بيّن (ع) أقسام العبادة ودرجات العُبّاد قائلاً: إنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادةُ العبيد، وإنّ قوماً عبدوا اللهَ شُكراً فتلك عبادةُ الأحرار، وهي أفضل العبادة. وقال (ع) عن آثار العبادة الحقيقية: من عَبَدَ الله حقَّ عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايتهِ...
يستهل بعض قراء المنبر الحسيني حديثهم بعبارة بليغة :"يا ليتنا كنا معكم سادتي فنفوز فوزاً عظيما".. وتلك كلمة تُعبّر عن الوفاء، لكنها أمنية صعبة المنال، فقد مرّ الزمان ودارت الأيام، ولقي قتلة الحسين (ع) عقابهم، خزياً في الدنيا، وعذاباً في الآخرة، وبقيت قصة استشهاد الحسين عبرة ودرساً للبشرية كلها، في معاني الدفاع عن الحق ورفض الظلم والثورة على الباطل والتضحية من أجل رفع راية الاسلام الحق، في مواجهة الظلم، والزيف والطغيان.
يقول الإمام الحسين عليه السلام: "إني ما خرجت أشِراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم, أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير في أمة جدي بسيرة جدي وأبي علي بن أبي طالب, فمن قبل عنا بالحق ما جئنا به فالله أولى بالحق, ومن ردنا صبرنا حتى يحكم الله بيننا وبين قومنا والله أحكم الحاكمين".
وفي مقام آخر، بيّن (عليه السلام) أقسام العبادة ودرجات العُبّاد قائلاً: إنّ قوماً عبدوا الله رغبةً فتلك عبادة التجّار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبةً فتلك عبادةُ العبيد، وإنّ قوماً عبدوا اللهَ شُكراً فتلك عبادةُ الأحرار، وهي أفضل العبادة. وقال (عليه السلام) عن آثار العبادة الحقيقية: من عَبَدَ الله حقَّ عبادته آتاه الله فوق أمانيه وكفايتهِ. وسُئل عن معنى الأدب فقال: هو أن تخرج من بيتك فلا تَلقى أحداً إلاّ رأيت له الفضلَ عليك.
تلك الكلمات المضيئة ترسم بعض جوانب السيرة الخالدة لسيد الشهداء، وتؤكد القيم التي دافع عنها الإمام الحسين واستشهد من أجلها، وعندما نستذكر تلك المعاني العطرة، ينبغي علينا أن نقول "يا ليتنا اقتدينا بكم" بدلاً من "يا ليتنا كنا معكم".
يا ليتنا اقتدينا بالحسين في العبادة الخالصة شكراً لله وحده تعالى، وآمنا برسالة جده الرسول الكريم، وتوحدنا في طريق الحق، ولم نتفرق ونتناحر باسم الدين، ولم نتصارع على مطامع الدنيا الزائلة.
يا ليتنا اقتدينا بموقف الحسين يوم الطف، وهو يردد بكبرياء وعزة وإباء "هيهات منّا الذلّة" أمام جبروت الحاكم المستبد وجيوشه المتجبرة، فقد اختار الحسين إحدى الحسنيين، اما النصر أو الشهادة، أما الحياة بكرامة أو الموت بكبرياء.. وقد اختار له الباري عز وجل شرف الشهادة، ومنحه المكانة الرفيعة في الدنيا والآخرة.
يا ليتنا اقتدينا بالحسين في ترسيخ العدل والمساواة والتسامح ورفض العنصرية والعصبية القبلية الجاهلية التي استبدلها الإسلام بالكرامة الإنسانية: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" و"لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى"!
يا ليتنا اقتدينا بمنهج الحسين في التعاملات الاجتماعية اليومية، فلا فساد ولا نفاق ولا كذب ولا خيانة ولا تزوير ولا خداع ولا غش ولاكسل ولا جهل ولا تخاذل.
يا ليتنا اقتدينا بأولاد الحسين وأحفاده الأطهار، ومضينا في خطهم الواضح ومسيرتهم المشرقة، فقد كانوا قدوة صالحة في الإيمان والزهد والتواضع والكرم والمحبة.
يا ليتنا اقتدينا بآل البيت النبوي الشريف، وفي مقدمتهم الحسن والحسين (عليهما السلام) وذريتهما المباركة، لأصبحنا أفضل الناس، علماً وخُلقاً، كما يريد الحق تبارك وتعالى "كنتم خير أمة أُخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" صدق الله العظيم.
اضف تعليق