الشعائر الحسينية بكل اجنحتها ومظاهرها تؤدي بالمحصلة الى التذكير بالحسين عليه السلام ومجرد ذكرى الحسين هو ذكر للتجديد والتغيير والمواجهة والرفض شاء من شاء وابى من ابى. فعلينا عدم المبالغة والخشية من القصائد غير الهادفة، والشعائر الخالية من وعي المرحلة وضروراتها فإنها تؤدي بالنتيجة للأصل الحسيني الهادف...
لماذا تغيب في بعض القصائد التوعية الفكرية المتناسبة مع خطاب النهضة الحسينية؟
وكيف يمكن ان تساهم القصيدة الحسينية في إحداث التغيير الاجتماعي؟
منذ استشهاد الحسين عليه السلام والأجيال تتحدث عن ثورته ومظلوميته والسعي إلى اقتفاء اثره في مواجهة الظلم وتحدي الطواغيت واقامة الحق ونشر العدل فانقسمت الامم من بعده الى فريقين فريق يتحسس العَبرة والعِبرة فهو فريق هادف يعتبر شعائر الثورة ملهبة للحماس وقارعة لطبول مواجهة الطغاة، ونبراساً لمحبي العدل والحرية، فكانت ثورة التوابين والمختار الثقفي وزيد بن علي والحسين بن علي الخير وكلها ثورات لم تكلل بالنجاح الا انها ساهمت مع ثورة الحسين عليه السلام في اسقاط الدولة الأموية على يد العباسيين.
واستمرت هذه الشعائر وسيلةً من وسائل التغيير التي ينشدها المجتمع عامة ومجتمع محبي ال البيت خاصة، فعند هؤلاء الشعائر ليس لأجل الشعائر، والحزن ليس لأجل الحزن، ورفع الرايات ليس لأجل رفع الرايات ؛ وكذا المجالس والمآتم والزيارات، بل كلها وسائل مشروعة من اجل التغيير لما هو أفضل، وسائل للرفض، رفض الظلم والطغيان وسلب ارادة الامة، فكانت ولازالت قصائدهم ونواحهم، مجالسهم ونعيهم، لطمهم وهتافهم، كله هادف، حتى الصلاة على محمد وال محمد بصوت مرتفع كانت تعني لا للظلم، صرخة ياحسين في ركضة طويريج كانت تعني لا لحكم الظالمين، وكل ذلك تقرأه في ردة فعل الانظمة الحاكمة، فهي تمنع التجمعات في كل الشعائر الحسينية لأنها تدرك تماماً انها وسيلة للاعتراض على النظام الحاكم.
أما الفريق الآخر فظل يطالب بإقامة الشعائر المجردة عن كل هدف واعتبار ما حصل هو فاجعة بحق اهل البيت عامة والحسين عليه السلام خاصة يجب ان نستدر دموع محبيه فقط عبر اقامتها دون اي هدف آخر، لأن جر هذه الفاجعة الى أهداف تتمثل في العدالة الاجتماعية وأحقية الحكم ومنع الظلم سيقوض هذه الفاجعة ويسيسها، وهذا ما تعمل عليه ادوات الحكم عبر القرون ويلقى تشجيعاً من بعض اصحاب الشعائر لقناعات معينة ليس هنا محل ذكرها. فتناول المأساة عند هؤلاء لا يتعدى ذكر الفاجعة الاليمة وتفاصيلها المحزنة وكفى بذلك وفاءً لسيد الشهداء.
الشيء الايجابي في الشعائر الحسينية إنها متنوعة الابواب ومتعددة الجوانب لا يمكن لأصحاب الرأي الثاني ان يطوقوها بفهمهم القاصر فهناك المنابر طوال العام، وهناك الزيارات المخصوصة والمطلقة، وهناك مواكب العزاء المتنوعة، لطم، زنجيل، تقديم طعام، خدمات مبيت، وغيرها الكثير، حتى باتت القصائد في الاعوام الاخيرة تتعرض لهذا الوفاء والعزاء والكرم والسخاء للمعزين وتتعرض لمفاهيم شجاعة شهداء الطف وصولاتهم وبأسهم أكثر مما تتعرض لتفاصيل الفاجعة ومشاهدها المأساوية، وذلك نقلة نوعية في تقديري من شأنه ان يربي جيل على فهم الطف من زوايا اخرى غير زاوية العَبرة التي اعتاد عليها البعض لسنين طوال.
ولا يفوتني هنا ان أذكر ان الشعائر الحسينية بكل اجنحتها ومظاهرها تؤدي بالمحصلة الى التذكير بالحسين عليه السلام ومجرد ذكرى الحسين هو ذكر للتجديد والتغيير والمواجهة والرفض شاء من شاء وابى من ابى. فعلينا عدم المبالغة والخشية من القصائد غير الهادفة، والشعائر الخالية من وعي المرحلة وضروراتها فإنها تؤدي بالنتيجة للأصل الحسيني الهادف.
السلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.
اضف تعليق