واجه الليبراليون الامريكيون والديمقراطيون الاجتماعيون الاوربيون مهمة شاقة في البحث عن طريقة لصنع قرار جماعي من أجل حل المشاكل الاجتماعية باسلوب عقلاني. لكن ما هو مرغوب كان عكس ذلك تماما: كلما كانت القرارات الجماعية التي يتخذها الأفراد قليلة كلما كان ذلك هو الأفضل. ان الصيغة المعاصرة لهذه العقلانية اللامحدودة، التي لاتخشى من تحويل كل شيء الى سياسات تحت شعار الجماهيرية المدنية تسمى "نظرية الخيار الاجتماعي"(1)، التي ترتبط بكل من كينيث ارو Kenneth Arrow وامارتيا سين Amartya Sen الحائز كل منهما على جائزة نوبل. سنتوصل في هذا المقال الى ان "الخيار الاجتماعي" هو في افضل حالاته غير مثمر، وهو خطير في اسوأ الأحوال.
اقتصاد الرفاهية القديم
لـ "الخيار الاجتماعي" جذوره في الفلسفة النفعية وفي اقتصاد الرفاهية. جرمي بنثام وجيمس مل وجون ستيوارت مل حاولوا تعريف الرفاهية العامة كمجموع للمتعة الخالصة او المنفعة الفردية في المجتمع وذلك وفق اثنين من الافتراضات: ان كل فرد يُحسب كشخص واحد، وانه من الممكن مقارنة منفعة فرد واحد مع منفعة اي فرد آخر. ان اصرار جون ستيوارت مل (1861) بوجود متع عالية ومتع متدنية بقوله "ان سقراط غير راض هو افضل من خنزير راض"(2) – كان خطوة في الاتجاه بعيدا عن مقارنة بانثام الاجتماعية وهو ما قاد مل للاستنتاج ضمناً بان الناس مختلفون جدا لدرجة يصعب اضافتهم الى بعضهم. وعلى الرغم من شكوك مل، لكنه هو ذاته والاقتصاديون اللاحقون اصرّوا في بحثهم عن طرق لتجميع المنافع لصياغة الناس علميا. لذا هم بحثوا عن معيار جديد للرفاهية العامة يتجنب المقارنات الاجتماعية التي وجد مل من الصعب جدا قبولها او اعتبارها عادية.
وهكذا، في نهاية القرن التاسع عشر اقترح باريتو(3) معيارا للرفاهية لا يحتاج فيه كل فرد لحساب منفعته الذاتية ويسمح لـ "سلطة خارجية "لمقارنة وتجميع منافع الافراد المقاسة. معيار باريتو كان مرتكزا على تصنيف الافراد لأفضلياتهم بشكل ترتيبي، وهذه المواقف الاجتماعية المقبولة بلا معارضة يمكن النظر اليها باعتبارها مرتكزة على احكام قيمية مقبولة من الجميع. ان الإجماع الذي عرضه باريتو كان في ادنى حد وهو يصلح مهما كان عدد غير المصوتين. تحسّن باريتو يحدث عندما فرد واحد على الاقل يصبح في موقف افضل دون حدوث اي ظروف سيئة للآخرين. وعليه، فان معيار باريتو هو غير تام. انه لا يحاول تنظيم جميع المواقف الاجتماعية الممكنة والتغيرات في السياسة، لأنه لايذكر شيئا حول التغيرات حين يحصل تحسّن لدى البعض بينما يخسر الآخرون. ايضا، انه يضع جانبا اعتبارات التوزيع، لأن تحسّن باريتو يتم تفضيله حتى عندما يكون الفرد الذي تحسنت ظروفه بليونيرا وموقف جميع الآخرين لم يتغير. لازلنا نرى هناك مجموعة كبيرة من المواقف المقبولة باريتويا، حيث جميع التجارة في السوق الحر تجعل طرفي التبادل في وضع افضل بينما الآخرون يبقون كما هم.
وهناك خط آخر مختلف للدفاع عن حساب الرفاهية عرضه آرثر بيغو. مل فحص بعناية الاستثناءات لقاعدة عدم التدخل الحكومي في كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي(1848) حين تحتاج عيوب السوق الى التصحيح. بيغو وسّع قائمة مل للتدخلات الحكومية المرخصة في كتاب اقتصاديات الرفاهية عام 1920. بدأ بيغو من النموذج المثالي للسوق التام ثم ادرج الانحرافات الواقعية عن الوضع التام، واقترح اخيرا ضرائب وإعانات لتصحيحها. كل طبعة من ذلك الكتاب احتوت قائمة طويلة من مظاهر فشل السوق ومسؤوليات واسعة للمنظمين العموميين. هكذا، بدت تحليلات بيغو وباستمرار وقتية تفتقد للتخطيط لتشكل مجموعة من الأعذار لتدخّل الدولة بدلا من ان تكون نظرية للسياسة العامة. بعد ذلك نأتي الى النقد المدمر لـ لونيل روبنس الذي اصدر منعا لمقارنة المنافع بين الافراد من اجل حساب الرفاهية الاجتماعية. وكما اشار (1932-35)، بان المقارنات الاجتماعية التامة للسعادة هي مستحيلة. هذا يأتي لسببين:
1- انه من المستحيل قياس المنفعة لكل فرد طالما ان الرقم الدال على الكمية سوف لن يبقى ثابتا للوحدات المختارة.
2- ان مقارنة حالات السعادة المتصورة ذاتيا بين الافراد هي ايضا مستحيلة نظرا للاختلافات في المشاعر والاحاسيس.
اقتصاد الرفاهية الجديد
الرفاهية القديمة للاقتصاد، خاصة في شكلها النفعي اُعلن بانها غير كافية. حتى برنامج بيغو في "عيوب السوق" اعتُبر فاقداً للاساس المنهجي. لذا فان اقتصاد الرفاهية جرت صياغته بدعم من معيار باريتو. نقطة البداية كانت مرة اخرى مثالا للسوق التام وان اقتصاد رفاهية جديد صيغ ويتلخص بفرضيتين:
1- اي توازن تنافسي هو نموذج باريتو المثالي
2- اي خطة مثالية للإنتاج يتم اختيارها من قبل المخطط يمكن انجازها عبر عمليات السوق التنافسي.
هاتان الفرضيتان تبدوان ذات الشيء لكنهما ليس كذلك. انهما يضعان الاطار لنظرية "علمية" للسياسة العامة للخمسين سنة القادمة، وبهذا:
1- طالما ان الاسواق الرأسمالية الحقيقية لم تكن ابدا تنافسية ولا هي في توازن، فهناك حاجة مستمرة لسياسة تدخّلية لتحقيق اقتصاد باريتو المثالي.
2- المجتمع العادل يمكن خلقه بخطة معرّفة سياسيا وهذه الخطة يمكن وضعها قيد التطبيق بإحالة تنفيذها للسوق التنافسي.
الفرضية الاولى جرى تفسيرها لتعني ان الاقتصاد الاشتراكي المخطط جيدا قد يقترب من مثالية باريتو اكثر مما يقوم به السوق الرأسمالي. الفرضية الثانية يُنظر اليها لتشير الى امكانية تقسيم العمل بين المخطط والسوق لخلق جماعة اشتراكية مثالية. هاتان الفرضيتان لإقتصاد الرفاهية الجديد جرى عرضهما اول مرة من جانب انريكو بارون عام 1908 وجرى اثباتهما تحليليا من قبل اوسكار لانك عام 1942. عنوان مقالة بارون كان ينبئ بمناخ من الشر للأجيال اللاحقة التي عرفت الفاشية والشيوعية. اراد بارون ان يبين ان الحكومة الجماعية يمكنها:
1- قيادة المجتمع للمثالية في الانتاج
2-إعادة توزيع ما استهلكه الرأسماليون انفسهم في "نظام فردي" بعد إعادة استثمار الجزء الاكبر من الربح. المخطط سيكسب من خلال 1- اكتشاف معظم الوصفات الاقتصادية التركيبية للعناصر عبر التجربة والخطأ بوسائل تغيير الأسعار 2- سيعيد المخطط توزيع الفائض طبقا لأفضليات المساواة بين الناس.
باختصار، الاقتصاد المخطط سيعمل بالضبط كاقتصاد السوق الفردي التام حيث تكاليف الانتاج في ادنى حد ممكن وهي مساوية للسعر، وان السمتين الاشتراكيتين لهذا الاقتصاد هما فقط الملكية الجماعية لوسائل الانتاج والتوزيع العادل للفائض الذي كان الرأسماليون يستهلكونه في السابق.
بالطبع، وكما اشارا لودوج فون مايس وفردريك هايك، ان الاقتصاد الاشتراكي لبارون اعتمد على عدد من الافتراضات الصامتة عن مدى المعلومات التي يحيط بها المخطط.
ا- المخططون سيعرفون التأثير الكامل لأي تغيير في الاسعار على التشكيلات الحالية للعناصر الحقيقية والممكنة، يسمح لهم بوضعها واختيارها او تعديلها بما يتلائم مع الخطة.
ب- سيعرف المخططون ما يريد الافراد استهلاكه من السلع فيغيرون طبقا لذلك اسعارهم لتجنب النقص او الفائض.
ج- المخططون سيضبطون ايضا نسبة الفائدة على التوفير لكي يضمنوا الاستثمار لغرض النمو
د- الناس سيعرفون ويقبلون ولو بتحفظ بتوزيع الفائض المقرر من قبل الدولة. ان استحالة جمع هكذا معلومات جعل مقترحات بارون غير مجدية كما بالنسبة لـ لانك.
لانك، المعجب بستالين، طبّق هذه الفرضيات لصياغة نسخته الخاصة بـ "اشتراكية السوق". في الاقتصاد المخطط، يمكن للحكومة الشيوعية تحديد اهداف الخطة الخمسية (بما فيها الاهداف الاجتماعية) ومن ثم تلعب في الاسعار في سوق تنافسي مصطنع لكي تساوي المعروض من السلع التامة الصنع مع الطلب عليها: المخطط سيسأل المنتجين عن مقدار الكمية التي يجهزونها في ضوء جداول الاسعار، ويسأل المستهلكين كم سيدفعون لمختلف الكميات المعروضة. وبعد سلسلة طويلة من الصعود والنزول سيصلون الى نقطة التوازن التي يكون فيها السوق فارغا.
ان مايس وهايك (1920، 1935) بيّنا الاستحالة النظرية لهذا الجدال لسببين: الاول ان جمع المعلومات الضرورية حول ملايين الاسعار وتغيّراتها في اقتصاد السوق هو غير عملي، والثاني ان المنتجين والمستهلكين ستكون لهم في كل الاحوال مصلحة بعدم كشف افضلياتهم للمخطط. في محاضرة لأوسكار لانك في مدرسة لندن للاقتصاد قبل شهور قليلة من وفاته عام 1965 أعلن ان الكومبيوتر سيتولى عمل حسابات اشتراكية السوق ويجعلها ممكنة، غير ان انهيار "الاشتراكية الواقعية" عام 1989 اكّد صوابية آراء النقاد.
الخيار الاجتماعي
ان المدافعين عن الخيار الجمعي شعروا بالحاجة لطريقة في صياغة وتقييم السياسات العامة طبقا لميثدولوجية فردية وليس كتوجّه من المخطط الخارجي. هذا المسار الجديد جرى اطلاقه من جانب ابرام برجسون عام 1938 وبول ساملسون عام 1947 اللذان عرّفا الهيكل العام لطرق تنظيم المجتمع عقلانيا بوسائل مقبولة منهجيا في تحويل الافضليات الفردية الى افضليات اجتماعية. هذه التحولات تُعرف عادة بدالة الرفاهية الاجتماعية SWF. التحول من الفردي الى الاجتماعي يجب ان يحقق شرطين: 1- ان دالة الرفاهية الاجتماعية ترتبط بشكل صارم برفاهية الافراد ذلك لأنه عندما يتحسن موقف الافراد فان تحسنا مماثلا يحصل في دالة الرفاهية الاجتماعية.
2- ان أي من هذه الدالات للرفاهية الاجتماعية ترتّب وبشكل دائم جميع الحالات الاجتماعية الناتجة من الأسوأ الى الافضل. ضمن هذه الحدود الواسعة سيكون الفلاسفة قادرين على الحكم بين دالات الرفاهية المقترحة والتي بموجبها يتم أفضل تراكم للحاجات الاخلاقية للفرد، وبهذا يُحكم على العدالة في اقتصاد السوق.
فريق الرفاهية تلقّى هجوما قاسيا من اشهر قادته - كينيث ارو عام 1952 في "فرضية ارو بالاستحالة" Arrow impossibility theorem.هذه الفرضية اثبتت عدم وجود دالة رفاهية اجتماعية تستطيع انجاز الشروط الاربعة التالية:
وهي 1- انها تنطبق على جميع الخيارات الممكنة 2- انها تنال اتفاق تام 3- يتم اختيارها وفقا لخصوصيتها وليس لما يقال عنها 4- ان لا تُفرض من جانب شخص واحد على بقية الناس.
الاستنتاج كان مدمرا: أثبت آرو بانه من المستحيل للمجتمع ان يتفق على ترتيبات الرفاهية حتى عندما يفضّلها افراد ذلك المجتمع بالإجماع. وكما يشير الى ذلك اندريه ماس كوليل عام 1974: بان الجماعة الاجتماعية التي تحاول تطبيق دالة الرفاهية الاجتماعية ستجد في النهاية انها لا تستطيع ان تقرر او تقول عقلانيا كما لو كانت شخصا منفردا.
من المفيد تعقّب التقلبات والمنعطفات لمدرسة الخيار الجمعي كي ننقذ جزءا من اقتصاد الرفاهية "العقلاني"وندمج فيها الاقتصاد العام ونظرية التخطيط، وكذلك نظرية الدولة ونظرية العدالة الاجتماعية. ولهذا الغرض، بيّنت المدرسة بان القواعد التي يجب تطبيقها يمكن ان تعمل جيدا اذا جرى تقييد الافضليات. ايضا، محدوديات الاتفاق التام لباريتو بشأن توزيع الدخل والثروة يمكن التغلب عليها جزئيا اذا سُمح بشكل ما بمستويات المقارنة بين الاشخاص. والظروف غير الدكتاتورية (عدم تبنّي دائم لأفضلية معينة) يمكن تجميدها في القرارات المؤثرة على الحريات الاساسية وحيث يمتلك الفرد الحق في التصويت ضد بعض التعليمات والنظم الاجتماعية.
في النهاية وبعد الكثير من التأكيدات المنطقية، اعترف سين ذاته (1970) بان لا وجود هناك لقاعدة ذهبية منفردة لتنظيم المجتمع وفق خطوط الرفاهية. هو انتهى بالقول... بينما النقاء مزية غير معقدة لزيت الزيتون او هواء البحر او هيروين الحكايات الشعبية، فهو ليس كذلك في انظمة الخيار الاجتماعي.
العودة الى روبنس
في مقدمة كتابه عام 1970، قام سين وبدون قصد بالفصل الحاسم بين اسئلة نظرية اجراءات القرار واسئلة الفلسفة السياسية. ان المساهمة الرئيسية للخيار الاجتماعي هي اكتشاف ومحاولة ايجاد حلول لإشكالات وتناقضات القرارات التي تتخذها هيئة من الناس، وان الخطر الرئيسي للخيار الاجتماعي هو محاولة تعريف المجتمع العادل وفرضه على الناس. بالطبع، نحن يجب علينا اتخاذ قرارات جمعية، هياكلها ونتائجها ليست واضحة. آلياتها المنطقية يجب استكشافها، مثلما حين نحلل مأزق التصويت او شيوع المستهلك المجاني للخدمات العامة. لكن هذه الدراسات يجب ان لا تلتبس مع اخلاق القرارات الجمعية.
يوبخ (سين) بذكاء منع روبنس لمقارنات المنفعة بين الناس بالإشارة الى ان منع مقارنة الافضليات بين الناس قد يُرفع اذا كان اولئك المشتركون مستعدين للنظر في نتائج خياراتهم عند مناقشة امكانية الإبقاء على افضلياتهم. هم يرون وبشكل غير مباشر تلك القيم والافضليات باعتبارها ليست اساسية، اي، هم مستعدون لتعديلها او التخلي عنها باسم العدالة. هو يقول "يجب ان يكون واضحا" "لا فائدة كبيرة يمكن قولها حول العدالة بدون جلب بعض المقارنات الشخصية". غير ان هذا لا ينسجم مع تعريف العدالة طبقا لهيوم كما سنرى.
"المواطنون يتخذون خيارات اجتماعية ولكن سوف لن يكون هناك "خيار اجتماعي"". حين عرض روبنسن المقارنات الشخصية في الرفاهية الاقتصادية، فهو بالضبط اراد الدفاع عن الرؤية النمساوية للعدالة في المجتمع. في نظام السوق الفردي لا يمكن لأحد القول ان المجتمع عادل او غير عادل، ولا القول ان المكافئات غير مستحقة او ان توزيع الملكية غير عادل. الناس هم العادلون وليس الانظمة. بالطبع في الديمقراطيات تُتخذ خيارات اجتماعية طبقا للمصالح وللاحكام الاخلاقية لمختلف الافراد ذوي العلاقة. هذه الاحكام يمكن تقييمها او نقدها عبر الاشارة فيما اذا كانت تأثيراتها متناقضة ام ايجابية. هذا يختلف كثيرا عن محاولة صياغة وتطبيق دالة رفاهية اجتماعية معدّلة لتجنّب "تناقضات ارو". المواطنون يعملون خيارات اجتماعية ولكن لا يمكن ان يكون هناك "خيار اجتماعي".
هذا الرفض لعمل حكم اجتماعي جماعي هو منسجم مع فكر ديفد هيوم الذي اعتبر الواجبات الاخلاقية للناس تنبع من الحس الاخلاقي وليس من العقل.
وهكذا فان العدالة او احترام ملكية الاخرين ومراعاة الوعود أصبح التزاما ويكتسب سلطة على البشرية. واذا اتفقنا مع هيوم، فان اي محاولة للاختيار الاجتماعي انما تعود الى عالم الاحلام الجمعية التي يمكن ان تتحول بسهولة الى كوابيس. الخيار الجمعي يتحرك في عالم بدون مؤسسات وبدون منافسة وبدون تاريخ. العالم العقلاني للقرارات يرتكز على المعرفة التامة بأفضليات الفرد.
الخطورة هي ان بعض السلطات او الحكام يبدأون العمل على اساس انهم يعرفون ما هو الافضل للآخرين. سين عرّف الحرية الفردية كونها تتضمن التمتع بما سماه "المتع" او functionings – طعام كافي، صحة جيدة، حياة طويلة، فرص للسعادة، احترام الشخصية، المشاركة في حياة الجماعة. هناك مقاطع لام فيها موقف المسحوقين من الناس في المجتمعات غير العادلة، حيث المعاناة من الجوع والموت مبكرا وفقدان معظم الاطفال ونقص التعليم والمعاناة من التمييز. هم لا يسيطرون على حياتهم ولا لديهم المقدرة على الخيار الفردي. لذا هو يدافع عن مواصفات الخيار الاجتماعي للحرية التي تقارن ما يبرز (حقا) مع ما يختاره الفرد سواء اختار فعلا ام لم يختر.
هذا يمكن فهمه باننا نستطيع فرض الحرية على الناس الذين بسبب الفقر والجهل لايستطيعون عمل الخيارات التي نراها ملائمة لهم. هذه الكلمات تستعيد ظلال انديرا غاندي التي فرضت تحديد النسل او سياسة "الطفل الواحد" في الصين الشيوعية.
أحد اهداف الخيار الجماعي والرفاهية الاجتماعية لسين عام 1970 هو بيان انه من المستحيل ان تكون ليبرالي كلاسيكي وتجسد السوق الحر كواحد من بين الترتيبات الاجتماعية القليلة حيث يسود الاجماع. "استحالة الليبرالية الباريتووية" تلخص في تعبير واحد هذا المأزق. الحل البارز لهذا المأزق وغيره في الخيار الاجتماعي هو المؤسسات التي تطورت في المجتمعات الغربية منذ عهد الرومان، اعني، الملكية الخاصة. هذه المؤسسة تجزّأ عالم قواعد باريتو لكي يكون بالنسبة للأشياء التي يمتلكها الفرد يستطيع التصويت ضد قرار بقية المجتمع، والذي هو جوهر الحريات الانسانية او "حقوق الانسان". حماية الملكية الخاصة في المجتمعات الغربية لاتنال الدعم فقط لتأثيراتها الايجابية على الانتاجية، لأنها في النهاية ومن خلال شراء او استئجار الموارد سوف تقع في ايدي المستعمل الاكثر كفاءة. حقوق الملكية ايضا تعمل على حماية الحريات الفردية.
تصحيح عيوب السوق بواسطة المؤسسات الناشئة
الحجة الرئيسية لأنصار سياسات التدخل ضد حرية السوق هي وجود عيوب في السوق. هم يبدو لم يقرأوا رونالد كوس ونظريته عام 1960 (4). كوس في سنواته الاخيرة ابتعد عن تفسير نظريته ليبيّن ان عيوب السوق المفترضة تختفي في الظروف التي تُعرّف بها حقوق الملكية بوضوح والاقتصاد في منافسة تامة. رفاهية التجارة المحسنة خلقت حقوق ملكية وعملت تحت المنافسة غير التامة – المثال البارز هنا كان نمو الرأسمالية في الصين الحالية.
اضف تعليق