلى الولايات المتحدة يعانون من ضعف التعلم والبؤس".
هذا ما عبر عنه الرئيس ترامب أمام أعضاء الكونجرس المعارضين لقبول المهاجرين من "بؤر القذارة" في أفريقيا وأماكن أخرى، لكن الأبحاث تحكي قصة أخرى، تؤكد سيمونز.
ففي حين أن العديد منهم لاجئون، فإن أعدادًا كبيرة تستفيد من "برنامج تأشيرة التنوع" الذي يهدف إلى تعزيز الهجرة من الدول الفقيرة. وفي المتوسط، يكون المهاجرون الأفارقة أفضل تعليمًا من المولودين في الولايات المتحدة أو السكان المهاجرين ككل.
وقالت جين باتالوفا – وهي محللة بارزة في معهد "أبحاث سياسة الهجرة" في واشنطن، ومؤلفة مشاركة في تقرير عن المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا – "إنهم متنوعون للغاية ثقافيًا، وجاءوا إلى الولايات المتحدة لأسباب مختلفة".
اعدادهم قليلة
وتؤكد سيمونز في مقالها الذي نشره موقع "ساسة بوست" أن أعدادهم صغيرة بالمقارنة مع غيرهم من المهاجرين، ولكن أعدادهم ازدادت بشدة في السنوات الأخيرة؛ فقد ارتفع عدد المهاجرين الأمريكيين من أفريقيا – جنوب الصحراء الكبرى – من 723 ألفا إلى أكثر من 1.7 مليون بين عامي 2010 و 2015، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث في واشنطن. ومع ذلك فهم لا يشكلون سوى 1/2% من سكان الولايات المتحدة.
ووفقًا لتقرير معهد ابحاث الهجرة أيضًا – نقلًا عن بيانات رسمية – فإن أغلبية المهاجرين تأتي من خمسة بلدان، هي: نيجيريا، وغانا، وكينيا، وإثيوبيا، وجنوب أفريقيا. وأفاد مركز أبحاث «بيو» أن جنوب الولايات المتحدة أو شمال شرق البلاد يضم الكثيرين منهم، وأن أكبر أعدادهم – 100 ألف على الأقل – تعيش في تكساس ونيويورك وكاليفورنيا وماريلاند ونيوجيرسي وماساتشوستس وفرجينيا. كما نُقل بعضهم إلى – أو أعيد توطينهم في – ولايات مثل مينيسوتا وجنوب داكوتا.
كان الغرض من قانون اللاجئين الذي صدر عام 1980 تسهيل وصول الفارين من مناطق الحرب إلى الولايات المتحدة – تشير سيمونز – ويوجد اليوم عشرات الآلاف من اللاجئين من الصومال والسودان والكونغو. وحوالي 22% من المهاجرين الأفارقة لاجئون.
لديهم مهارات عالية
وفي الوقت نفسه، فتح برنامج تأشيرة التنوع الباب أمام المهاجرين من دول أكثر استقرارًا. وكان حوالي 17% من بين المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى قد جاءوا عبر البرنامج، مقارنة مع 5% من إجمالي المهاجرين الأمريكيين، وفقًا لباتالوفا.
يشترط البرنامج أن يحمل المتقدم ما يعادل التعليم في المدرسة الثانوية في الولايات المتحدة أو يكون لديه سنتان على الأقل من الخبرة في أي عدد من المهن، بما في ذلك: محاسب، أخصائي دعم الكمبيوتر، وطبيب الأسنان. ونتيجة لذلك – تؤكد سيمونز – فإن التدفق يشمل العديد من المهاجرين من أفريقيا الذين هم من المهنيين ذوي المهارات العالية.
تؤكد باتالوفا أن 41% منهم يحملون درجة البكالوريوس، مقارنة مع 30% من جميع المهاجرين، و32% من السكان المولودين في الولايات المتحدة. ومن بين 19 ألف مهاجر من النرويج – بلد قال ترامب إنه مصدر جيد للمهاجرين – 38% منهم يحملون درجة البكالوريوس.
وأشار التقرير إلى أن واحد من ثلاثة منهم يركزون على العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ لأنها أكثر التخصصات طلبًا من قبل أرباب العمل اليوم.
ووجد هذا التقرير أيضًا أن الكثير من المهاجرين الأفارقة حاصلين على شهادات الدراسات العليا؛ إذ حصل حوالي 16% على درجة الماجستير في الطب أو القانون أو درجة الدكتوراه، مقارنة مع 11% من المولودين في الولايات المتحدة.
يستحوذون على قطاع الصحة
وتوضح سيمونز أن المهاجرين الأفارقة أكثر من نظرائهم الأمريكيين بشكل عام للعمل في مجال الرعاية الصحية. فهناك أكثر من 32500 ممرضة أو طبيبًا نفسيًا أو مساعد صحة منزلية، وأكثر من 46 ألف ممرضة مسجلة وأكثر من 15700 طبيبًا وجراحًا.
يضيف التقرير: «تظهر الأدلة أن المهاجرين الأفارقة يسهمون إسهامًا اقتصاديًا جوهريًا في الاقتصاد الأمريكي؛ فهم يساهمون أكثر من 10 مليار دولار في الضرائب الاتحادية و4.7 مليار دولار في الضرائب الحكومية والمحلية، والأهم من ذلك تتجاوز قوتهم الشرائية 40 مليار دولار». يشمل هذا المبلغ السكن والنقل والسلع الاستهلاكية والتعليم لأطفالهم.
وقالت باتالوفا: "إنهم يسهمون في الاقتصاد الأمريكي من خلال إعادة تنشيط المجتمعات المحلية، وبدء الأعمال التجارية ومن خلال العمل في مجموعة متنوعة من المجالات المهنية".
وتؤكد سيمونز أن اللاجئين أصحاب التعليم المتوسط غالبًا ما يشغلون وظائف تتطلب مهارات أقل في مجال الرعاية الصحية، مثل مساعدي الصحة المنزلية، وفقًا للتقرير. "لقد قدموا مساهمات كبيرة في المجتمعات التي انتقلوا إليها".
وأشار تقرير صدر العام الماضي من قبل الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب أن المهاجرين بشكل عام لم يكن لهم تأثير سلبي على الأجور أو مستويات العمالة في الولايات المتحدة، وأن المهاجرين ذوي المهارات العالية في مجالات، مثل التكنولوجيا والعلوم، كان لهم تأثير إيجابي على القوى العاملة في الولايات المتحدة.
ومع ذلك – تختتم سيمونز بالقول – يؤيد أنصار سياسة الهجرة الأكثر صرامة دعوات إدارة ترامب لإنهاء منح التأشيرات وكذلك البرامج التي تسمح لبعض المهاجرين برعاية أفراد الأسرة للاستقرار في الولايات المتحدة، ويعتقدون أن نظام اختيار المهاجرين على أساس المهارات الفردية يجب أن يحل محل النظام الحالي.
اضف تعليق