الإرهاب واحد لكنه يرتدي ثيابا مختلفة، فتارة يأتي عن طريق الارهابين الذين أعلنوا هويتهم وأفصحوا عن نواياهم، وهي قتل وتدمير الحياة العامة للأفراد، وتنغيص العيش الرغيد والحياة البسيطة عليهم، وتارة أخرى يأتي عن طريق اشخاص يدعون العمل الصالح، لكنهم يركنون الى العمل الطالح، وهذا النوع من البشر يصعب...
يعرف الشخص الإرهابي على انه الشخص الذي يمارس الرعب وقتل الأبرياء دون وجهة حق وخلق حالة من الخوف والذعر في نفوس المدنيين، أي ارهابهم وجعلهم غير مطمئنين لقضاء يومهم دون التعرض لأذى محتمل، وهنا تبقى حالة القلق مستمرة دون الوصول الى مخرج المناسب.
الصورة النمطية التي رُسمت في اذهان الجمهور عن الشخص الإرهابي، هي من يطلق الذقن ويحفر جبينه كدليل على التزامه الديني وحرصه على اتباع وتطبيق شرع الله، لذلك فقد ارتبط المشهد الاجرامي بهذه الشخصيات، الى درجة أصبح الشخص المتدين فعلا بهذه الصورة ينتابنا الشك والريبة في التعامل معه، او الحذر منه لكيلا يصيبنا اذاَ نتيجة هذا التعامل.
وتلك الصورة جعلت من الأشياء الثابتة هو ان الشخص الذي يقدم على الاعمال الإرهابية لا يخرج عن محيط الأشخاص الملتحين، الذين يلبسون الجلباب ويتحدثون اللغة العربية الفصيحة، وهنا وقعنا في جريرة ظلم لمن قد تكون هذه هيئتهم وأسلوب حياتهم وحديثهم سائر بهذه الطريقة دون أن يكونوا من معتنقي الفكر التكفيري أو الإرهابي.
بعد هذه المقدمة البسيطة اود ان أقول شيئا بصريح العبارة، هذا الشي ربما انت عزيزي القارئ تتفق بنسبة كبيرة معه ومع طرحي الآتي بصورة عامة، ليس بالضرورة ان يكون الشخص الإرهابي مرتديا للباس المذكور، وليس من الواجب ان يكون جبينه محفر من إثر السجود، فأرهابي اليوم غيروا من أنماط حياتهم وحسنوا من مظاهرهم الخارجية حتى انخرطوا مع العامة من الناس وصار من الصعب تميزهم عن غيرهم.
وليس الإرهاب ان ترتكب الاعمال الإرهابية وتسفك الدماء في الطرقات فحسب، بل يندرج ضمن الاعمال الإرهابية هو خيانة الضمير والمهنة وعدم تأدية الواجب بصورة تامة، فرجل الامن عندما يقصر في توفير الامن للمواطنين، يعتبر من الاعمال الاجرامية بحق الأشخاص المسؤول عن حمايتهم، وبالتالي انتهينا لنفس النتيجة وهي عدم الأمان والاضطرار الى البحث عن موطن آمن او أسلوب آخر يشعرهم بالأمن ويستبدل مخاوفهم الى حالة من الاستقرار الدائم.
وكذلك الطبيب الذي لا يتحمل المسؤولية وينقذ الأشخاص المصابين بمرض معين، او يتأخر عن تقديم الخدمة العلاجية المناسبة، لا يختلف كثيرا عن مرتبة الإرهابي الذي يهاجم الأبرياء العزل في منازلهم، ويقتل الأطفال بعمر الورود، فالاثنين يجهضون الحياة ويمنعون الافراد من استنشاق الهواء، فالمريض الذي لا يحظى بعناية فائقة من المرجح انه سيفارق الحياة مثل غيره الذي استشهد في تفجير إرهابي.
ولا نريد ان نطيل بذكر الأمثلة الحية على الأشخاص الذين يحملون أفكارا إرهابية ويمارسون ما يمارسه افراد الجماعات الوحشية، باختصار هذا الوصف يشمل جميع الافراد الذين لا يهمهم سوى مصلحتهم، ويفتكون بالمصلحة العامة عبر اللامبالاة والإهمال المقصود الذي اوصلنا لهذه الحالة من التردي وعدم الاعتماد الجدي لمواجهة المشاكل ومحاصرتها ومنعها من التفاقم.
الإرهاب واحد لكنه يرتدي ثيابا مختلفة، فتارة يأتي عن طريق الارهابين الذين أعلنوا هويتهم وأفصحوا عن نواياهم، وهي قتل وتدمير الحياة العامة للأفراد، وتنغيص العيش الرغيد والحياة البسيطة عليهم، وتارة أخرى يأتي عن طريق اشخاص يدعون العمل الصالح، لكنهم يركنون الى العمل الطالح، وهذا النوع من البشر يصعب التعامل معه لفقدان هويته.
فكل تقصير مع المواطن البسيط الذي لا حول له ولا قوة هو انحياز الى جبهة الإرهاب، فمن لا يجد خدمة حقيقة من قبل حكومته وخوفه الدائم من متقلبات الظروف، فمن المؤكد ان يصل الى مرحلة من الخوف والتوتر لا يكمن ان يصمد امامها، وقد تؤدي الى انهياره الكامل، وكثيرا ما شهدنا عدد من الافراد، ينخرطون في الاعمال الإرهابية نتيجة هذه الحالة، فالمسؤول عن هذا الانحراف هو التقصير الحكومي المتراكم.
مثلما تسعى الحكومات والمجتمعات الدولية الى التخلص بشكل نهائي من الإرهاب العالمي، ينبغي التحرك داخليا لوأد الإرهاب الداخلي، ولن تجف منابع هذا الإرهاب، مالم تكن هنالك نية شعبية حقيقة للقضاء عليه وتخليص الشعب من سطوته، فلا حل دون الرجوع للإرادة الوطنية التي تحركها الحاجة الفعلية لحياة أفضل تكسوها الراحة والطمأنينة.
اضف تعليق