رسول الله اهتم بالشباب اهتماماً كبيراً، وأوصى بهم خيراً، لما لهم من تأثير في مسار المجتمع، وبناء الأمة، وقدرتهم على التجديد والتطوير والبناء، وعندما نقرأ في الهدي النبوي سنجد الكثير من التوجيهات والإرشادات والوصايا النبوية الموجهة إلى معشر الشباب، وما ينبغي لهم فعله والاهتمام به، ومنها اغتنام...
ان مرحلة الشباب من أهم المراحل الجوهرية والمنعطفات المهمة في حياة الإنسان، لأنها تمثل مرحلة الصحة والنشاط والحيوية والفاعلية؛ ولذا ينبغي لكل شاب اغتنام هذه المرحلة الذهبية في العمل والعطاء والإنجاز.
فالشباب هم ركيزة المجتمع وعماد المستقبل؛ لأنهم يملكون طاقات كبيرة، وعقول خلاقة، وسواعد قوية، ورغبة في العمل والنشاط؛ والمجتمعات الإنسانية إنما تبنى وتعمر بالشباب مع الاستفادة من حكمة الشيوخ وأهل الخبرة والتجربة.
ان مرحلة الشباب ربيع الحياة، وهي فرصة يجب اغتنامها واستثمارها في بناء الذات وتطوير الشخصية، وأداء الواجبات والمسؤوليات بإتقان، والسعي نحو تحقيق الأهداف والتطلعات نحو المستقبل.
إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اهتم بالشباب اهتماماً كبيراً، وأوصى بهم خيراً، لما لهم من تأثير في مسار المجتمع، وبناء الأمة، وقدرتهم على التجديد والتطوير والبناء، ولذا أوصى (صلى الله عليه وآله) بالشباب قائلاً: «أُوصيكُم بِالشُّبّانِ خَيراً فَإِنَّهُم أرَقُّ أفئِدَةً».
وعندما نقرأ في الهدي النبوي سنجد الكثير من التوجيهات والإرشادات والوصايا النبوية الموجهة إلى معشر الشباب، وما ينبغي لهم فعله والاهتمام به، ومنها: اغتنام أيام الشباب قبل الهرم، والصحة قبل المرض؛ لأن تحقيق ما يصبو إليه الشاب من أهداف وطموحات وتطلعات يحتاج إلى التمتع بالقوة البدنية والعقلية، وتمام الصحة والعافية وهو ما يكون متوفراً في أيام الشباب؛ وأما من يفرط في شبابه فإنه يفرط في حياته، وسيصبح ضعيفاً وعاجزاً عن العمل والإنجاز عندما يكون هرماً وشيخاً كبيراً.
من وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) للشباب أيضاً: البناء العلمي أيام الشباب، والتعلم وإن كان يبدأ في مرحلة الطفولة ويستمر أيام المراهقة، ولكن ذروته تكون في مرحلة الشباب حيث يكون الإنسان في مرحلة الجامعة، وهي مرحلة البناء العلمي المتقدم، والوصول إلى أعلى الشهادات العلمية، فقد روي عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «مَن تَعَلَّمَ في شَبابِهِ كانَ بِمَنزِلَةِ الرَّسمِ في الحَجَرِ، ومَن تَعَلَّمَ وهُو كبيرٌ كانَ بمَنزِلَةِ الكِتابِ على وَجهِ الماءِ».
ولابد للشباب الاهتمام بقدر الإمكان بالبناء العلمي ونيل التخصصات العلمية الدقيقة، لأن مستوى التطور في العلوم وفي مختلف التخصصات بات متقدماً عما كان عليه الوضع سابقاً، ولأن المستقبل حليف أصحاب التخصصات العلمية الدقيقة والمتقدمة، ولذا على الشباب التسابق في الحصول على الشهادات العليا وفي مختلف التخصصات التي يحتاجها المجتمع وسوق العمل.
كما نؤكد على أهمية العمل للشباب وتحصيل الرزق الحلال لتوفير متطلبات الحياة لنفسه وعائلته، والاستغناء عما في أيدي الناس؛ ومرحلة الشباب هي أفضل مرحلة لممارسة العمل والعطاء والإنجاز، لأن الشاب يكون فيها في ذروة صحته وعافيته وقوته وحيويته ونشاطه؛ ومن كان عاجزاً عن العمل والإنجاز أيام الشباب فإنه سيكون أعجز أيام الشيخوخة.
ان الشاب العامل الذي يتعب نفسه في سبيل المعاش وتأمين الرزق الحلال يكون محبوباً عند الله تعالى، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «إنَّ اللَّهَ تعالى يُحِبُّ أن يَرى عَبدَهُ تَعِباً في طَلَبِ الحَلالِ»، وعنه (صلى الله عليه وآله) أيضاً قال: «إنَّ اللَّهَ تعالى يُحِبُّ العَبدَ المؤمنَ المُحْتَرِفَ»، وفي المقابل ورد النهي عن ترك العمل، فالشاب الصحيح الفارغ الذي لا يعمل مع قدرته على العمل والشغل مبغوض عند الله سبحانه، لما روي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: «إنَّ اللَّهَ يُبغِضُ الصَّحيحَ الفارِغَ، لا في شُغُلِ الدُّنيا ولا في شُغُلِ الآخِرَةِ».
ان القيام بأي عمل شريف عبادة، لأنه يؤمّن لنفسه وعائلته الرزق الحلال سواء من خلال الوظيفة أو ممارسة الأعمال الحرة، أو أي عمل آخر؛ وبذلك يقوي من ثقته بنفسه، وبناء شخصيته، واكتساب الخبرة في مجال عمله، وتنمية مهاراته وقدراته.
ومن وصايا النبي (صلى الله عليه وآله) للشباب: التدبر في عواقب الأمور، والنظر إليها من جميع الجهات، والتفكير في نتائج أي عمل قبل الإقدام عليه؛ وأن على الشباب التحلي ببعد النظر، وسعة الأفق؛ وهذه الوصية النبوية في غاية الأهمية لأن طبيعة الشباب الحماس والتعجل في بعض الأمور التي تحتاج إلى التأني والمشاورة؛ فقد أوصى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
رجلاً طلب منه أن يوصيه: «فَإِنّي اُوصيكَ إذا أنتَ هَمَمتَ بِأَمرٍ فَتَدَبَّر عاقِبَتَهُ، فَإِن يَكُ رُشداً فَامضِهِ، وإن يَكُ غَيّاً فَانتَهِ عَنهُ».
وعلى الشباب التعجيل بالزواج مع توفير المقدمات الأساسية له، فقد روي عنه صلى الله عليه وآله: «يا مَعشَرَ الشَّبابِ، مَنِ استَطاعَ مِنكُمُ الباءَةَ فَليَتَزَوَّج؛ فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلبَصَرِ، وأحصَنُ لِلفَرجِ. ومَن لَم يَستَطِع فَعَلَيهِ بِالصَّومِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجاءٌ».
وقد ورد في الوصايا النبوية الحث على الزواج المبكر بعد تهيئة المتطلبات الأساسية له بحسب العرف الاجتماعي والذي قد يختلف من مجتمع لآخر، فقد روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: «ما مِن شابٍّ تَزَوَّجَ في حَداثَةِ سِنِّهِ إلّا عَجَّ شَيطانُهُ: يا وَيْلَهُ، يا وَيْلَهُ! عَصَمَ مِنّي ثُلُثَي دِينِهِ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ العَبدُ في الثُّلُثِ الباقِي»، لأن الزواج ينمي العفة والعفاف عند الشباب والفتيات، ويحصن النفس من الانحراف والزيغ والفساد.
ان العزوف عن الزواج، أو التأخر عن الإقدام عليه يترتب عليه نشوء بعض المفاسد الأخلاقية، وزيادة الانحرافات الجنسية والسلوكية، ولذا ينبغي على الشباب الإقدام على الزواج مبكراً من أجل حفظ الفروج، وصيانة النفس عن الإنحراف، وتصريف الطاقة الجنسية بالحلال، وتكوين أسرة طيبة، وحفظ النوع البشري.
اضف تعليق