الحسين عليه السلام من الشخصيات القليلة المتميزة في التاريخ البشري، لا يوجد احد من اعلام النخبة العلمية العالمية في الفلسفة والتاريخ والأدب والإعلام الا وتجد منه كلمات الاعجاب بشخصية الحسين عليه السلام، وعند الاطلاع على نصوص اقوال تلك النخب في الحسين عليه السلام تتيقن ان الحسين تراث انساني زاخر بالقيم الانسانية الراقية، وان الحسين صياغة ربانية انتدبت لمهام وغايات سامية. ننتخب من عشرات الاقوال للنخبة العالمية قول الكاتب الإنكليزي/توماس لايل: في كتابه (دخائل العراق ص57-76) بعد أن شهد مجالس الحسين ومواكب العزاء..
(...فشعرت في تلك اللحظة وخلال مواكب العزاء ومازلت أشعر بأنني توجهت في تلك اللحظة إلى جميع ما هو حسن وممتلئ بالحيوية في الإسلام، وأيقنت بأن الورع الكامن في أولئك الناس والحماسة المتدفقة منهم، بوسعهما أن يهزا العالم هزاً فيما لو وجها توجيهاً صالحاً وانتهجا السبل القويمة ولا غرو فلهؤلاء الناس واقعية فطرية في شؤون الدين..).
ان هناك رمزية في شخصية الحسين عليها السلام يعتبر ادراكها سمة من سمات توفيق الله، وقد خص الله المؤمنين بجزء من تلك الرمزية فقد روي عن جعفر بن محمد (ع ) قال : نظر النبي (ص ) الى الحسين بن علي (ع ) و هو مقبل، فأجلسه في حجره و قال : ان لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد ابدا، ثم قال (ع ) : بابي قتيل كل عبرة، قيل : وما قتيل كل عبرة يابن رسول اللّه ؟ قال : لا يذكره مؤمن الا بكى)(1).
فالمؤمنون الصادقون والذين كانوا مع الصادقين يدركون تماما تلك الرمزية لانهم يعيشونها، لكن هناك امر قد يخفى على كثير خصوصا من جهلوا وجهل عليهم ولا زالوا يعيشون التجهيل لا يعلمون ان لولا الحسين عليه السلام لكان انتقال الخلافة الى يزيد امرا طبيعيا، ووراثة النبوة الرحمة والرسالة الاصطفاء وتحولها الى ملك عضوض مسالة طبيعية، ولكان فتح الباب في السقيفة لمن هب ودب ليكون خليفة لرسول الله امر طبيعي، ثم نستمر الى انه لا نجد من ينكر على داعش بدعها وفتنتها..ولو ان شيء من ذلك موجود الآن في الامة فعلا، لانه - كما قلنا – ان هناك من لا يعرف للحسين عليه السلام فضلا لانه يعيش التجهيل في دينه فلا ينكر منكرا.
فلولا الحسين عليه السلام لا دين صحيح الا داعش والتكفيريين، ولا ثلة مؤمنة، الا الوهابيين والتيميين.
ولولا الحسين لا ضمان من الانحراف، فالحسين عليه السلام اسس لواقع رسالي يتجدد فيه العهد للحسين كل عام في ذكرى نهضته في شعار تعادي الظالمين وتبغض الظلم وتنشر الفضائل والقيم الانسانية الراقية.. ووصف ذلك واضح في زيارة الاربعين متجددة في كل عام.
ولولا الحسين عليه السلام لما تمايز الخبيث من الطيب، فبالحسين ومع الحسين صار الفرز وبرزت الاصطفافات مع الظالمين او ضدهم وقد رأينا ذلك واضحا ابان حكم البعث المقبور.
ولولا الحسين عليه السلام ما برزت ساحات الحب لأل محمد صلوات الله عليهم باعتبارهم سفن النجاة وما نشطت تظاهرات البغض للظالمين.
ولولا الحسين عليه السلام لما وجد منغص لنوم الطغاة. فقبر الحسين عليه السلام القبر الوحيد في الكون الذي يرعب الظالمين ويقض مضاجعهم على مر التاريخ البشري..
ولولا الحسين عليه السلام لما تناخا المؤمنون ليجتمعوا على حب الله في مواكب وهيئات وتنظيمات ينشدون قصائد الثورة يندبون المظلوم ويلعنون الظالم ويتجهون للإصلاح ويجمعون عيال الله الفقراء حولهم في انتظار الوعد الالهي والموعود المنصور.. فلولا الحسين عليه السلام ليس الا الاحباط والتيه.
الحسين عليه السلام الامل في الدنيا بالخلاص والآخرة بالشفاعة والجنة.
والحسين عليه السلام بوصلة الصدق والتصحيح والصلاح والإصلاح.
والحسين عليه في تربته الشفاء وتحت قبته يستجاب الدعاء.
والحسين عليه السلام هبة الله الى خلقه رحمة ونعمة وأمل بحياة فاضلة.
اضف تعليق