وسط اجواء سادها احتفال المنتصرين، التقى الرئيس الروسي فلادمير بوتين ونظيرين الايراني حسن روحاني والتركي رجب طيب اردوغان، لاجراء مباحثات حول ما اطلق عليه "السلام في سوريا"، ايذانا بكتابة فصول ما بعد الحرب.
الكلمات التي القيت كانت تعبر عن نهاية حقيقية للصراع المستمر منذ سبع سنوات، اذ غاب الحديث عن "الحل السياسي"، وتم التركيز على عملية "السلام في سوريا"، ما يعني ان المعارضة والدول الداعمة لها لم يبقى لها اي مجال للمناورة بين حل سياسي او عسكري، الذي كان يكرره وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، انما الحل اصبح في الماضي وحسم امره، وتبقى الابواب مفتوحة لمن يقبل بالمعادلات الجديدة التي ترفع شعار السلام فقط ولا شيء غيره.
البيان الختامي لقمة سوتشي اطلق التاكيدات الثلاثة:
تاكيده بشدة على سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها.
التأكيد على أن أي مبادرة سياسية لحل "النزاع السوري" لن تخل بأي شكل بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها.
التاكيد على توجيه دعوة "لممثلي الحكومة السورية والمعارضة الملتزمة بوحدة البلاد" للمشاركة البناءة في مؤتمر الحوار الوطني السوري.
هذه التاكيدات الجوهرية صيغت بطريقة تحفظ مصالح الدول الثلاث المجتمعة "روسيا، وايران، وتركيا"، فايران ترى في سوريا ساحة نفوذ قاتلت من اجلها سبع سنوات واي تقسيم لاراضيها يعني قطع شريان الامدادات منها عبر العراق وسوريا الى لبنان حيث ساحتها الاكبر ضد اسرائيل من بوابة حزب الله ذو القدات العسكرية الهائلة.
وليس هذا فحسب انما تريد طهران الانطلاق نحو بلدان اخرى تحت مظلة محاربة الارهاب، وقد ابدى الرئيس روحاني استعداد طهران لمساعدة دول أخرى في محاربة الإرهاب، مشددا على أن جميع الجهود الإيرانية تستند إلى مبادئ القانون الدولي ودعم الاستقرار في المنطقة.
اما روسيا فهي ترغب بازاحة القواعد الامريكية التي قيل ان عددها وصل الى ١٢ قاعدة وهو رقم كبير بالمنطق العسكري، ومن ثم فان الحفاظ على وحدة الاراضي السورية وبقاء الرئيس بشار الاسد يفهم منه طرد القوات الامريكية اتفاقا. كما ان بقاء هذه القوات يسبب لروسيا الكثير من المتاعب حيث من المتوقع ان لا تقف ايران والفصائل التابعة لها مكتوفة الايدي امامها وهي تعتبرها العدو الاول.
بوتين يريد سوريا خالية من اي نفوذ امريكي لتتاح له الفرصة بتطبيق برامجه الاقتصادية وحتى التغيير الاجتماعي، اذ عبر الرئيس الروسي عن قناعته بأن نجاح الإصلاحات المقبلة في سوريا يتوقف إلى حد كبير على حل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وإعادة إعمار الصناعة والزراعة والبنى التحتية ونظام الصحة والتعليم، مشيرا أيضا إلى الأهمية البالغة للمسائل الإنسانية، بما في ذلك مساعدة المدنيين وتمشيط المناطق المحررة من الألغام وإعادة النازحين إلى منازلهم.
ويبقى مثلث الانتصار هذا قلقا بعض الشيء الى حين تطمأن تركيا للوضع الجديد او تبدي قناعتها اكثر، فالاتراك يخشون اختلال التقسيم الاداري في سوريا بما يعطي مزيدا من الصلاحيات للاكراد الذين يستظلون بالولايات المتحدة الامريكية، بل انها تخشى من تقسيم البلاد ما يعني انشاء دولة كردية في شمال سوريا، وهو كابوس لا يريد اردوغان ان يسمع به مطلقا.
ايضا لا يبدو النجاح المتحقق على الساحة السورية كافيا ليقنع اردوغان اذ قال الرئيس التركي خلال وجوده في سوتشي ان النجاح الذي أحرز في مفاوضات أستانا ملموس ولديه تأثير إيجابي على المنطقة، لكنه لا يكفي".."النتائج المحرزة ملحوظة لكننا لا نعتبرها كافية، ونعتقد أنه يجب على جميع الأطراف المعنية الإسهام في تطبيق التسوية السياسية المستدامة المقبولة بالنسبة للشعب السوري.
التاريخ يكتبه المنتصر، والنصر لا يتحقق الا بجهود حثيثة وخطط واضحة المعالم، والرؤية طويلة الامد اساس العمل في السياسة الدولية والحل النهائي غير موجود في قاموس ادارة الازمات المعقدة، انما ادارة الازمة وتوجيه دفة الامور بالاتجاه الذي يضمن مصالحها هو ما يجلب لمن يمارس هذه العملية نجاحات متواصلة.
اضف تعليق