تمر ذكرى ١٤ تموز، التغير الجذري في العراق عام ١٩٥٨، وتمر معها موجة الاختلاف بين مؤيد يعدها ثورة أنقذتنا من عبودية الاقطاع وتبعية الاستعمار، وبين ناقد يحسبها نكبة، وهو اختلاف طبيعي، لا ينبغي أن يمر دون التوقف عنده، ومناقشة النتائج التي من خلالها نحكم على طبيعتها ثورة أم نكبة، وبضوء هذا يمكننا القول أن تموز الحدث الذي ألغى العبودية العشائرية وأنصف الفقراء وقدمهم خطوات الى مصاف المقدمة ليتحملوا مسؤولية البناء، كانت النتيجة خسارة زراعة كانت تسد حاجة البلاد، ويصدر الفائض منها والتمور خير مثال.

والفقراء الذين أُنصفوا لم يغيروا من حالهم الى الأحسن وينتجوا الطبقة الوسطى التي تقود البلاد، بل وعلى العكس فقد سحبوا الأغلبية الى خانة الفقر والتخلف ووضعوا البلاد على حافة الجهل في كل شيء.

وتموز التي أنشأت العديد من المشاريع وشيدت المدارس وفتحت الجامعات وبنت الجسور، وأنجزت الكثير، لكنه انجاز جاء على وفق منطق ثوري لا يخضع الى التخطيط وتهيئة التمويل، وضع البلاد في أزمات ومشاكل تفوق قدرة الدولة على الحل، فالديون وخفض قيمة العملة وتردي مستوى التعليم، فثلاث جامعات في عموم البلاد تخرج علماء على سبيل المثال وجامعة رابعة بعد خمس سنين وأخرى بعد عشر تبعاً لخطة نمو تحسب فيها الموارد والامكانيات خير من خمسين جامعة تخرج جهلة في غالبية العلوم، وآلاف العاطلين يقفون في طوابير يريدون التعيين فلا يجدونه.

وبالنسبة الى النفط، فنتائج التأميم والتعامل الكيفي معه كان كارثة حلت على العراق، اذ وبعد أن بدأ الثوريون ينتشون في الحكم، ظنوا أنهم أقوى من العالم ومن أصحاب النفوذ والشركات العملاقة، وصفقوا لأنفسهم في تحقيق النصر عليها وجعل النفط ثروة عراقية لا حصة فيها للأجنبي الذي اكتشف وسوق وكرر، والنتيجة جعلت العراق من بين الدول التي تضررت من وجود النفط بل هي أكثر الدولة تضرراً، وعلينا أن نتخيل كم النفط الهائل للتصدير وعائده الذي توجه صرفه منذ العام ١٩٥٨ على الأسلحة والحروب والتبرعات والاكتناز في بنوك أجنبية بأرقام سرية والتبذير والنهب، والنتيجة رجوع أموال النفط الى خزائن تلك الدول التي طُردت وما يبقّ الآن لا يسد رواتب الموظفين التي قفزت عدة أضعاف وكونت تضخماً أكلها وأعاد أصحابها الى صفوف الفقراء.

وفي حال الاستعمار الذي أخرجته تموز من الباب عاد اليها من الشباك بأشكال نفوذ مذلة ودول سمح لها أن تتواجد بطرق مهينة دفعت الكثير من العراقيين لأن يفضلون عودته سبيلاً للإنقاذ.

أما العشائر التي كان شيوخها سلطة ضابطة وان قسوا فمن جاء بعد أهل تموز كون نظاماً عشائرياً مهيناً أسهم في اشعال الحرائق وأعاق بناء الدولة المدنية.

وهناك المزيد الذي يقرب الاستنتاج من أن تموز لم تكن ثورة في المعنى الصحيح.

facebook.com/saad.alobaidy.92

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق


التعليقات

محمد علي
وايضاً؛ تدشين ثقافة السحل في الشوارع والقتل على الهوية التي لم يعهدها العراقيون من قبل، وايضاً تدشين الصنمية والحاكم الأوحد والمنقذ وحلال المشاكل، الذي وجدناه في الدور البارع الذي لعبه صدام حسين، وهي ايضاً لم يعهدها العراقيون.2017-07-19