عندما تتكرر الإعتداءات والقتل وسفك دماء الأبرياء، ويشعر المواطنون بانعدام الأمن والحماية، فهذا يعني ان الوطن وكافة المواطنين في خطر، ويتوجب على الجميع العمل لإنقاذ الوطن لانه انقاذ لأنفسهم ومستقبلهم، فالإنسان لا قيمة له دون وطن.

في البداية ينبغي التأكيد على أهمية محبة الوطن، والحرص على الأمن والأمان، وأن يكون وطننا هو الافضل في العدالة والحرية واحترام التعددية الفكرية والدينية، حسب دستور يمثل الإرادة الشعبية، فهذه العوامل تؤدي إلى تحقق الأمن الحقيقي للجميع واستقرار الوطن.

استهداف حسينية الحيدرية في كوثر بسيهات شرق المملكة، في يوم الجمعة 3 محرم 1437هـ 2015م. يأتي بعد أقل من سنة واحدة من أول عملية إجرامية تكفيرية تستهدف المساجد والحسينيات في المنطقة وهي الدالوة بالاحساء ثم تكررت في القديح بالقطيف وبعد ذلك في عنود الدمام، ومؤخرا في نجران، والحصيلة لتلك العمليات لغاية اليوم أكثر من 40 شهيدا ومئات الجرحى، -بالإضافة إلى تفجير الكويت- وليس معلوما هل سيتوقف القتل أمَ سيستمر في التصعيد؟!.

والواقع يشير إلى إن القتل والتفجيرات والتهديدات ستستمر ما دامت السلطات لم تعترف بالمشكلة، ولم تسع لتحقيق مطالب الشعب، فالمشكلة تكمن في عدم الاعتراف الرسمي بالتعددية ومكونات الوطن، وترك الوطن تحت سيطرة فكر احادي تكفيري.

بعد تفجيرات الدالوة ارتفعت الأصوات تطالب السلطة بتغيير سياستها ومنها: التكفير والتمييز والاساءة والتحريض والتجييش ضد أتباع اهل البيت، ولكن السلطة لم تحرك اي ساكن!. ثم وقعت مجزرة القديح وبعدها حادثة الدمام ومؤخرا نجران وسقط المزيد من الشهداء، وتكررت المطالب، ولكن السلطة تجاهلتها بل اصدرت كتبا مدرسية جديدة مليئة بالتكفير والتحريض والتجييش ضد مكون وطني كرد واضح منها على المطالب، والنتيجة إستهداف مساجد وحسينيات وسقوط المزيد من الشهداء كما حدث في كوثر سيهات ونجران.

لماذا السلطات السعودية، لا تجعل من الإعتداءات الإجرامية التكفيرية على المواطنين وسقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، الحدث الأهم على مستوى الوطن، كما فعلت الحكومة الكويتية بعد تفجير مسجد الإمام الصادق (ع) من بناء وحدة وطنية، وتضامن شامل مع الضحايا، وتسخير كافة وسائل الإعلام الوطنية مع الحدث؟.

ولماذا فشلت السعودية في إيقاف مسلسل التفجيرات والقتل التكفيري والتحريض والتجييش ضد مواطنيها حتى الآن، حيث وقعت 5 تفجيرات وسقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، ومازال خطاب التكفير والتحريض متواصلا؟!.

يوجد في الوطن عدد من الملفات الداخلية المتأزمة ومنها ملف المعتقلين بسبب التعبير عن الرأي، وتنامي خطر التكفيريين لدرجة إرتكاب الجرائم الدموية الإرهابية ضد فئة من المواطنين، وحتما لسياسة السلطة الحاكمة دور في ذلك..، فهي لا تضمن العدالة والحرية والمساواة والحماية والكرامة لكافة المواطنين في دولة القانون والمؤسسات، وهي اداة تدمير للوطن والمنطقة.

إن استمرار القتل والاعتداءات والتفجيرات التكفيرية وسقوط الشهداء من الدالوة والقديح والدمام إلى سيهات ونجران، هي نتيجة طبيعية لسياسة السلطة الفاشلة في المعالجة لغياب الجدية لحماية الأرواح ومنع وقوع وتكرار الجرائم الوحشية الدموية، وعدم تحقيق المطالب الوطنية التي تعاد بعد كل عملية تفجير من قبل الشعب وبالتحديد من الفئة الوطنية المستهدفة، وعدم تحرك السلطة لمنع الأسباب الواضحة التي تؤدي لاستمرار القتل كوجود التكفير والإساءة والتمييز في مؤسسات الدولة الرسمية، وعدم المبادرة السريعة بالاعتراف بالتعددية الفكرية والدينية في الوطن، وبالخصوص المكون المستهدف في الوطن، وهذا حق وطني وإنساني.

ومن الأسباب التي أدت إلى استمرار آلة القتل التكفيري من دالوة الاحساء وقديح القطيف وعنود الدمام، و في كوثر سيهات ومؤخرا في نجران، يعود للفشل الذريع من قبل المكون المستهدف بالقتل والتفجير في التعامل مع السلطة لإيصال رسالتهم الغاضبة والحاسمة بمستوى الحدث والجرائم المفجعة، وأبسطها جعل السلطة تعترف بالتعددية واحترامها في الوطن ومنها مدرسة أهل البيت، ومنع التكفير والاساءة والتحريض والتجاوزات الصادرة من مؤسسات الدولة، وبضرورة المحاكمة العاجلة لكافة المقبوض عليهم بسبب دورهم في العمليات الاجرامية الدموية ومن يقف خلفهم من تشجيع وتأييد ودعم واصدار فتاوي وذلك بشفافية.

فمن حق المواطن أن ينعم في وطنه بالأمن والكرامة وحرية ممارسة معتقده، واحترام معتقده من قبل السلطة أولا وليس العكس. أمَ سياسة الثناء والمدح للسلطة بعد كل جريمة رغم علم الجميع بمسؤوليتها ودورها...؛ فهي ( جريمة) واستمرار للقتل وتدمير للوطن.

يحتاج إعادة النظر في أسلوب التعامل، ولابد من تغيير الخطاب بمستوى الحدث الإجرامي لكي يحصل كافة المواطنين على حقوقهم ومنها تطبيق العدالة والحرية واحترام التعددية والكرامة والامن والحماية، وأن يتحد الشعب من كل الفئات والمناطق كيد واحدة لتحقيق ذلك، فالجميع في دائرة الخطر.

دماء وأرواح الشهداء غالية، ولن يتنازل أهالي الضحايا والشرفاء والأحرار عن المطالبة بمحاكمة المجرمين وهم من يقفون خلف الجريمة، وبالخصوص من يروج للفكر التكفيري، ومن يحرض على الإساءة والإعتداء والكراهية لمعتقد مكون وطني.

المواطنون يشعرون بالقلق الشديد وبالخصوص الفئة المستهدفة، ليس الخوف من الموت، فالموت لهم شهادة وعزة وشرف، ولكن على المستقبل المظلم وعقوبة سفك الدماء البريئة، الذي سيطال الجميع، ويهدد المنطقة والعالم.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق