q
ان مستقبل العالم في القرن الحالي، بحالة من عدم الاستقرار والاتزان، في ظل جشع الدول الموصوفة بالمتقدمة وطمعها بثروات الدول الموصوفة بالمتخلفة، الى جانب غياب الوعي وخمول التفكير وضمور هاجس الإحساس بالمسؤولية لدى حكام وشعوب الدول المتخلفة، وهذا يجعل من تلك الازمات أشبه بيورانيوم صراع مخصَّب قد يصبح قنبلة حرب نووية تفجر العالم في المستقبل القريب!.

يبدو أن تراكم الازمات وتفاقم الصراعات على المستويات المختلفة، سواءً أكانت سياسية، اقتصادية، ثقافية، دينية، جعلت عصرنا الحالي في دوامة من الفوضى الكبرى، نتيجة لأهداف الهيمنة ذات المصالح البراغماتية، فضلا عن الحروب الناعمة والعولمة متعددة المقاصد، والتي جسدتها أحداث القرن الواحد والعشرين، لتفرز إنسانا معاصرا لكنه أكثر قلقا بشأن مشكله ومستقبل أبنائه، فحصيلة الدمار والقتل في تصاعد مضطرد ولا زالت الانتهاكات بأشكالها كافة مستمرة، على الرغم من جهود بعض المنظمات والجهات العالمية الساعية لردع الازمات والحد منها.

ونتيجة للتفاوت الفكري والسياسي والاقتصادي والثقافي بين دول العالم، قسم عالمنا الى ثلاثة عوالم: الاول الدول المتقدمة، والثاني الدول النامية، والثالث الدول المتخلفة. لكن في العقود الاخيرة حدثت طفرات نوعية للعديد من الدول، انتقلت فيها من وضعية الدول النامية الى الدول المزدهرة، لاسيما في الشأن الاقتصادي، مثل الصين والهند والبرازيل وغيرها، مما يفند التقسيم السابق للعالم المعاصر.

وبهذا اصبح عالمنا الراهن يتكون من قسمين: دول متقدمة وأخرى متخلفة. الاولى تشهد تطورا متزنا الى حد ما، كونها تمتلك مفاتيح مواجهة الازمات مثل صعود اليميني في اوروبا والعنف امريكا، والتسونامي الذي ضرب اليابان في العقد الماضي، لكن على الرغم من وقع تلك الازمات على هذه الدول وتداعياتها المتدرجة، إلا أنها تمتلك خبرة وقدرة على التعامل مع الازمات، عكس الدول المتخلفة التي تتفاقم فيها الازمات ككرة الثلج، وتعد هذه الدول الجزء الثاني من عالمنا المعاصر او ما يسمى بعالم ما بعد الحداثة.

إذ تشهد الدول المتخلفة تراجعا مضطردا على المستويات كافة، كونها لا تمتلك القدرة على مواجهة الازمات، بل بعض المعالجات الساعية للحد من الازمات تزيد الطين بلّة، وتفاقم المشكلات التي تغذيها الصراعات مع نهم الفساد الذي ينخر المجتمعات المتخلفة من كل صوب، وعليه اتسع هذا التفاوت وتصاعدت الفجوة بين دول العالم، الى جانب إذكاء ازمات وصراعات جديدة، أبرزها ما يسمى الحرب العالمية على الارهاب، وتنامي التنظيمات الارهابية لغايات سياسية واقتصادية، وهناك ايضا الصراعات السياسية التي انتجت أزمة النووي الايرانية والازمة الاوكرانية التي تشكل خطرا داهما على العالم، بينما بات الاقتصاد رافدا حاسما لتنامي النزاعات كما هي الحال مع ازمة النفط الحالية، فضلا عن حروب المياه واستثمار الموارد الطبيعة التي بدت تؤول الى الإضمحلال شيئا فشيئا، ولا ننسى أن من اهم ما يفاقم الازمات ويلهبها، هو صراع الحضارات بين التراثية الدينية والعولمة المادية، الذي وصل الى ذروته في عصرنا الحالي، فهناك محاولات الحفاظ على التراث والتقاليد والاديان ومحاولات علمنة العالم، ومحو التراث ومسخ الهويات وجعل العالم بوجه واحد، مادي براغماتي مصلحي، مما خلق معادلة متناقضة للعالم، وهكذا في الوقت الذي يشهد العالم تطورا علما وفكريا وانتاجيا، فإنه يشهد في الآونة نفسها تراجعا وتخلفا وانتهاكا ودمارا هائلا.

وعليه تشير المعطيات آنفة الذكر الى أن مستقبل العالم في القرن الحالي، بحالة من عدم الاستقرار والاتزان، في ظل جشع الدول الموصوفة بالمتقدمة وطمعها بثروات الدول الموصوفة بالمتخلفة، الى جانب غياب الوعي وخمول التفكير وضمور هاجس الإحساس بالمسؤولية لدى حكام وشعوب الدول المتخلفة، وهذا يجعل من تلك الازمات أشبه بيورانيوم صراع مخصَّب قد يصبح قنبلة حرب نووية تفجر العالم في المستقبل القريب!.

اضف تعليق


التعليقات

حامد الجبوري
مقال جيد
المشكلة الحقيقة التي يعاني منها العالم وخصوصاً الغربي (السائق المعاصر) هؤ عدم تكريس العلم لدراسة الانسان ومعرفته فعلى الرغم من التقدم الذي وصل إليه إلا إنه لايزال لم يفهم شيء بل ادار ظهر عن الانسان واتجه نحو الاستهلاك أي توظيف العلم من اجل التصنيع حتى ينتج ليستهلاك الانسان وخصوصا الانسان الغربي، واصبحت اهميته ترتكز على كيفية فرض هيمنته على هذه الارض بواسطة العلم وتطويع كل خيراتها للاستهلاك.وان المهم هو معرفة الانسان واصلاحه قبل خدمته ومساعدته.
فعندما نطّلع على نسب الانتحار فنجد انها ترتفع في الغرب لكنها منخفضة في الشرق علماً ان الرفاهية وصلت الى مراحل متقدمة في البلدان المتقدمة كما وصفتها في حين ان بلدان الشرق وخصوصاً الشرق الاوسط تعاني من أزمات كبيرة وكثيرة إلا إنها أخف وطأة من حيث نسب الانتحار.
ولكن هذا النسب لاتخفي القصور في دول الشرق وازماتها ومايعانيه الانسان فيها من فقر وبطالة وفساد وقتل وتهجير، نعم كلها ازمات ومشاكل كبيرة يعود أغلبها للجهل والاستبداد السياسي وخصوصاً الديني لكنها لم تجعل العلم اداة للاستهلاك في منابعها المعرفية.2018-06-07