صفقة جديدة بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة العراقية تقضي بتسلم الأخيرة مجموعة من عناصر داعش العراقيين، فضلا عن بعض الاوربيين، في صفقة اثارت الجدل حولها، وطرحت تساؤلات عن تكليف العراق بمهمة محاكمة عناصر إرهابية لا تخضع لقوانينه، تسلمت السلطات العراقية حتى الآن ما مجموعه 280 مقاتلا...
صفقة جديدة بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة العراقية تقضي بتسلم الأخيرة مجموعة من عناصر داعش العراقيين، فضلا عن بعض الاوربيين، في صفقة اثارت الجدل حولها، وطرحت تساؤلات عن تكليف العراق بمهمة محاكمة عناصر إرهابية لا تخضع لقوانينه.
تسلمت السلطات العراقية حتى الآن ما مجموعه 280 مقاتلا عراقيا في تنظيم داعش من قوات سوريا الديمواقراطية، التي تشن آخر حملاتها لطرد التنظيم من آخر معاقله في شرق سوريا، بحسب ما أعلنت خلية الاعلام الأمني.
الخلية بررت هذا الاجراء بانها تريد تفادي إطلاق سراحهم، ما يعني ان قوات سوريا الديمقراطية قد مارست ضغوطا على الحكومة العراقية اما باستلامهم او نشرهم في الأراضي السورية القريبة من العراق ما يهدد امن البلاد ويعرضها لمخاطر كبيرة.
دواعش اوربا
وقد يكون مبررا ان يتسلم العراق مجموعة من مواطنيه الذين انتموا لتنظيم داعش، باعتبار ان الدولة هي التي تحاكم مواطنيها، وهذا معمول به في القوانين والمعاهدات الدولية، لكن ربما تثار بعض القضايا الإشكالية حول تبني القضاء العراقي مهمة محاكمة بعض الاوربيين على أراضيه.
فقد اعلن الرئيس برهم صالح، أن العراق سيحاكم 13 مواطنا فرنسيا ألقي القبض عليهم أثناء قتالهم في صفوف تنظيم داعش في سوريا.
وقال صالح خلال مؤتمر صحافي، أعقب محادثات أجراها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إنه ستتم مقاضاة الدواعش الذين تم تسليمهم إلى بغداد، من قبل القوات الكردية في سوريا، بموجب أحكام القانون العراقي.
اعلان الرئيس العراقي يؤكد ان البلاد قد تتحول الى ارض لمحاكمة الإرهابيين الأجانب، او الى ما يسمى بغوانتنامو عراقي يُجْمَع فيه الدواعش الغربيين، الأمر الذي قد يشكل مخرجا للدول التي ترفض استعادة مواطنيها المنتمين الى التنظيم الإرهابي.
ضغوطات على العراق
وتقول وسائل اعلام عربية ان تسلم العراق لعناصر داعش يترافق مع ضغوط متصاعدة على الحكومة العراقية من دول مختلفة، للموافقة على استقبال الارهابيين الأجانب من عناصر "داعش" ومحاكمتهم في العراق، خصوصاً مع عدم حماسة دول أوروبية لاستعادة مواطنيها الذين انخرطوا في التنظيم، مع توقعات بأن تقبل بغداد بمحاكمة هؤلاء.
وكشفت صحيفة العربي الجديد عن ضغوط غربية على الحكومة العراقية من أجل القبول باستقبال ما بين 400 إلى 600 مسلح من عناصر التنظيم من جنسيات أجنبية، أبرزها الفرنسية والألمانية والبريطانية والكندية وجنسيات أوروبية أخرى، إضافة إلى جنسيات عربية، كالسعودية والمغربية والتونسية والأردنية والمصرية.
وتشير التسريبات الى ان الدول الغربية وحدها هي التي تتحرك الآن لإقناع العراق بتسلمهم ومحاكمتهم لديه وفقا للمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب المعمول بها في البلاد.
كتل سياسية ترى في هذه القضية مصدر قلق كبير، ما دفعها للاعتراض على صفقة الدواعش، وبحسب مسؤول عراقي فان الكتل السياسية تلك تخشى تكرار سيناريو مشابه لاقتحام سجن أبو غريب عام 2013 وتحرير مئات السجناء منه، أو ما حصل في سجن بادوش في الموصل عام 2014 الذي حُررت منه قيادات بارزة في تنظيم القاعدة كانت معتقلة منذ سنوات وبعد تحريرها بايعت تنظيم داعش.
اسئلة الماضي والمستقبل
تساؤلات كثيرة تطرح بعد صفقة تصدير الدواعش من سوريا الى العراق، ابرزها تتمحور حول إمكانية العراق في ضمان محاكمة عادلة لهذه العناصر الاوربية والأمريكية؟ وهل ستقبل تلك الدول بالقوانين العراقية القاسية بحسب ما ترى المنظمات الغربية ام ان الصمت سيكون سيد الموقف؟
وبشأن القضايا المالية، ستضاف تكاليف جديدة على العراق لا سيما واننا نتحدث عن مئات الدواعش الذين مارسوا عمليات إجرامية ولديهم سجلات في الهروب من السجون ما يعني الحاجة لإجراءات مشددة، فهل ستدفع الدول الاوربية تكاليف مواطنيها ام ان العراق هو البقرة الحلوب وهو السجن الكبير لدواعش العالم؟
ويبقى ملف العلاقات مع جيران العراق هو الأهم، فتركيا لا تريد ان يكون لقوات سوريا الديمقراطية وجود حقيقي على ارض الواقع عبر اتفاقات رسمية، وهو ما يعرض العراق لاعتراضات تركية او يثير توترات جديدة لا حاجة للعراق بها في الفترة الراهنة.
الحكومة العراقية بحاجة الى التعامل بحكمة مع ملف الدواعش، وان لا تستهين بالمخاطر التي تطلقها بعض الجهات السياسية، ابرزها إمكانية هروب هؤلاء الدواعش من السجون عبر صفقات سرية، او من خلال حملات الهروب من السجون كما حدث عام 2013 قبل استيلاء داعش على ثلث الأراضي العراقية.
اضف تعليق