أَلف؛ في البلادِ المُتحضِّرة يتنافس السياسيُّون على الانجاز والنَّجاح، أَمَّا عندنا فيتنافسونَ على صُوَر المراجِع! وهذا دليلُ الفَشَلِ الذي يدفع بصاحبهِ الى إِستجداء الشَّرعية من التَّاريخ وليس من حاضرهِ ومستقبلهِ!.

لقد دعوتُ قبل سنينَ عِدَّة إِلى إِنزال كل صُوَر المراجع من واجهةِ الأَحزاب [التي كانت إِسلاميَّة]!.

فهل يتصوَّرُ أَحدٌ أَنَّ مرجِعاً أَو حتَّى مؤَسِّساً يفخَرُ اليوم بما أَنجزتهُ هذه الأَحزاب [التي كانت إِسلاميَّة]!.

كما دعوتُ إِلى إِزالة كلِّ الأَعلام [ذات الرمزيَّة الدينيَّة والمذهبيَّة] ورفع علم الْعِراقِ فقط وإِلى جانبهِ راية الحزب.

يكفي الاتِّجار بالصُّور والرُّموز والدِّين والمذهبِ والحُسين (ع) وشعائرهِ ومواكبهِ وبقِدر القيمة!.

إِنشغِلوا بالعملِ الصَّحيح لتحقيقِ الانجاز الوطني السَّليم والنّجاح المؤزَّر، فذلك يكفيكُم عناء التلبُّس بالدِّين والتشبُّث بالنِّفاق وإِزدواج الشَّخصيَّة!.

باء؛ في البلادِ المتحضِّرة يَعُدُّ السِّياسي الى العشرَة قبل أَن يتِّخذ القرار أَو يصوِّت على آخر أَو يُدلي بتصريحٍ! أَمَّا عندنا فالسِّياسي يتَّخذ القرار أَو يُدلي بصوتهِ أَو برأيهِ ثم يبدأ يَعُدُّ الى العشرَة بانتظار أَن يقبض ما وُعِد بهِ فاذا انقلبَ عليهَ [المُشتري] يبحث عن مخرجٍ للتَّراجع عن الورطةِ التي ورَّط بها نَفْسه! مصحوباً بحفظِ ماءِ الوجه والكرامةِ! وهذا ما يجري الآن تحت قُبَّة البرلمان بشأن قانون الانتخابات!.

ولقد سمعتُ أَنَّ رئيس إِقليم كُردستان المنتهية ولايتهُ الدُّستوريَّة يبحثُ الآن عن مخرجٍ للتَّراجع عن قرارِ الاستفتاء بالشَّرط الآنف!.

جيم؛ وفِي البلادِ المتحضِّرة إِذا أَرادَ المواطنُ أَن يُغيِّر إِسمهُ مثلاً أَو لقبهُ حقَّق القضاءُ في تاريخهِ! فاذا كانَ من أَصحاب السَّوابق أَو مطلوباً لأَحدٍ ساقهُ إِلى السِّجن! أَمَّا عندنا فالمواطنُ يُغيِّر إِسمهُ أَو لقبهُ أَو عنوانهُ [السِّياسي] ليُصفِّر تاريخهُ [الأَسود] مهما كان مملوءً باللُّصوصيَّة والفساد والفشلِ ليبدأَ تاريخاً جديداً أَبْيَض كبياضِ القُطنِ! فهو بطلٌ ورمزٌ وزعيمٌ تاريخيٌّ على أَيَّة حال! يستنسِخ نَفْسهُ حسب الحاجةِ والظَّرف ومتطلَّباتهُ! فكلُّ شيءٍ يتبدَّل إِلّا جوهرهُ ومعدنهُ فيبقى على حالهِ! كالحيَّةِ الرَّقطاء التي تُبدِّل جلدَها، أَمّا سمَّها فلم يتغيَّر مِنْهُ شيئاً!.

هي طريقةٌ لتصفير المسؤوليَّة في إطارِ [التَّسويات التَّاريخيَّة] مع الذَّات!.

دال؛ وفِي البلاد المتحضِّرة يحتفون بمآسيهم ويُحيون ذِكْرى ضحاياهُم بنُصُبٍ تذكاريَّةٍ مثلاً لأَنَّ المجرمَ مطلوبٌ للقضاءِ أَو في السِّجن! أَمَّا نحنُ فلا نحتفي بمآسينا ولا نُخلِّد ذِكْرى ضحايانا ونحاولُ أَن نُصفِّر ذاكرتنا! لأَنَّ المسؤُولُ عنها إِمَّا زعيماً أَو وزيراً أَو نائباً أَو [مُختاراً للعصرِ] ! وسْبايْكَر وسقوط المَوصل نموذجاً!.

هاء؛ وفِي البلادِ المتحضِّرة فانَّ شعوبها تبني دُوَلاً! أَمَّا نحنُ فنبني طغاةً نقدِّسهُم وأَصناماً نعبدها من دونِ الله!.

نحنُ شعبٌ يمكنُ أَن نُطلقَ عليهِ إِسم [شعبُ الهتَّافين] فانَّ أَكثر شيء يشغلنا هو الهِتاف للقائد الضَّرورة والزَّعيم الأَوحد ومَن تحلى لَهُ القيادة دونَ سِواه!.

حتَّى في المنامِ نهتف!.

واو؛ وفِي البلادِ المتحضِّرة لا أَحدَ يبرِّرُ شيئاً! خطأٌ كان أَو فسادٌ أَو فشلٌ أَو أَيُّ شيءٍ آخر! أَمّا عندنا فحتَّى الفَشَل والفُرقة والتمزُّق والانشقاق ونشر الفضائِح والغسيل القذِر ضدَّ بَعضنا نجد لَهُ مبرِّراً بآيةٍ أَو رِوايةٍ!.

نحنُ شعبُ التَّبريرِ إِذن!.

‏ nazarhaidar1@hotmail.com

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق