الحرب الكلامية الدائرة بين كوريا الشمالية وامريكا، وتحديدا بين كيم جونغ اون ودونالد ترامب، تتواصل رغم بروز مشكلات دولية قد تبدو اهم منها، اذ زاد التبارز المتواصل من شعبية الزعيمين، وجعلتهما في المراتب الاولى لسلم اولويات وسائل الاعلام والتندر في مواقع التواصل الاجتماعي.
كيم جونغ اون زعيم كوريا الشمالية هدد مؤخرا خصمه الامريكي دونالد ترامب بالنووي، وهذه المرة لم يتحدث عن تجربة جديدة، انما اكد بان زر اطلاق الصواريخ النووية موجود في مكتبه، وهو قادر على تحقيق نصر ساحق على امريكا. هذا التصريح تطلب ردا ولان الرئيس الامريكي انفعالي ويستفز بسرعه رد على كيم وبنبرة فيها من الايحاء الكثير، يؤكد فيها بانه يملك زرا اكبر من ذلك الذي يمتلكه خصمه الكوري، وما بين التصريحات المتبادلة تبقى الازمة الكورية طاغية على الخطاب الامريكي باعتباره احد اكبر مراكز التهديد لمصالحها الاستراتيجية.
الا ان بعض الخبراء يتساءلون هل فعلا تمثل كوريا تهديدا؟ ومن اين عرف الامريكان طبيعة هذه الدولة وحجم قوتها واهدافها المستقبلية اذا ما سلمنا بانها تعد اكبر نظام دكتاتوري مهووس بالامن وعدم فتح اي تغرة لاعدائه، حتى انه قام بتغيير جميع ارقام الهواتف لانه اكتشف ان قاعده بيانات هذه الارقام قد سربت للخارج. وهو فعل لم يقوم به حتى صدام حسين الذي اسقطته امريكا والقذافي وحركة طالبان.
هذا الاسبوع أقرت الهيئات الأمنية الأمريكية المختصة بأنها أخطأت في تقدير قدرات كوريا الشمالية في تطوير برامجها الصاروخية والنووية خلال الأشهر الأخيرة. اذ نقلت صحيفة New York Times عن مصادر في الحكومة والهيئات الأمنية الأمريكية قولها أن الاستخبارات الأمريكية قامت مع بداية رئاسة دونالد ترامب بإبلاغه بأن بيونغ يانغ تحتاج لفترة تمتد إلى 4 سنوات لكي تتمكن من إنتاج صواريخ قادرة على الوصول إلى الأراضي اليابسة للولايات المتحدة، وهو ما سيفسح المجال، لإبطاء أو تعطيل تطوير هذه الأسلحة.
ولكن بعض المحللين استنتجوا أن كوريا الشمالية تمكنت لأول مرة في سبتمبر الماضي من تنفيذ اختبار ناجح لقنبلة هيدروجينية تفوق قوتها، وفقا لتقديراتهم، قوة قنبلة هيروشيما بـ15 مرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن كوريا الشمالية استعرضت كذلك تكنولوجيتها الصاروخية والقدرة على الوصول إلى جزيرة غوام الأمريكية ومن ثم إلى الساحل الغربي الأمريكي وبعد ذلك إلى واشنطن.
الا ان معلومات الاستخبارات الامريكية لا يمكن ان تكون مصدا موثوقا حتى ولو تعلق الامر بالامن العالمي، فتاريخها مليء بالاخطاء الفادحة التي اوقعت امريكا في احراجات شديدة امام المجتمع الدولي، فواشنطن هي التي اعترفت بانها قامت بالحرب على العراق بناء على معلومات استخباراتية مغلوطة، وادت في النهاية الى تاثيرات عالمية واسعة منها ما انعكس مباشرة على حليفتها الاوثق بريطانيا، ووفق جميع معطيات ما بعد غزو العراق تبين ان معلومات الاستخبارات الامريكية هي مجموعة اوهام.
في الحرب على داعش قالت الاستخبارات واجهزة الامن الامريكية ان هناك اكثر من ٤٠ الف داعشي في العراق وسوريا والكلام في عام ٢٠١٤، وما بين زيادة ونقصان اكدوا مؤخرا ان ما تبقى من داعش هو الف شخص فقط، دون الكشف عن مصير الباقين هل قتلوا مو تبخروا في الهواء ليكونوا كائنات فضائية تضرب المصالح الامريكية في اقصى نهاية مجرة درب التبانة.
معلومات الجهات الامنية الامريكية والاستخبارات بالتحديد هي مجموعة اكاذيب تستخدم من اجل غزو هذا البلد او ذاك، وهم يحددون الحجم والمقاسات حسب الطلب، وفي هذا الكشف الجديد الذي تحدثت عنه "نيويورك تايمز"، ربما هم يريدون تحشيد العالم ضد كوريا الشمالية باعتبارها خطرا علمية، وعللت الصحيفة عدم قدرة الاستخبارات الأمريكية على التنبؤ بنجاحات بيونغ يانغ، بان له عدة أسباب من بينها التصور بأن كوريا الشمالية ستحتاج لوقت طويل حتى تتمكن من إنتاج السلاح النووي تماما كان حدث مع دول أخرى في فترة الحرب الباردة. لكن هذه ليست الحقيقة.
لم يتوقف دونالد ترامب عن الهجوم على كوريا الشمالية وصب جام غضبه وتعليقاته "غير المؤدبة"، على زعيمها الشاب، فمن خلال هذه الطريقة يحصل على "علكة"، تحول انتباه شعبه الذي بات لا يثق به، فهو من اقل زعماء بلاده شعبية على مر التاريخ، ومن جهة اخرى يمكن ان تشرعن هذه التصريحات لحرب جديدة ضد كوريا او على اقل تمديد الابقاء على نظام العقوبات الاقتصادية الظالمة ضد الشعب الكوري الذي يحاكم بجريمة زعيمه، وهي نفس الطريقة التي تم التعامل بها مع العراق سابقا.
اضف تعليق