ولد آخر الانبياء فأشرقت الشمس بحلة جديدة.. أشرقت بنور الهداية المحمدية.. ولد ليهدي الامة وليخرجها من ظلمات فاقت ظلمات جنين في بطن امه.. ولم تكن ولادته امرا مخفيا، فقد ذكر بالتوراة والإنجيل، وبشر به واشير الى صفاته وعلائمه قبل مولده.
قال تعالى "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ"
وقد جاء برسالة سماوية هدفها الاول هو انقاذهم مما هم فيه، فعاداتهم القبلية والجاهلية كانت متفشية كجذور ليفية متشعبة بفوضوية وهمجية، وقد أشار امير المؤمنين (ع) الى ذلك في خطبته القاصعة حيث قال: "فالاحوال مضطربة، والايدي مختلفة، والكثرة متفرقة، في بلاء أزل، وأطباق جهل! من بنات موءودة، واصنام معبودة، وغارات مشنونة، فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا".
فبعثة الرسول كان هدفها الاول هو انقاذ الناس مما كانوا فيه، وغرس المبادئ والقيم الاسلامية التي جاءت عن طريق الوحي الالهي، ثم الاستفادة من صفات واخلاق وشخصية الرسول التي كانت وما زالت تعتبر المثال الاعلى لجميع الخلق على هذه الارض، فرسولنا وقدوتنا الذي قال عنه الله جل وعلا في كتابه الكريم "وإنك لعلى خلق عظيم".
فكان في قمة هذه الاخلاق "التواضع" فعن الامام الصادق عليه السلام "كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم إذا دخل منزلا قعد في ادنى المجلس حين يدخل".
اما عن "رحمة الرسول" فقد قال عنه الله جل وعلى في كتابه "وما ارسلناك الا رحمة للعالمين"، واما عن "عفوه وصفحه" فقد كان يعفو حتى عن اعدائه ومن يؤذيه.. وخير مثال على ذلك ما حدث بعد فتح مكة عندما ظفر النبي واستولى على اشد اعدائه الذين فعلوا به وبالمسلمين الافاعيل خاطبهم قائلا: ماذا تظنون اني فاعل بكم؟
فقالوا اخ كريم وابن اخ كريم.
فقال: أقول كما قال أخي يوسف عليه السلام "لا تثريب عليكم اليوم"..... إذهبوا فأنتم الطلقاء.
اما عن "سخائه وكرمه"... فقيل انه ما سئل شيئاً إلا اعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع الى قومه فقال يا قوم أسلموا فإن محمدا يعطي عطاء من لايخشى الفقر.
وقد وصف امير المؤمنين (ع) النبي عندما طُلب منه ذلك".........، ليس بالعاجز ولا باللئيم، أكرم الناس عشرةً، وألينهم عريكة، وأجودهم كفاً، من خالطه بمعرفة احبه، ومن رآه بديهة هابه، عزه بين عينيه،....".
لم يكن منهج الرسول نظريا فقد كان تطبيقيا وعمليا، وهذا ما شاهدناه في سيرته وسلوكه حيث لم يجلس في مكانه ليوعظ من دون تطبيق، بل كان تعامله واحتكاكه بالناس هو الدليل على حسن صفاته التي تحلى بها، وقد انعكست هذه الصفات على قيادته للامه فلم يكن قائدا ونبيا ورسولا فحسب بل كان هو ناصر الضعفاء والمدافع عن الحقوق والمعين للفقراء والكافل لليتامى وال... و...و...، فدمج بين ما تحلى به وبين مسؤولياته لذا اثرت هذه على تلك بصورة ايجابية جعلته مثالا يحتذى به على مر العصور والازمان ليتخذ قائدا وقدوتا في وقت واحد وسيرته العطرة هي خير مثال على ماذكر.
من خلال التعرف على بعض صفات الرسول التي في الحقيقة لا تخفى على اي شخص لديه حب وولاء لرسوله، يجب ان نقول:
أليس من الممكن ان يجعل كل من الاب والام من رسول الله قدوة ومثلا اعلى لأبنائهم، بدلا من التشتت والضياع الذي اصبح متفشي بين الشباب، بسبب عدم التوجه نحو الصواب وعدم اتخاذ المثل الاعلى الصحيح والصالح.؟
أليس من الواجب ان يكون الاب والام هم من يمتلكون ولو جزءا من صفات الرسول لكي يكونوا قدوة حسنه لأبنائهم.؟ فمن ملك هذه الصفات وكان بهذه المقومات هو أفضل قدوة وهادي لنا منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا.
اضف تعليق