ماذا بعد شارلي ايبدو؟، هل ينظر الفرنسيون إلى هذا العمل الإرهابي بمنظار ما حصل في 11 سبتمبر الامريكية أم سيكون منطلقا لنشر ظاهرة فوبيا الاسلام لاسيما بعد انتشاره المضطرد في أوربا عامة وفرنسا خاصة، أم ان هذه الحادثة رسالة سياسية موجهة للحكومة الفرنسية؟، وهل ستشهد مناطق فرنسية مثل هذه الأحداث، وكيف ستتعامل الإدارة الفرنسية مع مثل هذا الأخطاء السياسية الامنية المكلفة؟، جميع هذه التساؤلات وغيرها تشكل ضغطا كبيرا داخل المعترك السياسي الفرنسي حاليا بشأن التعامل مع قضية الإرهاب المحلي.
إذ يرى بعض المحللين أن حادثة شارلي ايبدو شكلت انعطافات امنية خطيرة أظهرت نوعا من هشاشة النظام الامني الفرنسي في التنسيق لمكافحة الإرهاب المتطرف الذي يصفه هؤلاء المحللين انه صانع السم يذوقه في أشار الى بعض الممارسات من لدن السلطات الفرنسية التي تذكي التطرف والارهاب محليا ودوليا.
بينما يعزو محللون آخرون ان الهجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية يأتي في ظل تعقيدات داخلية وخارجية تواجهها فرنسا ابرزها التدخلات الفرنسية في شمال افريقا وانخرطها في الحرب ضد داعش وموقفها تجاه فلسطين. ولربما تضيق هذه الاختراقات شعبية الرئيس هولاند، ويزود الإرهابيون بفعلتهم منافسي هولاند بفاتورة مجانية يدفع ثمنها المسلمين لصالح اليمين المتطرف.
بينما كشفت مصادر أمريكية وأوروبية أن سعيد كواشي، أحد المشتبه بهما في الاعتداء على مقر صحيفة "شارلي إيبدو"، زار اليمن في 2011 وخاض تدريبا في معسكر للقاعدة. وأوضحت مصادر حكومية أمريكية أن سعيد وشقيقه شريف يوجدان على اثنتين من قواعد البيانات الأمنية الخاصة بمكافحة الإرهاب.
وبحسب مصادر اعلامية أوقع هذا الهجوم برشاش وقاذفة صواريخ شنه ما لا يقل عن ثلاثة مسلحين ملثمين على مقر صحيفة شارلي ايبدو 12 قتيلا بينهم شرطيان، بالاضافة الى 11 جريحا، في عملية غير مسبوقة ضد وسيلة اعلام في فرنسا.
وبين القتلى أشهر رسامي الكاريكاتور في الأسبوعية الساخرة هم شارب وكابو وولينسكي وتينوس، كما عُد هذا الاعتداء الأكثر دموية في فرنسا منذ 40 عاما على الاقل.
وذكرت المصادر ذاتها أن الفرنسي شريف كواشي (32 عاما) الملاحق مع شقيقه سعيد (34 عاما) في إطار التحقيق حول الهجوم الاخير، يعد جهاديا معروفا لدى أجهزة مكافحة الإرهاب الفرنسية، وخصوصا أنه أدين للمرة الأولى العام 2008 لمشاركته في شبكة كانت ترسل مقاتلين إلى العراق.
حيث ولد كواشي في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 1982 في باريس وهو يحمل الجنسية الفرنسية. لقبه "أبو حسن" وانتمى إلى شبكة يتزعمها "أمير" هو فريد بنيتو كانت مهمتها إرسال إلى العراق للانضمام إلى فرع القاعدة في هذا البلد والذي كان يومها بزعامة أبو مصعب الزرقاوي. اعتقل قبيل توجهه إلى سوريا ثم إلى العراق، وحوكم العام 2008 وحكم بالسجن ثلاث سنوات منها 18 شهرا مع وقف التنفيذ، ولا يغيب عن انظارنا ابو بكر البغدادي الذي اطلق سراحه على يد القوات الامريكية وهو الان من عتاة المجرمين.
وفي الاونة الاخيرة مطاردة استمرت يومين وعدة ساعات من عملية احتجاز رهائن، قتل الشقيقان المتطرفان المتهمين بتنفيذ الهجوم الدامي على أسبوعية "شارلي إيبدو"، خلال هجوم لقوات الأمن على مطبعة في شمال شرق باريس حيث كانا يحتجزان فيها رهينة تم تحريره دون أن يصاب بأذى، بحسب مصدر قريب من التحقيق.
أما الشريك المفترض للشقيقين والذي سلم نفسه في وقت سابق للشرطة في شمال شرق فرنسا فهو حميد مراد (18 عاما) صهر شريف كواشي. ويشتبه بأنه ساعد مطلقي النار. وكان شاهد تحدث عن وجود شخص ثالث في السيارة حين لاذ المهاجمان بالفرار، وقد سلم مراد نفسه للشرطة في مدينة شارلوفيل-ميزيير "بعدما لاحظ أن اسمه يرد على الشبكات الاجتماعية" وفق ما أوضح مصدر قريب من الملف لوكالة الأنباء الفرنسية.
وكان ناشطون قالوا إنهم رفاق لمراد ذكروا عبر موقع تويتر أن الأخير كان يحضر دروسا معهم في المدرسة لحظة وقوع الهجوم، مؤكدين براءته. في الوقت نفسه أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف عن توقيف سبعة أشخاص رهن التحقيق بعد الهجوم الدامي على صحيفة "شارلي إيبدو" الساخرة والذي أوقع 12 قتيلا.
وعقب حادثة شارلي ايبدو تبعتها تطورات أمنية متلاحقة حيث ذكر مصدر بالشرطة ومصدر قضائي إن شرطية توفيت متأثرة بجروح أصيبت بها في إطلاق نار بجنوب باريس، وكانت الشرطية قد أصيبت بجروح بالغة كما أصيب شرطي مرور بعد أن أطلق مسلح واحد على الأقل الرصاص عليهما قبل أن يفر في سيارة، وقال المصدران إنه لم يتضح في هذه المرحلة ما إن كانت هناك أي صلة للحادث بالهجوم الذي وقع في صحيفة شارلي إيبدو.
كما حدث انفجار في مطعم وسط شرق فرنسا وتعرض عدد من المساجد لهجمات، واحتجاز رهائن في متجر لبيع منتجات غذائية خاصة باليهود في شرق باريس، واخلاء ممدارس في بلدة يختبيء بها الأخوان كواش بحسب فرانس برس ورويترز.
وعليه تظهر سلسلة الاحداث والتطورات الامنية المتفرقة في فرنسا عدم جدية الغرب في مواجهة الارهاب داخل اراضيها وإذا استبعدنا إحتمالية عدم تحسب فرنسا لوقوع مثل هذه الهجمات فإنها ايضاً تشعر بحجم التهديدات التي تلقتها الصحيفة ونشرت قوات لحمايتها، لذا يجمع أغلب المحللين ان فرنسا إذا واصلت نفس السكة المتبعة في قيادة ملفها الامني فلا تنتظر ان تصل قاطرتها إلى آخر محطة بسلام.
اضف تعليق