ناقش ملتقى النبأ للحوار موضوعا بعنوان موضوعا بعنوان (دور زيارة الأربعين في رسم الوظائف الاجتماعية والسياسية والثقافية) من 18 الى 20 تشرين الثاني لعام 2016، شارك في الحوار مجموعة من الناشطين والسياسيين من بينهم (عضو مجلس النواب العراقي الدكتورة ماجدة التميمي، عضو مجلس النواب امل عطية عبدالرحيم, الدكتور احمد الميالي, الاستاذ فراس الياسي, الدكتور نديم الجابري, الاستاذ حميد الطرفي, المحلل السياسي ابراهيم البيضاني, القانوني امير الدعمي, الاستاذ حسن الطالقاني, الكاتب والباحث عباس الموسوي).

أجرى الحوار مدير الملتقى الكاتب الصحفي علي الطالقاني، وملتقى النبأ للحوار هو مجتمع يسعى إلى تحفيز المناقشات بهدف توليد الأفكار من أجل دعم المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وإسداء النصح لها من خلال عدة فعاليات يقوم بها الملتقى.

لمشاهدة تقارير ملتقى النبأ للحوار http://annabaa.org/arabic/tags/5030

(محاور البحث)

*تمر علينا هذه الايام ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام التي تعتبر اكبر تجمع بشري في العالم، وتظهر الارقام والاحصاءات للعام الماضي، أوردت الإحصائيات في العام الماضي أن عدد الزوار الذين وصلوا كربلاء المقدسة وأحيوا مراسيم زيارة الأربعين لهذا العام بلغ رقما قياسيا هو 26 مليون زائر، منهم 17.5 مليون زائر محلي 7.5 مليون زائر أجنبيا، نسبة الرجال منهم 40% رجال ونسبة النساء 60 %، وشارك في هذه الزيارة 300 ألف عنصر امني وحشد ومتطوعين، منهم 284 ألف عنصر امني و10 آلاف عنصر من الحشد الشعبي و5 الاف عنصر من المتطوعون، 2 ألف متطوعة، و 9 طيارات للجيش و 60 ألف مركبة، 48.5 الف تابعة لوزارة النقل منها 10 آلاف تابعة لباقي الوزارات و1500 حافلة إيرانية، و 24 قطارا،و 140 طائرة في اليوم تصل لمطار النجف.

* كان عدد المواكب المشاركة في هذه الزيارة 7137 موكباً، منها 7060 موكباً محليا و77 موكبا أجنبيا، أما عدد الدول المشاركة فهي 80 دولة أجنبية وكانت النسبة كالتالي:60 % ايران، 15 % البحرين، 7% لبنان، 4% السعودية، 3% الكويت، 2% باكستان، 1% قطر، و 8% باقي دول العالم، وعلى مستوى الصحافة والإعلام، شارك في الزيارة ونقل أحداثها 600 صحفيا وإعلاميا، 21 سيارة بث مباشر، 10 آلاف عامل نظافة حكومي شارك بتنظيف الشوارع، و 3 آلاف متطوع، و10 آلاف كادر صحي.

*ان ذكرى أربعينية استشهاد الإمام الحسين عليه السلام تمثل ظاهرة اجتماعية تتطلب دراستها بشكل مختلف عما هو سائد اليوم كونها ظاهرة فريدة من نوعها.

*إن زيارة الأربعين تحقق طفرة معنوية ونفسية في البناء الاجتماعي العراقي يمكن إن تساهم في بناء التماسك الاجتماعي ولكنه لم يستثمر بشكل جيد. وفي وقت ينبغي اصبح من الضروري تحويل هذه الممارسة إلى ظاهرة عملية للتطوير الاجتماعي هي مسؤولية الحوزات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني.

*إننا نحتاج إلى تحويل هذه الزيارة المقدسة إلى رسالة للعالم تكشف عن أفكار جوهرية مثل التسامح واللاعنف والتعايش وتكون الجموع الزائرة تموجات ضاغطة ليس لمواجهة أخطاء الحكومة الحالية فحسب بل لنصرة المظلومين في مختلف إنحاء العالم.

* لزيارة الاربعين ابعاد اقتصادية واجتماعية ودينية ومؤثرة، حيث تشارك دول عديدة ومواطنين من مختلف دول العالم في ذلك، مما تبرز وظائف جديدة لهذه الشعائر.

خاتمة: هكذا يتضح للجميع، من الأرقام التي وردت في أعلاه، حجم هذه الزيارة، والفرص الكبيرة المتاحة للمعنيين الحكوميين وغيرهم، في حالة أن يضعوا ضمن تفكيرهم وخططهم كيفية الاستفادة من هذه الزيارة، والأعداد الهائلة للزوار الذين شاركوا فيها، ولو أننا عدنا الى الزيارات السنوية القريبة الماضية لزيارة الأربعين، لاكتشفنا تصاعد أعداد الزائرين غلى نحو كبير عاماً بعد آخر، كما أننا نستطيع أن نؤشر رد الفعل للزائرين على الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المتطرفون الإرهابيون ضدهم، فنجد بما لا يقبل الشك زيادة سنوية في عدد الزائرين في تحدي متواصل يؤكد هزيمة الإرهاب وكل أعداء أتباع الحسين (ع).

برأيكم

* هل استثمرت الدولة العراقية هذه المظاهرة المليونية؟ وكيف لها ان تتمكن من ذلك؟

*ماهو الدوار المطلوب من المؤسسات الدينية؟

*ماهو المطلوب من المنظمات؟

*ماهو مطلوب من وسائل الاعلام؟

*ماهو مطلوب من المجتمع بمختلف طبقاته؟

النائبة ماجدة التميمي:

ان وجود مراقد الائمة عليهم السلام في العراق له تأثير كبير سواء من المنظور الايماني والتاريخي أو وفق المنظور المالي وتأثيره الايجابي على التنمية الاقتصادية والاجتماعي:

١- حاليا الدولة تستوفي مبلغ اربعون دولار من الزوار الاجانب. ومن وجهة نظري لابد من اعادة النظر في مقدار المبلغ وكيفية تخصيصه وارى ان يرتفع الى مئة دولار لنخصص المقدار الذي تم اضافته للمحافظات التي تتواجد فيها المراقد المقدسة لتوظيفها في البنى التحتية وتوفير خدمات لائقة للزوار تكون بجودة عالية.

٢- تشجيع الصناعات الصغيرة لتشغيل العاطلين والعاطلات عن العمل مثال ذلك انشاء ورش للخياطة لتجهيز اسواق هذه المحافظات بملابس ذات تصاميم خاصة لها علاقة بالمناسبات الدينية اذ من الممكن خياطة فساتين نسائية سوداء مطرز عليها اسماء الائمة الاطهار مع وشاح يناسب الفستان وممكن خياطة ملابس للأطفال بهذا المنحى وهكذا الافكار كثيرة.

وقد طرحت مقترحا منذ عام ٢٠١٠ حول تأسيس صندوق باسم صندوق الحسين عليه السلام يجمع فيه التبرعات لتمويل المشاريع الصغيرة التي يشارك فيها عشرة افراد كحد ادنى بشرط ارجاع الاموال مرة اخرى للصندوق بعد فترة سنتين وطبيعي ان اموال الصندوق في نمو سنويا فضلا عن استرجاع الاموال من قبل المشاريع الممولة وبهذا نكون قد استفدنا من التبرعات الحسينية لتشغيل شبابنا ويمكن تزويد الشباب بقائمة بالأفكار وبالمشاريع التي تدخل ضمن توفير خدمات ذات جودة عالية للزوار ومشاريع اخرى كثيرة لسد احتياجات السوق المحلي.

٣- الاستفادة من الدوائر الاقتصادية في سفاراتنا لتحفيز المستثمرين للاستثمار في هذه المحافظات لبناء فنادق لائقة فيها كل وسائل الراحة للزائر على مدار السنة لان الفنادق الحالية تفتقر الى الذوق والى الكوادر المدربة والمتخصصة في مجال العمل الفندقي.

٤- تغيير جذري للطرق المؤدية الى هذه المحافظات اذ انني حينما اذهب من بغداد الى النجف الاشرف طول الطريق لا اجد الا النفايات والحمامات العشوائية البسيطة التي لم اراها حتى في البلدان المتخلفة. مع ضرورة تشجير الجزرات الوسطية بأشراف مختصين بتصاميم فيها ذوق المئة دولار ليس للاستثمار للخدمات مثل التنظيف والادامة. اما الاستثمار فكما ذكرت تأتي شركات عالمية تستثمر. ومحافظة كربلاء والنجف من المحافظات المستقرة امنيا ممكن ان تأتي الشركات ولا اعتقد المبلغ كبير لم يعد المئة دولار كبيرا.

ومن خلال متابعتنا الى وسائل الاعلام ( قناة العراقية ) عرفنا ان عدد الزائرين العرب والاجانب قد تجاوز ٢ مليون زائر وحسب علمنا ان عدد حجاج بيت الله الحرام يصل الى اربعة ملايين زائر مما يعني انه بالرغم من عدم الاستقرار الامني الذي يمر به البلد فقد وصل عدد الزائرين من خارج العراق الى ٥٠٪‏ من عدد زائري بيت الله الحرام وهذه نسبة كبيرة قياسا بالظروف الاستثنائية للعراق مما يعني اننا يمكن ومن خلال التوجه نحو الاستثمارات لتوفير البنى التحتية للمحافظات التي تتواجد فيها المراقد المقدسة من تعظيم الايرادات الاخرى وخلق فرص عمل على مدار السنة ليس فقط ايام عاشوراء شانها شان العمرة في السعودية.

الشيء الاخر الذي اود التطرق اليه هو الاعلام اذ لابد من التركيز على الخطاب الاعلامي الذي يخاطب العقول قبل القلوب واستهداف العالم الاسلامي والاوربي فهناك فضول كبير من جانبهم لمعرفة جوهر المراسيم الحسينية والسرد التاريخي لملحمة معركة الطف من المنظور الفكري وليس من باب التسطح اقترح تكثيف البرامج التثقيفية باللغتين الانكليزية والفرنسية واستضافة المفكرين المعروفين باعتدالهم وبخطابهم المنطقي والعلمي.

النائبة امل عطية عبدالرحيم:

الموضوع المطروح مهم وحيوي وله مردود ايجابي على المستويين العقائدي والمالي والخدمي فمن خلال الجانب الاول العقائدي.. فهو يحيي الروح الثورية والتحفيز على مقاومة الظلم واستثمار هذا الموضوع لغرض الوعي والادامة لهذه الثورة التي استمرت لعقود استثمارها اخلاقيا وروحيا وللتعريف بأخلاق الامام الحسين والهدف من ثورته, وذلك من خلال نشر الشعارات الحسينية على طول الطرق لان الاهتمام بالقيم الروحية والانسانية هو جانب مهم في الثورة الحسينية, كذلك احياء روح السائرين والقاطعين لهذه المسافات الطويلة, ويعكس روح الكرم لدى العراقي ويعكس الروح المسالمة ان ينضج بالالتزام بالعبادات والنظافة كما يعكس ايضا روح الاخوة ولم تسجل في طول الطريق وعلى مر السنين حالة تجاوز اواعتداء بين السائرين بل الاخوة والمحبة والتعاون.

اما الجانب الاخر فهو الجانب المادي والخدمي وهذا الموضوع مهم جدا استثماره لصالح الموازنة الاتحادية لان العراق في المرتبة الاولى بالسياحة الدينية وهذا يعود الى فضل اهل البيت ومراقدهم الكرام واتمنى استحداث وزارة لهذا الغرض وتعنى بهذا الجانب لأهميته.

في زيارة رسمية لنا في الدورة السابقة ولقائنا مع الرئيس السوري حافظ الاسد تحدث مع الوفد حول اهمية قبر السيدة زينب والمردود الاقتصادي للبلد ومتأسف لعدم الاهتمام بهذا المرفق الديني منذ زمن لاستثماره اقتصاديا على الرغم من ان الحديث لم يروق لبعض الساسة في الوفد لأسباب طائفيه. ونحن لدينا هذه الزيارة المليونية وعدة مناسبات دينية في السنة ولاتستثمر بالفيزا بفرض مبلغ لصالح المحافظات العتبات المقدسة. على سبيل المثال في ايران الاجنبي تضاعف عليه اجرة الطبيب يضاعف العلاج يضاعف المرفق السياحي يضاعف الفندق يضاعف حتى الاكل بالمطاعم لانهم يعتبرون السياحة اساس في الواردات, العملية الجراحية لابن البلد مليونين للزائر اربعة ملايين.

نتساءل, ما هو دخل البلد من هذه الزيارات؟ ثم ان الاستثمار وتسهيل امور المستثمرين وفسح المجال لابن البلد بفتح مرافق سياحية لا وضع العراقيل بطريقه وابتزازه بكل دائرة من الوزارات الى الدوائر في المحافظات ويدخل اليأس في نفسة ويترك المشروع فوجود الوزارة لتسهيل هذه الامور انجع لصالح البلد والجمهورية الاسلامية الايرانية واضعه قانون لهذا الغرض وليس العمل عشوائي.

د. احمد الميالي:

فيما يخص موضوع استثمار زيارة الاربعين اقتصاديا وسياسيا لي رأي مغاير فهذا تساؤل اجابته معروفة سلفا ان البيئات السياسية المهيمنة على صناعة القرار اغلبها بيئات حاضنة للفساد والطائفية تحرص على اعلاء كعب الحزبية والقبلية والغنيمة. كما ان البعض يرى في الحسين عليه السلام بيئة ملائمة لاستثارة الأحقاد الموروثة من أحداث الطّف ومسلسل النزال التاريخي بين السنّة والشيعة، أهّلت أمراء الطائفية والفساد ليتحكموا بالزناد والسياسة معاً عبر الحسين عليه السلام وقبلها الشقيقة والجمل وصفين، فانتهت الشعائر الى اعطاء ارتدادات و احداث مرعبة بين العبوات والاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة والشوارع الملغومة والمناطق المحرّمة لصفائها المذهبي.

هذه القوى السياسية الموجودة والتي اختبأت خلف متاريس نهضة الحسين عليه السلام. وظفت عملياتها الخطابية في تأجيج الفتنة، وفي افضل الحالات حولت الامام الحسين(عليه السلام) الى دعاية انتخابية ضمن اطار الانتهازية لاستغلال مشاعر الناس، فاصبح الحزن على الحسين عليه السلام من قبل هؤلاء أمام الكاميرات تمثيل في تمثيل، لكن هؤلاء ممثلين لم يعيشوا الدور المنوط بهم وبقدر ما يتمكنوا من ذلك يشار إليهم بالممثلين البارعين لكن هؤلاء لم يجيدوا الدور، وأرى في طريقتهم استخفافاً بالعقول، وقد تمرُّ على البسطاء، لكنها لا تمر على الحسين عليه السلام لأنه جرّب مثل هؤلاء القوم، إن قلوب النَّاس معك وسيوفهم عليك.

فالسيوف التي قتلت الحسين عليه السلام هي نفسها اليوم تستغل آلامه من أجل الفوز باسمه والعمل ضده فعن اي استثمار وفيز وتنظيم وسياحة نتحدث اليوم ؟؟ انها صورة كاركاتيرية ان نراهن على طبقة سياسية بهذه المواصفات ان تجسد الحسين عليه السلام كقيم وسياسة تخدم زواره ومحبيه وتنقذهم من الضياع والتمزق والموت.

ا. فراس الياسي:

الزيارات المليونية طاقات عالية معطلة، وقوة فائقة مهدورة، لغاية هذه اللحظة لم تستثمر على مختلف الصعد كما يجب, ولم تقنن بشكل صحيح ففي الجانب الاعلامي على سبيل المثال ارى كباحث في الاعلام ان الزيارة الاربعينية حدث عالمي كبير لايتكرر الا في الاربعين الكربلائي، تغطيته الاعلامية عالميا وعربيا واهية باهتة, رسالته لم تصل ربما بسبب سوء اختيار المستهدف او ربما لصغر رسالة الرسالة الاعلامية.

فلحد الان يجهل الكثير من المسلمين العرب ان الزيارة هي تقربا لله تعالى وتكريما لسيد شباب اهل الجنة عليه السلام، ويعتقد اكثرهم انها عبادة قبر كما يصفها الاعلام الوهابي المضلل فكيف بالمسلمين من غير العرب؟! وكيف بغير المسلمين؟

لم تعرض الزيارة عرضا يجنبها اهمال المشاهدة بسبب مشكلات التعرض الانتقائي، فالكثير من المنتجات الاعلامية والقصائد والشعارات المرافقة للتغطية الاعلامية تستهدف الجماهير الداخلية فقط ولم تبحث عن لغة التواصل مع الخارج او الآخر.

بصراحة مرة ان الاعلام الشيعي فشل في نشر القضية كما تستحق، ربما لان الحديث عن اهمية الاعلام في نشر القضية الحسينية لازال مجرد حديث اعلامي، فالعمل والتطبيق يعكس اهمالا كبيرا في هذا الجانب.

فمعظم العاملين في المؤسسات الاعلامية الشيعية يكلفون على اساس الولاء وليس على اساس المهنية والحرفية، والشواهد على ذلك تكاد تكون متكاملة بداية من قناة كربلاء ذات الامكانات الكبيرة والانجازات الصغيرة، الى آخر المؤسسات مع وجود بعض الاستثناءات. في حين ان الجميع يعلم ان الجزيرة التي ضخمت حجم قطر الصغير وجعلتها قوة عالمية تدار وتعمل بطاقات اجنبية ليس لها اي انتماء لقطر .

اتمنى ان ارى افكارا اعلامية تستثمر هذا الحدث وتقدمه بشكل يليق بالدم المقدس المراق في عاشوراء كربلاء والعاشوراءات المتتالية والمستمرة. أملي ان ارى منجزات ومنتجات لمؤسسات اعلامية تليق بالحدث لا تسجيلات جاهزة في استوديوهات صغيرة تتكأ على قوالب جامده وافكار معادة مزقتها شفاه الزمن.

د. نديم الجابري:

كل الثورات و الانقلابات واحداث العنف التي حدثت في التاريخ العربي كانت تستهدف تبادل مواقع الاستغلال وليس القضاء على ظاهرة الاستغلال. لذلك فأنها تنقل المجتمع من مستبد الى مستبد. و يلاحظ ان هذه الظاهرة اصبحت احدى سمات السلوك السياسي العربي الذي بدأ يقبل بالمستبد و يتولى به و يتغنى به و ينسج الاساطير حوله لكي يزيده ظلما وطغيانا. وهذا ما لاحظناه منذ العهد الاموي الى العهد العثماني ثم استمر بعد الحرب العالمية الاولى و الثانية وحتى يومنا هذا.

و من الجدير بالذكر ان هذا المنهج السلبي قد استمر حتى بعد ما يعرف بـ(ثورات الربيع العربي), التي حدثت في بعض البلدان العربية. حيث يلاحظ ان الشعوب العربية بعد ان تحررت من سطوة الطغاة سرعان ما انتجت طغاة جدد بأسم الدين او المذهب ليحلوا محل الطغاة السابقين. بل ان بعضهم بدأ يبحث عن طغاة صغار يتلذذ بالخضوع لهم وتنفيذ اوامرهم و نسج الاساطير و القدسية حولهم .

و يبقى الاستثناء الوحيد في التاريخ العربي يكمن في ثورة الامام الحسين عليه السلام. حيث انها الثورة الوحيدة في التاريخ العربي التي كانت تهدف الى القضاء على ظاهرة الاستبداد وليس استبدال مواقع الاستبداد. فثورة الامام الحسين كانت تهدف الى الاصلاح وليس الاستيلاء على السلطة كما يزعم البعض. و ان جوهر الاصلاح يكمن في تصحيح مسار العملية السياسية التي سنها الرسول الاعظم صلى الله عليه واله وسلم, واكملها الائمة والصحابة والتي ارتكزت على قاعدة الشورى في تولي السلطة وليس التوريث الذي اراده بني امية.

ان عظمة الثورة الحسينية و جوهرها يكمن في ما يأتي :

1– انها اول ثورة في التاريخ العربي استهدفت القضاء على ظاهرة الاستبداد ولم تستهدف تبادل مواقع الاستبداد او الاستغلال.

2– ان عظمة الثورة الحسينية تكمن في كونها اندلعت في مجتمع يمجد المستبد ويتغنى به. بل انهم لم يعرفوا نظاما للحكم غير الحكم الاستبدادي. لذلك عاشت الثورة الحسينية غربة عن المجتمع الذي اتت من اجله, لدرجة ان المجتمع ترك الامام الحسين واهل بيته واصحابه يقتلون بشكل مروع دون ان يقدم على نصرتهم او تقديم الدعم لهم.

3– ان عظمة الثورة الحسينية يكمن في توقيتها ايضا فالإمام الحسين لم يقم بثورته في عهد معاوية لأن حكمه لم يأت عم طريق التوريث فضلا عن مصادقته على الصلح مع الامام الحسن عليه السلام والذي يقضي بعودة الحكم بعد معاوية الى الشورى. لقد ادرك الامام الحسين ان المبادرة في التصدي للاستبداد في اول عهده افضل من التصدي له في عهد متأخر لأن الاضرار تكون اقل و ان فرص الاطاحة به تكون اكثر رجحانا. عليه ساهمت الثورة الحسينية في الاطاحة بالحكم الاموي الاستبدادي ولو بعد حين.

عليه, يمكن تسويق الثورة الحسينية على المستوى العالمي مثلما سوق الغرب الثورة الانكليزية و الثورة الفرنسية والثورة الامريكية اذا ماركزنا على محتواها التحرري وتوقيتها والظروف الاجتماعية التي احاطت بها بدلا من تشويهها بممارسات لا تمت لها بصلة.

ا. حميد الطرفي

- لم تعد زيارة الاربعين منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الان حدثاً تاريخياً يتم الاحتفال به كل عام ولا مناسبةً دينية يتم احياؤها تديناً وطاعةً لله الواحد الاحد فحسب، بل باتت بشكلها وطريقة أدائها وحجم المشاركة فيها منذ سقوط النظام وحتى الان ظاهرة تستدعي الدراسة والتأمل، دراسة تجيب عن الدوافع والاسباب وتوقع المستقبل. لا أشك أن محاربة النظام السابق لمجمل الشعائر الحسينية طيلة ثلاثة عقود ساهم في تفجير مشاعر مكبوتة للتعويض عما نالها من الظلم والاضطهاد وكم الافواه ومصادرة الحريات وخلق روح الثأر وحب التعويض عن حرمان تلك السنين، ولكن ذلك لا يكفي وحده لتفسير الظاهرة.

- لقد ساهمت الهجمة البربرية من قبل القاعدة واستهداف الزائرين بالعبوات والمفخخات بتأجيج روح التحدي والعناد واستنطاق واستحضار التاريخ بكل آلامه وأحزانه وتعزيز الربط بين قتلة الحسين (ع) في ذلك الوقت وبين هؤلاء الذين يقتلون على الهوية دونما تمييز بين صغير وكبير وامرأة أو رجل.

- إن فاجعة كربلاء وأخص منها خذلان الحسين من قبل المسلمين عامة وأهل الكوفة خاصة كما (يذكر معظم المؤرخين), تجد لها صدىً واسعاً لدى الشيعة خاصةً وان مواساته باتت ميسرة فالجميع في خدمة الزائر رسمياً وشعبياً .

- وعلى ذكر الجانب الرسمي والسياسي فلا يخفى على متابع إن الشعائر الحسينية جزء من هوية الشيعة ومحاربتها عبر التاريخ خطأ كبير وقعت فيه الانظمة الاستبدادية والطائفية سابقاً, لذا فإن بعض ساسة الشيعة بعد سقوط النظام يوحون دوماً عبر دعمهم اللامحدود لهذه الشعائر ومشاركتهم بها انها (اي الشعائر) انجازهم الأكبر وان ازالتهم تعني تهديد فرصة إقامتها، أو بتعبير آخر إن الاستقطاب الطائفي وحشد كل طائفة لأنصارها بالتعبئة الطائفية قد أوجد فرصةً للتعبئة وتحشيد الملايين عبر هذه الزيارات وبالأخص زيارة الاربعين لإخافة الطرف الآخر والظهور بمظهر القوي الذي لا يُقهر.

- مع سقوط النظام ودخول منطقة الشرق الأوسط مرحلةً جديدة وبالأخص المنطقة العربية مرحلة " الفوضى الخلاقة " فإن تمزيق المنطقة يستدعي استحضار عدد من الأسلحة كان من بينها سلاح التفرقة الطائفية وبدلاً من أن يكون الحسين (ع) عامل وحدة وتقارب بين المسلمين سعى البعض من أجنحة مذهب الشيعة (بقصد وبدون قصد) الى أن يزج بطقوس وروايات لا تمت للحسين (ع) وثورته بشيء، وقد استطاع أولئك وبمعونة من الغرب أحياناً وبعض الأغنياء من الشيعة أحياناً اخرى أن يمتلكوا فضائيات وإذاعات ومنابر يؤثرون عبرها على عدد غير قليل من اتباع مذهب أهل البيت غير أن هذه " الطقسنة" المفرطة وضعت أصحاب الرأي الراجح والواعي من السياسيين والمتدينين في حرج كبير فهم لا يستطيعون مواجهتها حذراً من الفرقة وخشيةً من الفتنة فأجلوا البوح عما يعتريهم من رفض لهذه الظواهر الى حين وريثما يقوى عود الدولة وتنتهي معركتها مع الارهاب.

- لكل شعوب الدنيا أعياد ومناسبات وطنية أو مكوناتية، تُقر فيها عطل رسمية وتقام بها احتفالات وطقوس خاصة ففي العالم الغربي وأمريكا يُعطل الدوام سبعة أيام لمناسبة ميلاد السيد المسيح ورأس السنة الميلادية وفي الصين وسنغافورة وتايلند وماليزيا وفيتنام يتم الاحتفال بعيد رأس السنة الصينية وتُقر السلطات الصينية عطلةً رسمية تستمر اسبوعاً ودول اخرى يومين لكن الاحتفالات تستمر اسبوعين. غير أن الدول الناجحة هي من توظف طقوسها واعيادها ومناسباتها بما يعزز الالفة ويقوي اواصر المجتمع ويرسخ مفاهيم الدولة في احترام النظام العام وإطاعة القوانين وان يندفع الجميع بعد هذه المناسبات بقوة لبناء البلاد والعمل لرفاه العباد وعلى كل الأصعدة فالتجمعات البشرية وسيلة مهمة من وسائل التوجيه والبناء على صعد الفرد والمجتمع.

- تعتبر المناسبات الكبيرة ذات البعد الديني أو حتى التراثي واحدة من العوامل المشجعة للسياحة الدينية والترفيهية وبعض الدول الناجحة تعد السياحة المصدر الرئيس من مصادر ثرواتها وزيارة الاربعين تدخل هذا الباب وبإمكان الدولة أن تخطط لذلك وحتى الان ورغم عدم الاستعداد في هذا المضمار فان حصول العراق على ثمانين مليون دولار كبدل للفيزا من مليوني زائر حسب احصاءات الداخلية أمر مفيد وقد يقول البعض اننا ننفق عليهم بما يوازي ذلك أو يزيد فيجاب على القائل أولاً ان هذا الانفاق هو تبرع من الاهالي ولا يمكن لاحد أن يجبر شخصاً على عدم التبرع، وثانياً ان هذا الزائر ومهما بلغت درجة بخله فان اعداداً كبيرة منهم يتسوقون من السوق العراقي مما ويستأجرون فنادق ومنازل مما يتسيب في فائدة قطاع واسع من الكسبة والتجار. الا اننا نؤكد ان مشروع المنابة كمورد من موارد السياحة الدينية لم ينضج بعد.

- الحدود هذا العام أكثر ضبطاً من العام السابق والغالبية العظمى من الزائرين قد استحصلوا الأذونات الرسمية ولازلنا نحتاج الى مزيد من هيبة الدولة وفرض القانون على الزوار الاجانب شريطة ان لا يكون ذلك تنفيراً وصداً عن القدوم بل بالطريقة التي نشجع فيها على القدوم ولكن مع مراعاة الضوابط والقوانين.

المحلل السياسي ابراهيم البيضاني:

يجب أن تتدخل الدولة وتعمل باتجاه توظيف المسيرة لأهداف سياسية حتى وإن كانت وطنية وأن لا تقتصر مهمة الدولة على الامن والخدمات إذ ان هذه المسيرات والمناسبات موفقة من الله ومحمية بدعاء اهل البيت عليهم السلام وبالتالي لا تخدمها التوظيفات السياسية ولكن من وجهة اخرى ان القتال المشرف والتضحيات للحشد الشعبي وللجيش العراقي هو استلهام لهذه المعاني الشريفة والدروس الايمانية والوطنية والانسانية لثورة الامام الحسين عليه السلام فضلا عن الدور والخطاب والموقف للمرجعية العليا.

مما جعل العراق يقف شامخا منتصرا وعادت هيبته وقوته اذ ان قتال الابطال كان فريدا ومتميزا يشكل شرفا وقيمة عليا وكتب للعراق تاريخا جديدا. نحن نقول الآن وبكل فخر ان هناك مؤشرات مهمة في حياتنا هي: المرجعية العليا, الحشد الشعبي, الجيش العراقي. نتمنى من السياسيين ان يرتقوا إلى مستوى أداء هذه العناصر الثلاث ويوظفوا الدروس والقيمة والمعنى نحو الإصلاح ونحو مكافحة الفساد ونحترم دماء وتضحيات الابطال الذين دافعوا عن العراق وحرروا الارض.

القانوني امير الدعمي:

كم اتمنى ان تترجم ثورة الامام الحسين عليه السلام الى واقع عملي ملموس بعيداً عن الشعارات فالحسين قضية وقضية الحسين عليه السلام درساً بلغ مسمعه اعنان السماء لكن للأسف لم تستثمر هذه القضية وخصوصاً شبابها اليوم كسند للدولة ومستقبل للعراق .... نحن نحتاج الى من يثقف هؤلاء الشباب والناس البسطاء على ان قضية الحسين هي قضية وطن وان الدولة هي مرجع كل العراقيين فالحسين وقضيته لا يمكن ان يختصر بخرقة قماش او شعار, الحسين منبر وصوت من لا صوت له فالحسين اليوم هوية العراق من اقصاه الى اقصاه.

المقترح ان تستثمر المنابر الحسينية وبدعم من الدولة بتثقيف الناس البسطاء والشباب على ان حب الحسين هو حب الدولة وممتلكاتها هي ممتلكات كل عراقي اليوم نفتقد نوعاً ما الى الانتماء الى العراق كوطن لا ننكر ان الطائفية نخرت وحدتنا وحبنا لأرض العراق, الحسين هو هوية هذا البلد امام العالم وكل عراقي اليوم هو حسيني وان كان ازيدي او مسيحي.

وهل استثمرت هذه الملايين البشرية او حتى المادية منها المادية ؟ للأسف نملك ثروة لو كانت بأيدي الغير لكانت شوارعهم من ذهب لو اعتشنا على سياحة المراقد الدينية لكان الحال غير الحال, والدليل ان تركيا تعتاش في اقتصادها على سياحة مصطنعة ولك ترى كيف حالها الان وشتان ما بين ثرواتنا وتركيا.

ا. حسن الطالقاني:

علينا ان نستثمر الزيارات المليونية من خلال:

1/ أخذ الروح التي يتعامل بها الزائر وصاحب الموكب هي نفس الروح تبقى بعد انتهاء الزيارة وهي روح المودة النشاط المتبادل والتعاون.

2/ ضرورة توجيه الزائرين إلى الحرص على نظافة مناطقهم مثلما ينظفون مواكبهم وطريق الزيارة.

3/ توجيه الزائرين على العمل في دوائر الدولة باخلاص لكي نتخلص من الرشوة والفساد.

4/ الخطباء يعملون على تثقيف الناس والخروج من الحزبية إلى حب البلاد والتضحية ورث الصفوف وجعل الحياة غير متشنجة خصوصا ان الوحدة الحسينية هي تكفي لإنهاء الخلافات وبالذات السياسية الداخلية.

5/ على الاعلام والحكومة ان يستثمروا وجود الزائرين لدعم الجيش العراقي والحشد المقدس والقوات الامنية ليرى العالم ترابط الشعب مع رجال الأمن لكي تصل الرسالة بأن الناس هم أصحاب القرار وليس الدول التي تحاول فرض السيطرة.

الباحث والكاتب عباس الموسوي:

حتى لا نُتهم باننا نمنع الفقراء من زيارة اهل البيت يكون الامر الزيارة الاولى خلال العام سعر الفيزا العادي ويكون سعر الفيزا الاخرى سعر اعلى من الزيارة الاولى للعتبات هنا نكون عملنا شي من اجل ادخال مبلغ اضافي للميزانية.

اضف تعليق