هناك علاقة مهمة تربط بين الإنسان والوقت، وترتقي أهميتها إلى درجة العلاقة المصيرية من حيث الربح والخسارة، فأما أن يربح الإنسان حياته وأما أن يخسرها، وكلا النتيجتين لهما علاقة بإدارة الإنسان لوقته بطريقة تضمن النجاح، أو تقود إلى الفشل، والنجاح هنا متعدد التوصيفات...
هناك علاقة مهمة تربط بين الإنسان والوقت، وترتقي أهميتها إلى درجة العلاقة المصيرية من حيث الربح والخسارة، فأما أن يربح الإنسان حياته وأما أن يخسرها، وكلا النتيجتين لهما علاقة بإدارة الإنسان لوقته بطريقة تضمن النجاح، أو تقود إلى الفشل، والنجاح هنا متعدد التوصيفات، فهو يمكن أن يكون نجاح مادي، أو معنوي، أو مهني أو سوى ذلك.
وفي كل الأحوال أهم نقطة وأهم هدف على الإنسان مراعاته، هو الموازنة بين المادة والروح في قضية الربح والخسارة، وبعد النظر، والإيمان بأن إدارة الوقت لا يعني التمسك بالربحية المادية على حساب القيم والأخلاق والثوابت التي يحتكم إليها الجميع، بمعنى من الأفضل أن يصبّ تنظيم الوقت وإدارته الناجحة في إطار الثوابت والقيم الجيدة، وأن الربح لا يعني الاستخفاف بالقيم كونها هي التي تقود إلى ربحية الإنسان وليس العكس.
كيف نفسر الربح والخسارة، وما علاقة إدارة الوقت بهما؟، وهل يعني ذلك أن من يدير وقته، أو ينظمه بشكل متوازن، سوف يحقق الربح المأمول، ثم ما نوع هذا الربح وبماذا يفيد الإنسان في حياته؟
كيف تتداخل الأهداف؟؟
مجموعة من التساؤلات تدور حول عملية الخسارة والربح، وعلاقة ذلك بإدارة الوقت، وفي تفسير ثنائية الربح والخسارة، هناك ربح مادي ومعنوي، وهناك خسارة مادية ومعنوية، ويؤثر الوقت وتنظيمه في كلا الحالتين أو النوعين، فيمكن أن تحدث أرباح مادية ومعنوية، وقد تفرز النتائج خسائر مادية ومعنوية، وفي كل الأحوال لابد أن يتعامل الإنسان بجدية وفهم وتفاعل، مع قضية إدارة الوقت لكي يحقق الربح ويتجنب الخسارة.
كيف يمكن أن نصل إلى النتائج المرتجاة؟، أي إلى النتائج الإيجابية في إدارة الوقت، وكيف تنعكس على حياة الفرد إيجابا؟
بدءًا من الأفضل أن نقرّ بأن تنظيم الوقت أفضل بكثير مما لو تركنا الأمور تسير كما تشتهي، بشكل غير محدّد ولا منضبط، وفي هذه الحالة سوف تتداخل الأهداف مع بعضها، وتحدث حالة من الارباك كبيرة، بحيث لا يدرك الإنسان شيئا مما هو منجَز أو مما هو مؤجَّل، فتختلط عليه الأمور، وتحدث فوضى (وقتية)، تجعل من وقته مهدورا بنسبة كبيرة.
أما في حالة التنظيم والتحديد المسبق وفق مواعيد وأوقات محددة من حيث البداية والنهاية، وعدد الساعات لكل عمل وترتيب أولويات الانجاز تبعا للأهمية والمصلحة والربح الذي يتحقق من ذلك، فإن مؤشرات النجاح سوف تكون حاضرة، وأن ما يُنجزه الفرد سوف يكون معروفا ومتوقّعا ومأمولا أيضا، أي أن من ينظم ويدير وقته بصورة متقنة، فإنه يعرف أرباحه مسبقا، من خلال معرفته لطبيعة الأعمال التي ينجزها بشكل منتظم ومخطَّط له.
فيما يتعلق بوسائل إدارة الوقت بشكل جيد، فهي تأتي على أنواع وفي المقدمة منها الأدوات التكنولوجية، وعلينا تحديد نوعها مسبقا، وبماذا يمكن أن تفيدنا، وما هو الوقت الذي تستغرقه هذه الأداة أو تلك لإتمام عملية الإنجاز، فهناك ثلاثة عناصر تدخل في عملية الانتاج الفردي، العنصر الأول هو الفرد أو الإنسان نفسه، الثاني هو المنتِج أو الأداة المستخدَمة، الثالث هو المنجَز ونوعه وطبيعته.
كيف تعمل أدوات إدارة الوقت؟
بمعنى علينا اختيار الأداة الأنسب والأدق لتحقيق الإنجاز المطلوب، وهذه له علاقة بنوع الأداة وقدرتها وخواصها، والإنسان هو المتحكم بالإنجاز ودرجة اتقانه يتعلق باختياره الصحيح للأداة، وتخصيص الوقت الكافي في حقل تنظيم وإدارة الوقت، ومن المهم جدا قدرة الفرد ليس على اختيار الأداة فقط، وإنما قدرته الجيدة على كيفية استخدامها الصحيح بما يحقق أسرع وأفضل النتائج بخصوص المنجَز النهائي.
وهذا ما يشير إليه مارك مانشيني بكتابه (إدارة الوقت) حين يقول: (لدينا وسائل وأدوات كثيرة تمكننا من إدارة وقتنا بشكل أفضل. بعض هذه الأدوات منتجات تكنولوجية، وبعضها الآخر ليس تكنولوجيا. ولكن، كما هي الحال مع أي أدوات أخرى، فإن أدوات إدارة الوقت لا تعمل بكفاءة إلا إذا استخدِمَتْ استخداما صحيحا).
الاستخدام السليم للأداة له ارتباط وثيق بإدارة الوقت، لسبب بسيط أن أي أداة غير ملائمة أو غير مناسبة للإنجاز، كأن تكون ذات مواصفات أقل، فإن النتيجة السلبية سوف تنعكس على طبيعة المنتَج، وبالتالي سوف تلوح الخسائر في الأفق، ومن ثم هيمنة الشعور بالإحباط التي ستجعل من الإنسان في حالة من اليأس والتشاؤم.
الإحباط بسبب الخسارة أمر ممكن الحدوث، وهو طبيعي ولا يدخل في باب المفاجأة، والربح أيضا يجب التعامل معه بتوازن وانضباط، فلا الخسارة يجب أن تكون مبعث الاحباط، ولا الربح يجب أن يقود إلى البهرجة المفرطة، كلاهما على الفرد أن يتعامل معهما بتوازن وتحسّب وصبر وتمسك بأهمية الموازنة بين الربح والخسارة، علما أن الشعور المبالغ به بالإحباط ليس صحيحا، كونه يهدر الوقت بطريقة سيئة، فيضيع على الفرد حتى وقته المخصص للاستمتاع أو للتأمل ومنح الذات شيئا من التجديد.
فإذا خسرت عليك أن تحرص بشدة على أن تتجنب الاحباط، واذا ربحت عليك أيضا أن لا تفرط بالوقت على البهرجة والفرح المبالغ به أو المجاني: فـ (كل دقيقة نضيّعها في الإحساس بالإحباط تجاه مهمة تبدو هائلة ومربكة، هي دقيقة ضائعة من الوقت الذي خصصناه للاستمتاع بالحياة) كما يؤكّد مارك مانشيني.
بالنتيجة الربح والخسارة أمران متوقّعان في حياة الإنسان، لكن تنظيم الوقت وإدارته بطريقة مناسبة، يجعلان الحياة أفضل، ويمنحان الإنسان فرصة لتحقيق الربحية المزدوجة، ونعني بها الربحية المادية والمعنوية، وكلاهما مطلوبات لمواصلة العيش المتوازن.
اضف تعليق