ذبح بالسيوف ونحر، وأكل لقلوب وتمزيق أشلاء، وانتهاك لأعراض وسبي، ونخر أجساد شباب بالرصاص، وقطع رؤوس بالمناشير الكهربائية، وإلقاء الناس من فوق بنايات عالية، وإحراق أحياء، ونبش قبور وتهديم، وسحل جثث وتمثيل، وسلب ونهب للأموال العامة والخاصة، وتخريب للبلاد، وأجساد متفجرة، وسيارات مفخخة، وطمس للقيم، وتشويه للحياة، وإفناء للإنسان.
مشاهد موت فظيع تتحرك بفوضى وجنون، في الشوارع والأسواق، والمدارس والجامعات، والحدائق والمستشفيات، وفي المساجد والحسينيات والكنائس والمعابد، والمراقد المقدسة والمقامات المشرفة، والأماكن العامة.
وجل ذلك العنف الدموي الذي يحدث اليوم، ومنذ سنوات، وقع خصوصاً على الشيعة في كل مكان من العالم، وكل ذلك العنف تنفذه تنظيمات تدعي أنها تؤمن بالقرآن والسنة، وأنها "سنية" تقدس الصحابة وتتبع آثارهم، والصحابة عندهم كالنجوم بأيهم اقتدوا فقد اهتدوا.
والعالم يسمع ويرى مؤيدين لتلك التنظيمات الإجرامية وداعمين، وهناك من يبرر أعمالهم الوحشية، بذريعة المظلومية أو الإقصاء أو التهميش أو لضرورة إقامة حكم الله، وإن من يبرر ويدعم تلك العصابات: فقهاء ومؤسسات دينية وإعلامية ودول، وأيضاً شريحة من المجتمع.
وفي ذلك، يستند هؤلاء إلى أعمال صحابة كـ(خالد بن الوليد)، الذي – مثلاً – حينما أرسله أبو بكر لقيادة جيش الخلافة للإجهاز على معارضيه، وقد أدّى خالد المهمّة بوحشية وبشاعة بإهراقه دماء فريق من المسلمين في حروب سمّيت «بحروب الردّة»، وتحت ذريعة محاربة المرتدّين، إلاّ أنّ معظم الذين سفكت دماؤهم من قبل خالد وجيشه كانوا من المسلمين الأبرياء، ولم تكن تهمة الارتداد سوى ذريعة. (تاريخ الطبري، 3/1189- 1303، محمد حسين روحاني، كتاب الردّة، محمد بن عمر بن واقد، 140. تاريخ اليعقوبي، 2/9، محمد إبراهيم آيتي).
بل إنّ الأساليب التّي اتّبعها خالد في حربه ضدّهم كانت مخالفة تماماً لنهج الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وتعاليم الإسلام، وتتلخص أساليب خالد بن الوليد في:
قتل المسلمين بقذفهم من المرتفعات والأماكن العالية، وحرقهم وهم أحياء، والتمثيل بهم، وقطع أوصالهم، وإلقائهم في الآبار، في حين كان الرسول الكريم صلى الله عليه وآله ينهى عن المثلة حتى بالكلب، في هذا يوصي الإمام علي سلام الله عليه أهل بيته محذراً إيّاهم من التمثيل بقاتله، بقوله: «..فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور»(نهج البلاغة، الرسالة 47، صبحي الصالح). وهذا غيض لفيض من الفظائع التي ارتكبها خالد وهو منطلق بأمر أبي بكر.
وأيضاً، فإن التنظيمات الإرهابية، وخاصة داعش، تفتخر بـ(صلاح الدين الأيوبي) الذي أكد باحث مصري، في ندوة لأساتذة التاريخ والآثار في القاهرة، أن "صلاح الدين الأيوبي دمر مصر كلها، ولم يقم بتدمير تاريخ الفاطميين والشيعة فقط، حيث إن تدميره لمكتبة دار الحكمة والتي كانت تحوى أكثر من مليوني كتاب، يعد بمثابة جريمة حضارية في حق المصريين جميعاً".
وأوضح أن "صلاح الدين كان يريد محو تاريخ من سبقوه، حيث قام كذلك بهدم أهرامات الجيزة، والتي كان عددها ثمانية عشر هرماً بجوار الإهرامات الثلاثة الموجودة حالياً والتي لم يتمكن من هدمها"، وقال: إن "صلاح الدين كان مرتزقاً تابعاً للسلاجقة الأتراك الذين حكموا بغداد، وكانت قبائلهم قائمة على السلب والنهب".
ولقد كتب محبو صلاح الدين الأيوبي والذين يشيدون بشخصيته ويعظمونه، أنه قتل قرابة مليون إنسان لأنهم كانوا يختلفون معه في الرأي. من المؤسف حقاً، أن ترى شخصاً يحسب من العلماء يعبّر في موضع ما عنه بـ(القائد الإسلامي)، مع أنه حرق في واقعة واحدة مدينة بأكملها, فأزهق أرواح كل سكانها البالغ عددهم خمسين ألفا وبينهم النساء والأطفال والشيوخ، وجميع هذه الحقائق قد أقر بها محبوه وأتباعه ومن هم على مذهبه!!.
واليوم، فإن جل أو كل دول العالم تجمع على أن تركيا بتاريخها العثماني ومجازرها في الأرمن والعلويين، دولة داعمة للإرهاب، وأن السعودية بتاريخها الوهابي الإجرامي ومجازرها في الشيعة والسنة، هي مملكة الشر التي تنتج الإرهاب.
كل ذلك، وليست هناك إدانة من مراكز الإسلام السني، لكن هناك فقط رفض وتأكيد رفض تكفير متوحشي داعش، فقد قال أحدهم "نحن أهل السنّة لا نكفّر أحداً يقول لا إله إلاّ الله"، في الوقت أن منابر مكة وغيرها تصدع، وخاصة في صلاة الجمعة، بتكفير الشيعة والدعوة إلى قتلهم وسبي نسائهم ونهب أموالهم.
ومؤخراً قال "مفكر إسلامي" أن "داعش صور من صور الإسلام الغاضب الذي يخرج عن العقل والحكمة وطالما يقول لا إله إلا الله لا يمكننا تكفيره"!!
لأن الوضع خطير، لابد من الحديث بوضوح، ويبقى الحديث دائماً في إطار الحكمة والموضوعية، ومن الموضوعية الشروع بالحل، والحل يبدأ بوصف الواقع كما هو، والواقع اليوم مضرج بالدماء، دماء أراقتها سيوف ومفخخات الإرهاب التكفيري، والإرهاب التكفيري له دين، ومن هنا يبدأ الحل!!
اضف تعليق