باتت الطفولة في نيجيريا مهددة بالخطر بسبب نشاط التنظيمات المتشددة على غرار بوكو حرام التي تستغل الاطفال، اضافة للمجاعة في شمال شرق نيجيريا، والصومال، وجنوب السودان، واليمن وغيرهم، حيث يواجه ما يقارب 1.4 مليون طفل خطر الموت الوشيك بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم...
باتت الطفولة في نيجيريا مهددة بالخطر بسبب نشاط التنظيمات المتشددة على غرار بوكو حرام التي تستغل الاطفال، اضافة للمجاعة في شمال شرق نيجيريا، والصومال، وجنوب السودان، واليمن وغيرهم، حيث يواجه ما يقارب 1.4 مليون طفل خطر الموت الوشيك بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم، وهناك ما يقرب من 22 مليون طفل جائع، ومريض، ونازح، وغير ملتحق بمدرسة بسبب الحرب، والصراع، والجفاف وهم يواجهون الأن خطر الموت من الجوع، والأمراض التي يمكن تجنبها، والتي تُسبب الإسهال والجفاف، مثل الكوليرا والحصبة.
ولا يقتصر خطر المجاعة على هذه الدول الأربعة فقط حيث يدفع العنف، والجوع، والعطش الناس الى التنقل داخل وعبر الحدود، فإن معدلات سوء التغذية ستستمر في الارتفاع في الدول المجاورة أيضًا، وبشكل كبير فإن هذه الكارثة من صنع البشر إن سياسات الأرض المحروقة والتي تمارسها الأطراف المتنازعة تدمر المحاصيل والبنى التحتية مثل المُنشآت الصحية كما إن القتال الشديد يدفع المزارعين الى هجر حقولهم، بينما يحجب وصول المعونات الإنسانية للأشخاص الذين هم في أمس الحاجة لمساعدات الطعام والمياه النظيفة.
من جحيم بوكو حرام إلى سجون الجيش
نشرت "واشنطن بوست" تقريراً أعدته دانيلا باكيت، مديرة مكتب الصحيفة في غرب أفريقيا، تناولت فيه المعاناة التي مرّ بها بعض أطفال نيجيريا الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة بوكو حرام وسندان قوات الجيش، وكيف أنهم بعدما هربوا من قيود التنظيم المسلح، واجهوا سجنًا آخر: "الاحتجاز العسكري"، ينكر مسؤولو وزارة الدفاع المزاعم المتعلقة بالاعتقال التعسفي، لافتين إلى ضرورة فحصهم لكل القادمين من المناطق الريفية المضطربة؛ حيث تشتهر بوكو حرام وجماعات إسلامية أخرى في شمال شرق نيجيريا بإرسال الأطفال لشن الهجمات.
بيد أن المدافعين عن حقوق الإنسان يقولون إن ظروف مراكز الاحتجاز يُرثى لها، لدرجة أنها تحبط هدف الجيش الرامي إلى حماية الشباب عبر إذكاء مشاعر الاستياء من الحكومة، وفي مقابلات أُجريت مع صحيفة "واشنطن بوست"، قال سبعة أطفال قضوا وقتًا في ثكنات جيوا (مركز اعتقال عسكري يقع في شمال شرق نيجيريا) بالقرب من مدينة مايدوجوري، فضلاً عن مرافق عسكرية أخرى: إنهم لم يُسمح لهم بالاتصال الخارجي ولم يلتق أي من الأطفال السبعة الذين تتراوح أعمارهم الآن بين 10 و18 عامًا بالمحامين وتستخدم واشنطن بوست ألقابهم فقط لأنهم يخشون ردود الفعل الانتقامية.
بنيجيريا الذكر بـ1400 دولار والأنثى بـ830
قالت الشرطة في لاغوس كبرى المدن النيجيرية إنها اكتشفت "مصنع أطفال" جديدا حيث تحتجز النساء ويلقّحن ويجبرن على إنجاب أطفال بهدف بيعهم، واكتشفت السلطات هذا المجمع في مقاطعة إيسولو بعدما وجد شرطيون سبع نساء حوامل تمكّن من الهرب منه، إحدى النساء الحوامل اللواتي تم تحريرهن خلال مداهمة "مصنع أطفال" جاء هذا الاكتشاف بعد أيام قليلة فقط من إعلان الشرطة أنها أنقذت 19 من الأمهات الحوامل من أماكن مماثلة في منطقة أخرى من المدينة.
وقال الناطق باسم الشرطة بالا إلكانا لوكالة : "تلقينا معلومات عن سبع نساء حوامل ينتظرن في محطة للحافلات وذهب عناصرنا إلى هناك لجلبهن"، وأضاف: "بعد الاستجواب، قالت النساء إنهن من بين 20 امرأة أجبرن على الحمل في المكان وهربن جميعهن ليلاً"، وأضاف أنهم عثروا فقط على هؤلاء النساء السبع اللواتي تراوح أعمارهن بين 13 و27 عاماً وأن الباقيات ربما هربن إلى أماكن أخرى، وعادة يباع المواليد الذكور في مقابل 500 ألف نايرا (1400 دولار) فيما تباع الإناث في مقابل 300 ألف نايرا (830 دولاراً)، وفقاً للشرطة.
لماذا هم على حافة الموت؟
حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة من أن ما يقارب 80 ألف طفل في 3 ولايات شمال شرق نيجيريا، حيث تنتشر جماعة "بوكو حرام"، سيكونون عرضة للموت خلال عام بسبب سوء التغذية، وأشار مدير التغذية في منظمة "اليونيسيف" أرجان واجت إلى أن حوالي 400 ألف طفل في هذه الولايات الثلاث تأثر من ظروف النزاع، مضيفا أنه إذا ما لم يتم التعامل مع الوضع على وجه السرعة فإن طفلا على الأقل من بين كل 5 أطفال من المحتمل أن يموت.
وأوضح أن نحو 250 ألف طفل في ولاية بورنوفان يعانون من سوء التغذية، منهم ما يصل إلى 50 ألف طفل قد يموتون إن لم تقدم لهم المساعدة، مضيفا أن هناك ما يقدر بحوالي مليوني شخص في المناطق التى يصعب الوصول إليها في نيجيريا غير معروف وضعهم على وجه الدقة بسبب انعدام الأمن، لافتا إلى أن عمال الإغاثة يقومون بمهامهم في ظل ظروف صعبة للغاية.
من جهته، قال مدير قسم التغذية باليونيسف في نيجيريا، أريان دي فاغت إن العديد من الأطفال الذين التقاهم في ولاية بورنو "على حافة الموت"، وإن الوكالة بحاجة لأموال لتحديد الأطفال الأكثر ضعفا في 3 ولايات، هي بورنو وجوبي وأداماوا، وأضاف: "نجوب المنطقة من بيت إلى بيت ومن كوخ إلى كوخ ومن مأوى إلى مأوى، هؤلاء الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد وهم بحاجة للحصول على العلاج"، وكانت منظمة أطباء بلا حدود حذرت من أن كارثة إنسانية على وشك الوقوع في باما بولاية بورنو، حيث يأوي مخيم ما لا يقل عن 24 ألف نازح، يعانون من صدمات نفسية ومن أمراض سوء التغذية.
جيل مهدد بالضياع
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إن أكثر من نصف المدارس في ولاية بورنو النيجيرية التي يتركز فيها الصراع مع جماعة بوكو حرام لا تزال مغلقة، ويحذر خبراء من أن نقص المدارس سيؤدي إلى تعزيز بوكو حرام أو الحركات المتطرفة المماثلة في المستقبل ويقولون إن عدم توفر التعليم الجيد للشباب في شمال شرق نيجيريا المضطرب يتركهم أمام خيارات قليلة، ما يدفعهم للانضمام إلى الحركة المتشددة.
ودخل الصراع بين بوكو حرام والدولة عامه التاسع، وأسفر عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص منذ 2009، وتسبب في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، إذ تقول الأمم المتحدة إن 10.7 مليون شخص على الأقل بحاجة لمساعدات، وقال نائب مدير منظمة يونيسف جاستن فورسيث في بيان "بالإضافة إلى سوء التغذية المدمر والعنف وتفشي الكوليرا، فإن الهجمات على المدارس تهدد بأن تصنع جيلا ضائعا من الأطفال وتهدد مستقبلهم ومستقبل دولتهم".
وقالت يونيسف إن نسبة المدارس المغلقة في ولاية بورنو، حيث تتركز معظم الأزمات الناتجة عن بوكو حرام، تتجاوز 57 في المئة مع بدء العام الدراسي الجديد، وأضافت المنظمة أن أكثر من 2295 مدرسا قتلوا وأن ما لا يقل عن 19 ألفا نزحوا بينما دمرت 1400 مدرسة تقريبا، ويعاني شمال شرق نيجيريا من تراجع التعليم منذ عقود وقالت يونيسف إنها لم تتلق سوى ثلاثة أخماس المبلغ المطلوب لعملها في عام 2017.
اضف تعليق