قبل أكثر من سنة وعندما استشعرت بعض الكتل والأحزاب السياسية التي شاركت في ادارة دفة الحكم في البلاد بتحول في رأي الشارع وتوجهاته قليلاً صوب المدنية، سارعت أو سارع أصحابها الى تغيير بعض توجهاتهم، وفتحوا الأبواب الى أهل الرؤى المدنية لمشاركتهم المسيرة السياسية الدينية التي اعتمدوها منهجاً في الإدارة.
وهذا فتح للأبواب في واقع الحال ليس سيئاً أو عيباً، بل وضرورياً لديمومة الحياة والاستعداد للتعامل مع التغير الجاري إذا ما كانت النوايا صادقة والسبل جدية بالفعل، وبعكسه إذا لم تكن صادقة أو جدية ستكون المسألة برمتها توجه لاحتواء توجهات الشارع التي تنحو الى المدنية. وهو بالفعل كذلك كان غير جاد إذ تدلل المخرجات انه مجرد خلع عباءات كانت تتوافق مع مرحلة ولبس أخرى تتوافق مع مرحلة جديدة دون تغيير الجوهر وهو نهج التفكير مدنياً لإدارة شؤون البلاد.
واليوم وبعد أن انتصرت الدولة على الارهاب وتمكنت الحكومة وقواتها المسلحة من قيادة وتحقيق هذا النصر على عدو ارهابي مارق، تململ الشعب قليلاً واتجه الناس الى مناقشة أوضاعهم وتمنياتهم لما بعد النصر، وجلها بطبيعة الحال حصول الاستقرار الأمني والرفاه الاقتصادي.
امنيات وغيرها أخرى تمهد الى العيش في مجتمع أفضل لا يمكن أن تتحقق أو يتحقق جزء بسيط منها بوجود القوى المسلحة غير الرسمية تجوب الشوارع، والمليشيات تضغط على الناس في الشارع، وامراء حرب يحاولون تحريك الشارع، وعلى هذا نرى حملة تحصل في الوقت الراهن لفتح أبواب وتغيير عباءات أو أزياء مثل التي حدثت في العام الماضي عندما كان الشارع يتظاهر.
إذ أننا اليوم وقريبا من استحقاق الانتخاب، نرى أصحاب قوى مسلحة ومليشيات منضبطة وغير منضبطة يدعون الى حصر السلاح بيد الدولة، ودمج الجهد العسكري لها بجهد الدولة وهذا شيء عظيم، لكنه سوف لن يكون مفيداً اذا لم يقترن بتغير نهج تفكير وسلوك أولئك القادة والمؤثرين، ليكون سلمياً، وتكون أدبيات مجاميعهم وطنية عراقية، وتفكيرهم تفكير الدولة وليس المليشيا، وتصرفهم مع الواقع الذي يعيشونه تصرف مواطنة، النظرة فيها الى الجميع نظرة عراقي له كل الحقوق وعليه واجبات ان كان سنيا أو شيعيا عربيا أم كرديا أم تركمانيا أم غير، والا ستكون هذه التوجهات مجرد تغيير بزة حرب ولبس أخرى غيرها تلائم ما بعد الحرب.
وللعراق تجربة أو تجارب قديمة نأمل الاستفادة منها اذ أن حزب البعث سبقهم الى مفهوم تغيير البزة أو العباءة وفشل يوم تبني في تسعينات القرن الماضي حملة ايمانية وهو الحزب العلماني، فكانت النتيجة ضياعاً للعلمانية وخراباً لنهج الدين. وعلى هذا نسأل:
هل يتعظ الساسة والمجتمع ويتجهوا الى الفعل بنوايا صادقة وليس مجرد تغيير عباءات موسمية.
اضف تعليق