حقيقة ينطبق القول المشهور الذي رواه الجاحظ عندما سأل أحد الشعراء: ما بال المراثي أجود أشعاركم ؟ فقال: لأننا نقول وأكبادنا تحترق...
فهذه المراثي هي مصداق للمراثي التي أفرزها الألم والمصاب الجليل، وقد تميّزت هذه الأشعار التي تقطر حزناً على فاجعة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) واستذكار حادثة استشهاده على أكثر عناصر الرثاء أصالة..، فالتفجّع فيها صدر عن قلوب ولهى وعبرات حرى..، واستذكار المآثر العظيمة والصفات النبيلة التي تحلى بها (عليه السلام) كانت تزيد من حرقة الألم وحرارة اللوعة فقد وجد الشعراء فيه ما يفوق الصفات البشرية من المعاني السامية فكان ذلك مصدراً ومنبعاً لهم ليستقوا منه.
فتميزت هذه المراثي بصدق العاطفة المستندة إلى العقيدة التي ترسخت في أذهان الشعراء على مكانة أمير المؤمنين (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إضافة إلى صفاته الذاتية العظيمة فكان الرثاء فيه يصدر عن قلوب ملتاعة الزفرات ملتهبة العبرات معبراً عن الحب والوفاء شدة الألم والحزن الذي يعتصر قلوبهم.
كما لم تخل تلك المراثي من نبرة السخط والغضب على أعداء أمير المؤمنين وقاتليه ومن حاربه وعلى رأسهم رأس الكفر والنفاق معاوية، فكان لمشاعر الندم التي أصابت نفوس المسلمين بفقده تتجاوز حدود الرثاء لتصل إلى الجزع على فقده.
الإمام الحسن (عليه السلام) يرثي أباه
وكان أول المفجوعين بهذا المصاب الجلل هم أولاده وأهل بيته وأصحابه المخلصين فدلت الألفاظ الرقيقة والمعاني الحزينة والصور المؤثرة على شدة الجزع الذي ألمّ بهم ويتضح ذلك في رثاء الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام) لأبيه في قوله:
خلِّ العيونَ وما أردنَ *** من البكاءِ على عليِّ
لا تقبلنَّ من الخليِّ *** فليسَ قلبُكَ بالخليِّ
لله أنتَ إذا الرجال *** تضعضعت وسط النديِّ
فرَّجتَ غُمَّته ولم *** تركن إلى فشلٍ وعيِّ
فهذه الأبيات يُستشفُّ الحزن العميق في معناها فقوله (عليه السلام): (لله أنت من الرجال) هي لاستذكار عظمة الفقيد وهي ركيزة حزن تشدّ المرثية.
كما رثاه الإمام الحسن (عليه السلام) أيضاً بمرثية أخرى فقال:
أين من كان لعلم المصطفى في الناسِ بابا ؟
أين من كان إذا ما قحط الناس سحابا ؟
أين من كان إذا نودي في الحربِ أجابا ؟
أين من كان دعاه مستجاباً ومجابا ؟
أما في هذه المقطوعة فإن الصفات التي أطلقها (عليه السلام) على أبيه لم تكن للمديح بقدر كونها اثباتاً لمرتكزات وحقائق استند عليها، ففي البيت الأول استند إلى قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها) أما الأبيات الثلاثة الأخرى فهي مما لا يشك أحد في مدى انطباقها على شخصية أمير المؤمنين (عليه السلام).
صعصعة بن صوحان
كما كانت هذه الفاجعة شديدة الوقع على صاحبه (عليه السلام) صعصعة بن صوحان (رضي الله عنه) فقال من جملة قصيدة:
ألا من لي بأُنسِكَ يا أخيّا *** ومن لي أن أبثَّكَ ما لديّا
طوتكَ خطوبُ دَهرٍ قد تولّى *** كذاك خطوبُه نشراً وطيّا
فلو نشرت قواكَ لي المنايا *** شكوتُ إليكَ ما سنحت إليّا
بكيتك يا عليُّ بدرِّ عيني *** فما أغنى البكاءُ عليكَ شيّا
يلاحظ صدق العاطفة في هذه المرثية والتعبير عن الحالة النفسية التي اعترت هذا الصحابي الجليل وهو يصاب بفقد من يشد به أرزه، خاصة في ذلك الجو المضطرب، فالإمام علي (عليه السلام) يمثل لصعصة وغيره من الأصحاب المخلصين الحصن المنيع الذي يلجأون إليه وقت الشدائد لذلك هالهم استشهاده وكان وقعه عليهم عظيما.
مشاعر الألم والحزن تتصاعد
ويصل رثاء أمير المؤمنين (عليع السلام) عند الشعراء إلى حد سلوك الشاعر مسلك الغضب من الناس لتهاونهم في حماية إمامهم حتى طالته اليد الآثمة، فقال بعض بني عبد المطلب مخاطباً قبر أمير المؤمنين (عليه السلام) باتخاذه القبر رمزاً في رثائه:
يا قبر سيدنا المجنّ له *** صلى الإله عليكَ ياقبرُ
ما ضرَّ قبراً انت ساكنه *** إن لا يَحلّ بأرضه القطرُ
فليندبنّ سماحُ كفك في *** الثرى وليورقنّ بجنبك الصخرُ
والله لو بكَ لم أجد أحداً *** إلا قتلتُ، لفاتني الوترُ
مع ابن عباس
أما ابن عباس فيستذكر قول أمير المؤمنين (عليه السلام) موقفه وهو قابض على لحيته الشريفة بيده ويقول: (أما آن أن ينبعث أشقاها فيخضب هذه من دم رأسي) فيوظف هذا القول في أبياته ويصف قاتل الإمام بأنه من الذين ضل سعيهم في الدنيا وخسروا خسراناً مبيناً في الآخرة فتبوّأ بجريمته مقعده في جهنم:
وهزَّ عليُّ بالعراقينِ لحيةً *** مصيبتها جلّت على كل مسلمِ
وقال سيأتيها من الله نازلٌ *** ويخضِبها أشقى البريةِ بالدمِ
فعاجله بالسيفِ شُلّت يمينُه *** لشؤمِ قطامٍ عند ذاك ابن ملجمِ
فياضربة من خاسرٍ ضلَّ سعيُه *** تبوّأ منها مقعداً في جهنمِ
ففاز أمير المؤمنين بحظّه *** وأن طرقت أُخرى الليالي بمعظمِ
ألا إنما الدنيا بلاءٌ وفتنةٌ *** حلاوتها شيبت بصبرٍ وعلقمِ
أبو الأسود الدؤلي يبكي أستاذه ومربيه
ويصل الرثاء المفجع ذروته في قصيدة الشاعر أبي الاسود الدؤلي تلميذ الإمام علي (عليه السلام) في نونيته العصماء التي حملت الرقة والانكسار والبكاء والمر والدمعة الحرّى وكذلك جمعت الغضب والسخط من معاوية كما بينت فضائل علي (عليه السلام) وأحقيته ومظلوميته فكانت سجلاً حافلاً بالأحداث والحقائق واللوعة والأسى، قال أبو الأسود الدؤلي:
ألا ياعينُ ويحَكِ أسعدينا *** ألا فابكي أمير المؤمنينا
رُزئنا خير من ركب المطايا *** وخيّسها ومن ركب السفينا
ومن لبس النعال ومن حذاها *** ومن قرأ المثاني والمئينا
إذا استقبلتَ وجه أبي حسينٍ *** رأيت البدرَ راقَ الناظرينا
لقد علمت قريش حيثُ حلت *** بأنك خيرهم حسباً ودينا
وكنّا قبل مقتله بخير *** نرى مولى رسول الله فينا
يقيم الدين لا يرتاب فيه *** ويقضي بالفرائض مستبينا
ويدعو للجماعة من عصاه *** وينهك قطع أيدي السارقينا
وليس بكاتمٍ علماً لديه *** ولم يخلق من المتجبِّرينا
لعمر أبي لقد أصحاب مصرٍ *** على طول الصحابةِ أوجعونا
وغرّونا بأنهم عكوفٌ *** وليس كذاك فعل العاكفينا
ألا أبلغ معاوية بن حربٍ *** فلا قرّت عيون الشامتينا
أفي شهر الصيام فجعتمونا *** بخير الناس طرّاً اجمعينا
ومن بعد النبي فخير نفسٍ *** أبو حسنٍ وخير الصالحينا
كأن الناس إذ فقدوا علياً *** نَعامٌ جال في بلدٍ سنينا
ولو أنّا سُئلنا المال فيه *** بذلنا المال فيه والبنينا
أشاب ذؤابتي وأطال حزني *** أُمامةُ حين فارقتِ القرينا
تطوفُ بها لحاجتها إليه *** فلما استيأست رفعت رنينا
وعبرةُ أم كلثومٍ إليها *** تجاوبها وقد رأت اليقينا
فلا تشمت معاوية بن صخرٍ *** فإن بقيةَ الخلفاءِ فينا
وأجمعنا الإمارة عن تراضٍ *** إلى ابن نبينا وإلى أخينا
ولا نعطي زمام الأمر فينا *** سِواه الدهر آخر ما بقينا
وإن سراتَنا وذوي حجانا *** تواصوا أن نجيبَ إذا دعينا
بكلّ مهنّدٍ عضبٍ وجُردٍ *** عليهنَّ الكماةُ مسوّمينا
في هذه القصيدة الخالدة يستفتح أبو الاسود الدؤلي في بدايتها البكاء على أمير المؤمنين (عليه السلام) مُعللاً ذلك في البيت الثاني بفقدان خير الناس الذي وجهه كالبدر للناظرين، ثم ينتقل الشاعر ليعرّض بقريش التي حسدت الإمام وغصبته حقه، ليقول إنه (عليه السلام) خير منهم حسباً وديناً، ثم يستطرد الشاعر بذكر الخير الذي كان عندهم بوجوده، ثم يتألم ويتفجع من الذين شاركوا في قتل الإمام وأظهروا أنهم عكوف في المسجد متسترين به ومضمرين الكفر والنفاق، بعد ذلك يصبُّ الشاعر جامّ غضبه على معاوية لأنه رأس الفتنة وله يد بالضلوع في مؤامرة اغتيال أمير المؤمنين خير الناس بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في أشرف الشهور وهو شهر رمضان. ثم يصف حالة المسلمين بعد غياب القائد والمثل الأعلى ويشبههم بأنعام بلا راعٍ تجول على غير اهتداء متمنياً لو أن منيته تدفع بفدائه الغالي من الأموال والأولاد. ثم تشب من الشاعر العاطفة الممزوجة بالألم لترسم حالة أُمامة زوجة أمير المؤمنين (عليه السلام) وأم كلثوم ابنته وهما تبكيان ولا تصدقان مصرع هذا البطل العظيم.
ولكن هذا الإنكسار لا يقف عند هذا الحد لدى الشاعر فينتفض بعنف متحديّاً معاوية بأن الحسن الزكي بقية الخلفاء ما زال فيهم فلا مجال لأن يفرح معاوية ويشمت بقتل علي (عليه السلام) فإن المسلمين لم ولن يذعنوا لحكم معاوية فما زال فيهم السراة الأبطال الذين تعاقدوا على نصرة الدين واعدّوا العدة لمقاتلة القاسطين بكل مهند عضب وعلى كل فرس أجرد يركبه الكماة المسوّمين.
وهناك مراث أخرى كثيرة تصب في هذا الحزن العميق والمضمون يضيق المجال باستقصائها وبيان عاطفتها الملتهبة وتميّزها وقد اكتفينا بعرض هذه النماذج منها وكلها تفيض بصدق العاطفة وحرارة الدمعة وشدة اللوعة، إضافة الى تألّقها بالمعاني السامية والمناقب والمآثر التي خصّها وشرّفها الله سبحانه وتعالى علياً (عليه السلام).
زوايا الظلام والنفاق
وفي زاوية مظلمة لاكت أفواه نتنة وألسن خبيثة أفاضت على نفوسهم المريضة وقرائحهم الفاسدة وضمائرهم الميتة نفثات الشيطان بقول الكفر من أصحاب الجباه السود (سوّد الله وجوههم كما سوّد قلوبهم) فنعقوا ببعض الأبيات في مدح اللعين ابن ملجم وذم أمير المؤمنين (عليه السلام)، فتصدى لهم جمع كبير من المسلمين سنة وشيعة حاملين في أشعارهم شموساً نيّرة من أفكار علي (عليه السلام) وحمماً غاضبة على اللعين ابن ملجم وعلى أتباعه.
اللعين أبو ميّاس المرادي الخارجي
فحينما قال أبو ميّاس المرادي الخارجي متشفياً بقتل أمير المؤمنين وسيد المسلمين دون أن يكون له زاجر من ضمير أو خلق أو دين:
ونحن ضربنا يالك الخير حيدراً *** أبا حسنٍ مأمومةً فتقطّرا
ونحن خلعنا ملكه من نظامه *** بضربةِ سيفٍ إذ علا وتجبرا
ونحن كرامٍ في الصباحِ أعزةٍ *** إذا المرء بالموت ارتدى وتأزّرا
أجابه أحد شعراء الشيعة من أصحاب أمير المؤمنين:
فلم يكُ ذا ملكٍ ولكن خليفةً *** من الله محمودَ النقيبةِ أزهرا
وصيَّ النبيِّ المصطفى وابن عمهِ *** وأيُّ وصيٍّ لا يرى القتلَ مفخرا
ولو أنكم كنتم رجالاً أعِزّةً *** لما صرتمُ في النهرِ صرعى على الثرى
وكافحتم الكرار في حومة الوغى *** بحيث ترون الليث غضبانَ مصحرا
ولكنكم كُعتم برغم عديدكم *** فبانَ لدى الهيجاءِ من كان أصبرا
فلم تقتلوا منا عِداد اصابعٍ *** ولم ينجُ منكم غير عَشرٍ فعشّرا
الى أن دسستم كلب نارٍ بخفيةٍ *** وخطوِ جبانٍ قلبه قد تفطّرا
الحقد الدفين يستعر مرة أخرى
ولما أخبر سفيان بن أبي أمية بن عبد شمس بن أبي وقاص عائشة باستشهاد أمير المؤمنين (عليه السلام) تمثلت :
فألقت عصاها واستقرّت بها النوى *** كما قرّ عيناً بالايابِ المسافرُ
ثم قالت : من قتله ؟ فقيل : رجل من مراد ، فقالت:
فإن يكُ نائباً فلقد بغاهُ *** غلامٌ ليس في فيهِ الترابُ
فقالت لها زينب بنت أم سلمة : ألعليٍّ تقولين هذا ؟ فقالت : إذا نسيت فذكروني، ثم تمثلت :
ما زال إهداء القصائد بيننا *** اسم الصديقِ وكثرة الالقابِ
حتى تركت كأن قولك فيهم *** في كل مجتمعٍ طنينُ ذباب
الشيطان ينفث على لسان عمران بن حطّان الرّقاشي
وهناك مارق آخر أخذ يزعق بكفره وهو عمران بن حطّان الرّقاشي حين يقول في مدح اللعين ابن ملجم:
لله درُّ المرادي الذي فتكت *** كفّاه مهجة شر الخلق إنسانا
يا ضربةً من تقيٍّ ما أراد بها *** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره يوماً فأحسبه *** أوفى البرية عند الله ميزانا
هذا هو الكفر بعينه!.. أيّ رضوان يبلغه اللعين بقتله من أقام دعائم الدين واوضح سُبل رب العالمين، نعم لقد بلغ ابن ملجم رضوان إخوانه الشياطين الذي سوّلوا له فعلته الشنعاء.
السيد الحميري
ولله درّ شاعرنا السيد الحميري الذي أجابه بقصيدة طويلة نقتطع منها هذه الأبيات:
لا درَّ درُّ المراديِّ الذي سفكت *** كفّاه مهجةَ خيرِ الخلقِ إنسانا
قد صار ممّا تعاطاه بضربته *** مما عليه من الإسلامِ عريانا
أبكى السماءَ لِبابٍ كان يعمره *** منها وحنَّت عليه الأرض تحنانا
طوراً أقول ابن ملعونَينِ ملتَقَطٌ *** من نسل إبليس بل قد كان شيطانا
ويل امّهِ أيَّماذا لعنةٍ ولدت *** لا أن كما قال عمران بن حطّانا
رجسُ تحمّل إثماً لو تحمّلَه *** ثهلان طرفة عينٍ هُدَّ ثهلانا
أضحى ببرهوت من بلهوت محتبساً *** يلقى بها من عذاب الله ألوانا
ما دبَّ في الارض مُذ ذُلَّت مناكبها *** خلقٌ من الخير أخلى منه ميزانا
لا عاقر الناقةِ المردي ثمود لها *** ربٌّ أتوا سخطه فِسقاً وكفرانا
ولا ابن آدمُ قابيل اللعينُ أخو *** هابيل إذ قرّبا لله قربانا
بل المرادي عند الله أعظمهم *** خِزياً وأشقاهم نفساً وجثمانا
طاهر بن عبد الله الشافعي القاضي
كما تصدّى للرد على ابن حطّان الخارجي طاهر بن عبد الله الشافعي القاضي فقال:
إني لأبرأُ مما أنت قائله *** عن ابن ملجمٍ الملعون بهتانا
يا ضربةً من شقي ما أراد بها *** إلا ليهدم للإسلام أركانا
إني لأذكره يوماً فألعنه *** دنيا وألعن عمراناً وحطّانا
عليه ثم عليه الدهر متصلاً *** لعائن الله إسراراً وإعلانا
فأنتما من كلاب النار جاء به *** نص الشريعة برهاناً وتبيانا
بكر بن حسّان الباهري
كما رد عليه بكر بن حسّان الباهري بقوله:
قُل لابن ملجم والاقدار غالبةٌ *** هدّمت للدينِ والإسلام أركانا
قتلت أفضلَ من يمشي على قدمٍ *** وأعظم الناس إسلاماً وإيمانا
وأعلم الناس بالقرآن ثم بما *** سنّ الرسول لنا شرعاً وتبيانا
صهر النبي ومولاه وناصره *** أضحت مناقبه نوراً وبرهانا
وكان منه على رغم الحسود له *** مكان هارون من موسى بن عمرانا
ذكرت قاتله والدمع منحدرٌ *** فقلت سبحان رب العرش سبحانا
إني لأحسبه ما كان من إنسٍ *** كلا ولكنه قد كان شيطانا
فلا عفا الله عنه سوء فعلته *** ولا سقى قبر عمران بن حطّانا
(يا ضربة من تقي ما أراد بها *** إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا؟)
بل ضربة من غويٍّ أوردته لظىً *** وسوف يلقى بها الرحمن غضبانا
كأنه لم يرد قصداً بضربته *** إلا ليصلى عذاب الخلد نيرانا
كما تصدى له أبو الحارث الطبري وأبو المظفر الشهرستاني وأبو بكر بن حماد وغيرهم والمجال لا يتسع لذكر أشعارهم. وهذا العدد الكبير من الشعراء الذين ناصروا الحق ينم عن مدى حب المسلمين لأمير المؤمنين (ع) فغذيت قصائد الشعراء بمنهجه القويم وشبت على مظلوميته ودمائه الطاهرة دفاعاً عن الإسلام، فتوالت مسيرة الشعراء التي ما انقطعت ولن تنقطع وهي تقف على قبره الشريف اتنهل منه معنى الإسلام معنى رسالة السماء معنى النبل والحق والخير والعدل والفضيلة وتصدح بحبه، وها هو قبر علي (عليه السلام) يقف منذ أول لحظة صرحا للعدالة وشوكة في عيون الظالمين والمستبدين ويرفد الشعراء بالمراثي الصادقة والمشاعر النبيلة.
اضف تعليق