مما لا شكَ فيه أن السينما صناعة مهمة جداً فكرياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً، وقد أولت الأمم المتحضرة هذا الجانب قدراً كبيراً من اهتمامها وعنايتها ودعمها، حتى باتت السينما عاملاً مهماً في سرد الاحداث بصورة لها تأثير على المتلقي على المستوى السياسي والاجتماعي على حد سواء، خاصةً في الآونة الاخيرة، لهذا راجت السينما في معظم دول العالم، بل هناك بلدان تعتمد في بناء اقتصادها على صناعة السينما كما يحدث مع مدينة هوليود الأمريكية ومدن أخرى خاصة في صناعة السينما، كما في مصر التي تعد فيها صناعة السينما عنصرا داعما للاقتصاد الوطني، ناهيك عن دورها في نشر الثقافة والمدنية والتحضّر.
يطرح بعض الباحثين في الفن السينمائي سؤالا مهما هو هل ستشهد السينما العالمية مفاجئات كبير ينهي حكر سينما هوليود الامريكية؟، ربما الاجابة على هذا تكون بما اعلنته عنه الحكومة الروسية من زيادة المساعدات الممنوحة للسينما ولاسيما للافلام الوطنية التي تروي قصص الحرب العالمية الثانية او تاريخ شبه جزيرة القرم، رغم الازمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وتعود سياسة توجيه السينما الى عهد الاتحاد السوفياتي الذي كانت صناعة الافلام فيه حكرا على السلطات وجزءا من الدعاية الشيوعية، وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي في التسعينات غابت هذه السياسة، الى ان عادت وظهرت مجددا في العام 2009 مع توجه الكرملين الى دعم الافلام "الانسانية" و"الوطنية"، ويبلغ عدد صالات السينما في روسيا اربعة الاف، اي اقل بعشر مرات من عدد دور العرض في الولايات المتحدة.
على صعيد آخر، يتنافس فيلم وثائقي يتناول واحدة من أسوأ المذابح منذ الحرب العالمية الثانية على احدى جوائز الاوسكار التي ستعلن في مطلع الاسبوع القادم لكن إذا فاز بالجائزة فمن غير المتوقع ان يصعد مخرجه المساعد الاندونيسي الي المنصة ليتسلمها لانه خائف على حياته، على صعيد ذي صلة قبل ثلاث سنوات انطلقت المخرجة الأمريكية المصرية جيهان نجيم بين حشود المحتجين في ميدان التحرير لتوثيق الأحداث المبكرة للثورة المصرية لكنها لم تكن تعرف آنذاك أن فيلمها الوثائقي (الميدان) على موعد مع ترشيحات الأوسكار.
أما مهرجان برلين السينمائي فيركز على الحياة الاسرية من طوكيو الى تكسا، حيث ان تصوير مصاعب الحياة الأسرية في طوكيو وقت الحرب العالمية الثانية وفي تكساس في القرن الحادي والعشرين أكسب مهرجان برلين السينمائي هذا العام نغمة ألفة.
بينما في فيينا تراهن دور السينما الصغيرة على طابعها القديم لجذب الجمهور مع عرض افلام المؤلف واحتساء كأس نبيذ والدردشة على مقاعد خشبية تعود الى مئة عام.
في حين يزدهر قطاع السينما في باكستان مع افتتاح صالات جديدة في معظم المدن الكبرى، ما عدا في بيشاور حيث ما زالت الاجواء المحافظة والمتشددة تحول دون ذلك، ويتهم صانعو هذه الافلام بانهم يروجون للعنف، لكن معدي فيلم "اتركوا الفقراء بسلام" يردون بان الفيلم ينطوي على رسالة للسلطات مفادها "امنوا فرص العمل للشباب بدل ان تدفعوهم الى حمل السلاح"، بحسب الممثل شهيد خان شقيق المخرج ارشد خان.
من جانب غريب استخدم بعض المخرجين ادوات غير تقليدية في السينما، كيف ستكون الحياة في بلد تنعكس فيه الأدوار حيث يرتدي الرجال الحجاب ويقومون بالأعمال المنزلية فيما النساء يقمن بالحرب، واخير يبدو ان أفلام الواقع الافتراضي قد ترسم ملامح السينما في المستقبل ويتفق بعض الخبراء على أن هذه التكنولوجيا ما زال أمامها طريق طويل يتعين أن تقطعه لكن أفلام الواقع الافتراضي ستصبح ذات يوم هي الأفلام المعتادة، فيما يرى خبراء آخرون في هذا المجال يجب أن تؤثر هذه الوسائل على الناس تأثير ايجابي ويجب أن يكون لها دور حقيقي في المجتمع، حيث ان منتجي الافلام اذا اهتموا فعلاً بتقديم النماذج الحقيقة للمتلقي سوف تنجح كل أعمالهم وسوف نجد فعلا سينما نظيفة تقدم ما يحترمه عقل المشاهد.
أفلام الواقع الافتراضي
وصلت صناعة أفلام الواقع الافتراضي إلى مهرجان كان السينمائي هذا العام إلى جانب الأفلام التقليدية، وخصص جناح بالمهرجان لهذه التكنولوجيا ثلاثية الأبعاد حيث تعرض أفلام الواقع الافتراضي وتناقش في إطار جلسات "مسيرة السينما".
ومن بين من يعرضون أفلام الواقع الافتراضي -وكلها أفلام قصيرة يتعين أن يرتدي مشاهدها نظارات خاصة- اريك دارنيل الذي شارك في إخراج فيلم (مدغشقر) والذي يعرض فيلما مدته ست دقائق بعنوان (إنفيجون) يحكي قصة عالم أسطوري تغزوه كائنات فضائية يتغلب عليها أرنب، وقال دارنيل لرويترز "الأمر في رأيي ليس مجرد تطور للسينما بل إنه شيء قائم بذاته ويتعين علينا أن نكتشف ما لدينا من أدوات"، وأضاف "إنها بالفعل لغة جديدة تماما"، ومن أفلام الواقع الافتراضي الأخرى المعروضة في كان (جاينت) الذي تقول مخرجته مليكا زيك إن التجربة ثلاثية الأبعاد تعني أن المتفرج يمكنه أن يختار إلى أين سينظر وما سيشاهد، وأضافت "يتعين عليك أن تفكر أن أمامك 360 درجة يتعين عليك مشاهدتها... عندما تشاهد فيلما تقليديا تكون الشاشة أمامك لكنك هنا تشعر وكأنك داخل الشاشة كمشاهد".
ويتفق دارنيل وزيك على أن هذه التكنولوجيا ما زال أمامها طريق طويل يتعين أن تقطعه لكن أفلام الواقع الافتراضي ستصبح ذات يوم هي الأفلام المعتادة، لكن لم تعجب الفكرة الجميع. فقال المخرج ستيفن سبيلبرج إن مثل هذه الأفلام "تترسخ بشكل عميق" لكنه أضاف "أنها وسيط ينطوي على خطورة"، وتابع في مقابلة "السبب الوحيد الذي يجعلني أصفها بالخطورة هو أنها تتيح للمشاهد حرية حتى لا يأخذ توجيهاته من راوي القصة بل يختار إلى أين ينظر".
روسيا تدعم انتاج الافلام الوطنية
اعلنت الحكومة الروسية زيادة المساعدات الممنوحة للسينما ولاسيما للافلام الوطنية التي تروي قصص الحرب العالمية الثانية او تاريخ شبه جزيرة القرم، رغم الازمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد، وقال وزير الثقافة فلاديمير ميدينكسي "نختار المواضيع التي تستحق التشجيع"، مضيفا "ومن المنطقي ان تكون قضية شبه جزيرة القرم من هذه المواضيع".
ورغم ان السلطات الروسية تسعى الى تقليص نفقاتها بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية، الا ان هذه المساعدات "ستكون اعلى مما كانت عليه العام الماضي، بحسب ما اعلن الوزير في مؤتمر صحافي في موسكو.
وسيمنح صندوق السينما الذي يدير توزيع المساعدات الحكومية مبالغ بقيمة 4,2 ملايين روبل (72 مليون دولار)، وسترصد وزارة الثقافة 2,1 مليار روبل اضافية (36 مليون دولار)، ويبلغ عدد الافلام المستفيدة من هذه المنح 22 فيلما طويلا، نصفها تتحدث عن الحرب العالمية الثانية، وتروي افلام اخرى تاريخ شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا العام الماضي وكلفها ذلك توترا مع الغرب وعقوبات فاقمت من ازمتها الاقتصادية.
وكان وزير الثقافة اقترح في العام الماضي تحديد نسبة الافلام الاميركية التي يسمح لها بالعرض في الصالات الروسية، لكن يبدو ان هذا القرار لن يكون مناسبا في الوقت الحالي الذي تعاني فيه صالات العرض من صعوبات في ظل انهيار قيمة الروبل والتزامها دفع الايجارات بالدولار.
عندما يرتدي الرجال الحجاب
كيف ستكون الحياة في بلد تنعكس فيه الأدوار حيث يرتدي الرجال الحجاب ويقومون بالأعمال المنزلية فيما النساء يقمن بالحرب، المخرج السوري رياض سطوف يحاول الإجابة عن السؤال في ثاني أفلامه بعنوان "جاكي في مملكة البنات" الناطق بالفرنسية، وتدور أحداث الفيلم في بلد اسمه "جمهورية بوبوني الديمقراطية الشعبية" الذي ترأسه "الجنرالة أينيمون" التي لا تمنعها الحروب التي تعلنها من الاهتمام بشؤون البلاد.
بطبيعة الحال فإنّ ذروة أحلام "الرجال -المحجبات" هو الزواج من "الجنرالة" حيث يبدعون في القيام بالأعباء المنزلية وإظهار الأخلاق والتعفف رغم أن الكثير منهم تفضحه في بعض الأحيان، حركات جسده الذكوري عندما يقف أمام جمال "الجنرالة" التي تقوم بدورها "شارلوت غينسبورغ."
والمخرج سطوف نشأ في الجزائر وليبيا وسبق له أن أخرج فيلما بعنوان "الوسيمون" ومن المتوقع أن يبدأ عرض فيلمه الجديد في 29 يناير/كانون الثاني.
فيلم وثائقي مرشح للاوسكار يثير جدلا في اندونيسيا
يتنافس فيلم وثائقي يتناول واحدة من أسوأ المذابح منذ الحرب العالمية الثانية على احدى جوائز الاوسكار التي ستعلن في مطلع الاسبوع القادم لكن إذا فاز بالجائزة فمن غير المتوقع ان يصعد مخرجه المساعد الاندونيسي الي المنصة ليتسلمها لانه خائف على حياته.
ويتمحور فيلم (Act of Killing) ومدته ثلاث ساعات تقريبا حول احد القتلة الذي شاركوا في التطهير الدموي لاكبر حزب شيوعي خارج الصين والاتحاد السوفيتي السابق. وبلا اي علامة على الندم يعيد القاتل أمام الكاميرا الطريقة التي كان يشنق بها ضحاياه قبل حوالي 50 عاما، ويتناول الفيلم احلك فترة في السنوات الاولى لاندونيسيا بعد الاستقلال والتي سادها العنف. ولاتزال هذه الفترة حتى بعد حوالي نصف قرن ذكرى بعيدة إلى حد كبير عن النقاش العام. كما لاتزال الرواية الواردة في المناهج الدراسية تلتزم بما اذاعه الزعيم المستبد سوهارتو الذي بدأ حملة التطهير واجبر على التنحي قبل 15 عاما.
ومن المعتقد ان 500 ألف شخص على الاقل قتلوا في العنف الذي بدأ اواخر عام 1965 بعدما استولى الجنرال سوهارتو آنذاك على السلطة في اعقاب انقلاب شيوعي فاشل. وسجن مليون شخص أو اكثر، وقال المتحدث باسم الرئاسة الاندونيسية تيوكو فايز اسيا "انها مأسأة ونحن كأي شخص اخر نبغض اولئك الذين شاركوا في الفيلم واعادة تمثيل المجازر. هؤلاء الناس لا ينتمون إلى اندونيسيا اليوم"، وفي علامة على ان القضية لاتزال تتسم بالحساسية يقول المخرج المساعد الاندونيسي وغيره من الاندونيسيين الذين شاركوا في الفيلم إنهم لا يريدون اعلان اسمائهم.
وقال المخرج المساعد لرويترز في مقابلة عبر الهاتف "ربما نكون مصابين بجنون الاضطهاد لكننا تناقشنا مع منظمات مختلفة لنشطاء حول المخاطر واحتمال ان يتحول الامر من تهديد إلى اعتداء فعلي علينا ولا نعلم ماذا سيحدث اذا نحن كشفنا عن اسمائنا"، واضاف ان اخفاء الاسماء ربما لن ينتهي في اي وقت قريب، وقال "الكشف عن هوياتنا سيحتاج إلى تغيير هيكلي حقيقي في اندونيسيا.. وتلك المصالحة الحقيقية ستستغرق وقتا طويلا لكن الوقت مناسب لأن تبدأ الان".
الميدان.. فيلم وثائقي يخوض سباق الأوسكار
قبل ثلاث سنوات انطلقت المخرجة الأمريكية المصرية جيهان نجيم بين حشود المحتجين في ميدان التحرير لتوثيق الأحداث المبكرة للثورة المصرية لكنها لم تكن تعرف آنذاك أن فيلمها الوثائقي (الميدان) على موعد مع ترشيحات الأوسكار.
اعلنت ترشيحات الأوسكار على أن تقيم الاكاديمية الأمريكية لعلوم وفنون السينما المانحة للجائزة حفلا لتوزيع الجوائز في الثاني من مارس آذار، وجمعت نجيم (39 عاما) التي نشأت في مكان يبعد عشر دقائق من ميدان التحرير طاقم العمل معها من الميدان مدركة أنه لا يمكنها الاستعانة بأناس من الخارج وتطلب منهم تحمل مخاطر التصوير في وسط الثورة.
وقالت نجيم لرويترز في مقابلة اجريت قبل عشرة ايام "كل واحد من فريق فيلمنا إما طاردته الشرطة أو الجيش في الشارع أو قبض عليه أو تعرض لإطلاق النار في مرحلة ما"، وربما يبدو فيلم (الميدان) بالنسبة للمشاهد دورة دراسية مكثفة في فهم مصر اليوم يقوم بالتدريس فيها المحتجون الذين بدأوا التجمع في ميدان التحرير في يناير كانون الثاني 2011 للمطالبة بإنهاء حكم حسني مبارك الذي دام ثلاثة عقود.
يركز الفيلم على ثلاث شخصيات هي أحمد حسن وهو رجل من الطبقة العاملة في أواسط العشرينات يتسم بالدهاء لكنه يواجه صعوبة في الحصول على وظيفة وخالد عبد الله وهو ممثل بريطاني مصري في أواسط الثلاثينات ويمثل جسرا بين النشطاء والاعلام الدولي ومجدي عاشور وهو عضو في جماعة الاخوان المسلمين في منتصف الأربعينات تعرض للتعذيب في عهد مبارك ويمر بأزمة ثقة بخصوص الثورة والاخوان.
نال (الميدان) جائزة الفيلم الوثائقي بمهرجان تورونتو السينمائي في سبتمبر ايلول كما حصل على جائزة أفضل فيلم من الرابطة الدولية للأفلام الوثائقية الشهر الماضي، ويعرض (الميدان) على جمهور كبير لأول مرة يوم الجمعة من خلال شركة نتفليكس التي تعرض الأفلام عن طريق الإنترنت ولها 40 مليون مشترك، ووافقت نتفليكس على السماح بعرضه في دور العرض السينمائي فيما يتراوح بين ثماني وعشر مدن أمريكية. وسيتم توزيعه أيضا في البلدان التي لا تعمل فيها نتفليكس، لكن من ناحية أخرى ثمة مكان واحد مهم لا يمكن فيه عرض الفيلم حتى الآن ألا وهو مصر، وقدم الفيلم إلى هيئة الرقابة على المصنفات الفنية وتنتظر نجيم التصريح بعرضه منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وقالت نجيم "أهم شيء بالنسبة لنا ولكل فريقنا من المخرجين المصريين هو أن يعرض هذا الفيلم في مصر. لذلك سنفعل كل ما بوسعنا من أجل هذا."
في مهرجان برلين الحياة الاسرية من طوكيو الى تكساس
تصوير مصاعب الحياة الأسرية في طوكيو وقت الحرب العالمية الثانية وفي تكساس في القرن الحادي والعشرين أكسب مهرجان برلين السينمائي هذا العام نغمة ألفة، ويتوقع المحللون ان تسلط أضواء المهرجان على فيلم (شبق) Nymphomaniac للدنمركي لارس فون ترير وفيلم جورج كلوني (رجال الاثار) The Monuments Men الذي يدور حول عمليات النهب التي قام بها النازيون للاعمال الفنية وان كان الفيلمان يعرضان خارج المسابقة الرسمية للمهرجان، وقائمة الافلام المتنافسة على جائزة الدب الذهبي لا تحوي الكثير من نجوم هوليوود لكنها ثرية بالتنوع العالمي، ويشارك في المهرجان 23 فيما من 20 دولة من أماكن في أقاصي طرفي العالم مثل الصين والأرجنتين.
وتتنافس عشرة أفلام من مجموع الافلام المشاركة في مهرجان برلين على جائزة الدب الذهبي التي تعلن نتيجتها في 15 فبراير شباط وهناك 18 فيلما من الافلام المشاركة تعرض لاول مرة، ويشارك الان رينيه مخرج الكلاسيكيات الشهير ومنها (هيروشيما حبي) Hiroshima mon amour عام 1959 و(العام الماضي في مارينباد) Last Year at Marienbad عام 1961 في المسابقة برؤية سينمائية لمسرحية الكاتب الان ايكبورن (حياة رايلي) Life of Riley التي تدور حول رجل مريض بمرض لا شفاء منه.
اما المخرج الياباني المخضرم ميوجي يامادا الذي لا يقل مشواره الفني طولا عن مشوار المخرج الفرنسي والذي قدم خلاله سلسلة أفلام (الساموراي) فيشارك في المهرجان بفيلم (البيت الصغير) The Little House الذي يصور حياة أسرة في طوكيو قبل اندلاع الحرب وخلالها، وينقل المخرج ريتشارد لينكليتر المشاهدين أكثر من ستة عقود من حقبة الحرب بفيلمه (فترة الصبا) Boyhood الذي يدور في تكساس حيث نشأ وصوره على مدى 12 عاما عن الطفل الذي يقوم بدوره الار سيمون وأبويه المطلقين ويقوم بدوريهما ايثان هوك وباتريشيا اركيت.
سحر قاعات السينما القديمة في فيينا
في فيينا تراهن دور السينما الصغيرة على طابعها القديم لجذب الجمهور مع عرض افلام المؤلف واحتساء كأس نبيذ والدردشة على مقاعد خشبية تعود الى مئة عام، فازاء المجمعات السينمائية التي تشكل ثلثي حوالى 150 قاعة سينما في العاصمة النمسوية، تتمتع صالات السينما الصغيرة التي لا يزيد عددها عن ست صالات فقط، بسحرها القديم وطابعها الاصلي.
وتقول هيلغا سانتنر التي اتت لمشاهدة فيلم نمسوي عن دراما عائلية مع ابنتيها في قاعة "بيلاريا" في وسط المدينة، "ان الاجواء اكثر استرخاء هنا مما هي عليه في قاعات السينما الكبيرة".
فهنا الاضواء خافتة ولا تعلق على الجدران ملصقات ضخمة للافلام بل تغطيها اوراق بزهور قديمة علقت عليها صور بالاسود والابيض لممثلين المان ونمسويين من حقبة خلت امثال باولا فيسيلي وهانز موزر وماغدا شنايدر وفولف البخ-ريتي والدا رومي شنايدر، بعض الصور تحمل تواقيع الممثلين وهو امر يسعد هايدرون بوشينغر (72 عاما) "السينما كانت على هذا المناول في السابق. وانا كنت اجمع تواقيعهم في تلك الفترة!"، ولهذه القاعات روادها من محبي النسخ الاصلية والطلاب وعشاق السينما والمتقاعدين لكن لا يمكنها الاعتماد فقط على الافلام التي تعرضها من اجل جذب المشاهدين.
وتقول ميكايلا انغلرت التي تدير منذ العام 2007 ، قاعة "ادميرال كينو" التي اسست العام 1913 "في فيينا الكثير من القاعات والمقاعد مقارنة بالاستهلاك والمجمعات السينمائية تعرض ايضا افلام مؤلف وتنافسنا في هذا المجال"، ويبدو ان اسعار البطاقات الرخيصة (7 الى 8,50 يورو في مقابل 10 يورو في القاعات الكبيرة) لا تشكل عنصرا حاسما ايضا.
ويبقى الاعتماد تاليا على الاطار الذي يحول مشاهدة فيلم في هذه القاعات الى رحلة صغيرة في الزمن، وقد ادركت آنا نيتش-فيتز ذلك جيدا وهي تحب التشديد على ان قاعة "برياتزير ليختسبييله" التي دشنت العام 1905 وتديرها منذ العام 1969 "هي اقدم قاعة سينما في العالم التي لم ينقطع نشاطها ابدا"، وتواجه قاعتها البعيدة عن الوسط مشاكل مالية وتقول باسف "نادرة هي الافلام التي تصدر بنسخ 35 ملم" اليوم اما الانتقال الى التكنولوجيا الرقمية فسيكلفها كثيرا.
لذا فهي تنظم زيارات الى قاعة البث وجلسات سينما مع امكانية حياكة الكنزات حيث الانارة لا تكون خافتة للتمكن من القيام بالمهمتين فضلا عن عرض افلام صامتة برفقة عازف بيانو.
وتقول روزنكرانتس فورميل التي تدرس مادة الفلسفة في فيينا "انها مناسبة لاختبار الماضي ان الامر اشبه بمتحف حي للسينما"، الا ان المقاعد الخشبية رغم وجود وسادات عليها، ونوعية الصوت السيئة قد تنال من حماسة بعض محبي السينما.
ويقول ألمار وهو موظف حكومي اختار قاعة "ادميرال" مع اصدقاء له لرؤية اخر افلام وودي آلن "القاعة قد تكون قديمة لكن ينبغي الا تكون متداعية"، وتقول ميا الجالسة على المقاعد الحمراء العائدة الى تاريخ افتتاح القاعة وهي تحتسي كأسا من النبيذ "الاجواء لطيفة كما لو اننا في قاعة جلوس منزلية ونشعر بالراحة".
وانتقلت قاعة "ادميرال" التي كان يتردد اليها بانتظام الكاتب ارثر شنيتزلر الى التقنية الرقمية، وتقول ميكايلا انغلرت "لا اريد تغيير الطاابع القديم للسينما ولا اجوائها لكن من المهم في الوقت ذاته توافر المستوى التقني العالي"، ويحذو عدد متزايد من القاعات الصغيرة حذوها وهي الفرصة الافضل لاستمراريتها على ما يقول اوسفالد باكوفسكي مسؤول الشؤون الثقافية والترفيهية في غرفة التجارة في فيينا، ويوضح "تطورها ليس سيئا كما كان متوقعا فقبل عشر سنوات كنا نظن انها ستختفي كلها. والان لم نعد نتوقع انها ستختفي".
سينما البشتون في بيشاور وافلام العنف والحب
تتسمر عيون رجال من البشتون على شاشة عملاقة تعرض فيلما عنيفا، ثم يهتفون ويرقصون لبطلهم وهو يطلق النار من سلاح رشاش.. لا يثنيهم عن التردد على صالات السينما في بيشاور الباكستانية لا هجمات المتشددين ولا تهديداتهم.
في صالة العرض في سينما ارشد، ينصت جمع كبير من الرجال المرتدين الزي التقليدي للبشتون وهم ينتظرون بدء عرض الفيلم الجديد "اتركوا الفقراء بسلام"، وعلى الشاشة، تظهر والدة بطل الفيلم التي فجعت بفقدان زوجها تحت التعذيب بين ايدي رجال الشرطة، تدخل متجرا للاسلحة وتكشف عن وجهها للبائع قائلة بحزم "اريد كلاشنيكوف".
وعند هذا المشهد، تنفجر الصالة بالحماسة والصراخ تحية للبطلة التي قررت ان تأخذ بالثأر، وهي عادة ما زالت متجذرة في المجتمع القبلي المحافظ للبشتون الذين يتوزعون بين باكستان وافغانستان، وتعود السيدة الى منزلها وتلقي السلاح الى ابنها غول خان العازم على الثأر لوالده، ويثير هذا الموقف إعجاب الجمهور لكونه يجمع بين رغبة الشاب بالثأر لابيه وطاعته لوالدته ايضا، يحدث ان يتعطل مكيف الهواء في سينما ارشد الواقعة في طابقين، فتصبح صالة العرض اشبه بحمام السونا مع دخان الحشيشة الذي ينبعث كبخار الحمامات التركية.
في الاشهر الماضية، خرجت الى صالات العرض سبعة افلام جديدة في بيشاور التي تعد مهد السينما المحلية، وخرجت تلك الافلام رغم ان العام السابق شهد استهداف صالات السينما بهجومين داميين شنهما اسلاميون متطرفون يرون ان السينما من عوامل انحراف المجتمع، وشكل الهجومان ضربة قاسية لقطاع صالات العرض التي تعاني اصلا من منافسة الانترنت والاقراص المدمجة، الا ان هذا القطاع نجح في الصمود، مثله مثل مدينة بيشاور التي ادماها عقد كامل من هجمات حركة طالبان. ففي هذه المنطقة الغارقة في الفقر والأمية، تبدو السينما واحدة من وسائل التسلية القليلة المتوافرة للسكان.
صور فيلم "اتركوا الفقراء بسلام" خلال الصيف الماضي في مدينة لاهور شرق باكستان، وفي تلال موري قرب العاصمة اسلام اباد، وقد بيعت تذاكر العرض باربع مئة روبي (اربعة دولارات) للتذكرة الواحدة، اي ضعف ثمن التذاكر عادة.
اضف تعليق