الاغتراب الجيلي في الثقافة السياسية وتدني الوعي في فهم مغزى صناديق الاقتراع هو بحاجة ماسة الى اصلاح ديمقراطي يوفر بنية سياسية جادة يغادر فيها المتنافسون مفاهيم وايديولوجيات (الدولة -الغنيمة) وانغلاقتها القبلية وتتقدمهم في الوقت نفسه برامج اقتصادية واجتماعية ترسم مستقبل البلاد التي ظلت تستنسخ من نتائج دوراتها الانتخابية السابقة...
هناك نقيضان خطيران يواجهان قضية تعاقب الاجيال في الوعي والثقافة السياسية في بلادنا المشرقية . فقرابة نصف الناخبين اليوم هم من فئة الشباب سواء ممن ولد خارج الحلقة الحديدية للنظام الدكتاتوري السابق او خارج وعي جراحاته وهم امام تجربة سياسية وتشكيلات تتنافس في بناء ديمقراطية اُختزلت التنمية فيها وتعثرت برامج التقدم الاقتصادي في جداول اعمالها بل وضعت اولوياتها الاقتصادية الاستراتيجية على رفوف احزابها وخارج صناديقها الانتخابية، وباتت كانها قوى مجردة من مناهج التحديث الاقتصادي بالغالب، بل لا تتطلع الا الامساك بزمام السلطة وادامة تمويل زخم شكليات ديمقراطيتها من ريع النفط ومصادر التنمية نفسها.
وعبر دورة الاعمال السياسية لا تحصد تلك الديمقراطية الا محيط خالٍ من حراك تجربة اقتصادية ناجحة تمكن جيل الناخبين الجدد من جني عوائد ثمارها .
اما الجيل الجديد فترتسم امامه لوحات مزدهرة عن نهضة امم جنوب وشرق العالم عبر ديمقراطيات ظل يتسيدها قادة تنمويون افرزتهم الديمقراطية وصناديقها كما في بلدان مثل سنغافورا وماليزيا والبرازيل وغيرها وليس سرف الدبابات التقليدية وضجيجها الدكتاتوري الدموي.
فالاغتراب الجيلي في الثقافة السياسية وتدني الوعي في فهم مغزى صناديق الاقتراع هو بحاجة ماسة الى اصلاح ديمقراطي يوفر بنية سياسية جادة يغادر فيها المتنافسون مفاهيم وايديولوجيات (الدولة -الغنيمة) وانغلاقتها القبلية وتتقدمهم في الوقت نفسه برامج اقتصادية واجتماعية ترسم مستقبل البلاد التي ظلت تستنسخ من نتائج دوراتها الانتخابية السابقة جيوش من العاطلين واللهاث وراء المغانم والمكتسبات الريعية وتشكيلات سوق ليبرالية تعج بالظاهرة الزبائنية وتحول البعض من الكيانات السياسية الى امبراطوريات اقتصادية في تحالف غير مقدس مع السوق .
وهكذا، حتى يمكن للاغتراب الديمقراطي الجيلي تجديد ثقافة التقرب او الاقتراب الديمقراطي Democratic approaching ويعيد بناء نفسه بثقافة ووعي سياسي عاليين وعلى نحوٍ يمكن ان يقنع الجيل الجديد او يقتنع بنفسه بان (الديمقراطية -البرامجية) في التنمية والتقدم الاقتصادي هي البديل الحتمي عن (الديمقراطية- الغنائمية) المولدة للبطالة والمعطلة للتنمية .
وبين هذا وذاك ، مازالت البلاد على مفترق طرق وهي تتحرى الحاجة الى اصلاح الصندوق الديمقراطي نفسه (كشرط ضرورة) لالغاء (الاغتراب الديمقراطي- Democratic alienation ) ، ومن ثم تستكمل الثقافة السياسة الجيلية بنيانها بالقبول الديمقراطي وبوعي متجانس وعد ذلك ( شرط كفاية ) في بناء الديمقراطية ، يحيطها مناخ يبقى منهجه الاساس (طريق التنمية) .
اضف تعليق