بعد قرار خروجها من الاتحاد الأوربي، يبدو أن لندن تسعى إلى بناء وجذب علاقات وشراكات تجارية مع دول الشرق الأوسط استعداداً للمرحلة القادمة.
بريطانيا بثقلها الاقتصادي الكبير بدأت بطرق أبواب دول الخليج ومنها السعودية وقطر بعد زيارتها إلى الأردن، على آمل تحقيق المزيد من الاستثمارات التجارية ونيل شيءٍ من ثراء الخليج النفطي.
المؤكد أن بريطانيا ستركز، خلال صفقاتها القادمة مع دول الخليج، على التعاون العسكري ودعم السعودية على وجه التحديد التي تقود منذ عامين حرباً ضد اليمن، وتعتبر لاعب أساسي في أحداث سوريا ودعم الحركات الإرهابية أو ما يعرف بالمعارضة السورية، كما لا يخرج هذا التركيز المفترض عن مغازلة عواطف دول الخليج عبر الدعم او الصفقات بالحد من نفوذ إيران في المنطقة، والمنافس الشرس للسعودية.
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي قد وصلت إلى السعودية والتقت كبار المسؤولين فيها وبحث ملفات عدة أبرزها استثمار "الامكانات الضخمة" لدى الرياض لخلق زخم قوي للاقتصاد البريطاني، بحسب الإعلام السعودي.
اتفاقات تجارية أم دعم للحروب؟!
وترى السعودية، أن بريطانيا تتطلع إلى ابرام اتفاقيات تجارية معها بعد الخروج من الاتحاد الأوربي، والتعاقد مع شركاء تاريخيين وأثرياء، كما ترى في نفسها أنها الشريك التجاري الأكبر في الشرق الأوسط.
لكن حزب العمال المعارض، انتقد زيارة رئيسة الوزراء البريطانية التي تنتمي إلى حزب المحافظين، وأثار قضايا ترتبط بحقوق الانسان وجرائم حرب ترتكبها السعودية التي تقود تحالفاً عربياً في حربها على اليمن.
وخاضت السعودية، التي تتلقى دعماً عسكرياً من بريطانيا، حرباً ضد جارتها اليمن في الـ 26 مارس/ آذار 2015 وقتلت مئات الآلاف من المدنيين.
"وتنفي السعودية أن قواتها تستهدف المدنيين في اليمن. وتقول إنها تتخذ إجراءات إضافية لتجنب سقوط ضحايا من المدنيين وتتهم الحوثيين بالاحتماء بأهداف مدنية"، وفقاً لرويترز.
وتقول الأمم المتحدة إن الحرب في اليمن قتلت ما يزيد على عشرة آلاف شخص نصفهم من المدنيين وتسببت في أزمة إنسانية في البلاد.
تسليح السعودية لتأمين بريطانيا!
وتعتبر بريطانيا وفرنسا إلى جانب الولايات الأمريكية المتحدة في مقدمة الدول التي تصدر السلاح إلى السعودية عبر عشرات العقود بقيمة هائلة، كما انقذت السعودية شركات تسليح بريطانية من الإفلاس بعد ان عقدت معها صفقات تسليح قيمتها بمليارات الدولارات بسبب حربها على اليمن.
وتبرر بريطانيا عقد صفقات التسليح مع السعودية بأنه "يجعل الشوارع البريطانية أكثر أمنا"، في إشارة إلى الجماعات الإرهابية التي بدأت تهاجم مختلف البلدان الأوربية، فيما يعتقد مراقبون أن بريطانيا ترى في حرب السعودية على اليمن وسيطرة الجماعات المسلحة على مناطق واسعة في سوريا "سوقاً رائجة" لبيع السلاح.
من جانبها، تبحث الشرطة البريطانية فيما وصفته بـ "ادعاءات" بأن السعودية ارتكبت جرائم حرب في اليمن، كما تبحث إمكانية رفع دعوى قضائية بشأن هذه الحرب، لكن حتى الآن لم يبدأ أي تحقيق بالفعل.
اتفاقات خليجية ستكون جاهزة قبيل الانفصال المرتقب
ينتظر مسؤولون خليجيون عقد اتفاقيات تجارية مع بريطانيا عبر مسودة تتناول اتفاقاً قد تصدر خلال أشهر.
ورسمياً.. لا تزال بريطانيا داخل الاتحاد الأوربي، وهو ما يمنع ابرام أي اتفاقات تجارية قبل المغادرة، لكن لندن ترتب لهذه الاتفاقات لتكون جاهزة حتى العام 2019 وهو موعد الانفصال عن الاتحاد.
وتتحدث بريطانيا عن أن أولى الاتفاقات ستكون مع ما يعرف بـ "دول مجلس التعاون الخليجي" الذي يضم (قطر والسعودية والإمارات ودولاً أخرى)، في تعاون قد يبلغ نحو 30 مليار جنيه استرليني، أي ما يقارب نحو 37،5 مليار دولار سنوياً.
وتعمل قطر على اعداد اتفاقات مع لندن ستوقع فور خروجها من الاتحاد الأوربي، وقد ناقشت وزارة المالية القطرية هذا الأمر مع وزير الخزانية البريطاني فيليب هاموند في مسودة لاتفاق تجارة حرة، وفقاً لرويترز.
و قال مسؤول خليجي، لم تسمه رويترز، إن "اتفاق تجارة حرة مع المملكة المتحدة... هذا شيء نريد أن نشجع عليه وندعمه".
قطر تعد لندن بـ "عهد جديد"
وتحاول دول الخليج على رأسها قطر، تعزيز تجارتها غير النفطية بعد تراجع سوق الأخير في العالم، عبر تنويع مواردها الاقتصادية وإنعاش وضعها المالي.
أما وزير الطاقة القطري، محمد بن صالح، فوعد لندن "بعهد جديد" بعد الخروج من الاتحاد الأوربي وتحدث عن فرصة "لزيارة إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى بريطانيا".
ولدى قطر استثمارات في بريطانيا بقيمة 40 مليار جنيه استرليني أي ما يعادل 50 مليار دولار، وتسهم بنسبة 90% من وارداتها من الغاز الطبيعي، تتوزع بين معالم بارزة في لندن كناطحة السحاب شارد ومتجر هارودز وفندق سافوي وحصة في حي كناري وارف المالي.
وبحسب خبراء، فإن المستثمرين القطريين استغلوا فرصة قرار لندن بالانسحاب من الاتحاد الأوربي في استفتاء 23 يونيو/ حزيران، بدعمها اقتصادياً حال الانتهاء من التصويت.
وتتطلع قطر، بحسب الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار إلى قطاعات البنية التحتية والرعاية الصحية والتكنولوجيا، ولا تزال تبحث عن فرص تقتنصها قطر للاستثمار مع لندن.
وقال رئيس الوزراء القطري في بيان له "إن قطر تتوقع استثمار خمسة مليارات استرليني في بريطانيا على مدى السنوات الخمس القادمة".
اضف تعليق