أصدر سماحة المرجع السيد صادق الشيرازي بيانا مهمّاً عشية حلول ذكرى زيارة الأربعين، نستعرض فقراته في هذه الكلمة، نظرا للأهمية القصوى لهذا البيان الذي يتعلق بمصير البشرية جمعاء، وكثيرة هي المرتكزات المهمة لهذا البيان الذي ابتدأَ بتوصيف فريد المنحى وجليل المعنى، حينما يصف سماحة المرجع الشيرازي الإمام الحسين بأنه (الحبل الإلهي بين الله وبين خلقه).
وما أعظمها من مكانة، وما أندره من موقع يتبوَّأهُ سيد الشهداء (ع) من بين الأنام طرّا، فالحسين هو الرابط الأعظم بين خالق الكون وما فيه وبين العالمين جميعا، فما أعظمها من وظيفة، وما أرقاها من مهمّة، وما أعمقهُ وأدقّهُ من توصيف يطلقه راعي الطقوس الحسينية المقدسة، سماحة السيد المرجع صادق الشيرازي وفقه الله وحفظه وأدامه خيمةً للمسلمين، يقول سماحته:
إن (الإمام الحسين عليه السلام هو الحبل الإلهي بين الله وبين خلقه، ورمز توحيد الصّفوف، للمؤمنين والمؤمنات).
فمع هذه الحشود المليونية التي وسعتْها كربلاء المقدسة ولم تضق بها، كان الحبل الحسيني يمتد من الأرض الى أعالي السماء، رابطا بين الخالق وخلقه، مع توافر صيغة التوحيد بأرقى السبل الإنسانية، فالحسين (ع) هو رمز عظيم لتوحيد المسلمين، في عالم ينصهر من الأعماق ويتصدع في مركزه وجهاته الأربع، بسبب طيش واستهتار القادة الذين يحكمون عالم اليوم.
وثمة وظيفة أخرى يشير المرجع الشيرازي بقوة إليها، فعلى كل معني أن يشمّر عن ساعديه، ويفعّل ذهنه، ويقدح عقله قدحا، كي يتعلّم ويعلِّم السيرة الحسينية الفريدة، فالهدف أن تبلغ هذه السيرة أصقاع العالم وتصل منتهاه وزواياه كلها، حتى يكون العقل العالمي بكل تنوّعاته وتضادّه وتناقضاته، جامعاً للفكر الحسيني، فالعالم كله يجب أن لا يُحرَم من مصابيح هذا الفكر.
مما جاء في البيان المتوهّج للسيد صادق الشيرازي: (ينبغي للجميع، كلّ بمقدار وسعه، التصدّي لتعلّم وتعليم سيرة الإمام الحسين عليه السلام ومسيرته الوضّاءة).
ولا ينسى سماحة المرجع أن يرسل الشكر الى من يستحقه من الملأ الذي غصت به رحاب كربلاء المقدسة، فمنهم من يتأهّب بالنيّة الصادقة، فيُخرج من كينونته الطاقات الكبرى، ومن كلا الجنسين، رجل وامرأة، أولئك الذين لامسوا بأصابع أيديهم ضوء الضريح الحسيني، وأمسكوا بشبّاك الرحمة، وتضرّعوا لله بشفاعة أبي الأحرار، أن يتقبّل زيارتهم، وأن يرضى عنهم.
جاء هذا في بيان سماحة المرجع الشيرازي: (أخصّ بالشكر كل الذين عزموا النيّات الصادقة، وبذلوا الطاقات الهائلة من الرجال والنساء، ووفّقوا للحضور عند المقام السامي والرفيع للإمام الحسين عليه السلام، وزاروا عن قرب المرقد الطاهر والحرم الشريف).
ولعله في المقدمة من هذه الملحمة، أولئك المفكرون المرشدون، الذين تطوّعوا لتقديم الرشد للزائرين، وتوثيق العلم، وتنوير الرؤوس والصدور الممتلئة بالشوق، وإضاءة السرائر، وملء العيون بالصور والمشاهد التي لا توجد في العالم كله، فالزائر يتلقى هنا في أرض البهاء الحسيني، أنوار الرشد وروائع الفكر، من خطباء ومعلمين ومفكرين، حتى تصبح عقيدته أنصع من البياض، وكيف لا والزائر ينهل فكره من كنوز أئمة أهل البيت (ع)؟.
فيثني سماحة المرجع الشيرازي ويقول: أخص بالشكر (الذين تصدّوا لتوجيه وإرشاد الزوّار الكرام في أمور عقائدهم وأحكامهم الشرعية وآدابهم الدينية، وذكر فضائل ومآثر أهل البيت عليهم السلام)ـ
ولدينا المرأة، هذا الكائن الذي منّ الله عليه بالعاطفة الرقيقة، والهدوء، والصبر، والأصالة الفذة التي لا ينالها إلا من يستأهلها ويكون جدا بها، ومن أكثر من المرأة جدارة بهذا الاستحقاق؟؟، فالعفةُ حاضرة، والحجاب الإسلامي علامة فارقة، وذلك البهاء والوقار الباهر، هذه كلها صفات وعلامات لا يحصل عليها إلا ذو حظ عظيم، ومَنْ أحقّ من المرأة الحسينية أكثر حظوة بشفاعة الحسين (ع)، إنها الزائرة مكتملة الصفات، فترتقي قمة القبول وتشعّ نورا أخّاذا يسطع في ربوع الصبر والزهو والحزن والأمل الحسيني الأبدي.
فيستدرك السيد صادق الشيرازي لنقرأ في بيانه بمناسبة أربعينية الحسين (ع):(لا يفوتني هنا التنويه والإشارة بالأصالة الفذّة والمتفرّدة للملايين من النساء المؤمنات اللاتي اشتركن في هذه المسيرة العظيمة بالحجاب الإسلامي الشريف، والعفاف الديني، والحشمة والوقار).
والإعلام وما أدراك ما الإعلام، وما الذي قدمه في هذه المناسبة الجليلة؟؟، فلقد استنفرت الفضائيات وجميع الوسائل الإعلامية طواقمها وقدراتها الإلكترونية والبشرية، لتصبح مرايا صادقة وكبيرة، تعرض على الملأ العالمي ما يحدث من جلال وهيبة في أرض كربلاء المقدسة، وكيف واصلت خلايا العمل الإعلامي من تصوير ولقاءات وحوارات ورصد للقطات باهرة، في المخيمات والمواكب والمجالس الحسينية التي لم تتوقف ولو للحظة طوال أيام الزيارة الأربعينية، فقامت بالفعل الإعلامي البطولي، ليس في ما يخص الزمن وإنما في نوع ما يُعرَض ويتم توصيله الى العالم.
إنه فعل جبار يصفه سماحة المرجع الشيرازي بهذه الكلمات: أخص بالشكر (الفضائيات وجميع وسائل الإعلام التي أذاعت وبثّت ونقلت من العراق المظلوم، الصور الرائعة والمثيرة والمؤثّرة غاية التأثير على العواطف والعقول، إلى العالم بكل دقّة وأمانة، في ظل التغافل والتجاهل والتهاون المقيتة واللاإنسانية من ألوف المؤسسات الإعلامية والفضائيات).
وأخير يبهرنا السيد صادق الشيرازي، بأمنيته الكبيرة، وهي أمنية كل مؤمن طاهر القلب، نظيف السجايا، وصادق النيّة، فيتوجّه سماحته الى الله تعالى مبتهلا إليه، ومتشفِّعاً بالإمام الحجة (عج) وعترة النبيّ الكريم أجمعين، أن ينقذ العراق المظلوم وبلدان المسلمين والبشرية جمعاء، من سوء إدارة كبار قادة العالم، وملئهِ بالفتن والتناحر والمظالم التي تبلغ سقف الملايين، وهي من صنع أيديهم بسبب انعدام الحكمة لدى هؤلاء القادة والحصافة والتوازن الإنساني.
فيقول سماحته في هذا البيان المائز: (أتضرّع وأبتهل إلى الله عزّ وجلّ، بمحمّد وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين خصوصاً بمولانا الحجّة المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف)، أن يُنقذ العراق المظلوم وسائر بلاد الإسلام وكل بلاد العالم، من المظالم المليونية المعاصرة، التي تتوالى نتيجة التهوّر والطيش وانعدام الحكمة والحصافة والرصانة وسوء إدارة (العالم) من قبل القادة الكبار، والله هو المستعان).
اضف تعليق