على الرغم من أن الإرهاب قديم في أفريقيا، فإن تسليط الضوء عليه حاليا جاء بسبب ضجر شعب القارة الأفريقية من زجها تحت نير الظلم ولعبها دور الضحية الأبدي، وهو ما جعل صوته يمتد إلى خارج أسوار الدكتاتوريات وجحيم جماعات الإرهاب، لأن الجماعات الإرهابية في أفريقيا...
على الرغم من أن الإرهاب قديم في أفريقيا، فإن تسليط الضوء عليه حاليا جاء بسبب ضجر شعب القارة الأفريقية من زجها تحت نير الظلم ولعبها دور الضحية الأبدي، وهو ما جعل صوته يمتد إلى خارج أسوار الدكتاتوريات وجحيم جماعات الإرهاب، لأن الجماعات الإرهابية في أفريقيا سبقت الجماعات الجهادية بفترة طويلة، فإن تحويلها إلى أيديولوجيا من قبل البعض قد يضمن لها الاستمرار حينا، ولكنها ستفشل في التحول إلى عقيدة سياسية في معظم الأحيان.
تعهد قادة القارة في خمسينية الاتحاد الافريقي، قبل سبعة أعوام، ب"انهاء جميع الحروب في افريقيا بحلول عام 2020"، لكن هذا الهدف يبدو بعيد المنال، مع ذلك، لا يزال هدفاً قائما: ترفع القمة السنوية للمنظمة الافريقية، المقررة في أديس ابابا وتجمع رؤساء دول وحكومات 55 دولة عضو فيها، شعار "إسكات البنادق: خلق الظروف المواتية لتنمية إفريقيا"، تحققت بالتأكيد تطورات مؤخرا في افريقيا الوسطى والسودان، لكن حصلت أزمات جديدة من الكاميرون إلى الموزمبيق تنضاف إلى الأزمات التي تمزق دولا على غرار ليبيا أو جنوب السودان.
في خطابه أمام وزراء الخارجية الافارقة، رسم رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فكي صورة سلبية عن وضع القارة، من الساحل الصحراوي إلى الصومال، وأكد فكي أن الهدف غير المتحقق عام 2020 يعكس "تشعّب الاشكالية الأمنية في افريقيا"، أما رئيس اللجنة الافريقية لحقوق الانسان والشعوب سليمان ايلي درسو فاعتبر في مقال نشر في جريدة "مايل اند غارديان" الجنوب افريقية أن "الأسلحة تزداد صخبا"، ويبدو رئيس جنوب افريقيا سيريل رامفوسا الذي خلف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على رأس الاتحاد الافريقي، واعيا بصعوبة المهمة.
في خطاب نهاية كانون الثاني/يناير، ذكّر رامفوسا أن النزاعات "تستمر في الحد" من تنمية القارة، وقدر أن اهداف الاندماج الاقتصادي ومكافحة أشكال العنف المسلط على المرأة "تتم عبر تعزيز الأمن والسلام في افريقيا"، ويصر آخرون على ضرورة معالجة الأسباب العميقة للنزاعات، يقول السفير المصري في الاتحاد الافريقي أسامة عبد الحق "إذا أردنا حل هذا الإشكال، يجب أن نتحدث عن التحديات الاجتماعية والاقتصادية العميقة، وعن التحديات السياسية علاوة على التحديات الأمنية".
مجلس الأمن
يسعى سيريل رامفوسا أيضا إلى معالجة النزاع الجاري في جنوب السودان، وقّع اتفاق سلام عام 2018 برعاية الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايقاد)، لكن تشكيل حكومة وحدة وطنية يؤجل باستمرار، التقى رئيس جنوب السودان سيلفا كير برامفوسا في جنوب افريقيا، ويلعب نائب الرئيس الجنوب الافريقي دورا نشطا في مفاوضات تشكيل الحكومة، يرى المستشار حول شؤون إفريقيا الجنوبية في منظمة الأزمات الدولية بيار بيجو أن ذلك يمثل "فرصة لرامفوسا لإظهار اهتمامه بحل هذه المسائل، بعيدا عن الخطب والتصريحات"، وتتزامن رئاسة جنوب افريقيا للاتحاد الافريقي مع شغلها مقعدا مؤقتا في مجلس الأمن الدولي، ما يعطيها امكانية ايصال صوت القارة إلى الساحة العالمية، وقدرت مجموعة الازمات الدولية في تقرير نشرته الجمعة أنه سيكون على رامفوسا التعامل مع حساسيات الزعماء الأفارقة الذين "يبدون حتى الآن مترددين بخصوص وعود السلام الجماعي".
أكثر من 6000 جثة في مقابر جماعية في بوروندي
عثرت لجنة الحقيقة والمصالحة في بوروندي على ما يزيد على ستة آلاف جثة في ست مقابر جماعية بإقليم كاروزي في أكبر اكتشاف منذ أن بدأت الحكومة حملة للبحث عن جثث الضحايا بأنحاء البلاد في يناير كانون الثاني، وقال رئيس اللجنة بيير كيلفير إنديكاري للصحفيين إنها عثرت على رفات 6032 ضحية وآلاف الطلقات النارية، وأضاف أنها استخدمت ملابس ونظارات ومتعلقات أخرى في تحديد هوية بعض الضحايا.
وفي إشارة إلى مذبحة من المعتقد أنها استهدفت أفرادا من الهوتو، قال إنديكاري إن أسر الضحايا استطاعت "كسر الصمت" الذي كان جرى فرضه قبل 48 عاما، وينقسم سكان بوروندي بين التوتسي والهوتو وغلب الطابع العرقي على الحرب الأهلية التي أودت بحياة 300 ألف شخص قبل أن تضع أوزارها في عام 2005، وتأسست لجنة الحقيقة والمصالحة في بوروندي، وهي لجنة تديرها الحكومة، في عام 2014 للتحقيق في الفظائع التي ارتكبت اعتبارا من عام 1885 حين وصل أجانب إلى البلاد حتى عام 2008 عندما اكتمل تنفيذ اتفاق سلام متعثر لإنهاء الحرب الأهلية، وإلى الآن، اكتشفت اللجنة أكثر من أربعة آلاف مقبرة جماعية في جميع أنحاء البلاد وحددت هوية أكثر من 142 ألف ضحية للعنف.
جيش نيجيريا دمر قرى في حربه على المتشددين
قالت منظمة العفو الدولية إن الجيش النيجيري أحرق قرى وأجبر مئات على النزوح خلال معركته مع المتشددين الإسلاميين في شمال شرق البلاد، وتعرض الجيش النيجيري مرارا لاتهامات بانتهاك حقوق الإنسان في صراعه المستمر منذ عشر سنوات مع جماعة بوكو حرام ومع فرع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا، ولم يرد الجيش على طلبات للتعليق.
وأدت اتهامات سابقة إلى تحقيقات من جانب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وعرقلت قدرة نيجيريا على شراء أسلحة مما سبب شعورا بالإحباط لدى قادة جيشها، غير أن من النادر صدور إدانات للجنود كما نفى الجيش مرارا ارتكاب مخالفات، وقالت منظمة العفو الدولية إن جنودا نيجيريين دمروا ثلاث قرى بعدما أجبروا مئات الرجال والنساء على ترك منازلهم في ولاية بورنو بشمال شرق البلاد في يناير كانون الثاني.
وقالت المنظمة إنها أجرت مقابلات مع 12 ضحية واستعرضت صورا التقطتها الأقمار الصناعية أظهرت عدة حرائق كبيرة في المنطقة ودمارا أصاب كل مبانيها تقريبا، وذكر سكان أن الجنود كانوا يتنقلون من منزل إلى منزل ويجمعون الناس ثم يجبرونهم على السير إلى طريق رئيسي وركوب شاحنات، وقالت امرأة عمرها يناهز السبعين عاما للمنظمة "رأينا منازلنا تحترق.. وبكينا جميعا".
ونقلت الشاحنات أكثر من 400 شخص إلى مخيم للنازحين بسبب الصراع في مدينة مايدوجوري الرئيسية في المنطقة، وقالت أوساي أوجيجو مديرة العفو الدولية في نيجيريا في بيان عن تحقيق للمنظمة "إن هدم قرى بأكملها والتدمير المتعمد لمنازل مدنية وإجبار سكانها على النزوح دون مبرر عسكري ضروري، أعمال صارخة ينبغي التحقيق فيها باعتبارها جرائم حرب محتملة".
وقالت منظمة العفو إن الجنود اعتقلوا أيضا ستة رجال وضربوا بعضا منهم واحتجزوهم لمدة شهر تقريبا قبل إطلاق سراحهم في 30 يناير كانون الثاني دون توجيه اتهامات لهم، واستشهدت المنظمة بتصريحات للجيش النيجيري تعود إلى ذلك الوقت حول اعتقال ستة يُشتبه بانتمائهم إلى جماعة بوكو حرام وإطلاق سراح مئات الأسرى من قبضة المسلحين، وقال رجل يبلغ من العمر نحو 65 عاما "يقولون إنهم أنقذونا من بوكو حرام، لكن هذا كذب... بوكو حرام لا تأتي إلى قريتنا".
ووصف ثلاثة من سكان اثنتين من القرى المتضررة يعيشون الآن في مايدوجوري نفس الأحداث في روايات تتطابق مع تقرير منظمة العفو، وقال أحد السكان "ادعى الجنود أننا من بوكو حرام وأضرموا النار في منازلنا قبل أن يخرجونا منها جميعا" وجاء التقرير في وقت يجد فيه الجيش صعوبة في احتواء حركات التمرد، ولا سيما تنظيم داعش وفي يوليو تموز الماضي، بدأت القوات في الانسحاب إلى حاميات أكبر يطلق عليها (المعسكرات الكبرى)، تاركين القواعد الأصغر التي كانت تتعرض كثيرا للاجتياح وتتكبد خسائر فادحة في الأرواح، ووضع ذلك الأمر الجيش في موقف دفاعي وتمكن المتمردون من التحرك عبر مساحات شاسعة وشن هجمات، معظمها على المدنيين، دون مواجهة عواقب تذكر.
مقتل 22 قرويا بينهم 14 طفلا في الكاميرون
أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الكاميرون الأحد أن 22 قرويا، بينهم 14 طفلا، قتلوا الجمعة في المنطقة الناطقة بالإنكليزية من البلاد، في الوقت الذي حمّل فيه حزب معارض الجيش مسؤولية المجزرة، وقال المسؤول في المكتب الأممي جيمس نونان لفرانس برس إن مسلحين ارتكبوا المجزرة في قرية نتومبو في المنطقة الشمالية الغربية، وأضاف ان "ما لا يقل عن 22 مدنيا قتلوا، بينهم امرأة حامل والعديد من الأطفال"، مشيرا الى ان عدد الأطفال القتلى بلغ 14 بينهم 9 تحت سن الخامسة و11 طفلة.
ويتولى نونان رئاسة مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية في اقليمي الشمال الغربي والجنوب الغربي في الكاميرون، موطن الأقلية الناطقة بالانكليزية حيث يقاتل متمردون الحكومة المركزية منذ ثلاث سنوات، وأصدرت حركة "الولادة الجديدة للكاميرون" المعارضة بيانا قالت فيه "إن النظام الديكتاتوري والرئيس الأعلى لقوات الأمن والدفاع مسؤولان بشكل رئيسي عن هذه الجرائم"، واتهم المحامي أغبور مبالا، أحد الشخصيات الرئيسية في الحركة الانفصالية، في منشور على فيسبوك "قوات الدفاع التابعة للدولة" بتنفيذ عمليات القتل، وأدى الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات بين الحكومة والمتمردين في المناطق الناطقة بالإنكليزية الذين يسعون الى الانفصال عن الكاميرون الناطقة بالفرنسية، الى سقوط أكثر من 3 آلاف قتيل ونزوح 700 ألف شخص.
لماذا الفشل؟
قال أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة إن غرب أفريقيا والقوى الدولية تخفق في معالجة التهديد المتنامي الذي يمثله التشدد الارهابي في منطقة الساحل والذي يمتد باتجاه خليج غينيا، فقد عززت جماعات على صلة بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية تواجدها في منطقة الساحل القاحلة هذا العام مما جعل مساحات كبيرة من الأراضي غير خاضعة للحكم وأثار عنفا طائفيا خاصة في مالي وبوركينا فاسو، وتدخلت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، في مالي في عام 2013 لإخراج متشددين إسلاميين احتلوا الشمال لكن بدلا من أن يحقق ذلك الاستقرار تزداد الأوضاع تدهورا في المنطقة.
وقال جوتيريش للجنة رفيعة المستوى على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء "لنتكلم بوضوح، نحن نخسر في مواجهة العنف" وأضاف "أعلم أننا جميعا قلقون من تصاعد العنف المستمر في الساحل وامتداده إلى دول خليج غينيا" وكانت الأمم المتحدة قد قالت في إن هجمات الإسلاميين تنتشر بسرعة في غرب أفريقيا ويتعين على المنطقة تعزيز ردها بما يتجاوز الجهود العسكرية المبذولة في الوقت الراهن، وما زالت فرنسا تنشر قوات يبلغ قوامها 4500 جندي في المنطقة في إطار عمليات بوركينا فاسو لمكافحة الإرهاب في حين تعمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مالي ويبلغ قوامها نحو 15 ألفا من الجيش والشرطة.
وفي عام 2017 أطلقت خمس دول، هي بوركينا فاسو والنيجر وتشاد ومالي وموريتانيا، بدعم من فرنسا قوة عمل دول الساحل (جي5) لقتال المتشددين. لكن المبادرة عانت من نقص دائم في التمويل، وانتشرت أعمال العنف الآن إلى الحدود الجنوبية لبوركينا فاسو ودول غرب أفريقيا الساحلية وهي توجو وبينين وساحل العاج وغانا.
وتعهد زعماء غرب أفريقيا بمبلغ مليار دولار لمواجهة الخطر لكن ثارت شكوك حول الخطة كما ثارت حول تعهدات تمويل سابقة، وبدأت فرنسا وألمانيا أيضا مسعى جديدا لتعزيز وتدريب القوات الإقليمية إلى جانب توسيع نطاق التعاون العسكري مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ودول حوض بحيرة تشاد، وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان "هذه مبادرة لإدخال قوات جديدة للساحل، في مسعى لتعزيز القدرات المحلية حتى تتمكن دول المنطقة من مواجهة التحديات على الأمد الطويل".
اضف تعليق