q
كيف يمكن أن نكون أوفياء للحسين؟ هذا السؤال الذي لابد الا يغادر اذهاننا ما دامت الدماء تسري في عروقنا، لاسيما ونحن نعيش أيام احياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام وتوجه الجموع المليونية صوب قبلة الاحرار عند ضريح السبط الشهيد، من ضحى بدمه من أجل الإنسانية...

كيف يمكن أن نكون أوفياء للحسين؟ هذا السؤال الذي لابد الا يغادر اذهاننا ما دامت الدماء تسري في عروقنا، لاسيما ونحن نعيش أيام احياء ذكرى اربعينية الامام الحسين عليه السلام وتوجه الجموع المليونية صوب قبلة الاحرار عند ضريح السبط الشهيد.

من ضحى بدمه من أجل الإنسانية وقدم اهل بيته صلوات الله عليهم يستحق من البشرية ان تُثمن هذه التضحيات الجسيمة التي قُدمت على رمضاء كربلاء، وفي ذلك المضمون هنالك جملة من الأشياء تمثل الوفاء للنهضة الحسينية الخالدة والسير على خطى الفكر المحمدي الأصيل.

فلا تخرج زيارة الأربعين من كونها مصداق حقيقي وعملي على الوفاء للدماء التي سالت على ارض التضحية والفداء كربلاء المقدسة، فالاستمرار بالمسير نحو مدينة سيد الشهداء على مدى السنوات الماضية، يعني تواصل الاقرار بما قدمه الامام عليه السلام من خدمة جليلة للإنسانية برمتها.

ثورة الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء جاءت بكل معانيها لتغيير الحياة البشرية وإزالة الشوائب منها وتنقيتها بما يتناسب وقيمة الانسان الذي خلقه الله وصوره في أحسن تصوير، فهي لا تخرج عن نطاق يتماشى مع المفاهيم الإنسانية الهادفة الى تبجيل الفرد وإعطاءه كل ما يستحق.

والاكتفاء بالمسير خلال زيارة الأربعين لا يمثل الوفاء بكل معانيه، فالمشي على مدى أسبوعين او اقل يأتي جزء يسير من متطلبات الوفاء المطلق لنهج سيد الشهداء عليه السلام.

ومن شروط الوفاء التي يمكن ذكرها في هذا المجال هو الشروع بمواجهة الظلم والاضطهاد الذي يلحق بالبشرية من قبل حكام هذا الزمان، والعمل على مناهضة الأفكار الظلامية التي تخرج عن طراز الفكر الإسلامي الذي وضع العديد من المحددات المنظمة لسير الحياة الاجتماعية بتفصيلاتها كافة.

نعيش في هذه الأيام قبول غير مسبوق بالظلم الذي تغلل في الحياة العامة ومفاصلها، وهنا يكون التساؤل حاضرا، هل وفاء الامام الحسين عليه السلام، يكمن في السكوت عن الانحرافات الأخلاقية التي تحدث في المجتمع وتخرج عن القيم السامية التي رسمها اهل البيت عليهم السلام وتم استنباطها من السنة النبوية الشريفة؟

"ألا من ناصر ينصرنا؟"، هذا النداء لا ينتهي الصلاحية والمفعول، فنصرة الحسين باقية وملازمة للوجود الإنساني، والنصرة تتحقق بكل عصر وتحت أي ظرف، فالنصرة بوقتنا الحالي تتعدد بتعدد وجه الحياة العصرية ومسمياتها، فالوفاء للحسين يمكن ان يكون بالجهود المبذولة لحفظ وحدة الصف وكيان المجتمع الإسلامي الذي يحاول البعض تمزيقه الى فرق متناحرة يبغض بعضها البعض.

الجموع المليونية يزداد وفاءها للقضية الحسينية عبر التسلح بالعلم ومحاربة الجهل والفساد، الحسين عليه السلام، لا يريد للامة ان تكون غير واعية لما يدور في محيطها من مؤامرات ومخططات هدفها اضعاف البناء المجتمعي الإسلامي وتحويله الى كيان ضعيف لا يقوى على مواجهة التحديات الفكرية الموجهة ضد الافراد والمؤسسات المجتمعية.

وفي معرض ذكر الوفاء للأمام الحسين عليه السلام، لا بد من الوقوف عند ما تحلى به بن بنت رسول الله عليهم أفضل الصلاة واتم التسليم من خلق وحلم كريمين، ومزايا وسجايا ومناقب جعلته حبيباً وقريباً مقرباً إلى قلوب كل المحبين في العالم أجمع، كيف لا، وهو يعود بأصله العريق والعظيم إلى الدوحة الهاشمية الشريفة.

كل هذه الخصال والفضائل التي منحها الامام للبشرية ونمت كالأشجار في المجتمعات البشرية بحاجة الى من يقابلها بالتشرب والتطبيق الفعلي وليس ترديدها كشعارات خالية فضفاضة وبهذا يكون الوفاء قد تحقق بكل مفاهيمه واصوله.

اضف تعليق