إن الحريّات في هذا العصر أفضل بكثير من السابق وهذا يضاعف من مسؤولية الشيعة اليوم، ويجدر بأتباع أهل البيت سلام الله عليهم الموجودين في العالم اليوم أن يبذلوا من الجهود ما يناسب حجمهم والحريات المتاحة لهم، لأنه مسؤولية كبيرة لا يمكن تجاوزها او اغفالها او التنصل منها...
يحتفل شيعة أمير المؤمنين عليه السلام هذه الأيام بذكرى عزيزة على قلوبهم ونفوسهم، ألا وهي ذكرى عيد الغدير التي تم فيها تنصيب الإمام علي عليه السلام، خليفة أول للمسلمين بعد وفاة الرسول الأكرم (ص)، ولكن هناك ملاحظة تم تسجيلها على الشيعة، وهي عدم إعلان مظاهر البهجة والفرح بالمستوى الذي يعدل هذه المناسبة الكبيرة، ويُظهر حجم أهميتها ومدى ابتهاجنا بها نحن شيعة الامام الذين يتوجّب علينا أن نعيش هذه الذكرى بأقصى ما نتمكن عليه من معالم الفرح، مع أهمية تطبيق سيرة الامام عليه السلام في حياتنا.
ومن الجدير بالذكر أن الشيعة في السابق على الرغم من قلة اعدادهم، ومحاربتهم ومحاصرتهم من الحكام الظالمين، إلا أنهم قاموا بدورهم بطريقة تثير الاعجاب، وكافحوا من أجل نشر التشيع والاسلام في العالم، ونجحوا في هذا الدور المهم، مع قلة العدد والامكانيات، لكنهم قاموا بما يلزم القيام به، وهذه رسالة لنا نحن شيعة امير المؤمنين، في هذا العصر، الذين يقع علينا مسؤولية التمسك بسيرة أئمة أهل البيت (ع).
وقد نوّه عن هذا الجانب المرجع الديني، سماحة آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي في احدى كلماته عن عيد الغدير، فقال (لقد كان الشيعة في السابق قليلي العدد قياساً إلى سائر المسلمين، وكانوا مضطهدين أكثر من اليوم، ومع ذلك قاموا بدورهم وأوصلوا الرسالة إلى العالم والأجيال اللاحقة، واهتدى الملايين من الناس عبر القرون إلى نور أهل البيت سلام الله عليهم، وانتشر التشيّع في العالم كلّه، وزادت نسبة الشيعة بدرجة كبيرة).
وهناك امور يتوجّب علينا نحن الشيعة ان نستفيد منها، وهي لم تكن متوفرة في العصور السابقة، فهامش الحرية اليوم اكبر بكثير مما كان عليه في الماضي، وهذا يسمح لنا ان نؤدي دورنا في نشر افكار اهل البيت (ع)، ويمكننا الاحتفال بعيد الغدير بطريقة اكبر وافضل بكثير من السابق، لكي نشترك في رفع التعتيم على هذه القضية المهمة في تاريخ المسلمين، بل هي من أهم واخطر القضايا التي مرّ بها الاسلام.
فعلينا أن نبتهج ونفرح ونعلن المسرات بكل الطرق والوسائل المتاحة لنا، حتى يعرف العالم كله أن امير المؤمنين (ع) هو خليفة المسلمين بعد النبي (ص)، وهناك أحاديث شريفة لا تقبل الشك، تثبت صحة تنصيب الامام عليه السلام خليفة للمسلمين، وما حدث تحت السقيفة ما هو إلا تحريف لما أعلنه وأراده رسول الله (ص)، وهذا يحتّم علينا كشيعة أن نستفيد من الحريات المتاحة لنا اليوم، حتى نبتهج ونفرح ونحقّ الحق بصوتنا العالي وايماننا الكبير، وأملنا بأن الحق لا يمكن للظالمين أن يقفوا بوجهه.
وقد تكلّم سماحة المرجع الشيرازي، عن هذه النقطة بالذات، وعن اهمية الاستفادة من الحرية، لنشر هذه الذكرى العزيزة على قلوبنا، ذكرى عيد الغدير فقال (إن الحريّات في هذا العصر أفضل بكثير من السابق وهذا يضاعف من مسؤولية الشيعة اليوم، ويجدر بأتباع أهل البيت سلام الله عليهم الموجودين في العالم اليوم أن يبذلوا من الجهود ما يناسب حجمهم والحريات المتاحة لهم).
ويتحدث لنا التاريخ عن معالم الفرح والسرور التي كانت تجتاح شوارع بغداد بهذه المناسبة، حيث كان الشيعة من اهل العاصمة يحتفلون بعيد الغدير وتمتلئ شوارع بغداد بمظاهر الفرحة، وتملأ الحلويات ومظاهر الزينة كل زاوية من زوايا بغداد وساحاتها وشوارعها، اعلانا عن هذه المناسبة الكريمة، وكان نسبة الشيعة من سكان المدينة لا يتجاوز عشرة بالمئة، فقد قال سماحته (قبل زهاء ألف سنة كانت نسبة أتباع أهل البيت سلام الله عليهم في مدينة بغداد عشرة بالمئة من مجموع سكانها ولكنهم كانوا في ذكرى عيد الغدير الأغر ينصبون في كل أزقّة وشوارع بغداد طاولات وكانوا يضعون عليها الحلويات بكثرة بحيث كانت الناس تأتي وتأكل ويأخذون منها إلى بيوتهم، وهذا الأمر قد دوّنه وذكره العرب والعجم في تواريخهم. فهل يقوم الشيعة حالياً بمثل هذه الأعمال في مدنهم وبلدانهم؟ وهو عمل بسيط قياساً إلى بقية الأعمال).
ان هذا التساؤل الذي يطرحه المرجع الشيرازي (دام ظله) يضعنا امام مسؤولية كبيرة، لا يمكن تجاوزها او اغفالها او التنصل منها، نحن شيعة امير المؤمنين، فالكل عليه ان يبادر بطريقته وحسب قدرته على احياء ذكرى عيد الغدير في البيت والشارع والمدينة كلها.
اضف تعليق