ها هي جمعة مضت تحمل الأشواق والحنين لرؤية أشرف وأحلى من ترقبه العين، عام بعد عام في كل جمعةٍ تترقب عيون المحبين ظهور المخلص الراعي فينبعث الأمل في النفوس المُتعبة، وها هي جمعةٌ أخرى مرت بعد ذكرى مولده المبارك الذي أدخل السرور في قلوب محبيه ومنتظريه وبعث في نفوسهم الأمل والقوة للعمل والانتظار.
فمتى يحين اللقاء أيها الأمل الموعود، لكن سيدي أنى لنا أن نناديك ونندبك ونحن مقصرون بمعرفتك وطاعتك، نعمل من أجل راحتنا الجسدية ونفكر بها أكثر من تفكيرنا برضاك، وأنت بعطفك ولطفك وحنانك ترعانا وتتألم لنا، فهلا جعلنا الوقت الأكثر لننهل من علومكم ونزداد معرفة وقرباً لكم، فأنت تقول سيدي: "لو علم شيعتي شدة حبي لهم لماتوا شوقاً لرؤيتي" فهل نحبك كما تُحبنا، هل رجعنا لوصاياك وقمنا على العمل بها، أم هل نُعد حقاً من شيعتك، واخجلتاه مولاي إن آذيناك بعملنا ولم نؤدي حقك وكنا سبباً لطول غيبتك "فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكره ولا نؤثره منهم" آهٍ لو كنا ممن وصفتهم بهذا القول، ولم نعمل كما قلت: "فليعمل كل إمرىء منكم بما يقرب به من محبتنا و يتجنب ما يدنيه من كراهتنا وسخطنا".
كم عملنا من أجل أن نلتزم بوصيتك سيدي أم إن معرفتنا وحسن ظننا بكرمك وعطفك ورأفتك جعلنا نتهاون ونرضى بالقليل من العمل.
مولانا الصادق عليه السلام يقول: "من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق وهو منتظر". في حديث الصادق صلوات الله عليه يرسم لنا طريقاً للارتقاء بأن نكون من أصحاب مولانا صاحب العصر عليه السلام وكيف نُحسن صحبته بعملنا بالورع وحسن الخلق.
فما الذي يجب عمله لننال الفيوضات من مولانا صاحب الزمان (عج)، لابُد لنا من الاعداد الروحي الذي يعتمد التسليم والخضوع والرقابة والإحساس بروح العبودية الكاملة للإمام المعصوم صلوات الله عليه، فها هو مولانا علي سيد الوصيين (ع) الذي لا يعرفه إلا الله ورسوله يقول "أنا عبد من عبيد محمد". فكيف بنا نحن إذاً وكم أدينا من حقهم علينا.
إن سر الوصال مع الإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو الاحساس بالعبودية له عن معرفة والسعي الحثيث لخدمته وكسب رضاه الذي هو رضا الله تعالى، وعلينا تخصيب العقل بالفكر السماوي منهم صلوات الله عليهم، وعلينا الابتعاد عن الأخلاق الذميمة والسعي في الاستفادة من فيوضات وعلوم الإمام عليه صلوات الله وسلامه من خلال حضور المجالس التي فيها ذكرهم والاهتمام بالقراءة والمطالعة عنهم، والأخذ منهم، فقد روي عنهم: "إن كلامنا يحيي القلوب".
ولا بد من الاشارة بأن التسليم والخضوع للإمام لا يتولد إلا مع الاعتقاد السليم عن المعصوم وتمرين القلب على التسليم، فعلينا أن نلتزم عِدة أمور منها:
- الاطلاع الكامل وبقدر الاستطاعة عن الامام المهدي (عج) وصفاته، ويكون كل شيء يرتبط به موضع اهتمامنا كما أشار مولانا الامام الباقر عليه السلام لذلك بقوله: "رابطوا امامكم المهدي..".
- التقرب إلى الإمام (عج) بالدعاء اليومي والصالحات و ذكره المتواصل وشد القلوب إليه كما جاء في الدعاء: "واجعل قلبي معموراً بذكره".
- نراقب الوقت الذي نقضيه في اليوم والليلة كم ساعة صرفنا منها للإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف.
- احترام وطاعة العالم الرباني الذي ينشر علوم محمد و آله و تُذكر رؤيته الله تعالى، ولكن دون أن يكون التعلق به و ذكره أكثر من ذكر الامام المهدي عليه السلام، فيجب أن يكون تعلقنا بالله تعالى و بالإمام المهدي عليه السلام تعلُقاً لا نظير له.
- العمل لتحصيل درجة الاخلاص، ورد عن مولانا الرضا صلوات الرب عليه: "لا يثبت فيها (الغيبة) على دينه إلا المخلصون المباشرون لروح اليقين".
- خدمته ما استطعنا، فقد سُئِل مولانا الصادق عليه السلام في زمانه عن صاحب زماننا، قولهم: هل ولِد القائم؟ فقال: لا، ولو أدركته لخدمته أيام حياتي".
فهذا الإمام المعصوم عليه السلام يتمنى خدمته أيام حياته، فأي عظمة ومنزلة رفيعة لا تدركها عقولنا عند مولانا المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
- السلام عليك يا خليفة الله وناصر حقه.
ناصر حق الله: أي مرتبة عظيمة ومنزلة لا تُضاهى تحلى بها صاحب عصرنا عجزت عقولنا عن معرفتها.
مولاي أنت المنقذ الذي يترقبه العالم بأكمله ويتطلع الناس لعدالته.
- السلام عليك يا باب الله و ديان دينه.
الديان اسم من اسماء الله تعالى و في معجم المعاني العربية يعني: القاضي، والحاكم، والحاسب، المجازي.
فيكون مولانا صاحب العصر صلوات الله عليه هو القيِّم على أمور الرسالة الالهية والحاكم بها والمشرف على تطبيقها في المجتمع.
يا مولاي شقي من خالفكم وسَعد من أطاعكم...؛ الحق ما رضيتموه والباطل ما أسخطتموه.
السلام عليك يا مولاي بجوامع السلام.
اضف تعليق