26 قطرياً من بينهم أفراد من العائلة الحاكمة وصلوا إلى قطر أخيراً بعد أن غيبهم الخطف عام ونص العام عن بلادهم في لحظة شغف خوض مغامرة صيدٍ كانت باهظة الثمن. يقول أحدهم حال وصوله: "عندما شاهدت أنوار قطر شعرت كأن الحياة تبدأ من جديد .. سعادتي لا توصف".
الرواية "الرسمية" هي من تحدث عن إن هؤلاء الـ 26 قطرياً كانوا في رحلة صيد جنوب العراق، لكن أي صيد هذا الذي يدفع بمجموعة من "المترفين" -اذا ما صدقت الرواية- إلى بلد يغلي تحت نار يزيدها وجود مثل هؤلاء القطريين اضطراباً وهياجاً؟ خصوصاً في منطقة الجنوب العراقي التي تضمر عداءً لقطر ودول خليجية أخرى!
ويشفع لرجاحة هذا التفسير عن غيره ما تناولته تقارير صحفية في إطار إطلاق سراح المختطفين ضمن صفقة إقليمية واسعة ومعقدة أشهر أقطابها "العراق وإيران وقطر وحزب الله اللبناني".. وهذا هو مضمون الرواية الثانية غير الرسمية نوعاً ما.
صفقة معقدة
مصدر في بغداد، لم يكشف عن اسمه، قال إن صفقة الإفراج تضمنت رفع الحصار عن قرى شيعية في شمال سوريا. وتضمنت ايضا خروج المئات من المدنيين والمقاتلين من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتحاصرها قوات النظام قرب دمشق.
ويؤيد ذلك ما نقلته وكالة رويترز عن ما أسمته بـ (دبلوماسي عربي في الدوحة) والذي قال لها: "إن أشهرا من المفاوضات دارت بشأن الخطف بين إيران وقطر وجماعة حزب الله الشيعية اللبنانية".
وأضاف أن "المفاوضات بشأن إجلاء المدنيين والمقاتلين في سوريا، والتي شارك فيها مسؤولون إيرانيون ومن جماعة أحرار الشام السورية المعارضة جرت في قطر أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني في الثامن من مارس آذار".
وكان مسلحون مجهولون قد اختطفوا القطريين من مخيمهم في الصحراء في محافظة السماوة العراقية الواقعة على نهر الفرات وتبعد عن العاصمة بغداد بمسافة 370 كيلومترا في ديسمبر/كانون الأول 2015، وتمكن تسعة على الأقل من الفرار وعبور الحدود إلى الكويت ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عملية الاختطاف.
فدية بمئات الملايين من الدولارات
وكشفت بالنتيجة تصريحات رسمية للجانبين العراقي والقطري عن ملامح هذه الصفقة بعد سجال دار بين الحكومتين بشأن أمول قالت الحكومة العراقية أنها دخلت إلى العراق بشكل غير رسمي.
وقالت الحكومة العراقية إنها وضعت يدها على الأموال القطرية التي أدخلها إلى البلاد مفاوضون قطريون كفدية مقابل الافراج عن مواطنين لهم اختطفوا في العراق.
وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ان السلطات تتحفظ على "مئات ملايين الدولارات" أحضرها مفاوضون قطريون الى بغداد لدفع فدية لقاء الافراج عن مواطنين لهم مخطوفين.
وترى الحكومة العراقية أن "وضع اليد على الاموال القطرية (...) يصب في اتجاه تحكيم القانون ومحاربة ظاهرة الاختطاف والترويج للابتزاز المالي ومنع حصول أي جهة على اموال طائلة من خلال تعريض حياة المواطنين العراقيين او رعايا الدول الاخرى ممن يدخلون العراق لهذا الخطر مستقبلاً وللوقوف بقوة امام هذا المنهج الخطير"، وفقاً للمتحدث الرسمي لوزارة الخارجية.
قطر تنفي
لكن قطر نفت رسمياً أنها حاولت دفع فدية لإطلاق سراح المختطفين قبل عام ونصف العام في قصة معقدة أبرزت توتر العلاقات مع الحكومة العراقية.
غير أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قال إن السلطات صادرت حقائب تحوي مئات الملايين من الدولارات كانت على طائرة قطرية خاصة هبطت في بغداد هذا الشهر. ولمح إلى أن هذه الأموال جزء من صفقة لتحرير الرهائن دون إذن من الحكومة العراقية.
العبادي غاضباً
وانتقد العبادي بغضب قرار قطر إرسال أموال. وقال في إفادة صحفية "إدخال المال بهذا الشكل خطأ. قانونا خطأ. يعني تصور مئات الملايين من الدولارات تعطى لجماعات مسلحة ماذا سيحصل؟ هل هذا مقبول؟"
وأكدت الحكومة العراقية أنها تتحفظ على مئات ملايين الدولارات كان أحضرها مفاوضون قطريون الى بغداد لدفع فدية لقاء الافراج عن مواطنين لهم مخطوفين.
وأشار رئيس الحكومة حيدر العبادي إلى أنه "كانت هناك حقائب بأعداد كبيرة في الشحن عبر طائرة قطرية هبطت في بغداد، طلبنا تفتيشها وكان هناك رفض، الا اننا وضعنا اليد عليها وحميناها وفهمنا ان بها اموال بكمية هائلة مئات ملايين الدولارات".
وذكر العبادي أن الأموال "دخلت من دون موافقة ويجب اعادتها وفق القانون".
لكن لقطر حديث آخر!
في تلك الأثناء، وفي أول تصريح رسمي للحكومة القطرية قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن حكومته أدخلت أمولاً لتكون تحت تصرف الحكومة العراقية مؤكداً في الوقت ذاته بأن بلاده لم تتعامل مع مجموعات مسلحة خارجة عن سلطة الدولة.
ويقول ايضاً مسؤول قطري إن الصفقة أعقبت محادثات معقدة بين قطر وإيران وجماعة حزب الله اللبنانية وارتبطت بإخلاء أربع بلدات سورية محاصرة.
لكن وزير الخارجية القطري عاد في تصريح آخر يعلن استغرابه من تصريحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، التي أدلى بها بخصوص المختطفين القطريين.
وأكد أنه خلال فترة اختطاف القطريين التي استمرت نحو عام ونصف العام "لم تتوان السلطات القطرية في التواصل مع السلطات العراقية، ولم يكن هناك أي تقدم إيجابي إلا في الشهر الأخير قبل إطلاق سراح المختطفين".
وقال "كان هناك تواصل بين السلطات القطرية والعراقية، وتنسيق تام حول كافة التفاصيل".
الأموال دخلت بشكل رسمي
وعن الأموال التي تحدث عنها رئيس الوزراء العراقي، قال وزير الخارجية القطري: "وردنا طلب من السلطات العراقية في أكثر من اجتماع لدعمها في عملية تحرير المختطفين".
وتابع: "دولة قطر أرادت تقديم هذا الدعم للسلطات العراقية لتحرير المختطفين، وإذا لم تكن السلطات العراقية تحتاج إلى هذا الدعم فإن هذه الأموال ستعود إلى قطر".
وقال مؤكداً: "الأموال رسمية دخلت بشكل رسمي وستخرج بشكل رسمي".
اضف تعليق