السينما في إيران ومنذ انطلاقها الرسمي في عام1930 حيث بدأت وكما تشير المصادر، أولى خطواتها في صناعة وإنتاج أول فيلم سينمائي بالتزامن مع انتشار الأفلام الصامتة. مرت بتحولات كبيرة وتمكنت من مواكبة التطور الذي شهدته هذه الصناعة سواء كان ذلك من حيث الكمية أو النوعية، هذا القطاع المهم تعرض ايضا وكما يقول بعض المراقبين الى الكثير من المشكلات والازمات، بسبب الدور الرقابي المفروض من قبل الحكومات المتعاقبة التي سعت الى تحجيم دور السينما وابعادها عن كشف بعض الحقائق والمشكلات اليومية التي يعيشها الشعب الإيراني بسبب القيود المفروضة عليه، وهو ما تسبب بصدور أحكام بالسجن ضد بعض المخرجين أو منعهم من العمل في السينما.
تلك الاجراءات والقوانين الصارمة وبحسب بعض الخبراء، كانت سببا في نجاح بعض المخرجين الذين تمكنوا من قهر وتحدي تلك القوانين والانظمة وانتاج افلام جديدة حققت شهرة عالمية وشاركت في مهرجانات وحصدت جوائز كبرى، حيث عمدوا الى تقديم أفلام تكشف مشاكل المجتمع الإيراني والأوضاع القاسية التي يعانى منها بسبب القيود المفروضة على كل شيء. من جانب اخر يرى بعض المراقبين ان ايران في الوقت الحالي قد ساعدت على تطوير ودعم قطاع السينما مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة وجود الرقابة.
خصوصا وان المجتمع الايراني مجتمع محافظ، لذا فيجب أن تكون الأفلام المنتجة في ايران واقعية وقريبة من مشكلات المجتمع وان لا تسيئ الى الدين والاسلام، ولا تكون مخلة بالآداب والذوق العالم وأن لا تظهر المرأة بصورة مغرية، فعلى المرأة الايرانية الظهور في الأفلام بالحجاب الاسلامي وغيرها من الامور الاخرى التي تخاف القانون الايراني، يضاف الى ذلك وجود بعض الاطراف الداخلية والخارجية، التي تسعى وبشكل مباشر الى اثارة الرأي العام ضد ايران لأسباب سياسية.
صراع من أجل البقاء
وفي هذا الشأن فقد يلقى المخرج الايراني جعفر بناهي تكريما على مستوى العالم، لكنه في بلده ممنوع من السفر والتصوير لمدة عشرين عاما، رغم ذلك يواصل التصوير خلسة "للبقاء على قيد الحياة". وتتربع اعماله على قوائم جوائز كبرى المهرجانات الدولية، لكن افلامه التي تنطوي على سخرية اجتماعية لاذعة ممنوعة في بلده ايران، التي تعتبره سلطاته ذات اثار تخريبية. ويشارك فيلم "تاكسي" لجعفر بناهي في الدورة الخامسة والستين من مهرجان برلين، وعين موعدا لعرضه، لكن وسائل الاعلام الايرانية لم تلق بالا لذلك.
ويتتبع "تاكسي" مشاهد في طهران اليوم صورت من وراء زجاج سيارة اجرة. وقال المخرج في تصريحات مقتضبة لمهرجان برلين "السينما هي طريقتي في التعبير وسبب وجودي، لا يمكن ان يمنعني اي شيء عن صنع الافلام". وجعفر بناهي ملاحق وتحت الرقابة القضائية منذ اعوام، فهو حاول مواكبة الاحتجاجات الضخمة التي انطلقت في بلاده اعتراضا على اعادة انتخاب الرئيس السابق محمود احمدي نجاد في حزيران/يونيو من العام 2009.
واراد المخرج ان يوثق هذه المرحلة التي لم يسبق لها مثيل في بلده منذ الثورة الاسلامية في العام 1979 بفيلم وثائقي، لكن ذلك كلفه التوقيف في اذار/مارس من العام 2010. وفي تشرين الاول/اكتوبر من العام 2011 حكم عليه بالسجن عشرين عاما، ومنع من التصوير او كتابة الافلام او السفر لاتهامه بإثارة "دعاية ضد النظام". ودخل السجن شهرين، ثم اخلي سبيله بكفالة على ان يحق للسلطات توقيفه متى شاءت.
ويعد بناهي البالغ من العمر 54 عاما احد رواد "الموجة الجديدة" في السينما الايرانية، الى جانب عباس كياروستامي. وفاز فيلمه الطويل الاول "الكرة البيضاء" بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان العام 1995، وفاز ايضا بجائزة لجنة التحكيم في فئة "نظرة ما" عن فيلمه "دم وذهب" في العام 2003. وحاز جائزة الفهد الذهبي في العام 1997 عن فيلم "المرآة" وجائزة الاسد الذهبي في مهرجان البندقية العام 2000 عن فيلم "الدائرة"، والدب الفضي في مهرجان برلين العام 2006 عن فيلم "تسلل".
ونشأ بناهي في الاحياء الفقيرة من طهران، وهو يركز في اعماله على غياب العدالة الاجتماعية وعلى ظروف المرأة في ايران، فيثير بها اهتمام الخارج وسخط السلطات في الداخل التي يتهمها بتشديد الرقابة على السينما منذ وصول احمدي نجاد الى السلطة في العام 2005. وبعد صدور الحكم القضائي في حقه قال بناهي "انا لا اخرج افلاما سياسية، بل افلاما تتحدث عن واقع اجتماعي".
وقال اثناء محاكمته "ان محاكمتنا هي محاكمة للسينما الملتزمة والانسانية والاجتماعية في ايران". وتساءل في العام 2010 في مقابلة اجرتها معه فيما كان في الاقامة الجبرية "لماذا يعد صنع الافلام جريمة؟"، مضيفا "حين يمنع المخرج عن صناعة الافلام فيكون أشبه بالسجين". لكن بناهي يرفض مغادرة بلده، ويقول "علي ان اشهد على ما يجري". وفي العام 2012، منح الاتحاد الاوروبي جعفر بناهي جائزة ساخاروف لحرية الفكر، ومنحت الجائزة ايضا لمواطنته المحامية نسرين ساتوده التي تعرضت هي الأخرى لملاحقة السلطات. بحسب فرانس برس.
واثار الحكم القضائي على بناهي تنديدا على مستوى العالم، ومنذ ذلك الحين تفرد له مهرجانات عالمية كرسيا خاليا للاشارة الى التضامن معه. ومع ان الرئيس الايراني الحالي حسن روحاني الذي وصل الى الرئاسة في انتخابات العام 2013 يرفع شعار تخفيف الرقابة على الاعمال الفنية، الا ان شيئا لم يتغير في هذا المجال منذ ذلك الحين.
المخطوطات لا تحترق
من جانب اخر وعلى عكس ما حدث قبل عامين، حضر المخرج الايراني محمد رسولوف هذه المرة مع فيلمه الذي يشارك في مهرجان كان السينمائي، بعدما عانى من حكم بالسجن لمدة ست سنوات ومنعه من العمل السينمائي مدة عشرين عاما في بلده تماما مثل زميله الاكبر جعفر بنهي بحجة "الدعاية المناهضة للسلطات". اما اليوم فكان رسولوف بجانب فيلمه "المخطوطات لا تحترق" الذي يندد مرة جديدة بنظام القمع في ايران خاصة تجاه المبدعين. ولا يحمل الفيلم اسماء المشاركين فيه ولا الطاقم التقني الذي عمل على انجازه والذي لم يستطع الحضور الى كان "لاسباب غنية عن التعريف"، كما قال رسولوف الذي كتب سيناريو الفيلم وقام باخراجه وانتاجه.
وقد خلا الفيلم في نهايته من اي جنريك او اي اسم، وفي ذلك ادانة اضافية من المخرج لما يتعرض له الفنانون في ايران من ملاحقات. وعرف رسولوف نفسه في الدقائق التي سبقت عرض الفيلم في صالة "دوبيسي" بانه مخرج "ملتزم" يحرص على "تناول المواضيع التي تمس قلب المجتمع الايراني".
ويندد الشريط في ساعتين واربع عشرة دقيقة، صور جزء منها في ايران والجزء الآخر خارجها، باساليب القمع التي تستخدمها السلطات الايرانية ضد المثقفين وتحديدا منهم الكتاب الروائيين. ويروي فيلم رسولوف الجديد قصة "خسرو" القاتل المأجور الذي يعمل تحت توجيهات "مرتضى"، ويكون عليهما الذهاب في مهمة قتل احد الادباء المعروفين بشكل تظهر فيه العملية وكانما هي انتحار. والفيلم في حبكته يظهر اساليب المخابرات الايرانية في القمع والتعذيب.
وسبق ان تعرض رسولوف لقضية التعذيب في فيلمه السابق "القنديل الازرق"، الذي يتعرض فيه رجل للتعذيب لانه يرفض ان يقر بان البحر ازرق. ويبين الشريط كما في اعمال سابقة لرسولوف كيف ان الانظمة القمعية تحول الكائن والانسان المواطن الى فرد هش عاجز وبالتالي يصبح المجتمع هشا وكذلك عملية الابداع الفني.
وكان رسولوف صور في فيلم "وداعا" (2011) امراة محامية زوجها ناشط سياسي مطارد تحاول الهجرة من ايران لكنها لا تتمكن وتفقد عملها. وقال "ساكون مسرورا حين يعود النقاد السينمائيون الى ايران ويكتبون بان فيلمي لا يتمتع بقيمة فنية عالية"، في اشارة منه الى غياب المعايير الفنية للنقد في بلاده. بحسب فرانس برس.
وينتمي هذا الفيلم الى تيار بات واضحا في السينما الايرانية ونما حضوره في السنوات الاخيرة وهو تيار بات يعرف بالسينما "السرية" او سينما الاندرغراوند. وهي تصنع وتصور بشكل مستقل من دون اخذ تصريحات بعد تجارب لعدد من المخرجين استحال معها الحصول على اذن بالتصوير. وينتمي رسولوف (مواليد 1972) الى الجيل الجديد من السينمائيين الايرانيين الذين لا يتوانون عن انتقاد النظام ووصفه بالدكتاتورية. ومن اعماله السابقة "وداعا" (1911) و "في ميدوز الابيض" (2009) و "رئيس ريح" (2008) و"جزيرة اهاني"(2005) و "غاغومون" (2002).
افلام ممنوعة من العرض
الى جانب ذلك منع الأمن العام اللبناني عرض فيلم إيراني وثائقي يتحدث عن الحركة الاحتجاجية الواسعة التي تلت انتخاب الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية في 2009، بحسب ما ذكر القيمون على مهرجان سينمائي كان يفترض أن يعرض الفيلم خلاله. وصفت منظمة مهرجان "الثقافة تقاوم" السينمائي في لبنان المخرجة جوسلين صعب قرار منع الأمن العام عرض الفيلم الإيراني "الأكثرية الصامتة تتكلم" الذي أبرز الاحتجاجات التي تلت انتخاب الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية في 2009 بالأمر الخطير مشيرة إلى أن الفيلم تاريخي يروي بأسلوب فني جميل ويهدف إلى إقامة الحوار وأخذ العبر حول ما جرى في الدول الأخرى.
وكان مقررا أن يبث فيلم "الأكثرية الصامتة تتكلم" في قاعة سينما في بيروت ضمن مهرجان "الثقافة تقاوم". وقال بيان إدارة مهرجان "الثقافة تقاوم" إن هيئة الرقابة أبلغته بعدم عرض فيلم "الأكثرية الصامتة تتكلم" بحجة أنه يمس بدولة أجنبية". وهيئة الرقابة تابعة لجهاز الأمن العام اللبناني الذي يقوم بمراقبة مسبقة على الأفلام السينمائية التي يتم عرضها في صالات السينما في لبنان.
ويتضمن الفيلم الوثائقي مشاهد تم التقاطها في إيران في 2009 على أيدي هواة، أو بواسطة آلات تصوير بسيطة، أو كاميرات هواتف نقالة، مع تعليقات وتحليلات. وقالت منظمة ومديرة المهرجان جوسلين صعب "المنع أمر خطير". وأضافت "الهدف من مهرجان "الثقافة تقاوم" طرح مشاكل الدول الأخرى لتكون مرآة لنا، لنأخذ العبر، ونشجع الحوار. المنع هو مس بالثقافة المقاومة ومس بالحوار".
ويمنع الأمن العام اللبناني إجمالا بث أفلام أو بيع كتب تثير جدلا حول أمور جنسية ودينية، ونادرا ما يكون دافع المنع سياسيا. وهي السنة الثانية على التوالي التي ينظم فيها مهرجان "الثقافة تقاوم". وعرضت الأفلام المشاركة فيه السنة الماضية في مدينة طرابلس شمالي لبنان. أما هذه السنة، فاتخذ مسرحا له خمس مدن هي، بالإضافة إلى بيروت، زحلة (شرق)، صور وصيدا (جنوب)، إلى جانب طرابلس. بحسب فرانس برس.
وقالت صعب في كلمة التعريف عنه لدى إطلاقه "عبر تنظيم هذا المهرجان، أردت أن أقوم بعمل ثقافي مقاوم، لأرفض السلبية وأشارك بفاعلية في التغيير". وأضافت أن الهدف من المهرجان "الحض على التفكير حول ماضينا، وإتاحة المجال لنا، بأن نجد، معا، احتمالات بناء المستقبل".
تغير القيادة في إيران
في السياق ذاته أدركت المخرجة السينمائية الإيرانية رخشان باني اعتماد أنه لا فرصة أمامها كي تعرض فيلما روائيا في إيران عن مشاق البطالة وتعاطي المخدرات وضرب الزوجات لذا قامت بدلا من ذلك بإخراج سلسلة من الأفلام القصيرة. وتقول اعتماد إن حقيقة أنها جمعت هذه الأفلام القصيرة في فيلم واحد روائي طويل ستنافس به الآن على نيل الجائزة الكبرى في مهرجان البندقية السينمائي الدولي تظهر أن قيادة إيران الجديدة قد اتسع أفقها.
وقالت في البندقية حيث نال فيلمها استحسان النقاد "صحيح أن المسائل التي نتطرق إليها هي مسائل إيرانية لكنها أيضا قضايا عالمية." وفي الوقت الذي يعاني فيه الشرق الأوسط من بؤر الصراعات تأمل باني اعتماد أن يؤدي توزيع فيلمها "قصص" على نطاق أوسع إلى مساعدة الناس في الشرق الأوسط وخارجه على فهم بعضهم بعضا بشكل أفضل.
ولا تقدم باني اعتماد صورة وردية للحياة في طهران. وتعرض مشاهد من الحياة اليومية مثل ملجأ للزوجات اللواتي تعرضن للعنف حيث يتوسل زوج مدمن للمخدرات شوه زوجته بسكب ماء مغلي على وجهها كي تعود إليه. ولم ينل تصوير باني اعتماد للجوانب القاسية والفاسدة من الحياة في طهران مباركة حكومة الرئيس السابق المتشدد محمود أحمدي نجاد واضطرت المخرجة لتصوير سلسلة من الأفلام القصيرة لأنها لم تكن على استعداد لتقديم التنازلات التي كانت تحتاج إليها لنيل الموافقة على تصوير فيلم طويل. بحسب رويترز.
وبعد انتخاب حسن روحاني رئيسا للدولة العام الماضي أصبح بإمكانها دمج هذه الأفلام لتصنع فيلمها الروائي الحالي والذي ما زال يعرض كسلسلة من الأفلام القصيرة عن شخصيات تتقاطع جوانب حياتها. وتقول باني اعتماد إن الفيلم حصل على "ترخيص للعرض في إيران ونأمل أن يعرض خلال الشهور القليلة المقبلة."
الماضي فلم ايراني بتمويل فرنسي
على صعيد متصل قدم المخرج الايراني اصغر فرهادي المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي الدولي في دورته السادسة والستين فيلمه الجديد "الماضي" المصور في ضاحية باريس وهو دراما عائلية باجواء خانقة يحلل فيها مشهدا بعد اخر، الاثار المدمرة للاسرار والاحقاد. ولا يحيد المخرج الذي فاز فيلمه الاخير "انفصال بجازة اوسكار افضل فيلم اجنبي وجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين وسيزار افضل فيلم اجنبي، في عمله الجديد عن موضوع العلاقات الاسرية وتعقيدات العلاقة بين الزوجين او الشريكين.
وهو يتطرق مرة اخرى الى طبيعة العلاقات والمشاعر والحقائق التي تقف خلفها ومدى خضوعها لوجهات النظر ومعرفة او عدم معرفة الاسرار الصغيرة التي تكتنفها. ويضع فرهادي في فيلمه الذي ينافس على السعفة الذهبية أسئلة الحاضر امام اختبار الماضي الذي لا مفر منه مخضعا كل شيء للشك ولضراوة الاسئلة التي لا يجيب عنها بل تبقى معلقة كما نهاية الفيلم وكما العواطف والعلاقات التي تحضر حتى وان انتمت الى الماضي.
وقد اختار المخرج الايراني الذي لا يتلكم الفرنسية كلا من طاهر رحيمي وبيرينيس بيجو وعلي مصطفى لاداء الادوار الرئيسية في فيلمه. وتبدو شخصيات الفيلم جميعها غارقة في تناقضاتها. ولا تتسم مقاربة المخرج لها بالحسم بل ان الشخصيات تبقى اسيرة شكها ومحاولتها غير المجدية تماما للفهم. زهي كذلك شخصيات معقدة لا يمكن اصدار احكام بشأنها. فبعد اربع سنوات من الغياب يعود احمد (علي مصطفى) من طهران الى باريس لانهاء اجراءات الطلاق بناء على رغبة زوجته ماري (بيرنيس بيجو). لكن الماضي الذي بينهما يحضر معه ليتوازى مع العلاقة المعقدة التي تقيمها زوجته السابقة برجل آخر.
وعلى غرار ما فعل في فيلم "انفصال" يسلط فرهادي عدسته على النواحي المظلمة في النفس البشرية ويجوب بحواراته انحاء العواطف ليبقي كل شيء معلقا رهن السؤال او الاحتمال متمسكا بحنكة سينمائية ولغة اكتسبها من سنوات عمله المسرحي قبل السينما. ومن هنا يأتي اهتمامه الكبير بالحوارات ومعانيها واقتصار التصوير على امكنة محدودة جلها صور في منزل الاسرة. وكشف اصغر فرهادي في المؤتمر الصحافي الذي اعقب عرض الفيلم "من البداية اردت ان اصور هذا الفيلم في الخارج لانها قصة ايراني ترك بلده ليعيش حياته في مكان بعيد ولكن السؤال الذي يطرح هو لماذا اخترت باريس كمدينة واسباب ذلك كثيرة..."
واعتبر فرهادي في رده على سؤال حول سبب اختياره مجددا لموضوع العلاقات الاسرية والانفصال، "لا توجد تجربة اكثر عالمية من مسألة العائلة بالنسبة للبشر... لو امضيت بقية حياتي في عمل افلام عن الموضوع لما انتهيت". اما عن الوجوه المتعددة التي تعكس الحقيقة نفسها او تطل على الواقع نفسه، فاعتبر فرهادي ان "الحقيقة ليست امرا يمكن الاحاطة به في المكان او الزمان، الحقيقة متمازجة وواقع العلاقات الانسانية لا يمكن رصده الا من زاوية نظر الاشخاص. في العلاقات الاسرية هناك طبقات ومعان كثيرة للأشياء وهذا لا يمكن ان نقوم باقتراح وحيد له في السينما كما في الادب".
ويؤكد فرهادي "الماضي لا يمكن ان نفر منه.. الماضي يلح علينا. الماضي غير موجود لكن ذكرياتنا التي عشناها عنه وهذا يرتبط بالحنين لذلك يمكن لنا دائما ان نعيد طرح السؤال عن الماضي الذي يبقى غامضا" . وقد تدرب الممثلون على الاداء مدة ستة اشهر فيما استغرق التصوير شهرين، لكن عملية التدريب لم تشمل المشاهد الاكثر دقة ليظل الاداء أكثر طبيعية وعفوية. بحسب فرانس برس.
من جانب اخر انتقدت وكالة الأنباء الإيرانية "فارس" المقربة من المحافظين اختيار فيلم "الماضي"، باعتبار انه صور في فرنسا بتمويل فرنسي وهو يروي قصة فرنسية بحت. وذكرت الوكالة أنه "خلافا لفيلم الانفصال، لا يتمتع هذا الفيلم بأي طابع إيراني، ما خلال بطله الذي من الممكن أن يكون من أي بلد آخر".
اضف تعليق