بعد سنتين من الاعلان عن تاسيسه عقد وزراء "التحالف الاسلامي العسكري ضد الارهاب" اول اجتماع لهم في العاصمة السعودية الرياض بمشاركة ممثلي اكثر من 40 دولة، واكدوا على أهمية تأمين ما يلزم من قدرات عسكرية تضمن إضعاف التنظيمات الإرهابية وتفكيكها وفق "إمكانات ورغبة" كل دولة في المشاركة.
البيان الختامي لأول اجتماع لوزراء دفاع التحالف، والذي عُقد بالعاصمة السعودية الرياض، الأحد، وتلاه الفريق عبد الإله بن عثمان الصالح، الأمين العام المكلف للتحالف، خلال مؤتمر صحفي، أكد فيه الوزراء، عزمهم وعزم دولهم على "تنسيق الجهود وتوحيدها لدرء مخاطر الإرهاب، والوقوف ضده". وشددوا على "أهمية الجهد المشترك والعمل الجماعي المنظم والتخطيط الاستراتيجي الشامل للتعامل مع خطر الإرهاب ووضع حد لمن يسعى إلى تأجيج الصراعات والطائفية ونشر الفوضى والقلاقل داخل دولهم".
وبحسب بيان التحالف هناك اربع مجالات لمحاربة الارهاب، فعلى صعيد محاربة الإرهاب عسكرياً، شدد وزراء الدفاع على "أهمية تأمين دول التحالف ما يلزم من قدرات عسكرية تضمن إضعاف التنظيمات الإرهابية وتفكيكها والقضاء عليها، وعدم إعطائها الفرصة لإعادة تنظيم صفوفها، وتكون مشاركة دول التحالف وفق الإمكانيات المتاحة لكل دولة، وبحسب رغبتها في المشاركة بأي عملية عسكرية في إطار عمل التحالف".
واتفق المجتعمون على "أهمية دور مركز التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في تنسيق الجهود العسكرية، وتكاملها وتبادل المعلومات والاستخبارات وعقد الدورات التدريبية والتمارين المشتركة اللازمة".
المؤتمر ياتي في وقت تشهد المنطقة تعقيدا كبيرا وازمات تتراكم دون حلول تذكر من قبل المؤسسات متعددة الاطراف التي اسسها العرب، فالسعودية التي ترعى هذا التحالف وهي امه وابيه، هي عضو ايضا في مجلس التعاون الخليجي الذي اسس من اجل حل الخلافات بين دوله الست، وكانت الازمة الخليجية هي النقطة المفصلية لاختبار قوة وقدرة هذا المجلس على تحويل ما كتب على الورق وما القي من خطب سياسية الى واقع ملموس تتجنب على اثره الدول والشعوب ويلات الازمات والحروب.
الانظمة الديكتاتورية والدول القائمة على حكم الفرد الواحد تحاول دائما التاكيد على وجود نوع من الاجماع على مختلف المستويات، سواء على مستوى المجتمع المحلي من خلال اطلاق المبادرات الداخلية والتسويق لها على انها حلم المجتمع، او على المستوى الدولي من خلال انشاء تحالفات تبين سطوتها وقدرتها على حشد الاخرين.
الجامعة العربية هي الاخرى تمثل نموذجا لتحالفات الدول العربية ومؤسساتها متعددة الاطراف، والتي انشات وقيل انها ستسهم في حل الخلافات بالطرق السلمية لكن تطبيقاتها كانت تعبر عن مؤسسة وجدت لاصدار قرارات ادت في اغلب الاحيان الى خلق حالة من عدم الاستقرار بسبب انحيازها لمصلحة دول على اخرى، وعلى سبيل التذكير نسترجع قراراتها ضد حزب الله في السنوات السابقة وقرارها الاخير ضد الحزب ايضا، كما انها اتخذت موقفا سلبيا تجاه كل من العراق وسوريا في وقت كانا باشد الحاجة للحلول السياسية والسلمية.
في العراق اتخذت الجامعة العربية موقفا منحازا ضد الحكومة العراقية منذ عام 2003 وحتى وقت قريب وادت في النهاية الى ويلات وازمات عصفت بالعراق، اما في سوريا فقد جردت دمشق من عضويتها دعما للجماعات المسحلة الموالية لقطر والسعودية، هكذا كان سجل الجامعة العربية في حل النزاعات سلميا.
ويثار التساؤل هنا، اذا كانت مؤسسة انشأت لحل النزاعات سلميا قد فعلت ما فعلت من حروب وازمات فكيف الحال مع انشاء تحالف كبير عنوانه وهدفه الحرب في الاساس؟ هل يمكن الحديث عن سلام مستقبلي في المنطقة؟ وهل يمكن للسلام ان يعم المنطقة في وقت اعلنت فيه امريكا استراتيجية كبرى وبالتعاون مع السعودية لمحاربة المحور الايراني.
اقامة التحالفات هي مقدمات للحروب، والعناوين الرنانة هي المتاريس التي تختبئ خلفها الدول والحكومات الديكتاتورية والديمقراطية، من اجل تحقيق اهدافها بغض النظر عن كونها مشروعة ام لا، والحربين العالميتين لم تطلق رصاصاتهما الاولى قبل ان يسبقها تحالفات شدت اوتار الاطراف المتحاربة حتى بانت النهاية بمقتل ملايين البشر وانهيار امبراطوريات بكاملها.
المنطقة العربية يبدو انها ذاهبة للحرب لا محال، فالسعودية بتحالفها الاسلامي الذي يتبلور يوما بعد اخر تريد اعادة توزيع اوراق المنطقة، وفي الطرف الاخر ايران وتحالفها المعنون عرفا "محور المقاومة" تريد تثبيت مكاسبها على حساب عدوها السعودي، والتحالف الاسلامي لمحاربة الارهاب قد يشعل حروبا لا يستطيع احد ايقاف لهيبها والمثير للرعب هو التموضع غير المسبوق لاطراف الصراع وتجاوز كافة الخطوط الحمر سواء من جانب الحلف السعودي او الايراني.
اضف تعليق