الشعيرة موضوع وحكمها: تقوى القلوب، فهي من تقوى القلوب، فكل ما يؤسّس ولم يكن من المحرّمات الأكيدة، وعُدّ تمجيداً وتجليلاً للإمام الحسين فهو من الشعائر الحسينية وليس ضرورة أن يكون في زمن الأئمة الأطهار قطعاً وذلك لن كل ما لينا لم يكن في ذلك الزمن ولكن علمونا كيف نقدِّس ونعظِّم...
مقدمة ولائية
عقيدة التولي هي من أعظم وأجل وأجمل العقائد بعد التوحيد والنبوية، بل هي الباب الذي نأخذ منه التوحيد والنبوة وكل العقائد المحقة في دين الله الحق، فهي عقيدة الباب الإلهي والولي والإمام هو البواب المسؤول عن الدخول من ذاك الباب الذي أمرنا الله أن ندخل منه إلى ساحة قدسه.
فعَنْ زُرَارَةَ، عَنْ الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) أنهُ قَالَ: (بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: عَلَى الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالصَّوْمِ، وَالْوَلَايَةِ)، قَالَ زُرَارَةُ فَقُلْتُ: وَأَيُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟
فَقَالَ: (الْوَلَايَةُ أَفْضَلُ، لِأَنَّهَا مِفْتَاحُهُنَّ، وَالْوَالِي هُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِنَّ). (الكافي للكليني: ج2 / 18)
يقول الشيخ المجلسي: "الولاية أفضل" لا ريب في أن الولاية والاعتقاد بإمامة الأئمة (عليهم السلام) والإذعان بها من جملة أصول الدِّين، وأفضل من جميع الأعمال البدنية "لأنها مفتاحهن" أي بها تفتح أبواب معرفة تلك الأمور، وحقائقها، وشرائطها، وآدابها، أو مفتاح قبولهن، "والوالي" أي الإمام المنصوب من قبل الله هو الدليل عليهن يدلُّ الناس من قبل الله على وجوبها وآدابها وأحكامها"، فهل عرف الناس كل العبادات والفروع والأخلاقيات والآداب إلا من أئمة المسلمين؟
وربما هذا ما عناه سيدنا ومولانا عالم آل محمد الإمام الثامن علي بن موسى الرضا (ع) في حديث السلسلة الذهبية، فعَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ قَالَ: لَمَّا وَافَى أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا (عليه السلام) نَيْسَابُورَ وَأَرَادَ أَنْ يَرْحَلَ مِنْهَا إِلَى الْمَأْمُونِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، فَقَالُوا لَهُ: يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ تَرْحَلُ عَنَّا وَلَا تُحَدِّثُنَا بِحَدِيثٍ فَنَسْتَفِيدَهُ مِنْكَ؟!
وَقَدْ كَانَ قَعَدَ فِي الْعَمَّارِيَّةِ (الهودج) فَأَطْلَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: (سَمِعْتُ أَبِي مُوسَى بْنَ جَعْفَرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام) يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) يَقُولُ: سَمِعْتُ جَبْرَئِيلَ يَقُولُ: سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حِصْنِي فَمَنْ دَخَلَ حِصْنِي أَمِنَ مِنْ عَذَابِي.. فَلَمَّا مَرَّتِ الرَّاحِلَةُ نَادَانَا: بِشُرُوطِهَا وَأَنَا مِنْ شُرُوطِهَا). (الأمالي للصدوق: 235)
فشرط قبول التوحيد أن تأخذه من إمام مفترض الطاعة من الله سبحانه وتعالى، لأن الإمام هو باب مدينة العلم الرِّسالية والرَّبانية كما حدَّدها رسول الله (ص) برواية جابر بن عبد الله قال: أخذ النبي (صلى الله عليه وآله) بعضد عليٍّ (عليه السلام)، وقال: (هذا أمير البررة، وقاتل الكفرة، منصور من نصره، مخذول من خذله، ثم مد بها صوته، فقال: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب). (المستدرك، ج 3: ص 129، تاريخ بغداد، ج 2: ص 377)
وعن عليٍّ (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن الله عز وجل خلقني وعلياً من شجرة، أنا أصلها، وعليٌّ فرعها، والحسن والحسين ثمرتها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيِّب إلا الطيِّب؟ وأنا مدينة العلم وعليٌّ بابها، فمَنْ أراد المدينة فليأتها من بابها).
وفي روايات أخرى (أنا مدينة الحكمة وعليٌّ بابها)، أو (أنا مدينة الجنة وأنت بابها يا عليٌّ)، وعن الأمير سلام الله عليه، قال: (أَنَا بَابُ اللَّه)، فهم أبواب العلم، والحكم، والجنة، وهم الأدلاء على الله في هذه الحياة، وهم سفن النجاة في هذه البحار المتلاطمة، ولكن من مختصات الإمام الحسين (ع) أن سفينته أوسع، وهي في لجج البحار أسرع، فلهذا تجد أن كل الشياطين يجتمعون للتشكيك في شعائر المولى (ع) ليُبعدوا الناس عن هذه السفينة الربانية التي قائدها وربانها الإمام الحسين (ع) وحافظها وراعيها عضيده أبو الفضل العباس (ع).
أنواع الأئمة الأولياء
لدينا في القرآن الحكيم نوعان من الأئمة، كما ذكرت الآيات الكريمة:
1- أئمة حق وصدق وإيمان يدعون إلى الهدى والرشاد في الدنيا، والجنة في الآخرة، قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ) (الأنبياء: 73)، كالإمام الحسين (ع) وأهل البيت الأطهار (ع).
2- أئمة باطل ودجل وكفر يدعون إلى الضياع والضلال في الدنيا، وجهنم في الآخرة، قال تعالى: (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) (القصص: 42)، وما أكثر هؤلاء.
هذا تصنيف القرآن الحكيم للأئمة في هذه الدنيا، وهو تصنيف الحق والباطل، والخير والشر، والنور والظلمة، منذ بداية الخلق، وبالأحرى من قبل الخلق هذا كان قانون الله وسُنته في خلقه عبر العصور والدهور.
أنواع الشياطين
وكما أن لآيات القرآن الحكيم تصنيف للأئمة، كذلك له تصنيف للشياطين، إذ أنه لا يقتصر على نوع واحد من الشياطين والأبالسة من نسل إبليس العدو اللدود لبني آدم، بل هما:
1- شياطين الجن؛ من نسل إبليس اللعين الرجيم، وهم عناصر نارية شريرة عادة.
2- شياطين الإنس؛ من نسل بني آدم خليفة الله، ولكنهم أطاعوا الشيطان وعصوا الرحمن وبذلك صاروا مطية للشيطان يركبهم ويسخِّرهم في تسويق ونشر كل ما يُريده في بني آدم من مفاسد وشرور، وجرائم والمهم أنه لا يجعلهم يعبدون الله بل يجعلهم عبيد له، ولذا قدَّمهم القرآن بالذكر حيث قال: (شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ) (الأنعام: الآية112)، يقول سماحة السيد المرجع الشيرازي (دام ظله): "إنّ شياطين الإنس أسوأ من شياطين الجن، فالقوّة التي أعطاها الله سبحانه وتعالى للإنسان لم تُمنح للشياطين".
وفي الحقيقة والواقع فإن ضرر شياطين الإنس أكبر من الشيطان نفسه لأن الشيطان يُسوِّل ويُوسوس، ويُزيِّن، ولا سلطان فعلي وحقيقي على البشر إلا أن شياطين الإنس هم بالإضافة لكل ما يفعله الشيطان لهم قوة وسيطرة وفعل يعجز عنه الشيطان الرجيم، فلو اجتمعت شياطين الجن جميعاً هل يمكن أن يفعلوا تلك الفعال بالإمام الحسين (ع) وأهل بيته (ع) لا سيما وأنه من المخلَصين الذين لا يقربهم الشيطان وأعوانه أصلاً، أما الشيطان يزيد، وابن زياد فإنهم جهزوا ثلاثين ألف من شياطين الإنس ودفعوهم لقتلهم وإبادتهم بتلك الطريقة المفجعة التي لا شبيه لها ولا نظير عبر التاريخ البشري كله.
تشكيك الشياطين في شعائر الإمام الحسين (ع)
سماحة السيد المرجع الديني الكبير، والمربي القدير، السيد صادق الحسيني الشيرازي (دام ظله)، الذي يحرص في كل مناسبة على التأكيد على ما يحفظ دين الناس، ويبعدهم عن التشكيكات بالمعتقدات مهما كانت طفيفة وبسيطة لأنها حُبالة من حبائل إبليس ينصبها ليصطاد فيها بعض البسطاء، وله في كل موسم عاشورائي مواقف كبيرة وكثيرة تجاه الشعائر الحسينية المباركة، لما يقرأ ويتابع ويسمع من تشكيكات تأتي بأشكال وألوان مختلفة، وفي كل عام لهم نصيب من التشكيك في تلك الشعائر المباركة.
وكان لسماحته هذا العالم في ليلة الوحشة الحادي عشر من المحرم 1443ه في بيته المكرم في مدينة قم المقدسة جلسة مطولة مع الولائيين والمعزِّين، حيث وجَّه شكره لهم ولكل المعزين المؤمنين في العالم لا سيما أهل العراق الأجاويد، ولفتَ سماحته في كلمته إلى رواية عظيمة وهي ما يُعرف (بحديث أم أيمن)، وتناول منه كلمتين فقط وطلب من الأعلام شرح هذه الرواية المباركة والتأكيد عليها لعظمتها وعظيم فائدتها في كل زمان ومكان.
يقول سماحة السيد المرجع معلقاً على هذه الرواية العظيمة: " أنّ هناك أشخاصاً كما يبدو، هم من مصاديق الحديث الذي سأذكره، ويسعون إلى التّشكيك في قضايا الإمام سيّد الشهداء صلوات الله عليه واستشهاده، وبمعاجز وأحداث الشّعائر الحسينية المقدّسة والمرتبطة بذلك.. وفي هذا الحديث ورد أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال حول استشهد الإمام الحسين صلوات الله عليه: أنّ إبليس، وهو نفسه الذي كان قبل خلق سيّدنا آدم (عليه السلام)، ولا يزال، وتحت إمرته ربما المليارات من الأبالسة والشياطين، إنّه أمر أبالسته بقوله: (عليكم بالتّشكيك)، ولم أرَ هذا في أيّ رواية أخرى ولا في أي حديث آخر، ولا نراه في أيّ مكان آخر فيما يرتبط بباقي المعصومين الثلاثة عشر صلوات الله عليهم، بل هذا يرتبط بالإمام الحسين صلوات الله عليه فقط".
ولو سألنا سماحته: ولكن مَنْ هم شياطين التشكيك الإنسية سيدنا العزيز؟
لجاءنا جوابه قاطعاً: " يُقصد بهم الذين يكتبون أشياءً، أو يلقون الخُطب والمحاضرات، ويُشكّكون في شعائر الإمام الحسين صلوات الله عليه، وفي الحديث المذكور لم يقل رسول الله (صلى الله عليه وآله) التّشكيك بالإمام الحسين (صلوات الله عليه) نفسه، لأنّه مَنْ الذي يشكُّ في الإمام؟ بل قال: إنّ إبليس أوعز لشياطينه أن يُشكّكوا في كلّ شيء، وفي كل ما يمكن التّشكيك به تجاه القضية والشعائر الحسينيتين المقدّستين"، وخطر هؤلاء يكمن في أنهم يُشككون الناس العوام، والبسطاء، والفقراء في عقائدهم وأديانهم بما يُلقونه عليهم في مجالسهم التي يديرونها بلا تحقيق ولا تدقيق، فيكون ضررهم على الناس كبيراً جداً، وهم المفروض أن يكونوا من المؤتمنين على أديان الناس وعقائدهم.
حرب المحو من الوجود
حرب الشياطين التي حددها حديث أم أيمن هو ليس منحصراً بحرب مؤقتة على شعيرة، أو على شيء من تاريخ، ونهضة، وثورة الإمام السبط العظيمة التي قام فيها لقيام الدِّين، ولذا كانت حربهم لمحوه من الوجود، يقول سماحة السيد المرجع: " يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إنّهم يشكّكون بالشعائر الحسينية، بعد استشهاد الإمام الحسين صلوات الله عليه، مع شدّة الجهد والمشقّة، والكثير من الجهد والمشقّة منهم، فيسعون بمشقّة شديدة ليمحو الشعائر الحسينية المقدّسة؛ فكلمة (في محوه) تعني: أن تُنسى وأن تختفي، وتصبح رويداً رويداً قصة كانت موجودة في التاريخ الماضي، فالمحو ليس التّخفيف ولا التّنقيص، وإنهم يجتهدون حتى يمحوها".
ولكن هل استطاعوا أن يمحوها كما ظنوا الباطل وعملوا بكل جهدهم وكيدهم؟، أبداً بل قال (صلى الله عليه وآله): (فلا يزداد إلاّ علواً)، أي القضية الحسينية المقدّسة، ترتفع يوماً بعد يوم، ويشتدّ ظهورها يوماً بعد آخر، بل وهناك ظهوراً من بعد الارتفاع، أي تصبح أكثر وضوحاً وظهوراً وأكثر عالميةً"، وهذا الذي نراه بأم العين ونعيشه في كل عام وكل موسم عاشورائي، ويبلغ ذروته في مسيرة الأربعين القادمة، والقائمة على اسم الله رغم أنوف الطغاة والظالمين، ولذا يؤكد سماحة السيد المرجع على المحافظة عليها وإكبارها والإعلاء من شأنها لنعلو في حياتنا.
هذه الجبهة التي يُشعلها الباطل لمحو الشعائر الحسينية يقودها صنفان من الشياطين كما في النص المبارك للحديث هما:
1- أئمّة الكفر
فمَنْ هم هؤلاء الذين جاء وصفهم بهذا الوصف المشين؟ يتساءل ويجيب سماحة السيد المرجع الشيرازي فيقول: "هل هم من المسيحيين، أم من اليهود؟ وهل هم من عبدة الأوثان؟ فعبدة الأوثان ليس لديهم ما يفعلونه.. والمقصود إنّهم المسلمين المنافقين الذين هم مسلمون بالاسم، ولكنّهم ليسوا بمسلمين حقّاً، بل هم منافقون دائماً... وهؤلاء مسلمين بالاسم، وربّما يُصلّون ويصومون، ويصلّون صلاة الليل أيضاً، وربّما يذهبون إلى الحجّ، ولكنّهم يشكّكون في الشعائر الحسينية المقدّسة"، فهؤلاء المشككين بالشعائر الحسينية المقدسة يعملون لحساب الشيطان وقد أُمروا أن يكفروا به، ويلعنونه ويبتعدون عنه ولا يتبعون حتى خطوة من خطواته التشكيكية، فإذا الشخص الواعي لم يعرف لا يتجرَّأ على الشعائر لأن الجرأة هنا مقتلة بأن يكون من (أئمة الكفر).
2- أشياع الضلالة
وأما الصنف والوصف الثاني لهؤلاء الشياطين فهو (أشياع الضلالة)، فما معنى هذه الكلمة النبوية الشريفة؟ هم الأتباع والهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق، الذين يقودهم أئمة الكفر إلى حيث يشاؤون ويريدون دون تفكير أو تدبر أو تمعن فيما يُقدمون عليه يقول سماحة السيد المرجع عنهم: " الجهلة، ومَنْ لا علم لهم، هم أتباع أئمّة الكفر، ولكنهم في ضلالة، وانحراف ولا يعلمون شيئاً، وبعضهم مقصّر، وبعضهم قاصر"، والقاصر معذور ولكن ما عذر المقصِّر في اتباعه ومشايعته لأئمة الكفر والضلال، فلماذا لا يبحث ويُفكر ويتبع أئمة الحق والهدى؟
معنى الشعائر الحسينية
وهنا يكثر الحديث في كل عام وكل يصبح مفتياً على حساب الإمام الحسين (ع) حتى أذكر أنني كنتُ أُدرِّس في إحدى المدارس مادة القرآن الكريم والإسلامية وفتحتُ المجال للطلاب في مثل هذه الأيام لأسمع منهم فسمعتُ العجب العجاب منهم وإلى الآن لا أدري هل أضحك أو أبكي لا سيما لأحد الطلاب الذي حرَّم شعيرة كبيرة من الشعائر فقلتُ له: ولدي هذا رأي مَنْ من العلماء؟
فقال: هذا رأي أمي أستاذ، فضحكت وقلتُ له: ولدي مَنْ قال لك أن تُقلِّد أمك، وهي هي عالمة؟
فقال: لا أستاذ بل هي ست بيت فقط، ولكن هكذا تقول لنا أن هذه الشعيرة حرام.
وهنا يُبيِّن سماحة السيد المرجع بدقة معنى الشعائر، وأنها أمر عرفي يختلف في الزمان والمكان والأعراف، ثم يقول: "الشعيرة موضوع وحكمها: تقوى القلوب، فهي من تقوى القلوب، فكل ما يؤسّس ولم يكن من المحرّمات الأكيدة، وعُدّ تمجيداً وتجليلاً للإمام الحسين صلوات الله عليه، فهو من الشعائر الحسينية المقدّسة"، وليس ضرورة أن يكون في زمن الأئمة الأطهار (ع) قطعاً وذلك لن كل ما لينا لم يكن في ذلك الزمن ولكن علمونا كيف نقدِّس ونعظِّم كل ما من شأنه يُعظم، ويُقدِّس، ويُجل، ويحترم الإمام الحسين (ع) في كل مجتمع بحسب أعرافه ولم يكن فيه محرماً قطعاً فهو من الشعائر الحسينية المقدسة، فلا أحد يُفتي إذا لم يكن من أهل الفقه.
ثم يتساءل سماحته فيقول: "هل كان في زمن الأئمة صلوات الله عليهم في الأربعين الحسيني يذهب إلى كربلاء مثل الكمّ والحشد الذي نراه اليوم؟ إذن أليس الأربعين شعيرة حسينية؟ ألا يُعدّ هذا العمل تجليلاً للإمام الحسين صلوات الله عليه؟ بلى إنّه شعيرة حسينية مقدّسة.
ولذا يجب على كل شخص، أيّاً كان، أن يساعد بقدر استطاعته، بالمال، وبالتشجيع، وبالكتاب، وبالأقراص المدمجة، وبلسانه، في البلدان الإسلامية، وفي داخل العراق وخارجه، وغيرها من الأماكن لأجل إقامة شعيرة الأربعين الحسيني".
نسأل الله سبحانه أن يُبصِّرنا في ديننا وأن يأخذ بقلوبنا إلى التقوى لنُعظِّم الشعائر المقدسة كلها.
اضف تعليق