لقد انتشرت القضية الحسينية في جميع أرجاء العالم بشكل لا يوصف حتى أصبح من الصعب أن تجد دولة أو مدينة ليس فيها حسينية أو مؤسسة تقيم شعائر الامام الحسين عليه السلام وتنشر علوم آل البيت عليهم السلام، بل اصبحت أغلب شوارع مدن العالم الكبرى معتادة على مسيرة إحياء ذكرى عاشوراء الأليمة أو زيارة الأربعين.
إنه الحسين عليه السلام الذي ألهب القلوب وملئها حبا وشحنها طاقة من أجل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى في هذه المعمورة، لقد أصبحت شعوب المعمورة كافة مهيأة لتقبل بل احتضان الإسلام الحق المتمثل بطريق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين نتيجة الظاهرة الحسينية التي دخلت في كل مدينة وشارع، على الرغم من الحصار الإعلامي الذي فرضته كل قوى الضلال والشر التي تريد من البشرية أن تكون خانعة وراضخة لها ولمخططاتها الشيطانية.
ولكن نحتاج الى تعاون قوي وحقيقي ما بين جميع المؤمنين في هذه المعمورة من أجل كسر هذا الحصار المفروض على القضية الحسينية، وأفضل طريقة وأسرعها وأقصرها وأقواها في كسر هذه الحصار المفروض هي إخراج زيارة الأربعين المليونية الى العالم، هذه الزيارة التي قفزت على المألوف وأدخلت غير المألوف الى حياتنا اليومية وجعلت من المستحيل شيء عادي يمكن تحقيقه بل عملت المعاجز.
لهذا فان زيارة الأربعين معجزة الإسلام الحق في هذا الزمان فهي التي جعلت من كل الصفات الحميدة تطبق بكل شفافية ودقة وبشكل عملي لا يوصف، فهذا التواضع الذي أصبح سمة من يشارك في زيارة الأربعين بل يتشرف كل فرد منهم العزيز والغني والتاجر والدكتور والكاسب والعامل والضابط وجميع فئات الشعب من أعلاها الى أدناها بتقبيل قدم الأخر كله من أجل نيل التقرب من الله سبحانه وتعالى في حب الحسين عليه السلام.
وهذا الكرم الذي أصبح ضرب الأمثال وقفز على جميع صور الكرم في التاريخ بما أحتوى من الكمية والنوعية بل أصبح الصفة المميزة لشعب العراق بكل فئاته على حدٍ سواء الجميع يقدم للحسين عليه السلام وزوار الحسين عليه السلام، والشجاعة التي أصبحت السمة الأشهر لمن يشارك في هذه الزيارة المليونية رغم التهديدات الإرهابية الإجرامية الضخمة وكلما تفجرت عبوة ناسفة او سيارة مفخخة أو سقطت قنبلة هاون كلما زاد العدد وتضاعف المدد فالجميع يهوى طريق الشهادة الذي خططه ورسمه سيد الشهداء ابا عبد الله الحسين عليه السلام.
ونكران الذات والحلم والمحبة والأخوة الصادقة والثقة والأمان المتبادل ما بين الجميع على الرغم من التهديدات الضخمة وقضاء الحوائج وغير من الصفات والأخلاق الحميدة التي تفتقدها الإنسانية اليوم بل اصبحت بعضها من المنسيات التي لا تذكر الا في صفحات الكتب الأخلاقية والأفلام والمسلسلات التلفزيونية.
فكسر الحصار الإعلامي عن هذه الزيارة وإخراجها للعالم ستكون البوابة الأوسع لدخول البشرية الى زمن الحسين عليه السلام المملوء بالفضائل والصفات الكريمة التي تفتقدها البشرية ومن ثم التوجه الى ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وهو الإسلام الحق الذي به سعادة البشرية في الدارين، لأنه بحق زمن الحسين عليه السلام.
زيارة الأربعين نعمة الله الكبرى فعلينا شكره عليها
زيارة الأربعين نعمة من نعم الله على شعب العراق لما تحتويه هذه الزيارة من بركات وفوائد جليلة في الدنيا والآخرة، هذه الزيارة التي حيرت القلوب وأذهلت العقول وأذهبت بالجنان بما تتضمنه من فيوضات الهية يعيشها كل شخص يشترك بها إن كان ماشياً أو خادماً أو متابعاً، وهذه الفيوضات يتلمسها كل إنسان إن كان مشاركاً أو متابعاً نتيجةً لإشراقاتها المنعكسة من تصرفات وكلمات وحركات وأخلاق كل مشارك في هذه الزيارة المليونية العظمى.
هذه الفيوضات التي جعلت الأجواء التي يعيشها الزائرون والمشاركون في الخدمة بالأجواء الملائكية التي يندر وجودها في قاموس حياة البشرية اليومً، فهذه الأخلاق التي لا توصف، يتعامل بها جميع المشتركون في الزيارة كأنك تمشي أو تتعامل مع ملائكة تمشي على الأرض، وهذه الصفات الحميدة التي يتجسد بها المشاركون من كرم وتواضع وشجاعة ونكران ذات وحلم وجميع الصفات الملائكية الجميلة.
هذه الأجواء التي يعيشها المؤمنون في فترة أسبوعين تقريباً من كل عام هبة من الله سبحانه وتعالى بل هي نعمة كبرى أنعمها الباري علينا ليدخلنا دورة في الأخلاق الحميدة بل الحياة الفاضلة التي بدأت تنقرض بل تنتهي من جميع المجتمعات وخصوصاً مجتمعاتنا، فهذه النعمة الجليلة التي تغمرنا أيام زيارة الأربعين علينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى عليها، وأفضل شكر نقدمه لله سبحانه وتعالى هو الالتزام بل الاستمرارية بالتعامل بهذه الأخلاق خلال حياتنا اليومية فهذا خير شكر وامتنان للمولى عزة قدره نقدمه اليه، حيث المولى عزة قدره يقول (لئن شكرتكم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) ومن خلال هذا الشكر الذي نقدمه لله سبحانه وتعالى فإنه سوف يغمرنا بفيوضاته ونفحاته التي ستغمرنا وسنعيش من خلالها في حياة سعيدة بما للكلمة من معنى.
وإذا لم نستفد من أخلاق زيارة الأربعين وآدابها ودروسها الجليلة وتمر هذه الزيارة بدون أي تأثير في المجتمع ويبقى المشاركون والمشاهدون على أخلاقهم وآدابهم فهذا يعني تمر هذه النعمة ولا يرافقها ولا يتبعها الشكر، وهذا الأمر يثير علامات الاستفهام والتخوف من المستقبل من خلال زوال النعمة التي أنعم بها الله سبحانه وتعالى علينا، بالإضافة الى عدم التأثر بثورة عاشوراء الكبرى التي انطلقت بأول كلمات من سيد الشهداء عليه السلام (للإصلاح في أمة جدي لأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر)، فأين الإصلاح الذي تقوم به هذه الثورة العظيمة في المجتمع من خلال زيارتي عاشوراء والأربعين إذا لم يتأثر المجتمع ويأخذ من أخلاق محمد وال محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
لهذا على كل مؤمن يخاف من زوال النعمة عليه أن يشكر الله سبحانه وتعالى من خلال التمسك بأخلاق أهل البيت عليهم السلام، ونشاهد ونعيش هذه الأخلاق بشكل عملي في زيارة الأربعين من كل عام.
اضف تعليق