أعتقد أن الوقت قد حان لتفتح بغداد يديها الحنونتين الطيبتين النديتين العذبتين الكريمتين، لتستقبل أولادها المقيمون في الغربة، فقد أكل الشوق قلوبهم، وآلم قلوبنا الحنين إلى رؤيتهم وسماعهم، فالمسامح كريم، وبغداد أم الكرم وسيدة السماح، وهي التي لم تفرط بالغرباء واحتضنت البعداء!.
أعتقد أن بغداد يجب أن تفتح صفحة جديدة بيضاء خالية من الحك والشطب، وبلا حدود أو قيود أو شروط، فتنسى ما مضى، وتبدأ بتقييم المواقف منذ اللحظة التي انتصرنا بها على داعش وعلى الطائفية وتمكنا من الحفاظ على وحدة البلاد، فما حدث بالأمس، ذهب مع الأمس بحلوه ومره، وكان ثمنه باهظا!.
اعتقد أننا خسرنا الكثير من الرموز التي كنا نحبها، والتي تمثل خسارتها الشيء الكثير لنا، لمجرد أن لها موقفا مع النظام البائد، دفعتها إليه الحاجة أو الخوف أو المماهاة، بدل أن نمجدها ونحتفل بوجودها بيننا ونكرمها ونتحدث عن عطائها وتاريخها ونتاجها، ومرشحون لخسارة رموز كثيرة وكبيرة أخرى لها في قلوبنا مكانة كبيرة، لن يمحها التقادم أبدا!..
أعتقد ان دمعة العراقي المقيم في الغربة، والمشتاق إلى رؤية العراق وأهل العراق وشوارع العراق وأسواق العراق وأنهار العراق وحال العراق؛ لا تقل كرما عن نهري دجلة والفرات، لأنها لو لم تخرج من قلب طيب خال من الغل، ما كانت لتترك في قلوبنا أثرا رغم بعد المسافات!..
اعتقد اننا لن نشعر بطعم النصر، إلا إذا ما عادوا إلينا وشاركونا الفرح، وها نحن نقف على أعتاب عام جديد وعهد جديد، فلنتخذ ذلك مطية، ونسافر على ظهرها لنرجوهم ونتوسل بهم أن يعودوا إلى بغداد، فقد اشتاقت جذورهم إلى زلال مائها وعذب هوائها وبسمة وجوه أهلها وطيبة سكانها.
أعتقد أننا إذا لم نبادر من الآن وفورا في إعادة ترتيب أولياتنا ومن ضمنها الترحيب بالمغتربين؛ الذين لم تتلوث أيديهم بدماء الأبرياء، سوف نخسر فرصة ثمينة، تترك ثيمة ظاهرة في تاريخنا الحديث، تمثل ثغره ستبقى منبعا للكراهية والبغضاء، فثمة قلوب هناك تهفو إلى بغداد، وثمة عيون هنا تترقب عودتهم، وثمة بغداد ترغب أن يشترك الجميع بفرحها.
اضف تعليق